بعد تكليف نتنياهو رسمياً بتشكيل الحكومة، بدأت فعلياً مباحثات ومفاوضات تشكيل الحكومة، وسيحدد شكل الحكومة القادمة وتوزيع الملفات فيها عدة عوامل أبرزها، بلا شك، الأوزان الانتخابية التي أعطت التيار الديني القومية مكانة انتخابية غير مسبوقة، كونه الكتلة الثانية في تحالف اليمين الذي يقوده نتنياهو، وسيكون لهذا المعطى تأثير كبير على مفاوضات تشكيل الحكومة.
كما أن العامل المؤثر الآخر، وهو التأثير الخارجي والموقف الأمريكي من الحكومة، مربوط أيضاً بالعامل الأول المتعلق بطبيعة الحقائب التي سيتولاها قادة التيار الديني القومي.
لا يوجد بيئة محلية أو خارجية، اليوم، تستطيع تجاوز حقيقة هذا التيار أو تطالب بشكل واقعي لتجاوزه وعدم إشراكه في الحكومة، خاصة، أن وضعية نتنياهو السياسية والقضائية تدفعه لأعلى مستوى من الاستقرار داخل الائتلاف والحكومة، على الرغم من وضعيته المريحة بشكل عام وفقاً لخريطة الكنيست اليمينية بشكل غير مسبوق، ومع ذلك فإن عامل سرعة تشكيل الحكومة وضمان استقرارها سيؤثران أيضاً على مساحة المناورة لنتنياهو.
من المتوقع أن تكون هذه الحكومة الأكثر استقراراً في المشهد السياسي للعدو منذ أربع سنوات.
الأمر الذي يحملها مسؤولية أكبر في معالجة جملة التحديات الأمنية الداخلية والخارجية التي تراكمت مع حالة عدم الاستقرار السياسي التي شهدها العدو.
وللتعامل مع هذه التحديات وخاصة المتعلقة بالملف النووي الإيراني، والحرب الروسية الأوكرانية، وقضايا الصراع الرئيسية في القدس وخطط الضم في الضفة الغربية، واتفاق الغاز مع لبنان، يتطلب ذلك تفاعلاً متقدماً من قبل حكومة نتنياهو المقبلة مع إدارة بايدن.
وهذا يعني بالضرورة أن تؤثر متطلبات إدارة هذه التحديات مع وجود عامل إدارة بايدن المؤثر في كل هذه الملفات على خيارات نتنياهو في توزيع الحقائب الوزارية.
في نفس الوقت، ستبقى البيئة السياسية واستمالة قطاعات جديدة من اليمين بكل تنوعاته وحتى استمالة كتل من يمين الوسط، عاملاً مؤثراً على خيارات نتنياهو، قد لا يكون ذلك في الأولوية في مرحلة التشكيل الأولى، ولكن قد يظهر ذلك بعد تجاوز نتنياهو لتحديات القضاء وضمان استقرار الائتلاف.
فلسطينياً، لا يوجد رهان على أي من مخرجات المشهد السياسي لدى العدو فقد تجاوز الفلسطينيون، باستثناء طبقة محدودة داخلة منظومة السلطة، النظر للمشهد السياسي الصهيوني كونه يمثل موضع تأثير لمقاربات سياسية تدور في فلك العدو.
فالمشهد السياسي لدى العدو يعطي رسالة واضحة بأن الشعب الفلسطيني سيواجه عدواً جشعاً وشرساً ويشعر بالغرور، وأن الطريق نحو المواجهة المفتوحة التي ينخرط فيها كل الشعب الفلسطيني بكل أماكن تواجده أصبحت خياراً شعبياً جارفاً، وهو موضع الرهان الحقيقي.