• اخر تحديث : 2024-04-25 13:23
news-details
ندوات وحلقات نقاش

حلقة نقاش: "سوريا.. مرآة الصراع العالمي على النظام الجديد"


أولاً: معطيات أولية حول اللقاء:

الزمان

الثلاثاء 27/9/2022

المكان

برنامج تطبيق zoom

مدة اللقاء

من الساعة العاشرة والنصف لغاية الثانية عشرة والنصف

 

المشاركون

1

د. محسن صالح

2

عضو الرابطة د. حسام مطر (لبنان)

3

عضو الرابطة د. أسامة دنورة (سوريا)

4

الكاتب والباحث السياسي د. فراس رضوان أوغلو (تركيا)

3

أمينة سر الرابطة د. وفاء حطيط      

 

ثانيًا: مجريات اللقاء:

مقدمة

ثمة وجهة نظر تقول إنّ سوريا اليوم باتت مرآة لكل ما يجري في العالم، على اعتبار أن استماتة الكيان المؤقت لتفاهم مع لبنان في موضوع ترسيم الحدود البحرية، مرورًا باستعادة تركيا سياسة "صفر مشاكل" حيث تظهر دعوات التقارب التركي مع سوريا التي عكسها عدد من تصريحات المسؤولين الأتراك، ومنهم الرئيس رجب طيب أردوغان، وصولًا إلى محادثات فيينا، واشتعال جبهتي القوقاز بين أرمينيا وأذريبجان وفي آسيا الوسطى بين طاجيكستان وقرغيزستان بالتزامن مع  قمة منظمة شنغهاي للتعاون في أوزبكستان،  والحرب الدائرة في أوكرانيا، كلها متغيرات غير معزولة عن حالة الصراع الدولي.

هذا ما ناقشته حلقة نقاش نظمتها الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين بعنوان: "سوريا.. مرآة الصراع العالمي على النظام الجديد".

ثالثًا: وقائع الجلسة:

افتتح الحلقة رئيس الرابطة د. محسن صالح بالترحيب بالمشاركين، والتقديم لموضوع النقاش بالقول: في بداية هذا القرن بعد 11 أيلول 2001 تحدث الأميركي عن شرق أوسط جديد وعالم جديد، والخطأ التاريخي الذي ارتكبه الأميركي هو دخول جيشه الى أفغانستان والعراق، والخطأ الجسيم هو الابداع الغربي الأميركي في بعث الإرهاب والاعتماد عليه من اجل خلق هذا الشرق الأوسط الجديد.

بداية هذا الإرهاب هو دخول الأميركي الى أفغانستان ومن ثم العراق وبعد ذلك المحاولات الدؤوبة للضغط على سوريا للانضمام الى الشرق الأوسط الجديد الذي يريده الأميركي وبعض العرب والكيان الصهيوني الغاصب.

الامر الاخر هو محاولة ضرب حركة المقاومة الإسلامية في لبنان من خلال عدوان تموز 2006، والامر الأهم عندما فشل في لبنان وفشل مخاض ولادة شرق الأوسط الجديد الذي تحدثت عنه وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس، ذهبوا الى سوريا وهي عقدة العقد، العقدة التي منذ أيام الرئيس الراحل حافظ الأسد اعيت الأميركي والغربي في ان يحاول الهيمنة او جر كل الدول العربية الى مستنقع ما يسمى السلام والمعاهدات من كامب ديفيد الى أوسلو، وكان الرئيس الراحل حافظ الأسد متنبها لهذا الامر وايضا الرئيس بشار الأسد والمقاومة في لبنان والجمهورية الاسلامية كانوا حريصين على ان يقفوا في وجه هذه المعادلات الجديدة، وفعلا صنعوا عالما جديدا.    

الخطأ الاشنع الذي ارتكبه الأميركي هو ذهابه الى أوكرانيا ومحاولة ضرب روسيا من اجل فك هذه العلاقات ما بين الصين، روسيا وإيران، هذه الدول القوية النابضة في التحدي للأحادية القطبية والعولمة، وأيضا يفشل الأميركي تدريجيا ويعيد الازمات من حيث انطلقت.

الان الأميركي في مأزق والغربي أيضا، ونحن في حالة الدفاع عن النفس وصمود في مواجهة كل هذه المخططات، وطبعا هم لديهم خطوات شيطانية فنرى ما حصل بالأمس في إيران، وما يحصل في سوريا حيث ينهبون 80 % من نفطها وينهبون القمح، ويحاولون الضغط في لبنان وفي أماكن أخرى.

هم يألمون كما نألم وهم ليسوا في حالة من الارتياح في هجوماتهم التي تلاحقت منذ بدايات هذا القرن، ولن ننسى القرون الماضية التي حاولوا ان يعيشوا هذه الامة والأمم الأخرى في أدنى مستوياتها الا ان الواقع الان اختلف، هناك محور مقاومة وأصبح عالميا وهناك أيضا دولا تنضم الى منظمة شنغهاي من اجل ضرب الأحادية القطبية خاصة في ما يتعلق بالاقتصاد، ونحن امام عالم جديد.

تعرضت سوريا لأبشع أنواع العدوان من الناحية السياسية والاقتصادية والجغرافية والتي شارك بهذه المؤامرة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وكان المتراس الأول في ضرب وحدة سوريا ودخول جيشه ودعمه للإرهاب وتسهيله، والان يقول انه يريد ان يجتمع مع الرئيس بشار الأسد. وفي اعتقادنا ان سوريا انتصرت والجمهورية الإسلامية انتصرت وروسيا ستنتصر بعد الاستفتاءات الثلاث، والان نتحدث عن عالم جديد، اعتقد انه لا مكان للتأثير المتمادي للغرب والولايات المتحدة الأميركية فيه.   

مداخلة د. أسامة دنورة

ثم قدّم د. أسامة دنورة مداخلته بالإشارة إلى طبيعة "الانزياحات" القائمة اليوم، والدور التركي، ومما جاء في المداخلة:

اليوم هناك "انزياحات" على المستوى الاستراتيجي العالمي، وبعد التورط الاميركي والغربي على الساحتين الأفغانية والعراقية وسواها من المأزق الاستراتيجية أصبح هناك حساسية مفرطة للخسائر البشرية والتورط السياسي في ساحات كما يطلق عليها الحروب المزمنة، لذلك أصبحت تسعى الى أنماط جديدة من الحرب الى ان يتبلور موضوع "اتمتت" الحرب ـ وهو مقبل لا محالة ـ وهو القتال بالروبوتات والطائرات المسيرة، حيث سيتم الاعتماد في المرحلة المقبلة على المقاتلين بالوكالة او الحروب بالوكالة وهذا الامر لايزال مستمرًا.

اميركا تريد الاستفادة من الميزة الجيو-استراتجية لديها أنها منعزلة بريًا عن باقي العالم، كما كانت ميزة بريطانيا التي اعتمدت عليها لتحقيق تمدد استعماري في القرون الماضية، واليوم هي تدفع أوروبا التي هي خصم جيو-اقتصادي وحيو-استراتيجي لأميركا، ولكنه خصم كامن سبقت اميركا هذا الامر بالحرب الأوكرانية والصدام الروسي الأوروبي الغربي، وأوروبا الغربية وأوكرانيا ستدفعان الثمن الأكبر؛ فأوكرانيا هي الواجهة كمحارب بالوكالة، ومن ورائها أيضًا أوروبا الغربية محاربة بالوكالة، والمستفيد هي الولايات المتحدة. لذلك نشهد اليوم على مستوى العالم تصاعد قوى جديدة تدرك أن اميركا سوف تسعى الى احتوائها وتدميرها عاجلًا أم آجلًا، ونشهد أن الصين تخرج من حالة الكمون الاستراتيجي طويل الأمد الذي كانت فيه نحو معالم المواجهة تدريجيا مع الغرب والولايات المتحدة الأميركية.

مكان سوريا ومكان محور المقاومة في هذه المعادلة مهم جدًا لأن الجغرافيا السورية هي جغرافيا مفتاحية بالنسبة للشرق المتوسط وتقاطع المجالات الحيوية لعدد من الفضاءات الحضارية والجيو-بوليتكية، ووزن سوريا والثقل السياسي هو ثقل تاريخي ومفتاحي.

لدينا هنا حوامل ثقافية وعروبية وإسلامية ومسيحية تمثلها وتختزنها سوريا، والعولمة والهيمنة الأميركية تريد ضرب الموروث الثقافي والهوية عن طريق ضرب الثقافة وصولًا الى حالة الهيمنة وفرض العولمة عن طريق سحب الهوية والانتماء من أفكار وعقائد الشعوب، لذلك تمثل سوريا وصمودها مسألة مفتاحية في صمود هذا المشهد برمته وصمود محور المقاومة بدعم مؤكد وهام جدا وحيوي من الجمهورية الإسلامية الإيرانية وبالتكامل مع باقي أطراف المحور، وهذا الامر أيضا هو بمثابة مشهد صاعد لكي يمثل جزءا من معادلة مقاومة الهيمنة الأميركية على مستوى العالم.

عندما نتحدث عن البر الأسيوي فهو يبدأ من شرق المتوسط بكل ما يعني هذا الامر من أهمية على مستوى الشرق الأوسط أو على مستوى كما هو مطروح اليوم مشروع "الحزام والطريق"، كل هذا يجعل الأهمية الكبيرة لصمود سوريا واستمرارها في مشروعها المقاوم جزءًا من مشهد عالمي يتصاعد لمواجهة الهيمنة الأميركية.

وعندما نتحدث عن أهمية الحل واستعادة التماسك للدولة السورية فمن المؤكد يجب أن تكون هناك مقاربة جديدة للعلاقات السورية – التركية وسحب عوامل الصدام ما بين الطرفين، وهذا الامر بحاجة الى مسار طويل؛ فالتركي أسهم وتورط في الحرب في سوريا على مدى عقد كامل من الزمان، وطرح سياسات واستراتيجيات وأيديولوجية ملائمة لهذا التورط واستثمر فيها سياسيًا وداخليًا وحتى جيو-بوليتيكيًا؛ لذلك نحن بحاجة الى خارطة طريق ربما يتم بلورتها بالوساطة الروسية والإيرانية لتفكيك هذا التورط والانخراط التركي على مستوى الحرب في سوريا، هذا الامر يتعلق بتفكيك المجموعات الإرهابية وانسحاب الجيش التركي المحتل من الجغرافية السورية ويتعلق بحل ازمة اللاجئين بطريقة تكون ملائمة لظروف كل من الطرفين.

وفي ما يتعلق بمشروع الربيع العربي، من الواضح انه كان هناك اتجاه على المستوى الظاهري الأميركي بنشر الديمقراطية على أساس ان تسليم الاخوان في المجتمعات التي تميل الى ان تكون محافظة هو سينشر الديمقراطية، وطبعا هذه كذبة كبيرة.

على المستوى الجيو-بوليتيكي، كان هناك مقاربة تقوم على استخدام تركيا وطموحها التاريخي، ولكن الطرف الأميركي حاول استخدام هذا الطموح التركي لكي يقطفه جيو-بوليتيكيًا على أساس حرب إنهاك وليس حرب انهاء. وعندما تذهب تركيا الى سحب الأيديولوجية من سياستها الخارجية وتستعيض عنها بمقاربة جيو-بوليتيكية هي حتما سوف تجد نقاط تقاطع هامة جدًا مع الدولة السورية، لان مفهوم الامن الجماعي يفرض نفسه على هذه الحالة.

نظام الحكم في تركيا الذي يسيطر عليه حزب العدالة والتنمية شاخ، وهو اليوم أمام مفصل مهم: إما الانتقال الى حالة ديكتاتورية مستمرة وهذا أمر صعب جدًا في تركيا، والخيار الاخر هو أن يستمر في النجاح الانتخابي عبر صناديق الاقتراع، وهذا يحتاج الى البعد الاقتصادي.

مداخلة د. حسام مطر

أما د. حسام مطر فقد ركّز على تقاطع المصالح الإقليمية والدولية كما هي في الحالة السورية، ومجموعة التحولات في الأشهر الأخيرة التي لديها تداعيات على الواقع في سوريا ومما جاء في مداخلته:

يندر أن تكون هناك أزمة ما تحمل هذا المستوى من تقاطع المصالح الإقليمية والدولية كما هي في الحالة السورية، فسوريا اليوم هي ملف رئيس لمجمل القوى الإقليمية داخل المنطقة كما للقوى الدولية. هذا التداخل للمصالح الخارجية في سوريا يجعلها أزمة شديدة التعقيد تعرقل أو تعيق حصول تفاهمات أو تسويات كبرى حول سوريا. وحاليًا حصلت مجموعة من التحولات في الأشهر الأخيرة لديها تداعيات على الواقع في سوريا:

أولًا: هناك فرضية أن تخرج روسيا ضعيفة من الحرب في أوكرانيا، وواضح أن روسيا تواجه مصاعب جمة في أوكرانيا، وبالتالي يجب أن يكون امامنا احتمال أو فرضية أو سيناريو أن تكون روسيا في الأشهر المقبلة على أدنى تقدير في واقع أضعف أو مشغولة أو مستنزفة بنحو ما في أوكرانيا، فهل سيؤثر هذا على حضورها في المشهد السوري؟، وهل يترك الانشغال الروسي في أوكرانيا إن استكمل في هذا الاتجاه تداعيات على دور روسيا داخل سوريا؟، وبالتالي سيوجد نوع من فراغ بالدور الروسي داخل سوريا، حينها سيكون السؤال أن هناك كثير متأهبون لمحاولة اشغال هذا الفراغ، يحاول الإسرائيليون في الفترة الأخيرة تعزيز ما يسمى بحرية العمل داخل سوريا، ويراهنون على ضعف الموقف الروسي، فاذا تحقق هذا السيناريو ربما يشجع الطامعين والدول المشاركة في سوريا بمحاولة تعزيز حضورها ومصالحها على حساب روسيا.

ثانيًا: ارتفاع الحاجة العالمية إلى الغاز لسببين، الأول مرتبط بأزمة الغاز الروسي؛ وبالتالي يعول الأوروبيون على حوض شرق المتوسط على أن يكون واحدًا من البدائل على المدى المتوسط والبعيد، والسبب الثاني الاتجاه الاقتصاد العالمي عمومًا من الاعتماد على النفط الى الاعتماد على الغاز وبالتحديد الصين، وسوريا اليوم بأمن الطاقة العالمي لديها احتمال عالٍ أن تكون من الدول القادرة الى الدخول الى هذا السوق، واحتمال كبير أن يكون لديها إمكانات معتبرة من الغاز، وبالتالي هذه فرصة تجعل من سوريا في موقع أكثر أهمية للعديد من الدول لاسيما الدول الغربية، وهذا قد يجبرها في لحظة ما على تغيير مقاربتها لسوريا من مقاربتها القائمة على الحصار والتضييق الى مقاربة مختلفة براغماتية لتلبي سوريا حاجاتها من الغاز، وأيضا ربما اذا استمر الاحتدام (وهو المرجح) التصعيد الصيني الأميركي، واذا استمرت اميركا باتجاه حرب باردة ضد الصين، فالصين أيضًا في لحظة ما هل ستغير مقاربتها الباردة تجاه المشرق العربي الى مقاربة مختلفة وحينها  تكون سوريا من الدول المرشحة الأساسية لدور صيني مختلف سواء لأسباب جيو-سياسية او جيو-اقتصادية.

ثالثًا: موضوع الاحتدام الذي يحصل في التنافس بين القوى الإقليمية، فجميعها يحاول تعزيز نفوذه وحضوره نتيجة الفراغ الذي يتركه الاميركيين في مكان ما، وبالتالي سوريا في التنافس بين القوى الإقليمية هي لها وزن أساسي، فالقوة الإقليمية التي سيكون لها حضور أكبر في سوريا وتقاطع أكبر للمصالح مع الدولة السورية، سيكون هذا رصيد كبير لها في منافستها مع باقي القوى الإقليمية.

تراهن المقاربة الأميركية – الإسرائيلية على امتداد أمد الازمة ومحاولة تشكيل دور سوريا في المنطقة من خلال خليط من الضغوط والاغواء والاغراء، إذ يعول الأميركيون والإسرائيليون من خلال الضغوط بالعقوبات كقانون قيصر، والضغوط الميدانية التي يتولاها الإسرائيليون بشكل كبير من خلال الضربات الصاروخية، مع السماح لبعض الأنظمة العربية بانفتاح مشروط وجزئي على الدولة السورية، يعولون على أن تؤدي هذه الضغوط الى تطويع الإرادة السياسية لسوريا وبالحد الأدنى تحييدها عن مشروع المقاومة تمهيدا لإحداث تحول اكبر لاحقًا، وهذا المشهد سيستمر ولن يكون هناك تغيير في المقاربة الأميركية والإسرائيلية.

نتائج الانتخابات في تركيا سيكون لها تداعيات لاسيما في حال كما يطمح الغربيون الى اخراج اردوغان من الحكم؛ والسؤال: هل سيؤدي هذا الامر الى تغيير المقاربة التركية داخل سوريا نتيجة حجم الدور التركي وتأثيره على الازمة السورية، وأيضًا احتمال انعقاد الاتفاق النووي مجددًا؟، وفي حال حصل هذا بطبيعة الحال سوريا ستكون من المستفيدين. فسوريا اليوم بحضورها وموقعها وامتداداتها وتنوعها ومواردها المحتملة لديها تأثير ومصالح وتستند الى كل هذه الموارد، وسوريا تقوم بكل ذلك وهي تستند الى تموضع داخل تحالف قوي مع إيران وحلفائها.

إعادة فكرة التشبيك الاقتصادي والتكامل بين لبنان وسوريا والعراق، وهناك إمكانيات كبيرة للتكامل بين هذه الدول، ومن خلال هذا التكامل تطوير العلاقات بين هذه الدول مع تركيا وإيران والخليج، وبالتالي تناول موضوع قانون قيصر والعقوبات الأميركية ليس فقط باعتبارها موجهة نحو سوريا، فجزء من المطلوب من قانون قيصر هو تعطيل الوجود الحيوي والفعلي لسوريا وهذا الامر مطلوب منه ذلك لمنع هذا الاندماج والتكامل داخل المشرق العربي، واعتباره (قانون قيصر) جزء أساسي من أزمات الدول الثلاث.

يجب بناء سلسلة توريد وسلاسل توريد داخل المشرق العربي ولاحقا تتكامل مع تركيا وإيران ودول الخليج نصبح في مرحلة أخرى، كل ما تكاملت هذه الدول الثلاث ستصبح مغرية أكثر واهميتها الجيو-اقتصادية والجيوسياسية أكبر للدول الكبرى وبالتحديد كالصين. كما يجب ان ننظر الى الجغرافية السياسية من منظار اقتصادي وهذا يفيد الناس ويلامس قلوبها لاسيما الطبقات الفقيرة التي هي حاملة لمشروع المقاومة داخل بلدها.   

مداخلة د. فراس اوغلو

بداية أشار د. فراس اوغلو إلى أن تركيا تريد إعادة التموضع بالنسبة لسوريا ولا يمكن انجاز هذا الامر إذا بقيت الحرب بين انقرة ودمشق. وقال في مداخلته: تركيا ذات السياسات التي فيها الطمع السياسي الكثير فهي تبحث عن كل المكاسب، والطبع السياسي لتركيا يتقلب وفق الحكومات التي تأتي.

تعتبر العلاقة الإيرانية - التركية من العلاقات الممتازة وبغض النظر عن بعض الخلافات في بعض الملفات المتعددة، لذلك هذا يعطي انطباع ان التنافس بين الطرفين سيستمر، لان تركيا وإيران وحتى سوريا تعتبر الدول الوحيدة ذات القدرة التجارية القوية. والسياسة في تركيا تقرأ المشهد السياسي من الاقتصاد، والحكومة التركية الحالية تبحث عن مكاسب سياسية كثيرة.  

هناك تشققات كبيرة في المجتمع الدولي والحرب الروسية - الاوكرانية هي الشعرة التي قسمت ظهر البعير، والغرب بدأ يشكل تكتل لوحده وأيضا بشكل غريب، وأميركا تسعى لمصالحها وليس لمصالح الاتحاد الأوروبي الذي يعاني الان.

الطرف الغربي سيحتاج تركيا والطرف الشرقي أيضا سيحتاج هذه القوة الكبيرة، لذلك ستبقى تركيا تلعب على الحبلين للفائدة السياسية والاقتصادية لان لديها قوة تستطيع ان تستخدمها سواء جغرافية، عسكرية، سياسية وحتى استخباراتية لصالحها، كما بدأت مسألة التصنيع العسكري الاخير يعطيها أكثر قوة، لكن لديها مشكلة عميقة هي الاقتصاد، فهذا الاقتصاد يثقل كاهل الكثير من المشاريع السياسية، لذلك سنجد في التصريحات فيها تقدم وهجوم وبعد فترة تراجع عن هذه التصريحات.  

على صعيد الداخل التركي، الانتخابات على الأبواب، والورقة السورية بالنسبة للمعارضة ربما هي اقوى في يدها من يد الحكومة، ولذلك اعتقد ان الحكومة تريد سحب هذه الورقة من خلال تفاهمات مع دمشق، وإذا فعلت ذلك ستكون قوة المبادرة بيد دمشق أكثر مما هي بيد انقرة، لان العودة جاءت من قبل الحكومة التركية.

هل إذا نجحت المعارضة في تركيا على حساب الحكومة القائمة حاليا سيتم تطور العلاقات بين دمشق وانقرة بشكل كبير؟، وهذا سؤال مهم وصعب لان هناك أيضا تدخلات أخرى ولاعب قوي يجب عدم اغفاله هو الولايات المتحدة الأميركية، ويستطيع ان يفرض على المعارضة نفسها إذا شاء ان يقلب المشهد السوري. وموضوع كيفية عودة اللاجئين وإصلاح العلاقات يحتاج الى وقت ولكن أي خطوة بهذا المسار تتبعه خطوات سريعة وليست بطيئة.

العودة الان للموقع الجغرافي السوري بالنسبة للتهدئة والصلح بين انقرة ودمشق مرتبط بكل هذه الأمور، فلا أستطيع ان أقول ان الحرب الروسية – الأوكرانية ليست لها دور، فهي بالتأكيد لها دور، كما لتركيا مصلحة بعودة العلاقات مع دمشق على المدى المتوسط خصوصا في ما يتعلق بغاز والطاقة المكتشفة شرق المتوسط. 

يجب ان نطرق الواقع، هل اميركا ضعيفة ام لا؟، هل نستطيع ان نحارب الدولار الان؟، هل الولايات المتحدة الأميركية نافذة في الكثير من المناطق؟، هل الولايات المتحدة الأميركية إذا لم تقلب الطاولة تستطيع ان تغير وتبعثر الأوراق كما تريد؟، لذلك هناك بعض الواقعية يجب ان نعترف بها ويجب ان نقرأ المشهد السياسي من ضمنها. هل النفوذ الغربي والأميركي حقيقة اقوى من النفوذ الروسي والصيني في كثير من المناطق؟ الجواب هو نعم، ولكن اظن ان الموازين بدأت تتغير بعد قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الدخول في شرق أوكرانيا، وهنا اظن يجب ان نقرأ المشاهد القادمة.