مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية، تزيد المخاوف من اندلاع أعمال عنف خاصة في ظل تمسك الرئيس دونالد ترامب بخطابه السياسي المثير للجدل، وهو ما يزيد الموقف توترا، خصوصا في ظل حالة الاستقطاب السياسي غير المسبوق، والقلق الواسع والتوترات النفسية بسبب الإغلاقات والإجراءات المرتبطة بفيروس كورونا، إضافة إلى التعبئة والتعبئة المضادة المتعلقة بحركة احتجاجات "حياة السود مهمة".
ودفعت اشتباكات وقعت، مساء يوم الأحد الماضي، في مدينة نيويورك بين مؤيدين للرئيس ترامب ومعارضين له لمضاعفة المخاوف من انتشار أعمال العنف قبل وأثناء وبعد الانتخابات الرئاسية المقررة في 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وقبل 6 أيام من انتهاء التصويت، صوت نحو 69.1 مليون أميركي بنهاية يوم الثلاثاء، وهو ما يعكس ارتفاعا تاريخيا في أصوات المقترعين.
الجزيرة نت تلقي الضوء من خلال سؤال وجواب على مخاوف انتشار العنف، وعلاقة ذلك بالانتخابات الأهم في التاريخ الأميركي.
هل هناك مخاوف واقعية من وقوع أعمال عنف مصاحبة للانتخابات؟ لماذا؟
نعم هناك مخاوف من وقوع أعمال عنف خارج مقار اللجان الانتخابية بسبب وجود أفراد مسلحين بهدف مراقبة عملية التصويت. ويخشى من انخراط بعض هؤلاء الأشخاص في أعمال تخويف الناخبين، أو ثني المواطنين عن الانخراط في حقهم الديمقراطي في الإدلاء بأصواتهم.
وتتيح قوانين بعض الولايات الحق بوجود مراقبين انتخابيين داخل مقار الانتخاب، ويشترط عدم حمل أسلحة نارية؛ لكن قامت بعض المنظمات اليمينية المتطرفة بتجنيد متطوعين، بعضهم من خلفيات عسكرية سابقة، ليكونوا داخل مقار الاقتراع لمراقبة عملية التصويت، ويخشى من إقدام البعض منهم على محاولة تعطيل التصويت.
هل كانت مثل هذه المخاوف موجودة في الانتخابات السابقة؟
لا، لم يرفض من قبل مرشح رئاسي في الحكم، يسعى لإعادة انتخابه، التعهد بقبول نتائج الاقتراع والاعتراف بالهزيمة حال إعلان النتائج النهائية الرسمية. وزاد من تعقيد توقع اندلاع أعمال عنف ما شهدته عدة ولايات أميركية من أعمال عنف وشغب ومظاهرات عقب مقتل جورج فلويد، الرجل الأسود غير المسلح، على يد رجل شرطة أبيض في نهاية مايو/أيار الماضي.
كيف ينظر المواطن العادي إلى احتمال اندلاع أعمال عنف؟
تحدث السيد ديفيد بلير، المعلم المتقاعد من العمل بعدد من مدارس واشنطن العاصمة، للجزيرة نت، عن الانتخابات القادمة وما يحيط بها من أعمال عنف.
وقال بلير "خلال متابعتي للشأن السياسي العام، والذي تضاعف بعد الانتقال للعمل في واشنطن العاصمة الفدرالية، أؤكد أنني لم أر خلال 50 عاما الماضية هذا المستوى المرتفع من أعمال العنف المرتبط بقضايا سياسية".
وتابع: هناك عنف بسب ممارسات الشرطة، وهناك عنف ومخاوف من نتائج الانتخابات القادمة، وهناك عنف من جماعات الملشيات المؤمنة بتفوق العرق الأبيض، وهناك عنف المتظاهرين من السود، والذي يبدأ بمظاهرات سلمية".
هل يُتوقع أن تقع أعمال عنف بعد انتهاء الانتخابات؟
نعم هناك مخاوف كبيرة منبعها رفض الرئيس دونالد ترامب في عدة مناسبات للتعهد بقبول نتائج الانتخابات الرئاسية، وقبل أيام أشار ترامب إلى استعداده لقبول نتائج الانتخابات حال "كانت نزيهة فقط".
واعتبر الكثير من المعلقين أن ترامب ربما يمهد لتحدي نتائج الانتخابات حال خسارته المتوقعة طبقا لأغلب استطلاعات الرأي، ويُخشى من تأثير موقف ترامب على تأجيج العنف من الفئات المتطرفة المؤيدة له.
كما يمكن أن تؤجج نتائج الانتخابات غير الواضحة أو المتنازع عليها المحرضين من المنظمات اليسارية أو المنظمات اليمين على حد سواء، خاصة لو اعتبر كل طرف أن الطرف الآخر يهدده بصورة كبيرة، وهو ما من شأنه أن يدفع الطرفين لحشد أنصارهما، ويثير ذلك الكثير من المخاوف في وقت سجلت فيه مبيعات الأسلحة والذخائر مستويات قياسية خلال الأشهر القليلة الماضية.
ما العوامل التي تذكي وقوع أعمال عنف؟
خلال تجمع انتخابي بولاية نيفادا قبل أيام كرر ترامب تشكيكه في عملية التصويت، وقال لأنصاره إن "الديمقراطيين يحاولون التلاعب بنتائج هذه الانتخابات؛ لأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي سيفوزون بها"، وحث الرئيس ترامب مؤيديه على أن يكونوا من مراقبي مراكز الاقتراع، "كي تمنعوا السرقة، سرقة الانتخابات".
من ناحية أخرى، يعتبر بعض المراقبين أن ما شهدته الكثير من المدن الأميركية من أعمال عنف مؤخرا يُسهل من اندلاع المزيد من أعمال العنف لاحقا، من هنا تعتزم إدارات الشرطة توفير المزيد من الضباط في يوم الانتخابات، خاصة في المدن التي شهدت اضطرابات خلال الصيف ومواجهات مع الشرطة مثل بورتلاند، وسياتل، ونيويورك.
ما هي عوامل منع الانجرار للعنف التي تتوافر في النظام السياسي الأميركي؟
لا توجد عوامل محددة تمنع وقوع أعمال عنف إلا ربما الردع المتمثل في قوة تطبيق القانون، ويسهّل وقوع أعمال عنف امتلاك 23% من الأميركيين (76 مليون شخص) أسلحة نارية مختلفة من مسدسات إلى بنادق آلية متطورة.
من جانبها تستعد الأجهزة الأمنية وشركات منصات وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام للتعامل مع وضع استثنائي متوقع من أجل الحفاظ على سلامة الناخبين والمواطنين؛ إلا أن جهودها قد لا تكون كافية بسبب ما يقوله ويغرد به الرئيس ترامب من التشكيك المبكر في نتائج الانتخابات.
ما مدى قدرة المؤسسات الأميركية على الحيلولة دون وقوع أعمال عنف؟
تقول بعض سلطات الولايات إنها ستضيف المزيد من الحراس لحماية مقار الاقتراع الشخصي، وعند صناديق بطاقات الاقتراع البريدية، وهو ما لم يحدث خلال السنوات الماضية.
ولا تعتزم معظم الولايات نشر الشرطة بالزي الرسمي في مراكز الاقتراع؛ لأن التقاليد والقوانين المحلية تُبقي رجال الشرطة على مسافة لتجنب الانطباع عن تخويف الناخبين، ويسمح باستدعاء الشرطة من مسؤولي المقرات الانتخابية إذا خرجت الأمور عن السيطرة.
ومن بين المسائل التي لم تحل على سبيل المثال في ولاية ميشيغان يتعلق بإمكان السماح للمواطنين العاديين بحمل الأسلحة النارية حول أماكن الاقتراع، وقانون حمل السلاح في الولاية متساهل بشكل عام؛ لكن وزيرة خارجية الولاية جوسلين بنسون، أصدرت توجيها تقول فيه إنه لن يُسمح بالبنادق الآلية في مكاتب الاقتراع أو غيرها من المكاتب ذات الصلة بالانتخابات هذا العام؛ لكن قادة الشرطة شككوا فيما إذا كانت لديهم الأسس القانونية لتنفيذ مثل هذا الأمر.
هل النظام الانتخابي الأميركي مستعد للتعامل مع العنف المحتمل؟
سمحت خبرة انتشار أعمال العنف المتكررة على توجيه رسائل حازمة لسلطات الولايات بضرورة الاستعداد لأسوأ السيناريوهات.
ورتب مسؤولي الانتخابات في الولايات المختلفة لفرق عمل تتكون من مسؤولي إدارة الانتخابات بالولاية ورجال قانون وقضاة ورجال شرطة وحراس، بهدف التعامل السريع مع أي حالات طوارئ.
هل من دور للجيش الأميركي حال وقوع أعمال عنف؟
يرفض الجيش الأميركي التورط في تأمين عملية الاقتراع أو حماية المقار الانتخابية أو ضمان نزاهة الانتخابات، ويرى ذلك عملا سياسيا لا يقع ضمن اختصاصاته الدستورية.
ولا يريد الحرس الوطني في كل ولاية، شأنه شأن الجيش الفدرالي، أن يشارك في تأمين مراكز الاقتراع، ويفضل أن تقوم الشرطة بهذا الأمر.
ويريد المسؤولون العسكريون أن يحافظوا على موقفهم غير السياسي، وعدم التورط في السياسة الحزبية، قائلين إن وجود الجنود الذين يرتدون الزي الرسمي في صناديق الاقتراع سيؤدي إلى توجيه اتهامات إلى أن الجيش يفضل مرشحا على آخر.
إذا اندلعت أعمال عنف ولم تتمكن الشرطة المحلية من التعامل معها، يمكن للحاكم تفعيل الاستعانة بقوات الحرس الوطني في الولاية، كما يمكن للرئيس أن يتذرع بقانون التمرد ويرسل قوات عسكرية فدرالية للحفاظ على الأمن وسلامة الأرواح والممتلكات.