حتى قبل أن تعلن لجنة الانتخابات المركزية النتائج النهائية وتبدأ بعدها مرحلة التوصيات من قِبل الكتل لرئيس الدولة عن مرشحهم لتولي تكليف تشكيل الائتلاف، فإن نتنياهو يسارع الزمن من أجل تشكيل حكومته بأسرع ما يُمكن لبلفور (مقر إقامة رئيس الوزراء)، على غير عادته السابقة، فكلّ يوم للبيد في رئاسة الحكومة يعتبر بالنسبة لنتنياهو أمرًا غير محتمل.
سارع نتنياهو لتشكيل طاقمه للمفاوضات مع الكتل الائتلافية، والاولوية لكتل بلوك نتنياهو، فهو لا يستطيع أن يتجاوزهم على الأقل في الفترة الأولى من تشكيل حكومته، رغم تفضيله الشخصي لحزب المعسكر الوطني برئاسة غانتس، لإدراك نتنياهو أن الكهانيين سيشكلون له مصاعب كبيرة، أولها محاولة ابتزازه لفرض أجندتهم على حكومته؛ ممّا سيجعل حكومته حكومة يمين ديني متطرفة.
حجم التمثيل البرلماني للكهانيين (15 مقعدًا) يمنحهم قدرة كبيرة على ابتزاز نتنياهو في ثلاثة مجالات؛ الأول: عدد ونوعية الوزارات التي يطالبون بها، الثاني: أجندتهم السياسية، والثالث (وهو بتقديرنا الأهم بالنسبة لنتنياهو): فرض أجندتهم الدينية والقضائية والاقتصادية على مختلف جوانب الحياة في إسرائيل.
نتنياهو يعرف تمامًا مدى عناد وتطرف سموتريتش الذي أفشل تشكيل ائتلاف سابق لنتنياهو مع منصور عباس، حتى بثمن تشكيل لبيد للحكومة، فضلًا عن استفزازية بن غفير؛ لكن نتنياهو الذي لا يهتم إلا بشخص نتنياهو وببقائه مُتسيدًا على إسرائيل دون منافس، تبني نهج التطرف وبث خطاب الكراهية والتفرقة باعتباره طريقه الوحيد للحكم، فنفخ الروح في نار التطرف، وساعد الكهانيين على التوحد؛ على أمل أن يصل من خلالهم للحكم ثم البحث عن فرص تحجيمهم، لكنه لن يبالي إن اضطر للخضوع لهم إلى مستوى لا يؤثر على استقرار حكمه.