سيواجه رئيس وزراء الاحتلال المقبل، بنيامين نتنياهو، جولة مفاوضات صعبة مع مكونات الائتلاف الحكومي المقبل، فلا تزال كتلة “الصهيونية الدينية” مُتمسكة بمواقفها المتطرفة حيال القضية الفلسطينية، وظهرت إرهاصات مطالب هذه الكتلة قبيل الاجتماع المرتقب بين نتنياهو وبن غفير اليوم الإثنين.
فيما تبدو مساحات المناورة أمام نتنياهو ضيقة في ظل اعتماده المُفرط على الأحزاب الدينية والمتطرفة، وارتباط ذلك بمصيره السياسي وعدم قبول الكتل الأخرى الانضمام لتحالفه الحكومي، لذلك فإن الحكومة القادمة ستكون من أشد حكومات الاحتلال تطرفاً وستراعي في سياساتها وتوجهاتها مطالب ومواقف “الصهيونية الدينية”.
تنطلق الصهيونية الدينية في مواقفها السياسية من نظرة دينية تقوم على أن جميع الأراضي المحددة في التوراة هي ملك حصري “لشعب إسرائيل” ولا يحق لأحد التنازل عنها، بجانب هذا التوجه السياسي التوراتي المتطرف، يرى قادة الصهيونية الدينية ضرورة إعدام المقاومين الفلسطينيين، وينادون برفض إطلاق سراح الأسرى حتى ضمن صفقات تبادل، ويعتبر أنصار هذه القائمة من المشاركين الأساسيين والمبادرين إلى مسيرات الأعلام السنوية في القدس، ويدعون أيضاً إلى فرض السيادة اليهودية على المسجد الأقصى.
يرى قادة الصهيونية الدينية ضرورة إعدام المقاومين الفلسطينيين
وسبق أن قدم سموتريتش خطة تقوم على الاعتقاد بأنه لا يوجد بين النهر والبحر مكان إلا لدولة واحدة هي “دولة إسرائيل التي تستند شرعيتها على الحق الإلهي”، وتضع أمام الفلسطينيين ثلاثة خيارات:
1. أن يتركوا البلاد.
2. أن يعيشوا في البلاد كرعايا ويكونون بحسب الشرائع اليهودية- بطبيعة الحال- أقل مكانة من اليهود.
3. أو أن يقاوموا وحينها سيعرف الجيش ماذا عليه أن يفعل.
وينادي سموتريتش بوضوح لـ “حسم الصراع” بعد فشل “حل الدولتين”، مؤكداً ضرورة فرض “السيادة الإسرائيلية” الكاملة على الضفة الغربية وإقامة مستوطنات وتجمّعات جديدة واستجلاب مئات الآلاف من اليهود للعيش فيها.
هذه الأفكار الدينية ستبقى هي الدافع الأساسي لنشاط وسلوك “الصهيونية الدينية” دون وجود قدرة على انفاذها وتطبيقها مرة واحدة في ظل حالة الاشتباك الواسعة مع المشروع الصهيوني، ووجود ديناميات داخلية وخارجية تحول دون ذلك.
هذه الشعارات التي يرفعها قادة الصهيونية الدينية وجدت طريقها للتنفيذ طيلة العقود الماضية عبر سياسات أقل ضجيجاً ومن خلال “الضم الزاحف” ورعاية التوسع الاستيطاني حكومياً ومجتمعياً، فمن المستبعد أن يذهب المستوى السياسي لدى العدو لاتخاذ خطوات شديدة التطرف في ظل الواقع السياسي الحالي.
لكن هذا لن يمنع تمرير بعض السياسات مثل محاربة البناء والزراعة الفلسطينية في المنطقة (ج)، وشرعنة البؤر الاستيطانية غير القانونية مثل “بؤرة افيتار” و”حومش”.
لا يختلف موقف نتنياهو النهائي عن موقف سموتريتش وبن غفير بالسيطرة الكاملة على كل ما هو غربي النهر، إلا أن نتنياهو، نظراً لخبرته في الحكم، يستخدم تعبيرات من قبيل “السيطرة الأمنية” ويدعم خطوات التوسع الاستيطاني، بينما يُعبر كل من بن غفير وسموترتش عن سياسات الإحلال والطرد.
هذا الموقف الصهيوني المتفق في الاستراتيجية والذي سيدخل في مرحلة المزاودة في التعبير عن التطرف، سيُسهم في دفع البيئة الفلسطينية في كل أماكن وجودها إلى مزيد من الحسم في خيارها نحو المقاومة الشاملة.