• اخر تحديث : 2024-07-01 12:23
news-details
تقارير

نشر موقع المنتدى الاقتصادي العالمي في أيار /مايو 2022 الماضي تقريرًا بعنوان "توقعات كبار الاقتصاديين: أيار/ مايو 2022" ؛ وهذا ملخص لأبرز ما ورد فيه من توقعات؛ مرفقًا بكامل التقرير باللغة الإنكليزية.

يقول الموقع يصدر  هذا التقرير  وسط حالة عدم يقين عالية للغاية بشأن التطورات الجيوسياسية، ومسار الاقتصاد العالمي والخطوات التالية للسياسة الاقتصادية. وبدلاً من الدخول في مرحلة التعافي بعد COVID ، تواجه الاقتصادات صدمات إضافية، أولاً وقبل كل شيء من الحرب في أوكرانيا وما يرتبط بها من تداعيات جيوسياسية، ولكن أيضًا من تفشي جديد لـ COVID-19 وإغلاق المراكز الصناعية الرئيسة.

 ويستكشف هذا الإصدار من "توقعات كبار الاقتصاديين" القوى الرئيسة التي تقود التوقعات العالمية، بما في ذلك التضخم وتطورات الأجور والأمن الغذائي والتكامل العالمي وتأثير العقوبات على روسيا ويحدد المقايضات الأساسية في السياسة. ويستند إلى الآراء الجماعية ووجهات النظر الفردية لمجموعة من كبار الاقتصاديين من خلال استبيان الخبراء الاقتصاديين للمنتدى والمشاورات مع مجتمع كبار الاقتصاديين.

وتناول أبرز السياقات المرتبطة بإصدار التقرير ؛ مركزًا  على توقعات الاقتصاد العالمي وفق  الآتي:

1. حالة عدم اليقين بشأن التطورات الجيوسياسية: جاء صدور هذا التقرير وسط حالة مرتفعة من عدم اليقين بشأن التطورات الجيوسياسية، ومسار الاقتصاد العالمي، والخطوات التالية للسياسة الاقتصادية؛ فبدلاً من الدخول في مرحلة التعافي إثر محاصرة تفشي جائحة “كوفيد– 19″، تُواجِه الاقتصادات العالمية صدمات إضافية، يأتي في مقدمتها الحرب في أوكرانيا وما يرتبط بها من تداعيات جيوسياسية، توازياً مع عمليات الإغلاق في المراكز الصناعية الرئيسية نتيجة ظهور حالات تفشٍّ جديدة لفيروس "كوفيد–19".

2. تراجع توقعات النمو في ظل التحديات العالمية و الأثر الإنساني المباشر للنزاع وعواقب الوباء المستمرة، أدت هذه التطورات إلى مراجعات لتوقعات النمو، وسط تفاقم الضغوط التضخمية، واضطرابات سلاسل التوريد. وبعد أن كانت التوقعات تُجمع في بداية العام 2022 على عودة الاقتصادات الكبرى إلى مسارات نمو ما قبل “كوفيد” مع حلول نهاية العام، وتوقُّع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية نموًا عالميًا عند حدود 4.5 في المئة عام 2022، و3.2 في المئة في عام 2023؛ فإن توقعات صندوق النقد الدولي تشير إلى انخفاض النمو العالمي إلى 3.6 في المئة عام 2022 مقارنة ب 6.1 في المئة عام 2021، و4.4في المئة في كانون الثاني \يناير 2022.

3. تصاعد الحاجة المُلحَّة إلى إدارة عالمية للأزمات:  ففي الوقت الذي يتوقع فيه أن تكون تأثيرات مختلف التطورات الجيوسياسية على النشاط الاقتصادي الكلي أقل حدة من تلك التي حدثت عقب الإغلاق الأول بسبب تفشي جائحة كورونا، فإن تأثير  هذه الصدمات يزيد من حاجة العالم إلى إدارة هذه الأزمات بأسلوب جماعي، لاسيما مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية الذي يهدد الأرواح ويؤثر على كلفة المعيشة في كل أنحاء العالم.

وفي ظل السياقات السابقة، يحدد التقرير  التوقعات المستقبلية بشأن لاقتصاد العالمي في اتجاهات ستة:

1. ارتفاع معدل التضخم وانخفاض الأجور الحقيقية عالميًا: تعد توقعات التضخم هي الأعلى في الولايات المتحدة  تليها أوروبا وأميركا اللاتينية؛ إذ توقع 96في المئة و92في المئة و86في المئة من المستطلعين على التوالي أن يكون التضخم مرتفعًا أو مرتفعًا للغاية خلال الأشهر المتبقية من العام 2022، فيما توقع عدد أقل من المشاركين ضغوطًا عالية جداً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا وإفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا وشرق آسيا، بما في ذلك الصين. ويتوقع صندوق النقد الدولي زيادة 1.8 نقطة مئوية للتضخم في الاقتصادات المتقدمة (إلى 5.7في المئة)، وزيادة 2.8 نقطة مئوية في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية (إلى 8.7في المئة). بالتوازي مع ذلك، يتوقع أكثر من ثلثي المشاركين في الاستطلاع أن ينخفض متوسط الأجور الحقيقية في الاقتصادات المتقدمة، في حين أن ثلثهم غير متأكد من ذلك. وتوقع 90في المئة من المستطلعين أن ينخفض متوسط الأجور الحقيقية في الاقتصادات المنخفضة الدخل.

2. تدهور الأمن الغذائي: من المتوقع أن تنعكس عواقب الحرب العالمية في أوكرانيا على ارتفاع أسعار المواد الغذائية في كل أنحاء العالم، لاسيما في الدول النامية، ما سيؤثر على مستويات الجوع وكلفة المعيشة، وقد  قفز مؤشر أسعار الغذاء (FFPI) لـمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) في آذار\مارس 2022  نتيجة تطورات الحرب إلى أعلى مستوى له منذ إنشائه في العام 1990.

3. تصاعد توطين وتنويع سلاسل التوريد العالمية: نتيجة أحداث عديدة ارتبطت بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتأثير تفشي الوباء، وتداعيات الحرب الأوكرانية، وحالة عدم اليقين حولها أُعيد رسم سلاسل التوريد العالمية على نحو متزايد خلال الأعوام الماضية. ووسط المخاوف من وقوع المزيد من الصدمات، تعيد كل من الحكومات والشركات التفكير في نهجها تجاه الانكشاف والاكتفاء الذاتي والأمن في علاقات التجارة والإنتاج.

وفي ظل هذه الخلفية، تمتلك الشركات المتعددة الجنسيات استراتيجيات متعددة تحت تصرفها لإعادة تشكيل هياكل الشركات الخاصة، وإعداد سلاسل التوريد الخاصة بها لمواجهة التوقعات بمستقبل متقلب بدرجة متزايدة. لذا يتوقع كبار الاقتصاديين إعادة هيكلة كبيرة لسلاسل التوريد في السنوات الثلاث المقبلة، وأن تُنوِّع وتُوطِّن الشركات المتعددة الجنسيات سلاسل التوريد الخاصة بها.

4. تراجع عولمة السلع والعمالة والتكنولوجيا في العالم: أكد استطلاع كبار الاقتصاديين الصادر في تشرين الثاني\ نوفمبر الماضي أن تراجع العولمة هو أهم انعكاس لتطورات الاقتصاد العالمي، لاسيما أنه كان من نتيجة تجربة الوباء تجزئة سلاسل القيمة، والعلاقات التجارية والروابط المالية. وتعمل تداعيات الأحداث الجيوسياسية خلال الأشهر الستة الأخيرة على ترسيخ هذه الاتجاهات، مع خلق خطوط صدع جديدة في التكامل الاقتصادي، بالتزامن مع تفاقم الانقسامات في الفضاء الافتراضي؛ إذ أصبحت مجالات النفوذ الأميركي والصيني سمة من سمات النظام الحالي.

5. فاعلية العقوبات في إضعاف الاقتصاد الوطني الروسي: كان تأثير العقوبات الغربية على روسيا الفوري هو انخفاض قيمة الروبل. وشهدت الأيام الأولى لنظام العقوبات انهيارًا في قيمة الشركات الروسية المتداولة محليًا وخارجيًا إلى حد دفع إلى إغلاق البورصة الروسية وإزالة أسهمها من المؤشرات الأجنبية، بالتوازي مع انهيار التصنيف الائتماني السيادي لروسيا. ومن هنا يرجح 87في المئة من كبار الاقتصاديين تأثيرًا قويًا أو قويًا للغاية للعقوبات في الأشهر المقبلة على خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي لروسيا في العام 2022، ويتوقع 83في المئة انخفاضًا في نمو اقتصاد روسيا على المدى الطويل.

6. استمرار هيمنة الدولار الأميركي بوصفه عملة احتياطية عالمية: دفعت القيود التي فرضتها الولايات المتحدة على روسيا من خلال نظام العقوبات المالية الخاص بها بعض المراقبين إلى القول بأن هذا التسليح للدولار قد يؤثر في استخدامه في المستقبل وفائدته بوصفه عملة احتياطية؛ فالعقوبات الحالية تمنع البنك المركزي الروسي من الوصول إلى احتياطاته بالدولار الأميركي. ومع ذلك، يبدو أن الدولار الأميركي يشهد توسعاً على المدى القصير، مع تشديد السياسة النقدية الأميركية وارتفاع أسعار الفائدة، فضلاً عن أن الاضطراب الاقتصادي الناجم عن الحرب في أوكرانيا أدى إلى تحول المستثمرين إلى الدولار الأميركي باعتباره ملاذًا آمنًا بدلاً من الابتعاد عنه.

كما استعرض التقرير آراء خبراء الاقتصاد بشأن الخطوات التالية لإجراءات السياسة الكلية لكل من الاقتصادات المتقدمة والمنخفضة الدخل، فضلاً عن الموازنات المتعلقة بديناميات عدم المساواة وأمن الطاقة والأهداف الاقتصادية والمناخية العالمية. وجاءت على الشكل الآتي :

1. موازنة مخاطر التضخم والانكماش في بعض الدول: يواجه صانعو السياسات موازنات مُعقَّدة في السياسة النقدية للسير على خط دقيق لكبح جماح التضخم من دون دفع الاقتصادات إلى الركود؛ ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال يرتفع معدل التضخم، فدخلت السياسة النقدية مرحلة التشديد التي من المتوقع أن تكون الآن أقوى بكثير مما كان متوقعًا بداية العام 2022. وفي الاتحاد الأوروبي، من المتوقع أن يظل موقف السياسة النقدية أقل تقييدًا.

2. معالجة مخاطر الغذاء والوقود وأزمة عدم المساواة: يواجه صانعو السياسات تحديات لإعادة توازن الميزانيات عقب أزمة كورونا. وسيتعيَّن الاستفادة من الموارد المالية لدعم الأعداد الكبيرة من اللاجئين – لاسيما القادمين إلى أوروبا الشرقية وعلى الصعيد العالمي ؛  وذلك لتخفيف ارتفاع الأسعار في الضروريات، مثل الوقود والكهرباء والغذاء للفئات السكانية الأكثر ضعفًا. وتختلف مساحة المناورة عبر الاقتصادات الكبرى؛ ففي الولايات المتحدة تعمل ضغوط التضخم على تقييد الإجراءات المالية الإضافية. و هناك مجال أكبر للسياسة المالية في الصين وأوروبا.

وتوقع المزيد من المشاركين في الاستطلاع أن تكون هناك حاجة إلى دعم أسعار الطاقة، مقارنةً بدعم أسعار المواد الغذائية بالنسبة إلى الاقتصادات المتقدمة. أما بالنسبة إلى الاقتصادات المنخفضة الدخل، فتشعر الغالبية العظمى أن دعم أسعار المواد الغذائية سيكون ضروريًا. واتفقوا على أن مخاطر التخلف عن سداد الديون زادت كثيراً في الاقتصادات المنخفضة الدخل منذ بداية الحرب في أوكرانيا.

3. مخاطر الوقود الأحفوري بمواجهة الطاقة الخضراء: يتوقع البنك الدولي أن ترتفع أسعار الطاقة بأكثر من 50في المئة في العام 2022 قبل أن تتراجع في العامني 2023 و2024. وعلى المدى القصير، تقتصر الحكومات على تخفيف صدمات الأسعار، وضمان أمن الطاقة، بناءً على أنظمة الطاقة الحالية واعتماد الإمدادات. وعلى المدى المتوسط، تجد البلدان نفسها في مواجهة التحدي المتمثل في الحفاظ على أمن الطاقة مع تحويل أنظمة الطاقة لديها لتلبية الأهداف المتعلقة بالمناخ.

4. التوازن بين الأولويات الوطنية والأهداف العالمية: الحاجة ماسَّة إلى تحقيق توازن بين الأولويات الوطنية والأهداف العالمية لأن عدم اليقين والمخاطر والضغط في الاقتصاد العالمي مرتفع للغاية في الوقت الحاضر. ووفقاً لاستنتاجات مجموعة الاستجابة للأزمة العالمية بشأن الغذاء والطاقة والتمويل التابعة للأمين العام للأمم المتحدة، فإن الأزمة الثلاثية الأبعاد التي يواجهها العالم يمكن أن ترقى إلى عاصفة كاملة تهدد بتدمير اقتصادات البلدان النامية.

إن  وابل الصدمات والاضطرابات، وما يترتب عليها من عبء زائد على قدرة صانعي السياسات والمؤسسات يهدد بتحويل التركيز نحو القومية الاقتصادية؛ ما يتسبب في تراجع مدمر عن التكامل الاقتصادي، والابتعاد عن التقدم في أهداف البشرية الطويلة الأجل. وبالتالي سيكون من الضروري لصانعي السياسات في مواجهة الضغوط المحلية والقرارات الصعبة في ظروف غير مؤكدة الحفاظ على نظرة ثاقبة نحو الأفق الزمني الأطول أجلاً، والفهم المستمر لإنسانيتنا المشتركة ومستقبلنا المشترك.