صادق مجلس الشيوخ الأمريكي بالإجماع في 21 ديسمبر الجاري على ترشيح الرئيس جو بايدن في سبتمبر الفائت للدبلوماسية المخضرمة لين ترايسي لمنصب السفير الأمريكي في روسيا، خلفاً للسفير السابق جون سوليفان، الذي تقاعد في سبتمبر الماضي، في فترة حرجة تشهدها العلاقات الأمريكية الروسية، على خلفية التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا. وستكون ترايسي أول دبلوماسية تتولى قيادة سفارة الولايات المتحدة الأمريكية لدى موسكو في مرحلة ما بعد الحرب.
خبرات واسعة
تتمتع السفيرة الأمريكية الجديدة لدى روسيا بخبرات واسعة على المستويين العلمي والمهني، ويمكن توضيح ذلك عبر ما يلي:
1. دراسة الحقبة السوفييتية وإجادة اللغة الروسية بإتقان: تخرجت ترايسي في جامعة جورجيا؛ حيث تخصصت في الدراسات السوفييتية، وحصلت على درجة الدكتوراه في القانون من جامعة أكرون بولاية أوهايو. وتجيد ترايسي اللغة الروسية بإتقان، وهو ما سيكون عاملاً مساعداً لها خلال عملها في روسيا.
2. العمل في سفارات واشنطن ببعض دول آسيا الوسطى: عملت ترايسي خلال الفترة من عام 2000 وحتى عام 2001 بمكتب المبعوث الخاص للدول المستقلة حديثاً، التابع لوزارة الخارجية الأمريكية. كما عملت مسؤولة عن المهام الخارجية للسفارات الأمريكية في بيشكيك بقرغيزستان وكابول بأفغانستان. وبين عامي 2004 و2006، كانت المسؤولة الرئيسية في مكتب السفارة الأمريكية في أستانا بكازاخستان.
3. شغل منصب نائب رئيس البعثة الأمريكية في موسكو: عملت ترايسي خلال الفترة من عام 2014 حتى عام 2017 باعتبارها مسؤولاً ثانياً في سفارة الولايات المتحدة بروسيا من خلال عملها نائبة رئيس البعثة الأمريكية في موسكو؛ وذلك أثناء ضم روسيا شبه جزيرة القرم.
4. تولي مناصب في سفارات وشغل منصب سفيرة بأرمينيا: عملت ترايسي خلال الفترة (2010-2011) نائبة لرئيس البعثة الأمريكية في سفارة الولايات المتحدة في عشق أباد بتركمانستان، كما عملت بين عامي 2012 و2014 كبيرة مستشاري الشؤون الروسية في مكتب الشؤون الأوروبية الآسيوية بوزارة الخارجية الأمريكية، وعملت سفيرة للولايات المتحدة لدى أرمينيا منذ عام 2019.
5. الحصول على جوائز مختلفة من الخارجية الأمريكية: حازت ترايسي جوائز مختلفة؛ ففي عام 2009 بعد تعرضها لهجوم مسلح على سيارتها خلال عملها في بيشاور بباكستان، حازت جائزة البطولة من وزيرة الخارجية حينذاك هيلاري كلينتون، بعد إصرارها على الذهاب لعملها في مدينة بيشاور أثناء تمرد ضم مجموعة من المسلحين، كما حازت جائزة الشرف المرموقة من وزارة الخارجية الأمريكية تقديراً لعملها نائبة للسفير الأمريكي في موسكو.
توجهات متشددة
وعلى الرغم من أن السفيرة الأمريكية الجديدة لدى موسكو تتطلع لحلحلة بعض الخلافات بين بلادها وروسيا، فإنها تتبنى توجهات غير ودية تجاه موسكو في ملف أوكرانيا. ويتضح ذلك عبر ما يلي:
1. التعهد بالسعي لحل أزمة الأمريكيين المحتجزين بروسيا: أكدت ترايسي، خلال جلسة الاستماع قبل تصديق مجلس الشيوخ توليها المنصب الجديد في نوفمبر الماضي، على أنها ستحاول حل أزمة المواطنين الأمريكيين المحتجزين في روسيا، مثل بول ويلان المتهم بالتجسس المحجوز في موسكو منذ عام 2018. يُذكر أن ترايسي ستواجه مجموعة من العقبات في عملها، ويأتي على رأسها تناقص عدد الموظفين داخل السفارة الأمريكية بموسكو.
2. مساندة مساعي تشديد العقوبات الغربية ضد روسيا: تنظر ترايسي بقلق إزاء استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، وسبق أن أعربت عن دعمها تشديد العقوبات ضد روسيا، ووضع سقف لأسعار النفط الروسي، كوسيلة للضغط على موسكو في حربها ضد أوكرانيا، عبر تقويم سلوكها، وتقليل مواردها، وترى أن هذا الأمر سيساعد على تحقيق الاستقرار في أسواق النفط العالمية.
3. قناعة بضرورة استمرار الدعم الأمريكي المقدم لكييف: ترى ترايسي أنه من الضروري استمرار الدعم الأمريكي لأوكرانيا وللمواطنين الأوكرانيين للحصول على استقلالهم، وتعضيد قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم. ويأتي تعيين ترايسي تأكيداً لالتزام واشنطن تجاه أوكرانيا من ناحية، ولإرسال رسالة مفادها أن الولايات المتحدة تتمسك بنهجها الدبلوماسي مع روسيا لحل مختلف القضايا على الرغم من الدعم الأمريكي المقدم لكييف.
4. الدعوة لتعزيز تعاون واشنطن وحلفائها ضد روسيا: ترى ترايسي أن الولايات المتحدة والحلفاء، عليهم إظهار الجلد والصبر أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يظن نفسه “أكثر صبراً” من واشنطن، معتقداً أن إطالة أمد الحرب ستجعل عقد واشنطن وحلفائها ينفرط، بحسب ما قالت ترايسي".
5. دعم التواصل مع المجتمع المدني والمعارضة في روسيا: ترى ترايسي أن هناك ضرورة للتواصل مع المجتمع المدني الروسي والمعارضة الروسية على غرار أليكسي نافالني المسجون بسبب معارضته الحكومة الروسية، وهو الأمر الذي دفع وزارة الخارجية الروسية لمطالبتها بعدم التدخل في شؤون موسكو الداخلية، وعدم تكرار أخطاء أسلافها.
6. الإيمان بأهمية تواصل الشعبين الأمريكي والروسي: تؤمن ترايسي بأن التواصل بين الشعبين الأمريكي والروسي هو أمر ضروري لتعزيز العلاقات بين البلدين، وللمساعدة على استقرار العلاقات بين القوى العظمى.
وختاماً، تستهدف ترايسي توقيع المزيد من الاتفاقيات حول الحد من التسلح النووي بين الولايات المتحدة وروسيا، وترى أن ذلك مشروط بتنفيذ موسكو معاهدة “نيو ستارت” الموقعة مع واشنطن من خلال السماح للخبراء الأمريكيين بالعودة إلى عمليات التفتيش على السلاح النووي داخل روسيا.