• اخر تحديث : 2024-05-15 19:58
news-details
تقارير

روسيا تتجه لضم مقاطعتي خيرسون وزاباروجيا الأوكرانيتين.. فما خيارات الرد لدى كييف والغرب؟


تجري الاستعدادات فعليا في مقاطعتي خيرسون وزاباروجيا الأوكرانيتين، اللتين تخضعان منذ أشهر لسيطرة القوات الروسية، لتنظيم استفتاء قد يفضي إما لانفصالهما ضمن كيان جديد أو ضمهما لروسيا، في تكرار لسيناريو شبه جزيرة القرم وإقليم دونباس، في حين تضيق خيارات كييف وحلفائها الغربيين في مواجهة ما بات يبدو أمرا واقعا تفرضه موسكو بالقوة.

وبعد خطوة سابقة من الإدارة المنصبة من قبل الروس في خيرسون، أعلنت الإدارة الموالية لهم في زاباروجيا أمس الاثنين اعتزامها تنظيم استفتاء بحلول الخريف من أجل الانضمام لروسيا.

وقال يفغيني باليتسكي رئيس الإدارة المدنية والعسكرية في زاباروجيا إنه وقّع أمرا لتبدأ لجنة الانتخابات المركزية العمل على تنظيم الاستفتاء، وكان باليتسكي أعلن منتصف يوليو/تموز الماضي أنه اتخذ قرارا بإجراء الاقتراع في بداية الخريف.

موعد الاستفتاء

ولم تحدد السلطات الموالية لروسيا في المقاطعتين الواقعتين جنوبي أوكرانيا موعدا دقيقا للاستفتاء، ولكن هناك توقعات بأن يتم في النصف الأول من سبتمبر/أيلول المقبل، وبدا أن الاستعدادات لهذا الحدث جارية على قدم وساق.

ونقلت صحيفة "الغارديان" البريطانية عن مسؤولين في الإدارة المحلية بزاباروجيا أنهم يعتزمون تنظيم الاستفتاء في المقاطعة حتى لو لم تسيطر القوات الروسية عليها بالكامل، في حين قال عمدة مدينة ميليتيبول الأوكراني إن المقاومة الأوكرانية اضطرت الروس لتعديل خططهم بشأن الاستفتاء.

وسيطرت القوات الروسية على مدينة خيرسون وأجزاء من ريفها في الأيام الأولى من الحرب التي بدأتها روسيا في 24 فبراير/شباط الماضي، ووفقا للغارديان فإن الروس يسيطرون حاليا على نحو ثلثي مساحة مقاطعة زاباروجيا، ولكن المدينة التي تحمل نفسم الاسم لا تزال تحت سيطرة القوات الأوكرانية.

ومدينة خيرسون كانت تضم قبل الحرب 300 ألف نسمة، والآن بقي فيها نحو 100 ألف ساكن، وهي المدينة الأوكرانية الرئيسية الوحيدة التي سيطرت عليها روسيا بدون أن تتعرض لأضرار كبيرة.

وللمنطقتين أهمية إستراتيجية، فخيرسون التي تقع على البحر الأسود ونهر دنيبرو إلى الشمال من شبه جزيرة القرم؛ منطقة صناعية مهمة، وفيها جسر "قناة الشمال" الذي كان يقطع إمدادات المياه العذبة عن القرم التي ضمتها روسيا من جانب واحد عام 2014.

أما زاباروجيا التي تقع على نهر دنيبرو، وتضم أكبر محطة نووية هي الأكبر في أوروبا، فهي بدورها منطقة صناعية مهمة، وكانت تضم قبل الحرب نحو 750 ألف ساكن.

"تقرير المصير"

وتشير تصريحات وقرارات تصدر من أعلى المستويات إلى أن روسيا في طريقها لتكرار سيناريو القرم ودونباس في جنوب أوكرانيا، وذلك على الرغم من التحذيرات الأوكرانية والغربية بأن أي خطوة في هذا الاتجاه ستعتبر غير مشروعة وستقابل برد.

وكانت روسيا نظمت عام 2014 استفتاء في شبه جزيرة القرم ثم ضمتها في نفس العام، وأعادت الكرة في إقليم دونباس، وفي فبراير/شباط الماضي، وقبل أيام من إطلاقها ما تسميه "عملية عسكرية خاصة"، اعترفت موسكو رسميا بـ"جمهورية دونيتسك الشعبية" و"جمهورية لوغانسك الشعبية" اللتين أعلنهما الانفصاليون قبل 8 سنوات من الآن.

وفي يوليو/تموز الماضي، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن "الجغرافيا قد تغيرت"، وإن اهتمام بلاده يتجاوز إقليم دونباس في الشرق إلى خيرسون وزاباروجيا، مضيفا أن بلاده ستحمي المناطق التي تقوم بـ"تقرير مصيرها".

وعلى الأرض، وبالتوازي مع الاستعدادات للاستفتاء، يوطد الروس وجودهم في خيرسون وزاباروجيا من خلال إجراءات مختلفة تشمل منح الجنسية الروسية لسكان المقاطعتين بموجب مرسوم أصدره الرئيس فلاديمير بوتين، وفرض الأنظمة الإدارية والمصرفية الروسية.

وعن السيناريوهات المحتملة بالنسبة لخيرسون وزاباروجيا، قال المحلل السياسي الأوكراني كونستانتين سكوركين إن هناك سيناريوهين جربتهما روسيا؛ الأول هو سيناريو دونباس بحيث يتم تنظيم استفتاء لإعلان "جمهورية خيرسون الشعبية"، والسيناريو الثاني هو الضم إما عبر مرسوم رئاسي وإما عبر استفتاء على غرار استفتاء القرم عام 2014.

وتقول صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية إن نموذج الاحتلال في خيرسون استخدم من قبل في القرم وفي دونباس منذ عام 2014، ويشمل ذلك الجوازات الروسية والعملة والتلفزيون والإنترنت والمعاملات المصرفية وتغيير إشارات الطرق لتصبح باللغة الروسية بدلا من اللغة الأوكرانية.

حماية نووية

ووفقا لصحيفة الغارديان البريطانية، فإن ضم روسيا منطقتي خيرسون وزاباروجيا وتوفير الحماية لهما بواسطة الأسلحة النووية سيعقّد مهمة أوكرانيا لاستعادتهما.

بدوره، نقل تلفزيون "بي بي سي" عن الجنرال البريطاني المتقاعد ريتشارد بارونس أن روسيا قد ترد بأسلحة نووية صغيرة على أي هجوم أوكراني مضاد في المناطق الجنوبية التي قد يتم ضمها.

خيارات أوكرانيا والغرب

وخشية خسارة مساحات إضافية كبيرة من أراضيها، تسابق أوكرانيا الوقت للحيلولة دون تمكن الروس من فرض أمر واقع في المناطق الجنوبية. ولهذه الغاية، تشن القوات الأوكرانية منذ أسابيع هجمات مضادة في خيرسون وزاباروجيا، وتتحدث عن تحول في العمليات القتالية لصالحها.

وبالتزامن مع ذلك، تتوالى المطالبات الأوكرانية للغرب بضخ المزيد من الأسلحة والذخائر.

وفي المقابل، ترسل روسيا تعزيزات من إقليم دونباس إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها جنوبي أوكرانيا، وهو ما أكده مؤخرا مسؤولون أوكرانيون والاستخبارات البريطانية.

03:14

أما بالنسبة لحلفاء كييف فهامش التحرك لمنع روسيا من تنفيذ خططها في المناطق الأوكرانية يبدو ضئيلا ومحصورا في العقوبات، خاصة مع استبعاد الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى القتال إلى جانب أوكرانيا تجنبا لصدام عسكري محتمل مع روسيا، وبدلا من ذلك تزويد القوات الأوكرانية بأسلحة حديثة يمكن أن تساعدها على وقف الهجمات الروسية.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، فرض الغرب عقوبات واسعة على روسيا كان لها تأثير سلبي على اقتصادها -وفق تقييمات أميركية وأوروبية- ولكنها لم تردعها عن مواصلة الحرب على أوكرانيا.

وفي يوليو/تموز الماضي، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إن لدى واشنطن معلومات استخبارية بأن روسيا تتخذ خطوات لضم مناطق أوكرانية سيطرت عليها خلال الحرب الحالية.

وأضاف كيربي أن روسيا تتخذ في المناطق الأوكرانية التي سيطرت عليها قواتها خطوات مماثلة لما قامت به حين ضمت شبه جزيرة القرم، مشيرا بهذا الصدد إلى تنصيب مسؤولين موالين لها، وإنشاء فروع للمصارف الروسية، وفرض التعامل بالروبل، والسيطرة على الاتصالات، فضلا عن إجبار السكان على استخراج جوازات روسية.

بدوره، حذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ومسؤولون آخرون روسيا من أنها ستدفع أثمانا إضافية في حال ضمت مناطق أوكرانية جديدة، وكان يشير بذلك -على الأرجح- إلى تشديد العقوبات عليها.

وفي السياق، أشارت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إلى تزايد المخاوف في واشنطن وكييف من أن الغرب في وضع لا يسمح له بتجنب نقطة تحول في هذه الحرب تتمثل في ضم روسيا مناطق أوكرانية.

وقالت إن المخاوف تتزايد من أنه في حال أعلنت روسيا فرض سيادتها على المناطق الجنوبية الأوكرانية، فإنها ستستغل أشهر الخريف والشتاء لتشديد قبضتها على تلك المناطق، وتصبح أوكرانيا في وضع يصعب عليها استعادة أراضيها.

الوقت في صالح بوتين

ونقلت الصحيفة عن النائب الجمهوري مايكل والتز قوله إن الوقت في صالح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإن احتلال الأراضي الأوكرانية يصبح بمرور الوقت أمرا واقعا.

كما ذكرت واشنطن بوست أن مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن يؤكدون أنهم يستكشفون سبل الرد على احتمالات عديدة من بينها ضم روسيا مناطق أوكرانية، لكن الصحيفة قالت إن هناك أدلة قليلة على أن إعلان روسيا سيادتها على أراضي أوكرانية سيغير مجرى الحرب بشكل جذري، أو أن التهديد بالضم لوحده يمكن أن يبرر زيادة دراماتيكية في الدعم العسكري الموجه لكييف.

ووفق الصحيفة، فإن مسؤولين في البيت الأبيض والخارجية والدفاع والاستخبارات الأميركية لا يرون أن قيام روسيا بضم مناطق محتلة سيكون نقطة تحول في الحرب الحالية، ويعبرون عن ثقتهم في أن الاستمرار في تزويد أوكرانيا بالأسلحة سيمكن رئيسها فولوديمير زيلينسكي من تحقيق أهدافه.