• اخر تحديث : 2024-04-29 01:16
news-details
تقارير

سياسة الإهمال الطبي المتفشية في السجون توجب الضغط الأمريكي والأوروبي للإفراج الفوري عن السجناء السياسيين


تتخذ سياسة الإهمال الطبي في سجون البحرين في الآونة الأخيرة مساراً تصاعدياً وسط غياب ضغوط خارجية فعلية من حلفاء السلطة الحاكمة في تعزيز حالة حقوق الإنسان في البحرين سواء من الجانبين الأمريكي والأوروبي الذي لطالما قدّم الدعم للحكومات القمعية. فمنذ أكثر من عام أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن أن قضايا حقوق الإنسان في البحرين تمت مناقشتها خلال زيارة ولي عهد البحرين إلى الولايات المتحدة للمرة الأولى منذ بداية عهد بايدن في 28 فبراير 2022، لكن تصريحات المسؤولين الأمريكيين فشلت في إثارة المخاوف بشأن الوضع الحقوقي المزري في السجون واستمرار اعتقال السجناء السياسيين الذين يعانون من أمراض مزمنة ومن بينهم قادة المعارضة. وفي 26 أبريل 2023 استضافت المملكة المتحدة وزير الداخلية راشد بن عبد الله آل خليفة، والذي بدوره يعد المتورط الرئيسي في جرائم الانتهاكات التي يتعرض لها السجناء السياسيون، ووسط التنديد الحقوقي بهذه الزيارة لم يصدر أي موقف عن الخارجية البريطانية ينتقد سياسة وزير الداخلية البحريني، كما لم يتم التطرق أو مناقشة ما تطالب به المنظمات الحقوقية والدولية من وقف لهذه الانتهاكات ولسياسة الإهمال الطبي المتعمّدة في سجون البحرين، مما سمح للسلطات في التمادي في سياستها المنتهجة.

غياب الضغوط الدولية الفعالة في السياسة الخارجية

الولايات المتحدة

في حملته الإنتخابية وعد الرئيس الأمريكي جو بايدن بوضع حقوق الإنسان في قلب السياسة الخارجية، لكنه استمر بتقديم الدعم العسكري والأمني للحكومات القمعية في منطقة الشرق الأوسط أبرزها حكومة البحرين.

وعززت زيارته الأخيرة للشرق الأوسط التي ابتدأت في يوليو 2022 ممارسة العلاقات الدولية القائمة على منح الأولوية للمصالح السياسية والاقتصادية عند التعامل مع الحكومات القمعية وغض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان على حساب أوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان والسجناء السياسيين.

وكانت الآمال معلقة على أن يصدر الرئيس بايدن بياناً يؤكد من خلاله دعمه لحقوق الإنسان ومطالبته بالإفراج عن جميع السجناء السياسيين  في المنطقة، لكن سرعان ما تلاشت كل تلك الآمال، حيث لم يتم التطرق لمسألة حقوق الإنسان بشكل ملائم خلال رحلته، لا بشكل علني ولا حتى خلف الأبواب المغلقة، مع العلم أن زيارته الى بلدان الشرق الأوسط سبقتها العديد من البيانات التي وجهتها المنظمات الحقوقية الدولية من بينها منظمة ADHRB حيث دعت الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى عقد اجتماع مع الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين لإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، مقدمةً سلسلة من المطالبات من بينها إطلاق سراح السجناء السياسيين.

وفي حين تطرق تقرير الخارجية الأمريكية لانتهاكات حقوق الانسان لعام 2022 إلى أوضاع السجناء السياسيين المرضى الذين يفتقرون إلى العلاج المناسب، وكان من بينهم عبد الهادي الخواجة وبعض السجناء الذين أصيبوا بمرض السل، لم نشهد أي خطوة فعالة للضغط على البحرين لإنهاء سياسة الإهمال الطبي، مع العلم أن التقرير استند على معلومات موثقة تقدمها باستمرار المنظمات الحقوقية غير الحكومية، بل يستمر الدعم العسكري لحكومة البحرين حتى الآن على حساب قضايا حقوق الإنسان.

المملكة المتحدة

لا تزال الحكومة البريطانية تعطي الأولوية في علاقتها مع البحرين لمبيعات الأسلحة على حساب قضايا حقوق الإنسان، حيث أدرجت بريطانيا البحرين كعميلٍ أساسيٍّ لصادرات الأسلحة، وباعت بريطانيا أسلحة بقيمة 105 ملايين جنيه إسترليني للبحرين، منذ بدء الحراك الديمقراطي عام 2011، وفي فترة السّنوات الثّلاث الماضية، باعت ما لا يقلّ عن 82 مليون جنيه إسترليني من الأسلحة. كذلك، لم يصدر أي موقف عن الخارجية البريطانية ينتقد سياسة وزير الداخلية البحريني راشد بن عبد الله آل خليفة خلال زيارته الأخيرة للمملكة المتحدة، كما لم يتم التطرق أو مناقشة ما تطالب به المنظمات الحقوقية والدولية من وقف لهذه الانتهاكات ولسياسة الإهمال الطبي المتعمّدة في سجون البحرين، أو أخذ مطالبات النواب في البرلمان البريطاني بعين الاعتبار، الذين لطالما ناقشوا انتهاكات قضايا انتهاكات حقوق الإنسان داخل البرلمان، وكان آخر موقف لهم هو إثارتهم القلق البالغ إزاء رعاية البحرين، لمعرض رويال ويندسور للخيول 2023، حيث تقدّم عدد منهم بعريضةٍ تطالب معرض رويال وندسور للخيول، بالتمسّك بسياسته الحقوقيّة المعتمدة في 2021، ومنع استخدام هذا الحدث الرياضيّ، لتبييض سمعة النّظام الحاكم في البحرين. وأشاروا في العريضة إلى قادة المعارضة السياسيّة الذين يواجهون الإهمال الطبيّ المُمنهج، أمثال حسن مشيمع، وعبد الهادي الخواجة، وعبد الوهاب حسين، والشيخ عبد الجليل المقداد، إلى جانب فشل حاكم البحرين في تسوية وضع الأكاديميّ المعتقل عبد الجليل السّنكيس.

سجناء ضحايا سياسة الإهمال الطبي

يشتكي العديد من السجناء السياسيين سياسة الموت البطيء في سجن جو، وحتى هذا اليوم يحرمون من الرعاية الصحية المناسبة ويتعرضون للإنتقام وسوء المعاملة، ووضعهم يتطلب الإفراج الفوري لكي يتلقوا العلاج المناسب، ونذكر حالات عدد من السجناء الذين وثقت منظمة ADHRB قضاياهم:

عبد الوهاب حسين إسماعيل

في ديسمبر 2022، قامت ادارة سجن جو بفرض قيود على السجين السياسي البارز البالغ من العمر 68 عاماً الأستاذ عبد الوهاب حسين المحكوم بالمؤبد، فرغم تقدم سنه وحاجته للاتكاء على العكاز للمشي، منعته من الذهاب للمستشفى دون تقييده بالأغلال كشرط لذهابه ولم تعرف عائلته سبب هذا القرار المفاجئ، مع العلم أن تحركاته السابقة كانت دون قيود، وألغيت جميع مواعيده الطبية في المستشفيات الخارجية، ما أدى إلى تدهور خطير في صحته ولا زال يعاني من الإهمال الطبي حتى تاريخ كتابة هذا التقرير. وبسبب عدم انتظام السكر لديه، يتوجب على إدارة السجن نقله للفحص الدوري لدى اختصاصي، وهو في الوقت الحالي يحتاج لأخذ أبر الأنسولين. وحرم من علاج مشكلة العصب التي كان يعاني منها قبل دخوله السجن حيث كان يأخذها بشكل منتظم في المستشفى العسكري، بسبب القيود المفروضة عليه. كذلك ألغيت مواعيده لدى اختصاصي الكلى، والتي كانت مقررة قبل 10 أشهر تقريباً على الرغم من تأثر كليتيه بسبب عدم انتظام السكر لديه. ومنذ أشهر أيضاً توقف علاج أسنانه ولم ينقل لثلاثة مواعيد مؤخرا، الأمر الذي فاقم وضعه بشكل كبير إلا أنّ المستشفيات الحكومية ادّعت التزامها بتقديم الرعاية الصحية الشاملة للجميع وأكدت في بيانها أن الوضع الصحي للسجين السياسي البارز عبد الوهاب حسين مستقر وأنه تمت معاينته طبياً بعد إجراء الفحوصات اللازمة وما ذلك إلا نوع التعتيم على سياسة الإهمال الصحي ويظهر انعدام الشفافية.

عبد الهادي الخواجة

لا يزال المدافع البارز عن حقوق الإنسان عبد الهادي الخواجة يُمنع من الوصول إلى طبيب القلب، فضلاً مواعيده الأخرى مع الأطباء الاختصاصيين، ما يُعرضه لخطر الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية في أي لحظة. فمؤخراً مُنع الخواجة من موعدين طبيين، كان آخرهما يوم الخميس 11 مايو 2023.

منذ 9 مايو 2023، اعتصم الخواجة في ساحة سجن جو بشكل يومي رافعًا لافتتين أمام الكاميرات المغلقة كُتب عليها أن “الحرمان من العلاج هو قتل منظم بطيء” و “أنت تمارس التعذيب وتمنع العلاج” احتجاجاً على حرمانه وزملائه من سجناء الرأي من المواعيد الطبية اللازمة. وأبلغ عائلته في 14 مايو 2023 أنه علق احتجاجه مؤقتًا بسبب الوعود التي قدمتها إدارة السجن لتحسين الظروف والسماح بالحصول على العلاج المناسب، ولحد الآن لم تهدأ النداءات الحقوقية بالمطالبة بحصوله على العلاج الفوري مكذبة ادعاءات الحكومة البحرينية. وكان قد أعرب ستة خبراء من الأمم المتحدة في رسالة ادعاء مشتركة موجهة لحكومة البحرين نُشرت في 4 مايو 2023- بمن فيهم المقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، ماري لولور، ونائبة رئيس الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، مومبا ماليلا – عن قلقهم البالغ في الاعتقال التعسفي المستمر للمدافع عن حقوق الإنسان السيد الخواجة، وبخصوص ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة وظروف السجن المتردية التي يتعرض لها. وكان البرلمان الأوروبي قد تبنّى في 15 ديسمبر 2022، مشروع قرار يُطالب البحرين بالإفراج الفوريّ وغير المشروط عن المدافع عن حقوق الإنسان البحريني الدّنماركيّ عبد الهادي الخواجة وجميع السجناء السياسيين الآخرين.

الدكتور عبد الجليل السنكيس

في 6 مايو 2023 أفيد عن تعرض الدكتور عبد الجليل السنكيس لحالات دوران تفقده توازنه وتتسبب له بالسقوط، وهو لا يزال مستمراً في إضرابه عن الطعام منذ سنة وستة أشهر حتى هذا اليوم احتجاجاً على سوء المعاملة في السجن ومصادرة ممتلكاته الفكرية وسوء الرعاية الصحية، كذلك لفتت عائلته أن الدكتور السنكيس يحتاج بشكل فوري إلى إجراء تصوير أشعة للكتف، وفحص النظر.

تعرض الدكتور عبد الجليل للإهمال الطبي، وهي سياسة ممنهجة تستخدمها السلطات البحرينية كشكل من أشكال الإنتقام. وقد منعته السلطات من العلاج من أمراضه المزمنة المختلفة بما في ذلك انخفاض ضغط الدم ومستويات السكر في الدم وانخفاض عدد خلايا الدم البيضاء والألم والتهاب المفاصل.

على الرغم من المخاوف التي أعربت عنها ثلاثة مكاتب للإجراءات الخاصة: المقرر الخاص المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان، الصحة، وذوي الاحتياجات الخاصة، تجاهلت البحرين دعواتهم للإفراج الفوري عنه ورفضت إنهاء هذه الممارسات اللاإنسانية.

حسن مشيمع

لا يزال القيادي في المعارضة البحرينية المحكوم بالمؤبد الأستاذ علي مشيمع يعاني من الإهمال الطبي، وسط تجاهل المطالب المستمرة بالإفراج الفوري وغير المشروط عنه نظراً لكبر سنه وتدهور وضعه الصحي الذي يعرضه دائماً لخطر الموت الوشيك، فإنه يعاني دائماً من التأخر في صرف الدواء لآلامه الشديدة والمستمرة أو رفض إدخال الدواء الذي ترسله له عائلته، وتتخوف عائلته حالياً من نتائج اختبارات الدم الخاصة به والتي تظهر ارتفاع معدل الأملاح لديه، ما يهدد صحة الكلى. يعاني الأستاذ مشيمع من العديد من الأزمات الصحية والأمراض المزمنة ويشتكي منذ عامين تقريباً سياسة الإهمال الطبي والموت البطيء فهو إلى جانب معاناته من ارتفاع ضغط الدمّ والسكري يعاني من تورّم غير طبيعيّ في القدميْن مع بقعٍ سوداء وتورّم كبير في ساقه وآلام شديدة في الركبة وعرج وصعوبة في الحركة.

كما يُعاني من ضررٍ غير محدّدٍ في كليَتيه ومعدته، وتورّمٍ في عينه، ومشكلةٍ في عضلة القلب، وضيق في التنفس، ولطالما عانى من إلغاء مواعيده الطبية دون إعلامه، وأخذه الى المستشفى دون منحه العلاج اللازم.

الشيخ ميرزا المحروس

في 31 يناير 2023 أصيب الشيخ المحروس بجلطة في القلب نُقل على إثرها إلى مستشفى عوالي للقلب، حيث أجريت له قسطرة، جاءت إصابته تلك نتيجة الإهمال الطبي بعد أن أبلغ إدارة السجن عن معاناته من ألم في صدره. كذلك تتطلب صحة الشيخ المحروس متابعة مستمرة مع أطباء القولون والقلب. إذ كان قد خضع لعملية جراحية لحالته بسبب القولون، لكنها لم تنجح بسبب امتناع السلطات عن أخذه إلى الطبيب للمتابعة وحرمته من الأدوية اللازمة. وكان قد أضرب الشيخ المحروس مراراً عن الطعام احتجاجاً على حرمانه من الرعاية الصحية اللازمة.

محمد حسن عبد الله (الرمل)

في 30 مايو 2023 بدأ السجين السياسي الستيني محمد حسن عبد الله المحكوم بالمؤبد إضراباً عن الطعام للمرة الخامسة، بعد أن كان قد أعلن إضرابه عن الطعام في 14 مايو 2023 إضرابًا عن الطعام على الرغم من معرفته بالخطر الذي تشكله هذه الخطوة على حياته، إلا أنه اتخذ تلك الخطوة نظراً لعدم قيام إدارة السجن بتزويده بالأدوية التي وصفها له الطبيب في المستشفى العسكري. ففي 22 أبريل 2023، كان قد نُقل بواسطة سيارة الإسعاف من زنزانته إلى المستشفى العسكري دون إبلاغ أسرته، وانقطعت أخباره لمدة أسبوع، وعلى الرغم من جهود الأسرة للاستعلام عنه في المستشفيات، إلا أنهم لم يجدوا أي إجابة باستثناء اتصال من أحد زملائه السجناء الذي أبلغهم بهذه التفاصيل. وبقي في المستشفى العسكري لمدة أسبوع ثم أعيد إلى سجن جو. بعد ذلك، اتصل بأسرته وأخبرهم أنه فقد الوعي لمدة أربعة أيام كاملة وأن حالته الصحية حرجة للغاية. تم وصف الأدوية له، ووعدوه بأنه سيخضع لعمليات الفتق والعمود الفقري قريبًا.

كان عبد الله قد أضرب مراراً عن الطعام، كما في 1 مارس 2023، لكنه أنهى إضرابه في 6 مارس بعد أن وعده الضابط بأخذه إلى الموعد الطبي. ومع ذلك، كما هو الحال دائمًا، لم يتم اصطحابه إلى أي موعد، هذا ما دفعه إلى بدء إضراب آخر عن الطعام في 30 مارس 2023 احتجاجًا على الإهمال الطبي ونُقل إلى عيادة السجن بسبب انخفاض حاد في مستوى السكر لديه لكنه رفض وقف إضرابه عن الطعام ثم نُقل في 5 أبريل إلى عيادة مستشفى السلمانية بعد ستة أيام. على الرغم من هذا التطور، لم يحدد الطبيب في السلمانية موعدًا محددًا للجراحة.

يحتاج محمد إلى عملية عاجلة للفتاق ويحتاج أن يعاينه طبيب جهاز باطنية وعيون وعظام نظرا لوضعه الصحي المتدهور جداً ومن العام 2022 لا يحصل على الدواء اللازم ولا يُنقل إلى الأطباء.

عبد الجبار عيسى محمد

لا يزال السجين السياسي عبد الجبار عيسى المحكوم بالسجن لمدة عشر سنوات ممنوعاً من الزيارة منذ الشهر الماضي وتم نقله إلى الإنفرادي منذ أكثر من أسبوعين إلى الإنفرادي وذلك لمطالبته بتوفير العلاج.

يعاني عبد الجبار من حالات صحية مزمنة: حصوة في الكلى والمرارة – القولون – واضطرابات في المعدة” بسبب عملية سابقة ويحتاج لغذاء خاص ومتابعة دورية لكنه محروم من كل ذلك.

عبد الجبار عيسى هو واحد من بين 21 متهماً حوكموا بقضية عرفت باسم “سرايا الأشتر” وافتقرت المحاكمة الى اجراءات المحاكمة العادلة. في يناير 2023 أفاد عبد الجبار عن تعرضه للإنتهاكات والتعذيب في مبنى التحقيقات كالضرب والتحرش الجنسي والصعق الكهربائي والتهديد باعتقال إخوانه وبالقتل، كأسلوب ضغط لدفعه إلى الاعتراف بالتهم الموجهة ضده، وكذلك تعرضه للإهمال الطبي وعدم الحصول على العلاج.

حبيب علي الفردان

يعاني السجين السياسي المحكوم بالسجن لمدة 75 عاماً حبيب الفردان من تدهور حالته الصحية نتيجة عدم تلقيه العلاج الطبي المناسب، إذ يعاني من فقدان الذاكرة وصعوبة التركيز والصداع المتكرر وهي نفس الأعراض التي عانى منها عندما أصيب بورم في دماغه. ولطالما لم يؤخذ إلى مواعيده الطبية ونفذ إضراباً عن الطعام لمرّات للسبب ذاته. قبل أشهر من اعتقاله، كان قد خضع حبيب لعملية جراحية لإزالة ورم كبير من دماغه في يناير 2015 في ألمانيا. كان حبيب يعاني من الصداع وصعوبة في التركيز وضعف الذاكرة. أوصاه الأطباء بعد انتهاء عمليته بأن يتجنب أي ضغوط جسدية ونفسية وأن يخضع للتصوير بالرنين المغناطيسي كل 3 أشهر. وبعد عودة حبيب من ألمانيا، وقبل أن تتحسن أحواله تمامًا أو أن يستعيد ذاكرته بشكل سليم، تم اعتقاله واستجوابه في ظروف عصيبة.

إضرابات عن الطعام

منذ بداية العام 2023 تصاعدت وتيرة الإحتجاج بين السجناء السياسيين على سياسة الإهمال الطبي والانتهاكات العديدة لحقوق الإنسان التي تعرضوا لها، ولطالما لجأ السجناء السياسيون لهذا السلاح الوحيد لهم بعد فقدان الأمل من المؤسسات المعنية التي لجأوا لها وبعد مطالبهم المتكررة على مدى سنوات، فنفذ العديد من السجناء إضراباً عن الطعام للمطالبة بالحصول على العلاج الصحي اللازم ما عرض حياة العديد منهم للخطر المضاعف بسبب معاناتهم من أمراض مزمنة وتدهور وضعهم نتيجة الإهمال، ونذكر منهم:

السجين السياسي مقداد الجزيري الذي بدأ إضراباً عن الطعام منذ 9 مارس 2023 بعد تجاهل إدارة السجن والمؤسسات الحقوقية المعنية لمطالبته بمقابلة وكيل النيابة وبحقه في العلاج، بعد إصابته في بعض فقرات ظهره إثر التعذيب الذي تعرض له في الحادثة التي وقعت في سجن جو بتاريخ 10 مارس 2015.

الشيخ عبد الهادي المخوضر والشيخ حسن عيسى اللذان أعلنا إضرابهما عن الطعام احتجاجًا على سوء المعاملة والانتهاكات داخل سجن جوّ المركزي بسبب الإهمال الطبيّ وإلغاء المواعيد الطبيّة، وحرمانهم من العلاج.

في 23 فبراير أعلن عدد من السجناء السياسيين عن توجههم إلى الإضراب المفتوح عن الطعام إذا استمرت إدارة السجن في تجاهلها لمطالبهم المحقة بعد نداءاتهم المتكررة.

تحركات الأهالي

يأتي دور الأهالي وعائلات السجناء المرضى في مساندة أبنائهم، ورفع الصوت عاليا وذلك من خلال تجمعات أو مسيرات مطالبة بالإفراج الفوري عن جميع السجناء السياسيين لاسيما الذي يعانون من أمراض مزمنة ويحرمون من العلاج ويتعرضون للانتقام وسوء المعاملة، ويبرز في الحراك قيادة النساء لتلك التظاهرات ورفع العديد من الشعارات على اللافتات في مختلف مناطق البحرين وتحت شعار #أنقذواالسجناءالمرضى التي تندد بسياسة الإهمال الصحي في السجون مما يضاعف قلق الأهالي على أبنائهم الذين باتت حياتهم في خطر.

التَّوصيات

من الواضح أن سياسة الإهمال الطبي المستمرة في سجن جو والظروف اللاإنسانيَّة تنتهك معايير الاحتجاز الدَّوليَّة وقواعد نيلسون مانديلا لحماية السجناء، إلى جانب سوء المعاملة الجسديَّة والنَّفسية وسوء الرعاية الصحيَّة تنتهك حقوق السجناء الإنسانيَّة. تلك السياسة المتعمدة تنتهجها السلطات وسط غياب الضغوط الدولية لاسيما من الدول الحليفة التي تسعى دائماً لتوطيد العلاقة مع البحرين لتعزيز المصالح أهمها المصالح العسكرية، دون اتخاذ اجراءات حقيقية وفعالة على صعيد حقوق الإنسان.

ويظهر جلياً كيف أنّ إهمال الحكومة البحرينية للرعاية الطبية أسفر عن تدهور الحالة الصحية للسجناء وتعريضهم للخطر المضاعف عند اعلانهم الاضراب عن الطعام، أضف إلى ذلك الأمراض الخطيرة التي انتشرت بين السجناء كمرض السل الذي فتك بصحة عدد من السجناء السياسيين عام 2022، وتلك الحالة استدعت إثارة القلق من قبل المقرر الخاص المعني في الصحة في الأمم المتحدة والذي طالب حكومة البحرين بمنح الرعاية الصحية اللازمة لكل من حسن عبد الله حبيب وعلي حسين بركات ومرتضى عبد الرضا محمد.

ووفقاً لذلك، تدعو منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين الدول الحليفة لا سيما الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الإتحاد الأوروبي إلى:

- مطالبة البحرين بالإفراج غير المشروط عن السُّجناء السياسيين، وخاصة كبار السن والمصابين بالسل والأمراض المستعصية، الذين يعانون مضاعفات صحيَّة يمكن أن تتفاقم بسبب تفشي الأمراض.

- مطالبة السلطات بتوفير الرعاية الطبيَّة اللاَّزمة والمناسبة لجميع السُّجناء بالإضافة إلى ضمان استيفاء السجون للمعايير الدنيا لضمان الرعاية الصحيَّة المستحقَّة.

- التحقق من شفافية المسؤولين من وزارة الصحة ووزارة الداخليَّة والمؤسسات الحقوقية الرسمية بالشفافيَّة بشأن المعلومات المتعلقة بالأوضاع الطبيَّة داخل السجون.

- طلب زيارة لاسيما من قبل سفراء الدول إلى سجون البحرين، لمعاينة أوضاع السجون والتعبير عن التضامن مع حال السجناء السياسيين.

- الضغط على البحرين للسماح لمكاتب الإجراءات الخاصة بزيارة سجون البحرين.

- تقديم خطة من شأنها تأمين الإفراج عن السجناء السياسيين في البحرين.