• اخر تحديث : 2024-11-22 10:05
news-details
تقارير

جيش الاحتياط ينقسم في موقفه من "خطة الإصلاح": تهديد أمني وشيك على إسرائيل


يعتبر جيش الاحتياط الإسرائيلي عنصرًا أساسيًا من مكونات "الأمن القومي الإسرائيلي"، وأحد أهم الركائز التي تستند إليها آلة الحرب الإسرائيلية. لطالما تم اعتبار الجيش الإسرائيلي بشكل عام، وجيش الاحتياط بشكل خاص، بقرة مقدسة، ومحط إجماع يستثنى من الانتقاد ولا يتأثر بالصراعات السياسية أو الحزبية داخل إسرائيل. منذ شروع حكومة نتنياهو السادسة بعملية "الإصلاحات القضائية"، امتد الانقسام السياسي الإسرائيلي إلى داخل الجيش وطال جيش الاحتياط، الأمر الذي يشي بتغيرات جوهرية لا بد من الوقوف عندها لما لها من تداعيات قد تكون حاسمة على الأمن القومي الإسرائيلي. هذه المقالة تستعرض أهمية جيش الاحتياط الإسرائيلي، مكانته في إسرائيل، والجدل الأخير حوله.

من هو جيش الاحتياط؟

إسرائيل هي واحدة من الدول التي تفرض الخدمة العسكرية الإلزامية على مواطنيها. وحسب تقسيمات الجيش، ثمة ثلاثة أنواع من الخدمة العسكرية هي: أولًا، الخدمة الإلزامية: وهي تحل على كل مواطن إسرائيلي (باستثناء معظم العرب) عند وصوله إلى سن 18 عامًا. يخدم الذكور مدة 32 شهرًا، بينما تخدم النساء مدة عامين فقط. وبعد ذلك يتم تسريح المتجندين. ثانيًا، الخدمة الثابتة: وهي تضم كل الإسرائيليين الذي يرون بأن الجيش هو مكان عملهم الثابت، وبدل من أن يتم تسريحهم بعد انتهاء خدمتهم الإلزامية يتم تثبيت مكانتهم كمقاتلين عاملين. حتى العام 2015، وصل عدد الجيش الثابت إلى نحو 40 ألف عسكري. ثالثًا، الجيش الاحتياط: ويتكون من نحو 500 ألف إسرائيلي. وهم عبارة عن إسرائيليين تم تسريحهم من الخدمة بعد انتهاء فترة التجنيد الإلزامي، لكنهم يعودون للانضمام الى الجيش مدة أيام أو أسابيع معدودة في كل عام للمشاركة في معارك، أو تلقى تدريبات. وبشكل عام، يمكن للإسرائيلي أن يبقى في جيش الاحتياط حتى سن متأخر، بيد أن الاحصائيات تشير إلى أن معظم جنود الاحتياط تتراوح أعمارهم بين 30-45 عامًا، ويشكلون مجتمعين نحو 70٪ من قوات الجيش الإسرائيلي، ونحو 17٪ منهم ضباط.

تعود جذور جيش الاحتياط الإسرائيلي إلى الأيام الأولى لقيام الدولة وحالة الصدام بينها وبين العديد من الدول العربية المجاورة. في حينها، اعتمدت إسرائيل بشكل كبير على احتياطاتها العسكرية، التي كانت تتألف من متطوعين قاتلوا في فترة النكبة. بمرور الوقت، أصبحت الاحتياطيات جزءًا أساسيًا من الإستراتيجية العسكرية للدولة، مما وفر لإسرائيل ميزة عسكرية كبيرة على أعدائها. ومن المتوقع أن يحافظ جيش الاحتياط على مستوى عالٍ من الاستعداد، وجهوزية للاستعداد في أي وقت في العام. مثلًا، لعب جيش الاحتياط دورًا محوريًا في حروب 1967، 1973، 2006 كما أنه شارك بشكل فعال في المعارك ضد قطاع غزة أو ضد الانتفاضات الفلسطينية، أو لحماية المستوطنات في الضفة الغربية.

خدمة الاحتياطي في إسرائيل تعد جزءًا من العقيدة العسكرية الوطنية ومنصوص عليها في القانون. يحدد القانون فترة خدمة الاحتياطي بـ 36 يومًا في السنة، لكن مع تطبيق قانون خدمة الاحتياطي في العام 2010، تم تحديد مدة الخدمة بـ 54 يومًا للجنود، ونحو 84 يومًا للضباط كحد أقصى. كما تم تقييد استدعاء الاحتياطيين لمهام الأمن السريع وتم تحديده بـ 25 يومًا على الأكثر، ويمكن لوزير الدفاع زيادة تكرار الاستدعاء في حالات الطوارئ. يتم استدعاء الجنود الاحتياطيين بمذكرة استدعاء تحتوي على فترة الاحتياطي وموقع الخدمة. في حالة الاستدعاء للتدريب ومهام الأمن السريع، يمكن للجندي الاحتياطي التقدم بطلب للجنة التنسيق الاحتياطية لتحديد موعد آخر، أو تقليل فترة الخدمة أو الإفراج عن الخدمة بالكامل. ويتلقى جندي الاحتياط مكافأة مالية لقاء تركه عمله وحياته الاجتماعية والانضمام إلى قوات الجيش مدة أسابيع كل عام. وتصل المكافئة إلى نحو 198 شيكلًا عن اليوم، وقد ترتفع إلى نحو 1000 شيكل (أو أكثر) للضباط، حسب موقعهم ودورهم.

جيش الاحتياط والإصلاحات القضائية

في رسالة تم تداولها في وسائل الإعلام الإسرائيلية مؤخرًا، قال مئات المحتجين الذين يصفون أنفسهم بالاحتياطيين أنهم يرفضون الاستدعاءات للخدمة ردًا على خطة الإصلاح القضائي. وقد صرح قادة الحكومة بأن رفض الخدمة العسكرية هو خط أحمر، وقال بنيامين نتنياهو في 6 آذار إن هذا سيشكل "تهديدًا للأسس الوجودية" لإسرائيل.

وقد صرح العقيد "ن" من جيش الاحتياط بأنه في حال قرر المسؤولون الحكوميون توجيه ضربة جوية أو عملية عسكرية ضد هدف فلسطيني، فإنه في السابق كانت السلطة القضائية تنظر في الأمر، وكان يمكن لها أن تقوم بإلغائه في حال ثبت عدم وجود "تهديد أمني" حقيقي. وسبب الإلغاء قد يكون احتمالية قتل المدنيين الفلسطينيين أو إصابتهم بدون أن يكون هناك تهديد حقيقي يجب منعه. ويخشى "ن" أن تؤدي الإصلاحات القضائية إلى سحب هذا "الدور" من السلطة القضائية، وبالتالي فهو (أي "ن") لا يريد أن يكون شريكًا في قرارات الحكومة غير الملجومة من قبل سلطة القضاء. ومع أن هذا الموقف قد يبدو حساسًا بالنسبة للخطاب الإسرائيلي الداخلي، فإنه ينطوي على مراوغة أخلاقية داخلية، إذ إن جنود الاحتياط يرضون قتل الفلسطينيين في حال كانت هناك موافقة قضائية، وهو ما حصل منذ إقامة دولة إسرائيل وحتى اليوم بحيث شكلت السلطة القضائية، ومحكمتها العليا، داعمًا أساسيًا لآلة القتل الإسرائيلية. وعليه، فإن الانقسام داخل إسرائيل ليس انقسامًا قيميًا حول دور السلطات، أو "ديمقراطية" العنف الإسرائيلية، بقدر ما هو انقسام بين معسكرين.

ومنذ منتصف شباط 2023، انضمت أعداد متزايدة من عناصر جيش الاحتياط، بما في ذلك أعضاء في أهم تشكيلة للقوات الجوية، إلى موجات الرفض والامتناع عن الخدمة، وهو ما يشكل خطوة غير مسبوقة تأتي كجزء من حركة الاحتجاج ضد الحكومة الجديدة المتطرفة اليمينية. وفي إعلان الأسبوع السابق، أعلن جميع الطيارين الاحتياطيين في القوة الجوية الإسرائيلية المتميزة والتي تحمل الرقم 69 (باستثناء ثلاثة فقط)، أنهم لن يشاركوا في تدريبات هذا الأسبوع وسيشاركون بدلًا من ذلك في احتجاجات عامة ويزعمون أنهم ليسوا مستعدين لخدمة "نظام استبدادي". وتعدّ طياري طائرات F-15I التابعين لهذه الوحدة الإستراتيجية أسرع الطائرات الحربية المقاتلة في العالم وقادرة على الطيران في المهمات ذات المدى الطويل.

يخشى المسؤولون الأمنيون أيضًا من عدم الالتزام بالأوامر والعصيان داخل صفوف الجيش المخدوم، حيث تزداد المعارضة لخطط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتقييد سلطات السلطة القضائية في جميع أنحاء المجتمع الإسرائيلي.