• اخر تحديث : 2024-04-22 16:34
news-details
تقارير

حكومة نتنياهو الجديدة توجّه سهامها إلى مجموعات يهودية إسرائيلية وفي العالم بموازاة استفحال الاستيطان وتهويد القدس


الحصيلة الكلية لاتفاقيات الائتلاف بين الليكود والشركاء الخمسة توحي بأن الحكومة الإسرائيلية الجديدة مقبلة على عدة جبهات صدامية، مع مجموعات في المجتمع اليهودي الإسرائيلي، وأبناء الديانة اليهودية في العالم، وهذا بموازاة الاستهداف الأكبر: التوحش الاستيطاني، واستهداف أشد للقدس والمسجد الأقصى المبارك، فهذه حكومة ترتكز على أغلبية ثابتة، صعب أن تكون فيها شروخ تهدد استمرار بقائها، والهزّة الوحيدة التي تنتظرها برلمانيا هي احتمال صدور حكم يدين بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد، خلال السنوات الأربع لهذه الحكومة.

وخلال الأيام القليلة المقبلة، ولربما في مطلع الأسبوع المقبل، سيعرض بنيامين نتنياهو حكومته الجديدة على الهيئة العامة للكنيست، بعد أن ينجز الائتلاف قانونا يجيز لزعيم حزب شاس، آرييه درعي، تولي حقيبة وزارية، لأن المحكمة دانته في العام الماضي 2021، بجرم التهرّب الضريبي، وفرضت عليه حكما بالسجن مع وقف التنفيذ وغرامة مالية، واستقالة فورية من الكنيست، دون منعه من الترشح ثانية، لكن جانب تسلم حقيبة وزارية بقي معلقا. ويقضي تعديل القانون بأن منع تولي حقيبة وزارية هو فقط لمن حُكم عليه بالسجن الفعلي 7 سنوات وأكثر.

وتسلطت الأنظار في الشارع الإسرائيلي وفي الحلبة السياسية على الاتفاقيات المبرمة مع الكتل الثلاث، التي كانت تشكل تحالف "الصهيونية الدينية"، والذي تفكك مع بدء ولاية الكنيست، وبات من ثلاث كتل: كتلة "الصهيونية الدينية" ولها 7 مقاعد، بزعامة بتسلئيل سموتريتش، وكتلة "عوتسما يهوديت"، بزعامة إيتمار بن غفير، ولها 6 مقاعد. والكتلة الثالثة هي من نائب واحد، آفي ماعوز، ويُعد الأشد تطرفا من بين متطرفين في هذا التحالف، فإلى جانب مواقفه السياسية من القضية الفلسطينية، فهو يمثل التشدد الديني إلى مستويات متطرفة جدا، ويدعو إلى ما يسمى "تعميق الهوية الدينية"، بشكل سيحاصر التعددية في المجتمع، كما يستهدف جمهور المثليين وداعميهم.

ومن ناحية الجمهور الإسرائيلي، فإن الطامة الكبرى، أن بنيامين نتنياهو سلم ماعوز منصب نائب وزير في مكتب رئيس الحكومة، ويتولى ملف "الهوية اليهودية" في وزارة التربية والتعليم، ما يعني سلطة مباشرة للتدخل في المنهاج الدراسي، بموازاة موقفه المتشدد من المثليين، الذين يشكلون مع داعميهم نسبة ملحوظة في الشارع الإسرائيلي، ومن هذا الجمهور من يدعم حزب الليكود، لوجود النائب المثلي أمير أوحانا، الذي سيتولى حقيبة وزارية، وحتى أن اسمه مرشح لتولي منصب رئاسة الكنيست

التعامل مع الضفة والقدس المحتلة

في المفاوضات لتشكيل الحكومة، كان ملموسا التنافس الحاد بين الشريكين السابقين، بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، على أدوات السيطرة على مشروع الاستيطان العام في الضفة الغربية، وعلى كل ما هو متعلق بالقدس، وبشكل خاص المسجد الأقصى المبارك. وهذا الأمر تقريبا لم يثر جدلا سياسيا من معارضي الحكومة من الأحزاب الصهيونية، سوى في جانب تولي بن غفير المسؤولية المباشرة عما تسمى "قوات حرس الحدود"، التي تعمل تحت سلطة الجيش ووزيره في الضفة والقدس المحتلة، إلى جانب توليه المسؤولية عن الشرطة، وتم تغيير اسم وزارته من "الأمن الداخلي" إلى "الأمن القومي"، وهذا تغيير له دلالات سياسية في الممارسات المتوقعة.

وبن غفير طلب وحصل على صلاحيات استثنائية تتدخل في جهاز الشرطة، ليست واضحة حتى الآن؛ لكن كما يبدو، تتجاوز صلاحية تعيين القائد العام للشرطة، لتصل إلى تعيينات كبار المسؤولين في الجهاز، وهذه من صلاحية القائد العام للشرطة. وهذا يستوجب تعديل القانون القائم، ولا مشكلة للائتلاف في هكذا تعديل لأن الأغلبية موجودة فورا، فالائتلاف يرتكز على 64 نائبا من أصل 120 نائبا.

التنافس الحاد بين بن غفير وسموتريتش كان أساسا على من يتولى ملف الاستيطان، وفي نهاية المطاف وقع بيد سموتريتش، الذي سيكون وزير من كتلته في وزارة الدفاع مسؤولا عن هذا الملف، والمنطقة الأكثر استهدافا ستكون المناطق (ج) التي تشكل 60% من مساحة الضفة. إلا أن بن غفير لن يكون خارج هذا المشهد، فسلطته على قوات ما تسمى "حرس الحدود"، ستجعله صاحب صلاحية لتسريع جرائم هدم البيوت الفلسطينية في المنطقة، التي بحسب الاحتلال بنيت من دون تراخيص من سلطات الاحتلال.

وقد يثير هذا الأمر مواجهة، لا نعرف حجمها ومداها، مع دول الاتحاد الأوروبي، التي منها ما ترعى وتساند قرى فلسطينية في هذه المناطق، وبضمنها غور الأردن.

في ما يلي أبرز الجوانب التي تثير جدلا، وقد تكون نقاط صدام مع الشارع الإسرائيلي، ومنها ما سيكون مع أبناء الديانة اليهودية في العالم:

الجيش والشرطة

قبل أقل من أسبوعين اعتدى جنود الاحتلال في مدينة الخليل على ناشطي سلام إسرائيليين، وأحدهم تعرّض للضرب المبرح من الجنود. وتفوّه جنود بتهديدات، منها أن بن غفير قادم، وكل شيء سيتغير، وعاقب ضابط مسؤول في الجيش أحد هؤلاء الجنود بإبقائه في المعسكر لعدة أيام، وعلى الفور، هاجم بن غفير الجيش، وطلب تحرير الجندي ومنحه وساما.

وفي نهاية الأسبوع الماضي، هاجم رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي، تدخلات السياسيين، ومنهم بن غفير بعمل الجيش، وحذر من هذه الظاهرة.

وكتبت المحللة السياسية سيما كدمون في مقال لها في "يديعوت أحرونوت" في نهاية الأسبوع الماضي: "هذه ليست سوى البداية. بعد كل شيء، هذا موقف سياسي لا يستفيد منه إلا الناطقون به. سيسعى بن غفير لأن يضع نفسه في المكانة التي كانت ناجحة له في الانتخابات: نحن اليهود في حرب وجود، والجنود هم من يحمينا وعلينا أن نحميهم. تحميهم من ماذا؟ من إطلاق النار على شخص عاجز؟ من ضرب مواطن؟ من المشكوك فيه ما إذا كان بن غفير سيتمكن من الوفاء بكل وعوده لناخبيه. لكن هذا الشعور الذي هو درع الجنود سيحافظ عليه".

القضية هنا أن بن غفير وحركته "عوتسما يهوديت"، وأيضا حزب "الصهيونية الدينية"، هم العنوان السياسي لعصابات المستوطنين، التي تنفلت بجرائم خطيرة ضد الفلسطينيين في الضفة والقدس المحتلة، وحتى في مناطق 1948 في بعض الأحيان، وتحظى هذه العصابات بحماية ودفاع سياسي من حزب بن غفير، وهو محام ومثّل العديد من هؤلاء المجرمين.

ولهذا فإن بن غفير سيكون ليس مجرد درع سياسي لهم، بل درع سياسي في سدة الحكم، وهذا قد يخلق صداما مباشرا مع قيادة الجيش؛ لكن هناك من يرى أن ضباطا كثيرين سيحسبون حسابا لردة الفعل على كل قرار أو إجراء يتخذونه ليس في هوى وزراء الحكومة الجديدة. والجيش ليس منزّها عما يجري، خاصة إذا انتبهنا لما قالته تقديرات إسرائيلية في الانتخابات الأخيرة، بأن حوالي 20% من الجنود والضباط الذين مارسوا حق التصويت في قواعدهم العسكرية، منحوا أصواتهم لتحالف "الصهيونية الدينية"، الذي قاده سموتريتش وبن غفير.

جهاز التربية والتعليم

أبقى بنيامين نتنياهو حقيبة التربية التعليم لحزبه الليكود، ولكن كعادته فإن الوزارات ذات الشأن التي يبقيها نتنياهو لحزبه، تكون منقوصة، إما أنه يأخذ لنفسه صلاحيات فيها، أو ينقل منها أقساما لوزارات يتولاها شركاء في الائتلاف. وكما سبق أن ذكر، فإن الائتلاف مع عضو الكنيست آفي ماعوز، يقضي بتوليه ملف ما يسمى "تعميق الهوية اليهودية"، وهذا يجعله يتدخل في منهاج التعليم، وأيضا في شؤون وزارات ذات صلة، مثل وزارة الثقافة وغيرها.

والأعين الإسرائيلية مسلطة بالذات على هذا الملف، وهو من الأكثر سخونة مع ملفات ساخنة أخرى. ويمكن قراءة القلق المتنامي في الشارع الإسرائيلي، وخاصة في معاقل جمهور العلمانيين الليبراليين، من خلال رسالة مديرة قسم التربية والتعليم في بلدية تل أبيب، شيرلي ريمون براخا، الصادرة يوم الخميس، الأول من كانون الأول الجاري، لكافة مديري ومديرات المدارس في المدينة، وأيضا للجنة أولياء أمور الطلاب العامة في المدينة، تؤكد لهم فيها أن البلدية ورئيسها، رون خولدائي، لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام أي مس بالتعددية المجتمعية والسياسية في جهاز التعليم والمؤسسات التربوية والثقافية في المدينة.

وقالت براخا في الرسالة إن جهاز التعليم عالق في عين العاصفة الناشئة، على خلفية التغييرات في المسؤوليات الحكومية، وأعلنت باسم رئيس البلدية أن البلدية ستضمن تمويل كافة البرامج اللامنهجية في المدارس والمؤسسات التعليمية، التي تضمن ثقافة التعددية في حال شطبها من منهاج التعليم.

وليس صدفة أن الرسالة أشارت أيضا إلى موضوع المثليين، الذين نسبتهم مع داعميهم عالية جدا في تل أبيب ومحيطها، وهذا ناجم عن هجرة داخلية إلى المدينة ومنطقتها بسبب طبيعة المكان وصفته العلمانية.

كما أن وزير التربية والتعليم الأسبق، شاي بيرون، وهو حاخام من التيار الديني الصهيوني (أقرب للتيار الإصلاحي)، ومستوطن في مستوطنة أورانيت، أقصى غربي الضفة، القريبة من خط التماس مع مناطق 1948، حذّر في مقال له في صحيفة "يديعوت أحرونوت" من تسليم آفي ماعوز ملف "تعميق الهوية اليهودية". وقال إن ماعوز يعلن أنه يرفض هندسة الوعي للطلاب، ولكن هو ذاته يريد هندسة هذا الوعي، بحسب توجهاته الفكرية والدينية. وكتب بيرون أن المجتمع الإسرائيلي قائم على أسباط ومجتمعات مختلفة، وجهاز التعليم يبذل جهدا كبيرا للسماح للمجتمعات المختلفة بالتعبير عن قيمها الأساسية، مع الالتزام بالهوية الأساسية والقواعد التنظيمية. وإن نقل المسؤولية عن برامج التعليم إلى يدي عضو الكنيست آفي ماعوز هو بداية نهاية نظام التعليم في الدولة. ولن أتفاجأ إذا طلب الأهالي والمجتمعات الانسحاب من جهاز التعليم العام، ونقلوا أبناءهم إلى مدارس خاصة، بقصد ضمان البرامج اللامنهجية بحرية لهم.

وقال بيرون إن هذه ليست قضية سياسية. ويحظر النظر في هذه المسألة على أنها خلاف بين اليمين واليسار، بين الحكومة السابقة والحكومة التي ستعمل وفق القانون، ووفق قرار الشعب. القلق ليس قطاعيا، إنه يتجاوز الحدود. ويعبّر الأهالي والطلاب الذين يصوتون للعديد من الأحزاب عن خوفهم من الاتجاه الناشئ.

جهاز القضاء

في ما يتعلق بضرب أكثر لجهاز القضاء، ومكانة المحكمة العليا، فإن نتنياهو ليس بحاجة لمن يضغط عليه في هذا المجال، فهذا هو مخططه منذ سنوات طوال، وعلى صعيدين في آن واحد: زيادة وزن السياسيين في لجنة تعيين القضاة، إلى درجة تحييد وتهميش وزن المحكمة العليا ونقابة المحامين في اللجنة، والأمر الثاني الذي يريد نتنياهو إنجازه حتى انتهاء الدورة الشتوية الحالية للكنيست، في النصف الثاني من آذار المقبل، تعديل قانون المحكمة العليا، أو بحسب المصطلح المتداول والمترجم عن العبرية "فقرة التغلب". والقصد هو إدخال فقرة على قانون المحكمة العليا، تجيز للكنيست إعادة سن قانون رفضته المحكمة العليا، بأغلبية 61 نائبا، كأغلبية عددية، والقصد أدنى غالبية من بين أعضاء الكنيست. وفي حال تم إقرار القانون، وبحسب تقديرات خبراء قانونيين، فإن الحكومة ستبحث في 22 قانونا نقضتهم المحكمة العليا على مر السنين، ولكن كما يبدو ليسوا كلهم.

كذلك فإن نتنياهو يريد بعد سن هذه الفقرة، صلاحية إلغاء لجنة التحقيق في قضية صفقة الغواصات الحربية، التي شهدت رشاوى وفساداً، تورط فيها مقربون جدا لنتنياهو، ولكن ليس هو شخصيا، في حين يرى البعض أن له قسطاً في هذه القضية.

وكل الشركاء والنواب الـ 64 في الائتلاف الحاكم، متفقون على تمرير هذا القانون، الذي يقوّض صلاحيات المحكمة العليا.

وفي نهاية الأسبوع الماضي، ألقت رئيسة المحكمة العليا، إستير حيوت، خطابا أعلنت فيه عن عدم السماح بالمس بجهاز القضاء.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، إلى أي مدى لديها القدرة هي وزملاؤها على وقف سياسات الحكومة المقبلة؟ فحيوت نفسها ستغادر منصبها بعد نحو 10 أشهر، مع بلوغها سن الـ 70، والاعتقاد السائد أن من سيتولى رئاسة المحكمة سيكون أحد القضاة من بين قضاة المحكمة العليا الحاليين، الذي ترضى عنه قوى اليمين الاستيطاني، حتى إن اقتضى الأمر تعديل القانون.

وقالت حيوت في خطابها: "ليس لدي أدنى شك في أنه بفضل التفاني الكبير والإحساس بالرسالة والالتزام من جانب كل واحد منا تجاه دورنا كموظفين عموميين، وتحقيق العدالة، سنواصل الوقوف بحزم في مواجهة الرعد والبرق، الذي يُسمع ويُشاهد في هذه الأيام"... "إنهم يتوجهون نحونا وينذرون، على ما يبدو، بقدوم عاصفة، لكن حينما يكون القانون هو ما يوجهنا، فإننا سنكون قادرين على مواجهة هذا أيضا".

يهود العالم

أحد المطالب المركزية، التي طالبت بها الكتل الثلاث التي كانت تشكل التحالف الانتخابي "الصهيونية الدينية"، هو نقض قرار سابق للمحكمة العليا، الذي يعترف بعملية التهويد التي تجريها جهات في التيار الديني الإصلاحي، لغرض الاعتراف بيهودية الشخص، ليستفيد من قانون الهجرة إلى إسرائيل. وهذا مطلب يدل على مدى التزمت الديني المستفحل في التيار الديني الصهيوني، وبطبيعة الحال فإن مطلبا كهذا سيحظى بموافقة فورية من كتلتي المتدينين المتزمتين الحريديم، شاس ويهدوت هتوراة.

وكما يظهر، فإن هذا المطلب هو مؤشر لما سيأتي على صعيد علاقة الدين بالدولة، وتشديد القوانين والأنظمة ذات الطابع الديني، فمن كان يخطط لتسهيلات في قيود السبت والأعياد اليهودية، بما يتعلق بالمواصلات العامة والحركة التجارية، ومن كان يحلم بتسهيلات في شروط وقيود الحلال اليهودي، سيجد أمامه سورا عاليا لا يستطيع حتى التقدم نحوه.

وهذا المطلب أثار فورا ردة فعل غاضبة من التيار الديني الإصلاحي لدى أبناء الديانة اليهودية في العالم، وهو ما عبّر عنه زعيم الحركة الدينية اليهودية الإصلاحية واسعة الانتشار في الولايات المتحدة الأميركية الرابي ريك جايكوبس، الذي حذر، في مقابلة مع صحيفة "يديعوت أحرونوت" في الأيام الأخيرة، من شطب قرار المحكمة العليا السابق ذكره، فيما يتعلق بالتهويد حسب الطريقة الإصلاحية.

كما حذّر جايكوبس من تعيين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش وزيرين في حكومة بنيامين نتنياهو المقبلة، وتوليتهما حقائب حساسة، مثل الدفاع والأمن الداخلي، وقال إن هذين وأمثالهما اكتسبوا شعبيتهم على الكراهية، وهناك معارضة واسعة النطاق لهم بين اليهود وفي أوساط الشعب الأميركي.

وقال عن بن غفير إنه "شخص صنع حياته المهنية بدافع الكراهية وتشجيع العنف. وبما أننا نحب إسرائيل ونؤمن بها كدولة يهودية وديمقراطية، فإننا قلقون للغاية بشأن وجود إسرائيل ومكانتها في العالم".

وردا على سؤال فيما إذا موقف مقاطعتهم للاثنين هو إجراء غير ديمقراطي، قال الراب جايكوبس: "لا أعتقد أن مقاطعتهما قرار غير ديمقراطي. للإسرائيليين الحق في اختيار من يريدون، لكن يجب عليهم أن يفهموا عواقب وثمن خياراتهم. فهذا لا يعني أن على العالم أن يهتف لإسرائيل مشجعا. هناك ثمن وقد ندفعه... لدينا متطرفون هنا أيضا في الولايات المتحدة. ليس الأمر أننا محصنون ضد المتطرفين. لكن على عكس إسرائيل، لا يوجد أي من المتطرفين الأميركيين في مجلس الوزراء. في الانتخابات الأخيرة هُزمت بعض الأصوات المتطرفة المليئة بالحقد والخطر. والناخبون هنا يبتعدون عنهم".

تطمينات نتنياهو!

سعى نتنياهو في أكثر من مناسبة، في الأيام الأخيرة، إلى بث تطمينات بما يخص سياسات حكومته المقبلة، وادعى أنه سيعمل على ضمان الاستمرارية، لكن هذه تطمينات من الصعب استيعابها، فلربما تكون صحيحة بشأن جمهور المثليين وداعميهم، بما يزيل التخوفات من نائب الوزير المقبل آفي ماعوز، لكن في باقي الملفات فإن لنتنياهو مواقف مطابقة. وأول هذه المواقف ما يخص مكانة وصلاحيات المحكمة العليا، فهو ينادي بإلغاء صلاحيات المحكمة العليا بشأن نقض قوانين وقرارات حكومية، من خلال إعادة سن القانون بأغلبية النواب. ويعترض على صلاحية المحكمة في نقض قرارات لجنة الانتخابات المركزية التي تمنع مرشحا أو قائمة مرشحين من المنافسة في الانتخابات.

دائما يجب أن لا ننسى أن نتنياهو سعى في الجولات الانتخابية البرلمانية الخمس المتلاحقة، منذ نيسان 2019، وحتى انتخابات الشهر الماضي، إلى ضمان تمثيل القوة السياسية التي يتزعمها شخص إيتمار بن غفير، والذي يجاهر بأنه يسير على درب مئير كهانا، الذي أعاد في نهاية سنوات السبعين جهاراً فكرة طرد الفلسطينيين من وطنهم الأصليّ.

ويعرف نتنياهو تماما ما يمثله بن غفير وحركته، وأيضا حزب "الصهيونية الدينية"، وكما ذكر سابقا هنا فهؤلاء هم العنوان السياسي لعصابات المستوطنين، التي تنفلت بجرائم خطيرة ضد الفلسطينيين في مناطق الضفة والقدس المحتلة، وحتى في مناطق 1948 في بعض الأحيان، وتحظى هذه العصابات بحماية ودفاع سياسي من حزب بن غفير، وهو محام ومثّل العديد من هؤلاء المجرمين. لذا فإن كل ما يجري وسيجري، يعرفه نتنياهو مسبقا، وهو لا يمكنه لعب دور "المعتدل" أمام هذا التطرف الشرس.