• اخر تحديث : 2024-04-18 04:21
news-details
قراءات

ما التوجهات المحتملة لوزير الدفاع الإسرائيلي الجديد؟


أدت الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة نتنياهو اليمين الدستورية يوم 29 ديسمبر الماضي؛ إذ كشفت تشكيلة الحكومة الجديدة عن اختيار يوآف غالانت وزيراً للدفاع، الذي يتمتع بخبرات واسعة على المستويين العسكري والسياسي، وهي الخبرات التي ربما تنعكس، بشكل أو بآخر، على توجهاته المحتملة التي سوف تتركز بصورة رئيسية على مواجهة التهديد الإيراني، فضلاً عن إيمانه بالعقيدة العسكرية الهجومية؛ ما يعكس احتمالية تبنيه إجراءات تصعيدية ضد قطاع غزة. وبوجه عام، من المتوقع أن يتبنى وزير الدفاع الجديد سياسات اليمين المتطرف الإسرائيلي، كجزء من سيطرة هذا الاتجاه على الحكومة الإسرائيلية الجديدة.

خبرات واسعة

يحمل وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد يوآف غالانت خبرات واسعة تعكس التداخل الواضح بين التجربتين العسكرية والسياسية. ويمكن تناول أهم هذه الخبرات فيما يلي:

1. النشأة في أسرة عسكرية: ولد غالانت في مدينة يافا عام 1958 لأبوين يهوديين بولنديين مهاجرين، فيما كانت والدته فروما إحدى الناجيات من المحرقة عندما كانت طفلة، لتصل إلى إسرائيل عام 1948، وقد هاجر والداه من أوروبا على متن سفينة “أكسودس”، وعملا في الجيش الإسرائيلي “قناصاً”، وحاز شهادات تفوق عسكرية، وهو متزوج بضابطة في سلاح البحرية الإسرائيلية، وأب لثلاثة أبناء.

2. التدرج في المناصب في سلاح البحرية: حصل غالانت على شهاد البكالوريوس في الاقتصاد وإدارة الأعمال من جامعة حيفا، وانضم في 1974 إلى الجيش الإسرائيلي منتسباً إلى الكوماندوز البحري المعروف باسم “شييطت 13″، وعمل ضابطاً عسكرياً بحرياً، وانتقل إلى ولاية “ألاسكا” الأمريكية بعد تسريحه من الخدمة العسكرية الإلزامية عام 1982، ليعمل حطاباً، ثم عاد إلى صفوف الجيش الإسرائيلي بعد سنتين عام 1984 ليعمل قائداً لسفينة عسكرية مقاتلة، وفي عام 1986 تمت ترقية غالانت، ومنحه قيادة الوحدة البحرية العسكرية.

3. أول عسكري بحري يتحول إلى قائد بري: يُعد غالانت من أوائل العسكريين الإسرائيليين الذين قدموا من الخدمة العسكرية في سلاح البحرية إلى رأس القيادة العسكرية البرية؛ حيث تم اختياره في عام 1994 قائداً لفرقة “جنين”. وبعد هذا المنصب عاد غالانت إلى سلاح البحرية ليقضي فيه ثلاث سنوات أخرى، لكنه انتقل بعد ذلك نهائياً إلى السلاح البري؛ حيث تم تعيينه قائداً لكتيبة “غزة” (المسؤولة عن تأمين الحدود مع قطاع غزة) حتى عام 1999.

وفي أعقاب ذلك، شغل غالانت العديد من المواقع المهمة؛ حيث تم اختياره قائداً لوحدة الاحتياط في الجيش الإسرائيلي، وفي عام 2002 تم تعيينه سكرتيراً عسكرياً لرئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك أريئيل شارون، وفي عام 2005 تم اختياره قائداً للجبهة الجنوبية، إثر تطبيقه خطة الانسحاب الأحادي الجانب من غزة.

4. المشاركة في العديد من العمليات العسكرية المهمة: من المهام العسكرية الأساسية التي تولى فيها غالانت موقع القيادة، الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 2008 و2009؛ حيث كان القائد العسكري المسؤول عن هذه الحرب. وقد شارك غالانت في العديد من العمليات والأحداث المهمة، ومنها: الانتفاضة الأولى 1987–1993، ومواجهات الحزام الأمني جنوب لبنان 1982–2000، والانتفاضة الثانية 2000–2005، وعملية الشتاء الساخن في 2006.

في أغسطس 2010، ظهر اسم غالانت بين المرشحين ليحل محل رئيس الأركان السابق “جابي أشكنازي”؛ وذلك بتوصية وزير الجيش آنذاك إيهود باراك، لكن الوزير السابق “مايكل إيتان” عارض التعيين بسبب الاشتباه في مخالفات تخطيط وبناء فيما يتعلق بمنزل غالانت في موشاف عميكام شمال إسرائيل، وادعاء أن جزءاً منه بُني على أراض عامة، وبعد فتح تحقيق في القضية، أعلن باراك لاحقاً إلغاء التعيين.

5. الانخراط المكثف في العمل السياسي منذ عام 2015: في عام 2015، انضم غالانت إلى حزب “كولانو” (كلنا) بقيادة موشيه كحلون، وحصل على المركز الثاني في القائمة، وانتُخب للكنيست لأول مرة. ومباشرةً بعد الانتخابات تم تعيينه وزيراً للبناء والإسكان، ثم انضم إلى حزب الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو، وشغل منصب وزير الهجرة والاستيعاب. في حكومة نتنياهو–جانتس، تم تعيينه وزيراً للتربية، وهو المنصب الذي شغله لمدة عام تقريباً.

توجهات محتملة

يمكن تناول أبرز التوجهات والمواقف المحتملة لوزير الدفاع الإسرائيلي؛ وذلك على النحو التالي:

1. أولوية مواجهة التهديد الإيراني: اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد يوآف غالانت، أن التهديد الإيراني هو الخطر الأول المحدق بإسرائيل، وقال إن “التهديد الرئيسي والأول المحدق بإسرائيل هو سعي إيران إلى الحصول على قدرات نووية عسكرية” وفق تعبيره. وأضاف غالانت أن الأجهزة الأمنية برئاسته “ستعكف على إعداد الرد الذي سيتيح لحكومة إسرائيل أن تتخذ أي قرار حول التصدي للجهود النووية الإيرانية”، وتابع خلال مراسم تسلمه وزارة الدفاع من سلفه بيني جانتس في تل أبيب: “الجهود النووية التي تقودها إيران، والصواريخ التي يتم إطلاقها من قطاع غزة، وكل عمليات إطلاق النار على قوات الجيش الإسرائيلي في جنين لها هدف واحد مشترك: إضعافنا، وتخويفنا ومشاهدة تدميرنا. لن ينجحوا في هذا الأمر”، وواصل حديثه قائلاً إن “إيران تدفع بقوة نحو امتلاك سلاح نووي إلى جانب تصريحات متكررة عن تطلعاتها لتدمير إسرائيل” وفق تعبيره، وهي تصريحات تتماشى مع موقف غالانت المتشدد تجاه إيران؛ ما يعكس أن مواجهة إيران ومشروعها النووي وميليشياتها المسلحة في المنطقة ستكون على رأس أولويات وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد.

2. تبني العقيدة العسكرية الهجومية: أشارت تقارير إلى أن أوساطاً عسكرية اعتبرت أن اختيار غالانت يعني إرسال رسالة هامة إلى إيران – لكونه رجلًا عسكرياً يمتاز بتفضيله لاخيار الهجومي على خيارات أخرى– أن “إسرائيل” سوف تأخذ زمام المبادرة على مستوى مواجهة خصومها وأعدائها، بما في ذلك حركة حماس وحزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني والميليشيات الموالية لإيران في سوريا والعراق؛ ما يعبر في مجمله عن احتمالية تبني إسرائيل في الفترات المقبلة العديد من التحركات التصعيدية العسكرية في أكثر من مساحة، سواء في قطاع غزة أو في سوريا والعراق.

وتستذكر هذه الأوساط أن غالانت اتبع هذه الأسلوب الهجومي منذ كان ضابطاً في الكوماندوز البحري حتى الحرب الأخيرة على قطاع غزة؛ حيث كان يدفع لمهاجمة قطاع غزة قبل الحرب بفترة طويلة للإطاحة بحركة حماس. وكشفت تقارير أن غالانت أوصى قادة الجيش ووزير الدفاع بتنفيذ هجوم أوسع على قطاع غزة، ولفتت الأنظار إلى أن “العقيدة العسكرية” لـ ”غالانت” يغلب عليها الطابع "الهجومي".

3. توجه نحو تحييد الجيش عن السياسة: وجه وزير الدفاع الأسبق بيني جانتس النصح لخليفته بضرورة إبعاد الجيش الإسرائيلي عن السياسة، وقال له: “أقم جدار حماية مرتفعاً وصلباً بين الجيش الإسرائيلي وبين المشاركة السياسية في القرارات العملياتية، ولا تسمح بتفكك مؤسسة الدفاع إلى وحدات فرعية تخضع للتدخل السياسي ومنفصلة عن سلسلة القيادة”. وكان جانتس يشير بذلك إلى قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعيين زعيم “الصهيونية الدينية” اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش وزيراً في وزارة الدفاع مسؤولاً عن المستوطنين في الضفة الغربية وعن الشؤون المدنية للفلسطينيين في الضفة الغربية. ومن جهته أشار غالانت إلى أن الجيش الإسرائيلي “هو جيش الشعب، وهو فوق كل خلاف”.

4. احتمالية الاستمرار في التصريحات الشعبوية: من السمات الرئيسية التي يتصف بها وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد، غياب فكرة “المسؤولية السياسية” عنه، وهو ما تجسد بوضوح في تصريحاته التي أدلى بها قبل عام تقريباً، وقال فيها إن “أفضل جهاز استخبارات إسرائيلي يعمل على الأرض في قطاع غزة هو جهاز الأمن الوقائي وجهاز المخابرات العامة”، مُدعياً أن العديد من عناصر فتح تعاونوا مع إسرائيل للإطاحة بحركة حماس، وهي تصريحات غير مسؤولة حاولت حركة حماس توظيفها ضد قيادات حركة فتح؛ ما يعني أن غالانت، وفي ثنايا قيادته لوزارة الدفاع الإسرائيلية، سوف يتبنى العديد من التصريحات والتوجهات الشعبوية المماثلة.

وختاماً، فإن وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد سوف يسير على النهج المتطرف الخاص بحزب الليكود واليمين المتطرف الإسرائيلي، لكنه سيواجه العديد من التحديات المرتبطة بشكل أساسي بعدم رضا بعض الدوائر العسكرية الإسرائيلية عنه، واتهامه بعدم الخبرة العسكرية البرية، في إشارةٍ إلى تكرار تجربة رئيس الأركان السابق دان حالوتس الذي قدم من سلاح الجو، وكان أداؤه في حرب لبنان الثانية كارثياً، كما يُنتقد غالانت لكونه مقرباً من العديد من رجالات الأعمال والسياسيين، في إشارة إلى تضافر رأس المال والسياسة، فيما أشاد عسكريون “إسرائيليون” بحملاته العسكرية الكثيرة التي شغل فيها منصب القائد والمخطط.