قال موقع "المونيتور" الأميركي في تحليل له إن الولايات المتحدة وإيران تقتربان من العودة إلى الاتفاق النووي بعد أكثر من 16 شهراً من المفاوضات المتقطعة التي بدت حتى وقت قريب أنها تتجه نحو الانهيار. وأضاف أنه برغم التنازلات التي أبلغ عنها من طهران، إلا أنها أبعد ما تكون عن الاتفاق النهائي.
تستمر لعبة البينغ بونغ بين الدولتين. وأول أمس الأربعاء، قدمت الولايات المتحدة ردها الرسمي إلى الاتحاد الأوروبي بشأن مقترحات إيران الأخيرة لاستعادة اتفاق 2015، المعروف رسمياً باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس: لقد تلقينا تعليقات إيران على النص النهائي المقترح من قبل الاتحاد الأوروبي عبر الاتحاد. لقد انتهى الآن استعراضنا لتلك التعليقات. لقد رددنا على للاتحاد الأوروبي اليوم.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني إن إيران بدأت "دراسة متأنية" للرد الأميركي وستتبادل تعليقاتها مع المنسق فور الانتهاء من المراجعة.
ورفض مسؤولو الإدارة الأميركية مناقشة جوهر الرد الأميركي، لكنهم قالوا إن الفجوات بين الطرفين ضاقت في الأسابيع الأخيرة. ويتهم كلا الجانبين الآخر بالتعامي.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي للصحافيين يوم الأربعاء: "نحن الآن أقرب مما كنا عليه قبل أسبوعين فقط لأن إيران اتخذت قراراً بتقديم بعض التنازلات".
وأعلن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في وقت سابق من هذا الأسبوع أن إيران لم تقدم أي تنازلات، بينما قال محمد مراندي، مستشار فريق المفاوضات النووية الإيرانية، لموقع المونيتور الأسبوع الماضي إن الولايات المتحدة هي التي قدمت تنازلات.
وقال "المونيتور" حول النقاط الشائكة المتبقية إنه في حين أن التفاصيل الدقيقة للعرضين الأميركي والإيراني غير معروفة، تشير التقارير إلى أن إيران ربما تسعى للحصول على بعض الضمانات الاقتصادية التي ستدوم لفترة أطول من ولاية الرئيس الأميركي جو بايدن. ويقال إن من بينها فترة "تصفية" أطول للشركات الأجنبية لإنهاء معاملاتها إذا انسحبت الولايات المتحدة مجدداً من الاتفاق.
وقال علي واعظ، الباحث في "مجموعة الأزمات الدولية" إنه كان يمكن أن ينظر إلى إدارة بايدن على أنها الطرف غير المرن إذا رفضت المطالب الأخيرة من إيران. وأوضح أن الموافقة على تغييرات إضافية كان من شأنها أن تخاطر "بإعطاء إشارة لإيران أن كرة الطاولة يمكن أن تستمر في المستقبل المنظور، وقد تستنتج إيران أنه يمكنها تدريجياً انتزاع المزيد من التنازلات من الولايات المتحدة".
وأشار "المونيتور" إلى أن العقبة الأكبر هي مطالبة إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإغلاق تحقيقها الذي استمر لثلاث سنوات في اليورانيوم غير المبرر الذي تم اكتشافه في عدد من المواقع النووية القديمة ولكن غير المكشوف عنها في البلاد.
وقالت مجلة "بوليتيكو" إن اقتراح الاتحاد الأوروبي عرض إغلاق التحقيق إذا قدمت إيران تفسيرات ذات مصداقية فنية لهذه المواد النووية. ولم يعترض الإيرانيون على ذلك، لكن هذا لا يعني أن القضية مطروحة على الطاولة إلى الأبد. وقالت إيران يوم الأربعاء إن تنفيذها لخطة العمل الشاملة المشتركة يتوقف على قيام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإغلاق التحقيق.
وأضاف الموقع أن هناك سابقة: أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ما يسمى بالقرار "التاريخي" في عام 2015 مما مهد الطريق لتنفيذ الاتفاق النووي الذي تم توقيعه قبل خمسة أشهر.
وقال واعظ: "لا يزال هناك احتمال أن تعيد إيران فتح مسألة الضمانات. في الماضي كانت هناك قضايا تم حلها على ما يبدو، فقط لتظهر مجدداً عندما تعثرت الأطراف في مستنقع بسبب الخلافات الأخرى".
وأشار "المونيتور" إلى وجود العامل الإسرائيلي، حيث تراكم "إسرائيل" ضغوطاً على الإدارة الأميركية للابتعاد عن تجديد الاتفاق الذي حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد الأربعاء من أنه سيزعزع استقرار الشرق الأوسط. كما أفاد المحلل الإسرائيلي بن كاسبيت، "أن شعوراً بالهلاك الوشيك سيطر على المستويات الأمنية العليا في إسرائيل".
وأرسلت الولايات المتحدة ردها إلى الاتحاد الأوروبي بعد يوم من لقاء مستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيال هولاتا مع نظيره الأميركي جيك سوليفان، في البيت الأبيض يوم الثلاثاء. ومن المقرر أن يجتمع وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس مع سوليفان اليوم الجمعة.
وقال مسؤول اسرائيلي عن الاجتماع: "لقد سُمعت رسالتنا. كيف تم تلقيها؟ عليك أن تسأل الأميركيين"، مضيفاً أن الجانبين الأميركي والإسرائيلي يشتركان في نفس الهدف وهو منع إيران من الحصول على سلاح نووي.
وأوضح "المونيتور" أن بايدن قد يرغب في إنجاز الاتفاق النووي مع إيران بسرعة، بحيث لا تكون معارضة الجمهوريين له قضية رئيسية في انتخابات التجديد النصفي لشهر تشرين الثاني / نوفمبر المقبل. بموجب قانون تم تمريره بعد اتفاق عام 2015، يُطلب من الرئيس تقديم أي ميثاق جديد لمراجعة الكونغرس لمدة 30 يوماً.
وأشار إلى أن الجمهوريين وبعض الديمقراطيين مستعدين لمحاربة تجديد "خطة العمل الشاملة المشتركة"، لكنهم في الغالب عاجزون عن منعه. إذ سيحتاجون إلى أغلبية الثلثين لمواجهة فيتو بايدن على أي قرار مشترك للرفض، وهو أمر غير مرجح، خاصة وأن الديمقراطيين يسيطرون على كلا المجلسين.
وقال الموقع إن لدى إيران حوافز اقتصادية لجعل الاتفاق يتجاوز خط النهاية. وأضاف أن أهم ما تريده إيران من هذا الاتفاق هو الفوائد الاقتصادية لها.، وأن "الإنجاز الرئيسي لإيران (سيكون) إذا كانت ستتمكن من بيع نفطها علانية".
وكما قال خبير الطاقة دان يرغين للمونيتور، فإن الإضافة الإيرانية إلى الإمدادات العالمية "ليست ضئيلة". ولكن قد تكون هناك حاجة للنفط الإيراني أكثر من أي وقت مضى، مع دراسة "أوبك +" الآن لخفض الإنتاج، وقد يتم التوصل إلى اتفاق يأتي بعد فوات الأوان لدرء أزمة الطاقة في أوروبا.
وينبغي انتظار الاجتماعات القادمة لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بين 12-16 أيلول / سبتمبر في فيينا، تليها اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والتي من المتوقع أن يحضرها بايدن ورئيسي. وإذا تمكنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من إغلاق الملف الإيراني، ووصل رئيسي إلى نيويورك، فتوقعوا موجة أخرى من التوقعات لعقد اجتماع محتمل بين بايدن ورئيسي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة.