• اخر تحديث : 2024-05-02 20:55
news-details
قراءات

هل تتعرض البنوك الصينية للانهيار على غرار نظيراتها في الدول الغربية؟


بينما تعد البنوك الصينية مؤسسات مالية عالمية ذات أهمية نظامية يتم رسملتها والإشراف عليها عن كثب؛ ما يحد من احتمال وقوع اضطراب منهجي في القطاع؛ واجهت البنوك الصغيرة في الصين مشكلات عدة خلال السنوات القليلة الماضية؛ حيث أفلس بنك باوشانج، في حين جمدت بعض البنوك الريفية في مقاطعة هنان حساباتها؛ ما أثار احتجاجات من قبل العملاء القلقين بشأن مدخراتهم. وقد أسهمت تلك المشكلات – بالتزامن مع أزمة البنوك الغربية وتعرضها للإفلاس – في إثارة القلق والمخاوف لدى العملاء من انتقال عدوى الإفلاس إلى القطاع المصرفي الصيني، خاصة في ظل الأزمة التي تعانيها البنوك الصغيرة داخل الدولة.

وبالرغم من هذه المخاوف، شهد أداء البنوك الصينية خلال عام 2022، والربع الأول من عام 2023 نمواً مطرداً، يسهم في طمأنة العملاء ويقدم دلالات قوية على قوة وملاءة القطاع المصرفي بأكمله؛ حيث لا تشكل مشكلات البنوك الصينية الصغيرة مخاطر نظامية على الاقتصاد، ولا تعكس تلك المشكلات المخاطر ذاتها التي أسهمت في انهيار البنوك الغربية، خاصةً بعد تحسن وضع القطاع المصرفي الصيني نتيجة الإجراءات التنظيمية الصينية خلال السنوات الأربع الأخيرة؛ ما جعل البنوك الصينية محصنة من الانهيار أو التأثر بالأزمات الغربية، كما تسهم خبرات الحكومة الصينية ومواردها المتاحة في إدارة الأزمات الفردية للقطاع المصرفي في حال حدوثها دون انتقال عدواها إلى بقية قطاعات الاقتصاد.

واقع معزز

أثبت قطاع المصارف الصينية قوته وملاءته المالية في مواجهة التداعيات العالمية لأزمة البنوك الغربية؛ حيث لم يتأثر القطاع سلباً بتلك التداعيات، رغم وجود مشروع مشترك لأحد البنوك الأمريكية المنهارة داخل الصين، ويعزز من ذلك عدة عوامل أسهمت في تحسين البيئة التنظيمية لقطاع المصارف الصينية تتضمن ما يلي:

1- نمو مطرد لأصول البنوك الصينية خلال عام 2022: شهدت المؤسسات المالية المصرفية الصينية توسعاً مطرداً في أصولها خلال عام 2022؛ إذ بلغ إجمالي الأصول بالعملات المحلية والأجنبية لهذه المؤسسات نحو 379.4 تريليون يوان؛ ما يعادل نحو 55.03 تريليون دولار، بنهاية عام 2022، بزيادة 10% على أساس سنوي. وتسهم أصول البنوك التجارية الكبيرة بنحو 41.2% من الإجمالي، في حين أسهمت البنوك التجارية بنسبة 17.5%. فيما حققت البنوك التجارية أرباحاً صافية مجمعة بنحو 2.3 تريليون يوان، بزيادة 5.4% عن عام 2021. وبنهاية عام 2022، بلغت نسبة القروض المتعثرة للبنوك التجارية 1.63%، أي أقل من مستواها في نهاية الربع الثالث من العام الماضي.

وبلغ حجم الأصول والالتزامات المصرفية الخارجية لقطاع البنوك الصيني نحو 1.5186 تريليون دولار و1.3522 تريليون دولار بنهاية عام 2022؛ ما يؤدي إلى بلوغ صافي الأصول المصرفية الخارجية نحو 166.5 مليار دولار، من بين الأصول المصرفية الخارجية، وبلغت الودائع والقروض نحو 988.3 مليار دولار أمريكي، بنسبة 65% من الإجمالي، فيما بلغت السندات نحو 330.4 مليار دولار أمريكي، بنسبة 22% من الإجمالي. وفيما يتعلق بحجم الالتزامات الخارجية، بلغ حجم الودائع والقروض نحو 760.6 مليار دولار، بنسبة 56% من الإجمالي، بينما بلغت التزامات السندات نحو 230.7 مليار دولار أمريكي، بنسبة 17% من الإجمالي.

2- تنامي ربحية البنوك الصينية الكبرى: دفع الوضع الاقتصادي للصين خلال عام 2022، والتباطؤ الناجم عن سياسة الدولة لإنهاء حالة صفر كوفيد في نهاية عام 2022، القطاع المصرفي الصيني إلى تقديم مزيد من الائتمان خلال العام، للمساعدة في حماية الاقتصاد؛ ما ساعد على زيادة الأرباح خلال العام، على الرغم من انخفاض الهوامش؛ حيث ارتفعت أرباح البنوك الصينية الكبرى المملوكة للدولة، وسجل أغلبها نتائج أعمال أفضل من المتوقع في عام 2022، وحقق البنك الصناعي والتجاري الصيني (أكبر بنك في البلاد من حيث الأصول)، ارتفاعاً في صافي الدخل بلغت نسبته نحو 3.5% ليصل إلى 360.5 مليار يوان (52.6 مليار دولار).

وسجل بنك التعمير الصيني ارتفاعاً في صافي الدخل بنسبة 7.1% إلى 323.8 مليار يوان، وزاد صافي دخل بنك الاتصالات الصيني بنسبة 5.2% إلى 92.2 مليار يوان، وارتفعت الأرباح الصافية للبنك الزراعي الصيني بنسبة 7.4% إلى 259.1 مليار يوان، وسجل بنك الصين زيادة بنسبة 5% إلى 227.4 مليار يوان خلال الفترة ذاتها. وعلى الجانب الآخر، تمكنت نتائج البنوك الأخرى من التفوق على التوقعات، أو بلوغها، بما في ذلك أجريكالتشرال بنك أوف تشاينا، وبنك أوف تشاينا، وبنك أوف كوميونيكيشنز.

3- امتلاك سوق نقد أجنبي منظمة: سجلت البنوك الصينية فائضاً صافياً في تسوية النقد الأجنبي بلغ 2.5 مليار دولار أمريكي في يناير 2023، وبلغت مشتريات البنوك الصينية من النقد الأجنبي قرابة 175 مليار دولار، بينما سجلت المبيعات 172 مليار دولار، وانطلقت سوق النقد الأجنبي من بداية جيدة في عام 2023، وتشهد توقعات مستقرة من كيانات السوق والتجارة المنتظمة.

4- استقلالية عمليات فرع بنك سيليكون فالي في الصين: يعد فرع بنك سيليكون فالي بالصين أول بنك للتكنولوجيا والابتكار لتمويل وخدمة رواد الأعمال الصينيين في مجال التكنولوجيا بما يتماشى مع القوانين واللوائح الصينية. وبلغ رأس مال بنك سيليكون فالي وبنك شنجهاي بودونج للتنمية في الصين نحو ملياري يوان (289 مليون دولار) حتى نهاية يونيو 2022؛ حيث يمتلك كل من البنكين حصة 50%، ويبلغ إجمالي أصوله نحو 21.3 مليار يوان، وقد تكبد البنك خسارة صافية بلغت 5.5 مليون يوان خلال النصف الأول من 2022، من إجمالي إيرادات البنك البالغة نحو 195 مليون يوان.

وفي مقابل الأضرار التي لحقت بعض الدول من جراء تداعيات انهيار البنك، لم تتأثر الصين بتلك التداعيات؛ حيث أكد بنك سيلكون فالي في الصين، استقلالية عملياته وانتظامها وفق القوانين واللوائح الصينية المتبعة، كما أكد البنك قوة مركزه المالي وتطبيقه أعلى معايير الحوكمة، فضلاً عن التزامه بتمويل الشركات الناشئة والشركات التكنولوجية.

5- تنوع المحافظ الاستثمارية للبنوك في الصين: أكدت تقديرات هيئات المصارف والقطاعات المصرفية والبنكية الحكومية في بكين، بحسب تقرير منشور على موقع سكاي نيوز عربية في 15 مارس 2023، أن تداعيات إفلاس بنك سليكون فالي على المؤسسات المالية الصينية محدودة للغاية، نظراً إلى تنوع المحافظ الاستثمارية الخاصة بالبنوك الصينية، بما يسهم في تقليل المخاطر، فضلاً عن استراتيجيات ونظام إدارة المخاطر المعروف حول العالم، ومن ثم لن تؤثر الأزمة الغربية على النظام المصرفي الصيني في ظل إدارات التحوط وإدارة المخاطر المعمول بها، فضلاً عن ضمان الحكومة أموال المودعين.

6- ضعف الاندماج المالي العالمي: يعد القطاع المصرفي القناة الرئيسية التي يتم من خلالها نقل الأزمة المالية من بلد إلى آخر. وتتميز الصين بضعف درجة تكاملها المالي العالمي؛ فهو أقل بكثير من درجة اندماجها في سلاسل الخدمات اللوجستية والتصنيع العالمية. وتبلغ أصول البنوك الصينية في الخارج نحو 10%؛ ما يجعلها أقل عرضة للانكشاف على البنوك الغربية، ويقلل من مخاطر انتقال العدوى إلى القطاع المصرفي الصيني؛ إذ إن البنوك الصينية قوية ومستقرة ولديها مرونة مقارنةً بنظيرتها الغربية.

7- استقطاب رؤوس أموال ومستثمرين جدد: قد تسهم انهيارات البنوك الغربية في هروب رؤوس الأموال والمستثمرين من الولايات المتحدة والدول الغربية، والتوجه نحو ملاذ آمن لشراء الذهب والأصول المقومة باليوان، ومن ثم ستصبح السوق المالية الصينية ملاذاً آمناً للمستثمرين الذين يسعون للحصول على الأمن وسط أزمة البنوك العالمية المتزايدة؛ حيث تعد السوق المالية الصينية سوقاً مفتوحة بشكل متزايد وسيجلب الانتعاش الاقتصادي القوي للبلاد مزيداً من ثقة العملاء والمستثمرين.

 تحديات مقلقة

على الرغم من نمو أرباح وأصول البنوك الصينية، وصمودها أمام أزمة البنوك الغربية، فإنها لا زالت تواجه عدة تحديات قد تؤثر على ربحيتها خلال الأعوام المقبلة. وتتمثل تلك التحديات فيما يلي:

1- الارتفاع المحتمل في خسائر الائتمان للبنوك الصينية: من المتوقع أن يبلغ متوسط خسائر الائتمان للبنوك الصينية نحو 2.2 تريليون يوان سنوياً بين عامي 2022 و2024؛ حيث ستظل القروض العقارية المتعثرة مرتفعة في عام 2023 بعد أن تضاعفت في عام 2022؛ إذ كان هناك 38.91 تريليون يوان من الرهون العقارية المستحقة و12.67 تريليون يوان أخرى من القروض للمطورين، وبلغ إجمالي رصيد القروض المستحقة للنظام منذ الربع الثالث من عام 2022 نحو 210.76 تريليون يوان.

2- مخاطر تفاقم أزمة البنوك الصغيرة: من الجانب الكلي، تعد الميزانيات العمومية للبنوك الصغيرة الصينية من المخاطر التي يواجهها القطاع المصرفي الصيني؛ حيث سيكشف الانكماش الاقتصادي عن سوء إدارة المخاطر وممارسات الإفصاح بين المقرضين الصغار، ومخاطر جودة الأصول، بالإضافة إلى مواجهة البنوك الصينية ضغوطاً كبيرة على هوامش الفائدة الصافية في عام 2023.

3- مشكلة الضمانات “الضمنية” من الدولة: تعتقد البنوك وحملة السندات أن الشركات المملوكة للدولة أو الحكومات المحلية لن يسمح لها بالتخلف عن السداد؛ حيث يؤدي التخلف عن السداد إلى فقدان مصداقية الحكومة. وبالمثل، فإنه مع كون الغالبية العظمى من النظام المصرفي مملوكة للدولة، يثق المتعاملون مع البنوك بأن البنك لا يمكن أن يفلس، وأن الودائع المصرفية تستفيد من نوع من “الضمان الضمني” من الدولة. وقد تم إنشاء صندوق ضمان الودائع المصرفية في عام 2015؛ وذلك للسماح نظرياً بإغلاق البنك المعسر أو إعادة هيكلته دون خسائر للمودعين الصغار، ولكن من الناحية العملية، لم يتخلف سوى عدد قليل من البنوك الصغيرة عن السداد؛ فعادةً ما تتدخل السلطات المحلية لتسوية المشكلة مع المستثمرين المتضررين والبنك. وتتجنب الضمانات الضمنية خطر انتشار حالات التخلف عن السداد الكبيرة إلى الاقتصاد بأكمله وتطورها إلى أزمة نظامية. ومع ذلك فهي مرتفعة التكلفة وتؤدي إلى إهدار كفاءات اقتصادية ضخمة؛ حيث يكون توزيع المخاطر غير منطقي، من خلال دمج المخاطر في قرارات الاستثمار.

4- زيادة تعرض البنوك الصينية لقطاع العقارات: تواجه البنوك الصينية خطر تكبد خسائر بقيمة 350 مليار دولار من الرهون العقارية، مع تصاعد الأزمة العقارية وتهاوي الثقة بالسوق. وأدت الأزمة المتنامية المتعلقة بالمشروعات المتعثرة، إلى تقويض ثقة الكثير من مشتري المساكن؛ ما دفع مئات الآلاف من حاجزي الوحدات العقارية إلى مقاطعة سداد أقساط الرهن العقاري في أكثر من 90 مدينة، وسط تحذيرات من اتساع نطاق الأزمة، إلى نحو 2.4 تريليون يوان (356 مليار دولار)، أو 6.4% من الرهون العقارية المهددة. ويحذر مصرف “دويتشه بنك” من أن ما لا يقل عن 7% من قروض شراء المنازل معرضة للخطر.

ومن المرجح أن تستمر القروض المعدومة المستحقة على شركات بناء المنازل في النمو مع تحول قطاع العقارات الصيني من أزمة إلى أخرى. وتخلف 21 مطوراً رئيسياً عن سداد ديونهم التي تتعذر إدارتها في عام 2022، وأبرزها مجموعة “تشانيا إيفرجراند”. وبحسب تقارير منشورة على موقع إندبندنت عربية، بلغ متوسط نسبة القروض المتعثرة لدى البنوك الصينية في قطاع التطوير العقاري 5.5% بنهاية العام الماضي، مقارنة بنسبة 2.6% على مستوى القطاع في بداية العام.

5- نمو حجم القروض المتعثرة: تواجه جودة أصول البنوك الصينية مخاطر القروض المتعثرة؛ فعلى الرغم من أن هذه القروض المعدومة لا تنمو بشكل كبير، من المرجح أن يظل تشكيل القروض المتعثرة الجديد مرتفعاً وسط تداعيات الخروج من صفر كوفيد. وبحسب تقرير منشور على إندبندنت عربية في شهر سبتمبر الماضي، شهد نحو ثلثي البنوك الإقليمية الـ35 المدرجة زيادة في قروضها المتعثرة لمطوري العقارات في الأشهر الستة الأولى من 2022؛ فقد شهد بنك “جينتشو” في مقاطعة لياونينج الشمالية أعلى نسبة للقروض المتعثرة للمطورين، بلغت نحو 10.37% بنهاية يونيو 2022 ارتفاعاً من 9.77% في نهاية عام 2021، وضعف المستوى في عام 2020.

وبلغت نسبة القروض المتعثرة المعرضة لقطاع البناء نحو 9.39%، مرتفعة من نحو 7.78% في نهاية عام 2021. وبالمقارنة، بلغ متوسط نسبة القروض المتعثرة بين البنوك التجارية 1.67%؛ حيث لا يعتبر اللاعبون في قطاع العقارات هم المقترضين الوحيدين الذين يساهمون في تراكم القروض المتعثرة في البنوك الصينية؛ حيث أثرت تداعيات جائحة كورونا وأزمة الطاقة الأخيرة على مجموعة واسعة من القطاعات، بما في ذلك التصنيع والتجزئة والزراعة؛ ما ترك الشركات والأفراد غير قادرين على سداد قروضهم للبنوك.

تدابير استثنائية

دفعت حالة الركود الشديدة التي تشهدها سوق العقارات الصينية، الحكومة الصينية والقطاع المصرفي بوجه خاص للجوء إلى تدابير استثنائية، من بينها:

1- التوجه نحو دعم القطاع العقاري: تسببت حملة مشتري المنازل غير المكتملة لمقاطعة تسديد أقساط الرهن العقاري إلى تزايد المطالبات بدعم السياسة النقدية للقطاع العقاري، بما في ذلك خفض معدل الفائدة الرئيسي على قرض السنوات الخمس. وكان آخر خفض في معدلات الفائدة على قروض الرهن العقاري في مايو 2022، عندما خفضت البنوك الفائدة على قرض السنوات الخمس بمقدار 15 نقطة أساس، عقب خفض بنك الشعب الصيني الحد الأدنى لمعدل الفائدة على الرهون العقارية الجديدة بمقدار 20 نقطة أساس، كما طالبت الحكومة البنوك بدعم عمليات الدمج والاستحواذ في القطاع، والاهتمام بخدمات دعم العملاء، وتلبية الالتزامات المطلوبة كافة، بجانب حماية حقوق ومصالح المستهلكين.

2- تمديد الحد الأقصى لسن السماح بسداد القروض العقارية: سعت السلطات الصينية خلال الفترة الماضية إلى تخفيف حد أزمة سوق العقارات، وبحسب تقرير منشور على موقع سي إن إن الاقتصادية بالعربي في 18 فبراير 2023، بدأت بعض البنوك، وفقاً لتقرير في مدن ناننينج وهانجتشو ونينجبو وبكين في تمديد الحد الأقصى لسن مقترض الرهن العقاري إلى ما بين 80 و95 عاماً؛ ما يعني أن من يبلغون من العمر 70 عاماً أصبح لديهم إمكانية الحصول على قروض بآجال استحقاق بين عشرة أعوام و25 عاماً.

3- طرح مسودة قانون الاستقرار المالي: أكملت الصين مداولاتها التشريعية الأولى لمسودة قانون الاستقرار المالي الصيني بنهاية ديسمبر 2022 ومشاورة عامة في 28 يناير 2023. وتتمثل أبرز النقاط الرئيسية للمسودة في أنه يمكن لمجلس الدولة منح الإذن لبنك الشعب الصيني بنشر تسهيلات إعادة الإقراض الخاصة به لتوفير دعم السيولة المباشر لصندوق ضمان الاستقرار المالي عند الحاجة؛ ما من شأنه أن يقلل من الاعتماد على الأموال العامة الأخرى لتجديد صندوق الضمان.

تتطلب المسودة الأخيرة أيضاً من المؤسسات التي تقترض من صندوق الضمان أن تتعهد بضمانات مؤهلة؛ ما يساعد في ضمان سداد القرض واستدامة صندوق الضمان، مع تقليل المخاطر الأخلاقية، ومن ثم يسهم القانون في التخفيف من الصدمات النظامية الناجمة عن فشل البنوك الأصغر ذات الروابط المحدودة بالحكومة المركزية. وسيساعد القانون في تبسيط عملية حل المخاطر من خلال وضع الأساس القانوني لآلية التنسيق عبر هيئات حكومية متعددة للتخفيف من المخاطر النظامية. ومن المرجح تطبيق القانون خلال العام الجاري، وستنطبق القواعد على الأعمال الجديدة للبنوك حتى نهاية عام 2025 لإعادة تصنيف الأصول المالية الحالية.

4- توسيع شبكة أمان القطاع المالي: تعمل الصين على توسيع شبكة الأمان الخاصة بها للقطاع المالي من خلال صندوق إنقاذ جديد يمكن أن يصل إلى عشرات المليارات من الدولارات، ومن المتوقع أن يوفر صندوق أمن الاستقرار المالي الجديد مساندة للمؤسسات الكبيرة، مثل البنوك وشركات التأمين وشركات التأجير، في حالات الانهيار الوشيك أو اتساع نطاق خسائر الاستثمار الناجمة عن اضطرابات الأسواق الخارجية التي تخاطر بتقويض النظام المالي ككل.

دروس مستفادة

وأخيراً، ومما سبق يتضح أنه من غير المرجح أن تنجر البنوك الصينية إلى الأزمة المصرفية التي تشهدها الاقتصادات الغربية؛ حيث تتمتع البنوك التجارية الصينية إجمالاً بوضع جيد ومستقر، بفضل نظامها المالي المعزول والمسيطر عليه بإحكام؛ ما جعل الصين آمنة نسبياً من انتقال العدوى المتعلقة بفشل البنوك الغربية، ومن ثم من غير المرجح أن تشهد المصارف الصينية انهيارات مماثلة؛ فهي محصنة ضد الانهيارات، كما أن البنوك الصينية الصغيرة، التي يُنظر إليها باعتبارها أكثر عرضة لمخاطر أسعار الفائدة، عملت الحكومة الصينية على إغلاق الثغرات التنظيمية التي قد تواجهها من خلال الهيئة التنظيمية المالية الجديدة التي تسهم في تعزيز الرقابة على الصناعة المصرفية. كما أن مجموعة الإصلاحات التنظيمية السابقة في الصين خلال السنوات الماضية، دفعت إلى حماية الصناعة المصرفية من الانهيارات من خلال كبح جماح نظام الظل المصرفي وخفض المخاطر المالية.

وعلى الرغم من ذلك قدمت الأزمة الراهنة مجموعة من الدروس المستفادة للصناعة المصرفية في الصين، ولا سيما فيما يتعلق بتنمية صغار ومتوسطي المقرضين، وآليات استقرار النظام المالي في بكين، وضرورة إعطاء الأولوية بشكل مستمر لمنع المخاطر وتشديد الرقابة والسيطرة عليها. وفي هذا الصدد، طالب ثلاثة من مسؤولي البنك المركزي الصيني في نشرة (تشاينا فاينانشلز)، بحسب تقرير منشور على موقع “العربية نت” بتاريخ 2 إبريل 2023، بضرورة تعزيز تنوع المحافظ في إدارة ودائع المودعين والمستثمرين، وتعجيل إقرار قانون الاستقرار المالي وتحسين الإجراءات القانونية الأخرى الموضوعة لدرء المخاطر المالية والتخلص منها، مع ضرورة زيادة الاحتياطيات الرأسمالية المخصصة للتعامل مع المخاطر المالية لضمان وجود موارد كافية للتخلص من المخاطر في الوقت المناسب