• اخر تحديث : 2024-11-22 10:05

ترتكز السياسة الصينية في قارة أفريقيا على فكرة ربط أقاليمها الخمسة عبر تدشين شبكة متداخلة من الطرق، وذلك ضمن مبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها بكين في عام 2013 وانضمت إليها نحو 50 دولة أفريقية، في محاولة لكسب المزيد من النفوذ السياسي والاقتصادي في الدول الأفريقية، وهو ما يعزز الأهمية الجيوسياسية لمنطقة غرب أفريقيا في المنظور الصيني لاعتبارات استراتيجية كثيرة دفعت بكين إلى توظيف عدد من الأدوات لتكثيف تحركاتها هناك؛ رغبة منها في مزاحمة العديد من القوى الدولية الفاعلة في غرب أفريقيا من أجل بسط الهيمنة الذي يضمن بدوره إيجاد موطئ قدم مهم لبكين يسمح لها بالتوسع في الاستفادة من الثروات والموارد الطبيعية التي تتمتع بها دول المنطقة.

وقد دفع ذلك واشنطن خلال الشهور الستة الأخيرة للتحذير من تطلع بكين لإقامة قاعدة عسكرية بحرية على الساحل الغربي لأفريقيا في إطار مساعيها لتأكيد تواجدها البحري في الممرات المائية الاستراتيجية من خلال تكثيف استثماراتها في الموانئ البحرية في غرب أفريقيا.

وتنظر الصين إلى غرب أفريقيا باعتبارها حلقة وصل مهمة للمناطق الاستراتيجية الأخرى في شمال ووسط وجنوب القارة بما في ذلك منطقة الساحل والصحراء بهدف توسيع النفوذ الصيني في القارة بشكل عام، سعيًّا منها لموازنة النفوذ الدولي الذي يمثل تحديًّا بالنسبة للصين مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وتركيا والاتحاد الأوروبي.

وإذ تعد المقاربة الاقتصادية عاملاً حاسمًا في تزايد الاهتمام الصيني بمنطقة غرب أفريقيا، وهو ما يدلل عليه كثافة الاستثمارات الصينية في دول المنطقة لا سيما مشروعات البنية التحتية، تلعب القروض الصينية المقدمة للحكومات الأفريقية أيضًا نفس الدور من أجل سد عجز ميزانياتها وتمويل مشروعاتها المختلفة. ولا تكتفي بكين بهذه المقاربة فحسب، بل تعزز بكين انخراطها في العديد من الأزمات الأفريقية محاولة منها لإيجاد تسوية لها مثل قضايا التنمية والإرهاب والفقر، وهو ما ينعكس بالطبع على الترحيب الأفريقي بالوجود الصيني الذي يتميز عن الوجود الغربي في تجاوزه عن فكرة المشروطية السياسية والاقتصادية لا سيما التدخل في الشئون الداخلية للدول الأفريقية بما في ذلك الحكم وحقوق الإنسان.

مصالح متعددة

تكمن أهمية المصالح الصينية الاستراتيجية في الموقع الاستراتيجي لمنطقة غرب أفريقيا الذي يلعب دورًا بارزًا في نيلها تلك المكانة بالنسبة لسياسات القوى الكبرى، فهي تطل على الساحل الغربي للقارة عند المحيط الأطلنطي، مما يعني قربها الجغرافي -ولو نسبيًّا- من الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر المنافس الرئيسي للصين في العالم. بالإضافة إلى كونها تتصدر أولويات السياسات الأوروبية باعتبار أنها تمثل حائط صد للتحديات التي تهدد أمن القارة الأوروبية مثل انتشار الإرهاب والتجارة غير المشروعة بما في ذلك الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية لأوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط.

ويمكن الإشارة إلى أبرز المصالح الصينية في غرب أفريقيا على النحو التالي:

1- المصالح السياسية والاستراتيجية: تُسخِّر بكين دبلوماسيتها من أجل تعزيز العلاقات السياسية التي تسهم بدورها في توطيد علاقات التعاون الاقتصادي والأمني مع دول غرب أفريقيا، وذلك في إطار سياسة الباب المفتوح التي تتبناها بكين في أفريقيا خلال السنوات الماضية.

وترتبط المصالح الصينية في أفريقيا بما في ذلك غرب أفريقيا بعدد من الدوافع، فهي تسعى للحصول على الدعم الأفريقي لمساندتها والدفاع عن قضاياها في المحافل الدولية مثل تايوان وهونج كونج وبحر الصين الجنوبي، لا سيما أن أفريقيا تتمتع بكتلة تصويتية كبيرة في الأمم المتحدة، حيث حوالي 28% من إجمالي أعضاء الجمعية العمومية هناك، وتضم منطقة غرب أفريقيا وحدها 16 دولة أفريقية بما يجعلها كتلة تصويتية معتبرة؛ يُمكن للصين توظيفها في حماية مصالحها الاستراتيجية في النظام الدولي.

كما تستهدف بكين الدعم الأفريقي لسياسة "الصين الواحدة"، ومن ثم عزل تايوان دبلوماسيًّا في قارة أفريقيا من خلال إقناع الدول الأفريقية بقطع علاقاتها الدبلوماسية معها، حيث اعتبرتها شرطًا رئيسيًّا لضخ المزيد من المساعدات والاستثمارات الصينية في الدول الأفريقية.

2- المصالح الاقتصادية والتجارية: تسعى الصين إلى تقوية نفوذها الاقتصادي في غرب أفريقيا، وذلك من خلال محاولتها تصدير نموذج صيني تنموي لدول المنطقة، وتقدم نفسها باعتبارها نموذجًا اقتصاديًا مناسبًا لها، وهو ما يلقى ترحيبًا أفريقيًّا في ضوء حاجة الدول الأفريقية للمزيد من الاستثمارات الصينية ومشروعات البنية التحتية التي تقوم بمعظمها الشركات الصينية، على نحو جعل بكين هي الأكثر تأثيرًا من بين القوى الدولية الفاعلة في غرب أفريقيا على الصعيد الاقتصادي، في ظل هيمنتها على معظم الاستثمارات في عدد من القطاعات المهمة مثل البنية التحتية والاتصالات والمعادن والنفط.

وينصب اهتمام الصين الرئيسي على تأمين الوصول للموارد والثروات الطبيعية الغنية بها دول غرب أفريقيا مثل النفط والمعادن، وذلك في ضوء حاجتها للمزيد من المواد الخام لسد احتياجاتها الصناعية ونموها الاقتصادي. فقد أشارت تقارير إلى أن بكين سوف تستورد كميات كبيرة من النفط بشكل يفوق الولايات المتحدة الأمريكية خلال العقد الجاري، وهو ما يعزز مساعيها للاستثمار في قطاعات النفط والغاز في غرب أفريقيا مثل نيجيريا وأنجولا لضمان إمدادات النفط مستقبلًا.

كما تتطلع بكين إلى الاستفادة من كثافة عدد المستهلكين في الأسواق الأفريقية الذي يتجاوز مليار نسمة بتوفير أسواق تصديرية للسلع الصينية التي تضم جزءًا من العمالة الصينية، من أجل تعظيم المصالح الاقتصادية الصينية في المنطقة. كما تدفع نحو تهيئة بيئة مواتية للأعمال التجارية بين الصين وأفريقيا عبر منتدى التعاون الصيني الأفريقي (فوكاك)، وهو ما يعزز مساعيها للسيطرة على عدد كبير من الموانئ في ساحل غرب أفريقيا بهدف تسهيل عمليات التبادل التجاري مع الدول الأفريقية.

3- المصالح الأمنية والعسكرية: ترى بكين في اضطراب السياق الإقليمي الأمني في منطقة غرب أفريقيا بما في ذلك الساحل والصحراء بسبب تصاعد نشاط التنظيمات الإرهابية هناك، فرصة جيدة لانخراطها في معالجة القضايا الأمنية التي تمثل مدخلًا مهمًا لتعاظم النفوذ الصيني في المنطقة، وتنامي النظرة الإيجابية لها في المجتمعات الأفريقية المحلية بسبب مساهمتها في بناء دور أكبر لتحقيق الاستقرار الإقليمي والحد من مخاطر التهديدات الأمنية هناك، وهو ما برز في مشاركة بعض القوات الصينية ضمن بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام في غرب أفريقيا وتقديم الدعم العسكري لدول المنطقة والاتحاد الأفريقي.

وتهتم بكين بالأمن البحري في غرب أفريقيا من أجل حماية تجارتها وحركة التجارة الدولية هناك، وهو ما دفعها لتعزيز حضورها البحري عند الساحل الغربي لأفريقيا، كجزء من طموحاتها الاستراتيجية لحماية المصالح الاقتصادية الصينية في المنطقة، الأمر الذي قد يعزز شكوك واشنطن حول احتمالية إقامة بكين لقاعدة عسكرية بحرية في غينيا الاستوائية على ساحل المحيط الأطلنطي كما ورد في مارس 2022.

ملاحظات حول التحركات الصينية في غرب أفريقيا

يمكن الإشارة إلى أبرز تلك الملاحظات على النحو التالي:

1- تدرك بكين أن انخراطها في غرب أفريقيا يشكل تحديًّا مباشرًا للمصالح الأمريكية والأوروبية بما في ذلك فرنسا. وفي هذا الإطار، تحاول بكين استغلال تراجع شعبية القوى الأوروبية لا سيما فرنسا التي تشهد علاقاتها توترًا مع بعض دول المنطقة مثل مالي وأفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو، وحاجة الأفارقة للاستثمارات والمساعدات الصينية الاقتصادية والتنموية، في توسيع دائرة تحركاتها في المنطقة على كافة المستويات. كما أنها تعزز مخاوف الغرب التي يروجها بشأن التقارب الجيوسياسي بين الصين وروسيا في غرب أفريقيا، حيث ترى بكين أنه يمكن توظيفه لمواجهة الغرب والولايات المتحدة في المنطقة.

2- تسارع بكين نحو استقطاب المزيد من النخب السياسية والاقتصادية في دول غرب أفريقيا من أجل خلق حالة من الولاء لها، وتحقيق الامتثال لتطلعات الصين الجيوسياسية، مما يمنحها القدرة على توجيه المواقف الأفريقية في المسارات التي تعزز مصالح بكين الاستراتيجية على المستويين القاري والدولي، وذلك من خلال تقديم القروض التي تعزز الاستفادة الصينية عبر ربط الحكومات الأفريقية ببكين لتكريس نوع من النفوذ السياسي للصين وزيادة تأثيرها في غرب أفريقيا.

3- تنخرط بكين في غرب أفريقيا مدفوعة باحتياجاتها الاقتصادية لدعم نموها الصناعي والاقتصادي كقوة عالمية رئيسية. إذ تعد غرب أفريقيا مصدرًا مهمًا للمواد الخام والطاقة التي تحظى باهتمام الحكومة الصينية، والتي تشير نسبة استثماراتها في غرب أفريقيا إلى استحواذ قطاعات الموانئ والشحن والنقل على 52.8% من إجمالي الاستثمارات الصينية في أفريقيا، يليها قطاع الطاقة بنسبة 17.6%، ثم قطاع العقارات بنسبة 14.3%، وقطاع التعدين بنسبة 7.7% من إجمالي الاستثمارات الصينية في أفريقيا. وقد بلغ إجمالي التجارة الثنائية بين الصين وأفريقيا نحو 254.3 مليار دولار وفقًا لبيانات الإدارة العامة للجمارك الصينية في عام 2021، وكانت الجزء الأكبر من تجارتها مع خمس دول أفريقيا هي نيجيريا وأنجولا (غرب أفريقيا) وجنوب أفريقيا (الجنوب الأفريقي) ومصر (شمال أفريقيا) وكينيا (شرق أفريقيا).

ومنذ تأسيس منتدى التعاون الصيني الأفريقي (FOCAC)، ساعدت الشركات الصينية -التي يتجاوز عددها 10 آلاف شركة بإيرادات تبلغ 180 مليار دولار سنويًّا- العديد من الدول الأفريقية بما في ذلك غرب أفريقيا على بناء وتحديث أكثر من 10 آلاف كيلومتر من السكك الحديدية، وما يقرب من 100 ألف كيلومتر من الطرق السريعة، ونحو 1000 جسر تقريبًا، و100 ميناء بحري، و66 ألف كيلومتر من شبكة النقل وتوزيع الطاقة، و120 ألف ميجاوات من الطاقة، و150 ألف كيلومتر من شبكة الاتصالات لخدمة نحو 700 مليون مستخدم.

4- تواصل الصين دورها البارز في مجال البنية التحتية بغرب أفريقيا الذي يمثل معظم أنشطة بكين في القارة، حيث تشارك في تنفيذ مشروعات البنية التحتية على مستوى 35 دولة أفريقية بما في ذلك دول غرب أفريقيا مثل أنجولا ونيجيريا وغانا ومالي وكوت ديفوار وغيرها.

جدول (1): أبرز مشروعات البنية التحتية للصين في غرب أفريقيا

الدولة

طبيعة المشروع

بنين

قامت الصين في عام 2018 بتطوير خط سكك حديدية يربط بين العاصمة كوتونو والعاصمة النيجرية نيامي بتكلفة 4 مليارات دولار.

الرأس الأخضر

تستثمر الصين في بعض المشروعات مثل السدود وملاعب الكرة. ويشارك الرأس الأخضر في منتدى التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول الأفريقية الناطقة بالبرتغالية.

جامبيا

تستثمر بكين حوالي 75 مليون دولار لبناء طريق باس-كوينا وفاتوتو-باسامانس ومعابر باس-وولي في منطقة النهر العلوي. وتساعد بكين جامبيا في توسيع نطاق انتشار الإنترنت في البلاد.

غينيا بيساو

أعلنت الصين في عام 2017 عن استثمارات بقيمة 184 مليون دولار لبناء محطة طاقة في البلاد.

كوت ديفوار

التزمت الصين باستثمار نحو 7.5 مليار دولار في البنية التحتية للبلاد. فقد فازت شركة هندسة البناء الحكومية الصينية بعقد بقيمة 191 مليون دولار لبناء جسر في المركز التجاري لأبيدجان. وحصلت شركة سينوهيدرو Sinohydro الحكومية على عقد بقيمة 580 مليون دولار لبناء سد للطاقة الكهرومائية. كما حصلت بعض الشركات الأخرى على عقود لبناء ملاعب الكرة وتوسيع الميناء الرئيسي ومنشأة لمياه الشرب وطريق ساحلي بين أبيدجان ومنتجع جراند بسام Grand Bassam السياحي.

مالي

قامت الصين بتمويل عدد من المشروعات في البلاد مثل بناء طريق باماكو-سيغو السريع، وقدمت منحة لبناء جسر في باماكو وخط سكك حديدية بطول 560 ميل بين مالي وميناء كوناكري الغيني بتكلفة 8-9.5 مليار دولار. بالإضافة إلى تطوير خط السكك الحديدية بين باماكو وميناء داكار بطول 765 ميل بتكلفة 1.5 مليار دولار. وشاركت شركة CGC Overseas for Construction في تعدين 100 مليون طن من الحديد في منطقة بيل بما في ذلك بناء مصنع للصلب ومحطة طاقة بقدرة 400 ميجاوات.

النيجر

قامت بكين بتطوير بعض مناجم اليورانيوم والتنقيب عن النفط وتكريره، وبناء وتطوير بعض الطرق والجسور في أنحاء البلاد.

سيراليون

تركز استثمارات الصين على الموارد المعدنية هناك، ومشروعات البنية التحتية مثل النقل البري وخطوط السكك الحديدية وبناء السدود والمستشفيات وشبكات الاتصالات وشبكات المياه.

السنغال

تستثمر الصين في ميناء داكار السنغالي، في ضوء إدراكها بأن السنغال بوابة مهمة لها لمنطقة غرب أفريقيا، إضافة إلى مطار السنغال باعتباره مركزًا إقليميًا رئيسيًا في التجارة الإقليمية بغرب أفريقيا.

 

5- تتطلع الصين للعب دور اللاعب الأمني المسئول في غرب أفريقيا في ضوء التراجع الأمريكي والأوروبي هناك. فقد شكل انعقاد المنتدى الصيني-الأفريقي الأول للدفاع والأمن في يوليو 2018 الذي شاركت فيه 49 دولة أفريقية نقطة تحول في سياسة بكين تجاه أفريقيا على الصعيد العسكري والأمني. إذ يزداد التعاون الدفاعي والأمني بين الصين ودول غرب أفريقيا، والذي تجلى في إجراء بعض المناورات العسكرية والتدريبات البحرية المشتركة. ففي عام 2018، قامت فرقتا 27 و28 من فرق مكافحة القرصنة بالجيش الصيني بزيارة إلى الموانئ في دول الكاميرون والجابون وغانا ونيجيريا.

ومع سحب بوركينا فاسو اعترافها من تايبيه لصالح تعزيز العلاقات مع بكين في مايو 2018، انخرطت الأخيرة في تطوير العلاقات العسكرية مع واجادوجو لاسيما في مجال مكافحة الإرهاب. وفي فبراير 2018، أبرمت الصين اتفاقًا لتوفير 25 مليون دولار من المعدات العسكرية لقاعدة اللوجستيات التابعة للاتحاد الأفريقي في الكاميرون. كما تدفقت المساعدات العسكرية الصينية لعدد من دول المنطقة مثل أنجولا، حيث تشير التقديرات إلى شراء 22 دولة أفريقية أسلحة رئيسية من الصين من أبرزها غانا ونيجيريا وزامبيا إلى جانب كينيا وتنزانيا.

كما تتخوف الصين من تصاعد مخاطر القرصنة البحرية في خليج غينيا التي تؤثر على أنشطة الصيد التجاري، وتعزز نشاط الإرهاب في المنطقة. لذلك، عرضت الصين حوالي 100 مليون دولار كمساعدات عسكرية لتمويل قوات الاتحاد الأفريقي، كما تشارك في خمس بعثات لحفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في أفريقيا تسهم فيها بحوالي 1516 جندي وموظف بما في ذلك بعثتين في مالي والصحراء الغربية، حيث انتشرت وحدة من حوالي 170 جندي صيني كجزء من قوة الأمم المتحدة في مالي خلال السنوات الماضية.

وإجمالًا، تُوظِّف الصين أدواتها في غرب أفريقيا بشكل جيد، لا سيما الأداة الاقتصادية التي ترتكز عليها في سبيل توطيد موطئ قدم مهم لها في المنطقة، والتي يمكن أن تصبح بوابة مهمة لتوسيع بكين دائرة تحركاتها خلال الفترة المقبلة اعتمادًا على بعض المقاربات الأخرى مثل المقاربة السياسية والتنموية والعسكرية بهدف تحقيق تفوق استراتيجي ونوعي، وموازنة أدوار بعض القوى الكبرى الفاعلة في المنطقة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا.

هذا الانخراط الصيني في المنطقة الذي يلقى ترحيبًا لدى قطاعات واسعة في الدول الأفريقية في ظل استمرار تبني بكين لسياسة عدم التدخل في الشأن الداخلي، وتدفق المساعدات والاستثمارات لدول المنطقة دون أي مشروطية سياسية أو حقوقية، يجعل من الصعب على معظم اللاعبين الدوليين مجاراة الصعود الصيني المتنامي في غرب أفريقيا والقارة ككل؛ الأمر الذي قد يدفع نحو تحول المنطقة إلى ساحة للصراع والتنافس على المكاسب الاستراتيجية ومحاولة تحجيم الدور الصيني هناك.

لذلك، تشير كل الدلائل إلى تصاعد النفوذ الصيني في منطقة غرب أفريقيا خلال المرحلة المقبلة، مما قد يدفعها إلى محاولة تأمين مصالحها الاستراتيجية هناك بالمضي قدمًا نحو تأسيس بعض القواعد العسكرية عند الساحل الغربي للقارة، مما قد يشكل تهديدًا واضحًا للمصالح الأمريكية والغربية وينعكس بشكل مباشر على أمن واستقرار غرب أفريقيا.