• اخر تحديث : 2024-11-15 12:27
news-details
مقالات عربية

حكومة نتنياهو وطريق اللاعودة.. إلام تهدف تل أبيب؟


عقب انتخابات الأول من تشرين الثاني/نوفمبر وأسابيع من المفاوضات مع الأحزاب الدينية المتشددة واليمينية المتطرفة، أدّى بنيامين نتنياهو مؤخرا وللمرة السادسة اليمين الدستوريّة رئيسًا للوزراء ليقود الحكومة الأكثر يمينية منذ بداية الاحتلال العسكري الصهيوني لفلسطين، فيما تخوفت عدة وسائل الإعلام الإسرائيلية بفتور حكومة بنيامين نتنياهو الجديدة، متخوفة من إقدامها على تعديل النظام القضائيّ في وقت يواجه نتنياهو تهماً بالفساد في سلسلة من القضايا، وخاصة أن الحقيبة الوزارية المتعلقة بالعدل أُسندت إلى ياريف ليفين المقرّب من رئيس الوزراء، حيث بات الكيان بالفعل يسير في طريق مختصر واحد نحو النهاية مع استعباد الكيان لحاجات رجل واحد كما يقول مسؤولون إسرائيليون، وذلك بالنظر إلى أنّ كيان الاحتلال أصبح مستعبداً بشكل كامل لاحتياجات الجماعات الإسرائيليّة المتطرفة، وبالتالي سيدفع الإسرائيليون أثماناً باهظة، وخاصة أنّ مؤسسات الكيان باتت مسخرة لخدمة الصهاينة المتطرفين.

دور العبوديّة

في الوقت الذي بات فيه الإسرائيليون يشعرون بأنّ الكيان بأسره يعيش دور العبوديّة الكاملة للمتشددين، وفي ظل التنبؤات بتأثير حكومة نتنياهو –راعي التشدد الأول- على مستقبل الكيان الإسرائيليّ، كتبت الصحيفة الأكثر مبيعا في كيان العدو “يديعوت أحرونوت” أن أكثر ما يثير الخوف لدى أولئك الذين يخشون حدوث تغيير جذري في نظام الكيان الإسرائيلي وتعديلات في النظام القضائي من شأنها إجراء تحوّل كامل في الطابع الديموقراطيّ للكيان، هو تعيين ياريف ليفين وزيراً للعدل، فيما حذّرت المدعية العامة لكيان العدو غالي باهراف ميارا في منتصف كانون الأول/ديسمبر من أن مشاريع القوانين الحكومية المستقبلية تهدّد بتحويل الأراضي الفلسطينية التي يحتلها الإسرائيليون إلى “ديموقراطية بالاسم، وليس في الجوهر"، حسب وسائل إعلام عبريّة.

وبالاستناد إلى ان الكيان الغاصب ليس لديه دستور، ويمكن للمحكمة العليا إلغاء قوانين يقرّها البرلمان إذا اعتبرتها تمييزية، تسعى حكومة الاحتلال الجديدة لإقرار “بند الاستثناء” بما يسمح لها بإعادة وضع قانون رفضه القضاة قيد التطبيق، في وقت تشير فيه صحيفة “مكور ريشون” اليمينية إلى أن “معركة” تلوح في الأفق بين المحكمة العليا وأنصار هذا التعديل القانونيّ، ومؤخراً أصدر البرلمان التابع للعدو بشكل مستعجل قانوناً يسمح لأي شخص مدان في جريمة ولم يصدر بحقه حكم بالسجن الفعلي، بأن يكون وزيراً، وهو تشريع استفاد منه في الحكومة الحالية على وجه الخصوص الوزير العنصريّ أرييه درعي من حزب "شاس" والذي أدين سابقا بارتكاب انتهاكات ضريبية، ومن ناحية أُخرى إذا صوّت النواب على إلغاء محاكمة نتنياهو بتهمة الفساد على سبيل المثال، وألغت المحكمة بعد ذلك هذا التصويت، فإن “بند الاستثناء” سيجعل من الممكن تعليق قرار المحكمة بإلغاء المحاكمة.

"الهدف من تعيين ياريف ليفين وزيراً للعدل هو تدمير سيادة القانون والمؤسسات والنظام بأكمله من خلال السماح للبرلمان بتجاوز القضاء"، هذا ما أشارت إليه صحيفة “هآرتس” اليساريّة، مشدّدة على أنّ محاربة حكومة تجرّد الديموقراطية من قيمها، ليست فتنة، بل هي واجب على المعارضة والمجتمع المدنيّ، على حد تعبيرها، فيما يذهب أغلب المحللين والمراقبين إلى أنّ الكيان أمام طريقين لا ثالث لهما، إما الذهاب نحو تخلخل المجتمع الإسرائيليّ وانعدام استقراره نتيجة الصراعات، أو حدوث حربٍ أهليةٍ بين المعسكرين اليمينيّ الدينيّ المتزمت والحاكم، وبين القوى الديمقراطيّة والليبراليّة، المُكونّة بسوادها الأعظم من اليهود الذين تمّ استجلابهم عن طريق الحركة الصهيونيّة من دول أوروبا.

أهدافٌ إسرائيليّة أربعة

لا يخفى على أحد أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (73 عاما) شغل منصب رئيس الوزراء سابقا لمدة 15 عاماً، بينها 12 عاماً بشكلٍ متواصل، وهو يواجه حاليّاً تُهماُ تتعلّق بالفساد، وخلال الجلسة الأولى للحكومة الجديدة ذكر نتنياهو أنّ لدى حكومته الجديدة أربعة أهداف رئيسية:

الأول: ما أسماه "التصدي للجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة"، واصفاً ذلك بـ "الأمر الوجودي والأمنيّ"، فيما اتهم البعض نتنياهو بأنّه يسعى من خلال خطابه المعادي لطهران إلى خلق غطاء لنفسه من أجل أن يكون محصناً من قضايا المحاكمة ويقلل من ضغوطها ضده، إضافة إلى حرف أنظار معارضيه الذين يقولون دوماً: "نتنياهو يودي بالكيان إلى الهاويّة"، بعد أن بات منخرطاً بشكل كامل ولحظي بتدمير الكيان الغاصب من الداخل، ناهيك عن حربه الشعواء ضد أعدائه السياسيين، فيما تواجه الحكومة المتطرفة معارضة حقيقية تمثل نصف الشارع الإسرائيلي على الأقل، واليوم صرنا نسمع –كما في السابق- آلاف المعارضين الذين يدعونه للتنحي في مظاهراتهم، ولا بد أن اليوم الذي ستعجز فيه شرطة العدو عن السيطرة على الاحتجاجات العارمة قادم لا محالة، في ظل الانقسام الحاد بين المعسكرين المتصارعين ما أفرز كراهية شديدة داخل مجتمعهم، وفقدان ثقة مستوطني الكيان بشكل كامل بمؤسساته.

والثاني: إعادة الأمن والحكم داخل الكيان الصهيونيّ، في ظل الزيادة الكبيرة في معدل عمليات المقاومة الفدائيّة وبالأخص في الضفة الغربية المحتلة، وتأكيد مختلف الأوساط التابعة للعدو، أنّ تلك المنطقة التي شهدت تفعيل وسائل المقاومة والمواجهة باتت خطرة للغاية على الكيان الذي تعيش أجهزته الأمنيّة ارتباكاً كبيراً بعثر كل أوراق المسؤولين الأمنيين، نظرًا لكثافة العمليات ونجاحها في إنجاز ضرباتها الموجعة، ناهيك عن تعرض حكومة العدو لانتقادات لاذعة نتيجة لجرائمها وجاهزيتها القتالية، وقد اعترف يوسي يهوشوع، المراسل العسكريّ لصحيفة يديعوت أحرونوت، بأنّ الحكومة الجديدة للكيان الصهيوني لن تكون قادرة على وقف عمليات المقاومة الفلسطينية ضد جنود الاحتلال والمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، وهذه التصريحات دقيقة للغاية حيث إنّ الضفة لم تعد كالسابق والمقاومة تتطور كماً ونوعاً، مع ارتفاع احتمالات أن تنفجر الأوضاع أكثر وأكثر هناك بسبب التمادي الإسرائيليّ الصادم والتبؤات بزيادة ذلك في عهد "حكومة نتنياهو الفاشيّة" وفقاً لتوصيف الفلسطينيين.

والثالث: معالجة مشكلة تكاليف المعيشة والإسكان، بالتزامن مع ازدياد المشكلات الاقتصاديّة والفوضى الأمنيّة والسياسيّة إلى حدود خطيرة للغاية، في الوقت الذي يُجمع فيه الكثير من الإسرائيليين على "نهاية الكيان الإسرائيليّ" في عهد نتنياهو الذي أعلن "نجاحه" في تأليف حكومة جديدة للكيان، لكنّه تناسى بالمقابل نجاحه في تقسيم المُقسم داخل المجتمع الإسرائيليّ، كما زاد بأضعاف أزمة الثقة بين الحكومة ونصف المهاجرين المحتلين على أقل تقدير.

والرابع: توسيع دائرة "السلام" بشكل كبير، حيث أوضح رئيس وزراء العدو عن أمله في “توسيع دائرة السلام مع الدول العربية” في أعقاب اتفاقيات الاستسلام التي أدخلت من خلالها الولايات المتحدة كلاً من أنظمة الإمارات والبحرين والمغرب والسودان في حظيرة التطبيع، بعد أن عيّن نتنياهو وزير الاستخبارات السابق إيلي كوهين الذي لعب دورًا مهمًا في تطبيع العلاقات بين تل أبيب وعدد من العواصم العربية، وزيرا للخارجية، عقب أيام على الصفعات التي تلقتها "إسرائيل" من ردود الأفعال العربية في مونديال قطر 2022.