• اخر تحديث : 2024-05-03 21:39
news-details
ندوات وحلقات نقاش

الكيان المؤقت بعد بأس جنين أي خيارات وتحديات؟


"ما بعد معركة بأس جنين ليس كما قبله" هذا ما أكدته المقاومة الفلسطينية عقب الاعتداء الصهيوني على مخيم جنين ومحيطه الذي بدأ فجر الاثنين (3تموز/يوليو 2023) على مدى 48 ساعة وسط إقرار الكيان المؤقت بفشله في تحقيق أهدافه:

ـ تصفية جنين حاضنة المقاومة ومنطلق عملياتها ضد الاحتلال، سواء في الضفة الغربية أو في الأراضي المحتلة عام 48.

ـ تدمير بنى القوة العسكرية للمقاومة التحتية وجيوبها في جنين.

ـ توفير الأمن للمستوطنين، لاسيما في الضفة الغربية، تقول أرقام استطلاع معاريف (الجمعة 7\7\2023): 32في المئة من مجمل المستطلعين "العدوان على جنين لم يحقق إنجازًا هامًا بما يتعلق بالشعور بالأمن"، ولم يعبر 8 في المئة عن موقف بهذا الخصوص، وقال 50 في المئة إن العدوان لم يسهم بشكل كبير في ترميم الردع الإسرائيلي، مقابل 44في المئة الذين اعتبروا أنه أسهم بشكل كبير..

ـ تعزيز قوة الردع التي تآكلت بفعل عمليات المقاومة لاسيما في الضفة الغربية.

على النقيض من هذه الأهداف بدأ داخل الكيان المؤقت "طرح الانسحاب من معظم أجزاء الضفة الغربية، بالتنسيق مع أميركا وحلفاء إسرائيل العرب، مع ترتيبات أمنية تضمن ألا تصبح الأراضي التي تم إخلاؤها "دولة إرهاب" على غرار غزة" (موقع تايمز أوف اسرائيل).  والتقدير الصهيوني "أن العمليات ستستمر في المستقبل القريب في الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر"(إسرائيل اليوم).  و"ما تحقق هو أمر واحد فقط؛ كَسْب الوقت، وإبعاد إسرائيل نسبياً عن الحدث الاستراتيجي المقبل. ويتعين على إسرائيل أن تعرف ما الذي تريده لاحقًا، وما الذي يمكن أن يُحسّن الأوضاع وينشئ للمستوى العسكري واقعاً أفضل، وأكثر ملاءمة للمناورة"(موقع N12)

فماذا جنى الكيان المؤقت من العدوان على مدينة جنين ومخيمها؟، وما هي خياراته المستقبلية

هل إن انتصار جنين يؤسس لتحرير الضفة الغربية، وأي معادلات أرساها على قواعد اللعبة، وأي تحديات على المقاومة الفلسطينية؟    

هذه الأسئلة وغيرها تناولتها حلقة نقاش عقدتها الرابطة تحت عنوان: "الكيان المؤقت بعد بأس جنين: أي خيارات وتحديات".

أولاً: معطيات أولية حول اللقاء:

الزمان

  نهار الاثنين 10\ 7\2023

المكان

Zoom Meeting

 

المشاركون السادة

1

رئيس الرابطة د. محسن صالح.

2

 عضو الرابطة د. حسام الدجني - فلسطين.

3

 عضو الرابطة الأستاذ أحمد عبدالرحمن - فلسطين.

4

عضو الرابطة د. ميخائيل عوض -  لبنان

5

أمينة سر الرابطة د. وفاء حطيط.

 

المداخلات:

د. محسن صالح

جنين والضفة الغربية ما بعد معركة جنين، وخاصة المخيم ليست كما قبلها؛  فجنين انتصرت؛ وصحيح أن الكيان الصهيوني الغاصب بعدوانه دمر وقتل واستشهد العديد من الاخوة ومن المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ ومحاولة تدمير بنية المقاومة التحتية، طبعًا حقق بعض الإنجازات؛ ولكنه في الصميم لم يستطع القضاء على المقاومة، بل على العكس من ذلك فالمقاومة خرجت اقوى أكثر قوة واتحادًا وتصميمًا واكثر ارتباطًا بين القوى المقاومة وحركة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، وهذه مرحلة ربما كان لا بد منها من أجل تحرير الضفة الغربية؛ فالكيان الصهيوني بحث ووجد أن قلب الضفة الغربية هو المزود للمقاومين والمجاهدين والاستشهاديين، ووجد ان جنين هي القلب ؛ لذا حاول القضاء على القلب وفشل، اصبنا ببعض الجراحات ولكنها غير قاتلة، على العكس من ذلك هي صنعت قوة وتنفسًا جديدًا للمقاومة، فالشعب الفلسطيني في الضفة الغربية كما في غزة والداخل مقتنع باعتقاد جازم أنه لا بد من مقاومة هذا العدو الذي بدأ يضعف منذ العام 1982 وعملية الشهيد أحمد قصير، وصولًا الى بأس جنين؛ فهذه العمليات التي استمرت بقوة وتدرجت أوصلت العدو الصهيوني الى نتيجة مفادها أن فلسطين من جديد في قلوب الفلسطينيين والمسلمين وعقولهم، والمقاومة تشتد ويقوى ساعدها.

وإذا كنا نتحدث عن سنوات من العدوان، فإن كل عدوان صهيوني منذ العام 2002 و2006 2008 2012 2014 2018 2022 2023، وكل هذه المعارك أدت الى تراجع العدو وتراجع موازين الردع والقوة والامن والروحية، وأصبح الكيان الصهيوني بمؤسستيه السياسية والعسكرية فاقدًا للثقة التي كانت تعطيها دول غربية والولايات المتحدة الأميركية وحتى المستعمرين داخل الكيان الذي يعيش مأزق جنين وحالة الرعب من جنين والمقاومة في لبنان. وهذه هي البدايات النفسية والعسكرية، فقوة المقاومة في جنين تصنع النصر، وتقتل الصهاينة الذين أصيبوا بذعر، وفشلوا في الدخول ولن يستطيعوا، وأصبحت المقاومة في جنين هي قلب الضفة التي ستتسع لتضم الضفة الغربية كلها على الرغم من إجراءات أجهزة الامن الفلسطينية والمستعربين والجواسيس والعملاء والامن التطبيعي الذي لن يردع المقاومة عن أن تكون جاهزة للانتصار، وانتصار جنين هو بداية معركة تحرير الضفة الغربية.

وهنا نستحضر ما حصل في تحرير الجنوب اللبناني، وتدرج العمليات حتى بدايات العام 2000 عندما وعد ايهود براك أنه سينسحب في تموز، لكن أصرت المقاومة على دحره وليس أن ينسحب بإرادته فنفّذت في الأشهر الأخيرة مجموعة من العمليات الاستشهادية من عرمتى وصولًا الى الناقورة.

والامر المهم الآن بالنسبة لغزة هو أم ما حصل منذ العام 2005 هو هذا التدرج أيضًا؛ وبالتالي فالانسحاب الصهيوني أيضًا ممكن، ويعطينا مؤشرًا على عمل المقاومة وعجز العدو على مواجهتها، لأنه يرى حسابات الربح والخسارة في الاندحار والانسحاب دليلًا.

وفي الضفة هو جرب في جنين التي أصبحت قلب المقاومة النابض، ولم تستطع الاطراف المتآمرة كافة على المقاومة دحر الشعب الفلسطيني أو هزّ احتضان المقاومة في الضفة الغربية أو الداخل التي أصبحت صاحبة اليد العليا على الرغم من هذا الاعتداء، وهذا الاعتداء امتحان نجحت فيه المقاومة وغير التاريخ، ونحن اليوم نتدرج بهذه التواريخ من أجل تحرير فلسطين، والمقاومة في لبنان على جهوزيتها بانتظار وضع الكيان المؤقت الغاضب الاستراتيجي،  وأعتقد أن معظم المؤسسات في الولايات المتحدة والغرب أصبح يرى أن هذا الكيان بات عبئًا على الذي صنعه وركّبه وبناه، وعلى هذه الدول أن تفكر في كيفية مساعدة هذا الكيان لتساعد نفسها، لأن المقاومة ستستمر حتى تحرير فلسطين.

نحن الان امام مفترق طرق ربما يأخذ من 4 الى 5 سنوات،  وفي اعتقادي أن مصير هذا العدو هو الاندحار من الضفة الغربية في سنوات قليلة اقل من أصابع اليد، والمقاومة في الضفة ما بعد جنين هي الأقوى والاقدر والسلطة أوهن من بيت العنكبوت لأنها متصالحة مع هذا الكيان الغاصب، نوهنا تحدث عن فشل استخباراتي واستراتيجي ميداني اعلامي نفسي روحي؛ وبالتالي تتقوى وحدة فصائل المقاومة الفلسطينية فيما تضعف وحدة الكيان المؤقت الداخلية؛ وهذا مؤشر كبير على تفكك هذا الكيان وصعود من سيحرر فلسطين ويحكمها، أو يبني نظامًا ديمقراطيًا، أو النظام الذي يريده الشعب الفلسطيني.

ومحور المقاومة يزداد بقوة هندسية وضعف الكيان الصهيوني ينحدر بقوة حسابية؛ وهذا يحتاج فعليًا الى تحليل القوة النفسية والقوة الردعية إذا كان هناك من توازن رعب خلال هذه السنوات؛ فما بالك في السنوات القادمة بعدما انتصرت المقاومة ويدها في غزة وجنين وجنوب لبنان قوية؛ وبالتالي يقوى محور المقاومة، ونحن أمام مرحلة مهمة جدًا، ومسألة وجود الكيان ليس في الضفة فقط، بل ككيان كلي يأخذ بالتداعي، ونحن بحاجة الى بث المزيد من هذه الروحية.     

د. حسام الدجني:

عندما نتحدث عن انتصار جنين وجنين نفسها لا يمكن فصل جنين عن البيئة الاستراتيجية والماضي القريب الذي كان أحد انعكاسات ونتائج الانقسام الفلسطيني الذي أسس لذهاب السلطة الفلسطينية في اتجاه التنسيق الأمني، وانهاء المقاومة بشكل كبير في الأراضي الفلسطينية؛ ثم جاءت المقاومة بعد ذلك لتطور أدائها، وبدأت من جنين، وبذلك رمزية جنين كمنطقة ومكانة في وعينا الفلسطيني كبيرة لأنها نجحت في رسم الأنموذج.

وفي تساؤلات هذه الورشة، هل انتصار جنين يعطي تحرير الضفة؟ هنا اتحدث عن انتصار جنين؛ ربما في العلوم العسكرية قد يكون الانتصار في مفهوم الحسم العسكري والسيطرة على مقدرات العدو واستعادة الأرض، ولكن الانتصار في الحالة الفلسطينية له خصوصية مختلفة عن المفهوم العسكري والعملياتي لارتباطه بتعزيز صمود الانسان الفلسطيني وإرادة الانسان الفلسطيني وتعزيز جنين لصورة الوحدة الميدانية التي تؤسس للانتصار الحقيقي، وهو إزالة هذا الكيان وكنسه عن كل فلسطين وكامل الأراضي الفلسطينية والمقدسات الإسلامية والمسيحية، وبذلك فالانتصار هنا مرتبط بالصمود وبالأداء والوحدة الميدانية والوحدة السياسية ووحدة المصير. 

وفي ما يتعلق بالانتصار نتكلم عن افشال الأهداف الإسرائيلية، عندما أعلن الكيان المؤقت عن عمليته ربما أراد من تسميته أن يدخل كل بيت في جنين، وكل حديقة في جنين حتى يصل الى أهدافه الرامية إلى استئصال المقاومة الفلسطينية، والقضاء على السلاح الفلسطيني الذي وصل الى جنين بشق الانفس. كان الشهيد طارق عز الدين قبل استشهاده بأيام تحدث لنا ككتاب وقال أن كلفة إعداد فقط 20 مقاتلًا في جنين قد تصل الى مليون دولار، وبذلك هذه المشقة في جمع المال والسلاح، وعندما ترسم جنين هذه اللوحة فهذا بالتأكيد افشال للأهداف الصهيونية، وانتصار لإرادة الشعب الفلسطيني وفكرة المقاومة. 

ربما السؤال الأهم في هذه المعركة، لماذا جاء نتنياهو ليدخل جنين؟، ربما ما حصل في جنين هو أن جنين وضعت يدها على نقطة الضعف الصهيوني، فالضفة المحتلة من الناحية الجيو السياسية منطقة تحيط بها إدارة الكيان المزعوم، أي نستطيع تسميتها الخاصرة الضعيفة، وأي قذيفة تُصنع في جنين، أو غيرها قادرة على تعطيل كل منطقة غلاف الضفة.

في الضفة المحتلة لا تحتاج المقاومة الا ربع كيلومترات، وهذه نقطة تحول جنّ نتنياهو جنونه؛ بالإضافة الى موضوع العبوات التي تفجر أهم ركيزة ،وهي الاستيطان في الضفة الغربية الذي يقوم على ركائز ثلاثة: نهب الثروات والمياه الجوفية أي الاقتصاد، وعلى البعد الأمني والعسكري، وعلى البعد الجيوسياسي، فإذا كان البعد الأمني والعسكري والجيوسياسي لحماية عمق دولة الاحتلال فإن الصواريخ والقذائف التي تفكر المقاومة بها انطلاقًا من جنين القسام في تقديري ستفشل هذه الركائز، وسيكون مشروع الاستيطان أولًا مستهدفًا من المقاومة الفلسطينية، وثانيًا وجوده كعمق استراتيجي لا  يخدم نظرية العمق ولا نظرية الامن الاستراتيجي في الكيان المؤقت، وهذا بالتأكيد سيفشل أشياء استراتيجية، وهذا الذي دفع نتنياهو للذهاب الى هذه العملية الفاشلة.

أي تحديات على المقاومة الفلسطينية؟، انا حصرتها في تحديات داخلية وتحديات خارجية:

أهم التحديات الداخلية هي الانقسام السياسي الفلسطيني ونظرة السلطة نتاج هذا الانقسام الى المقاومة، فهي تنظر الى المقاومة على أنها تهديد استراتيجي، وإعادة استنساخ تجربة غزة بالانقسام عام 2007 الى الضفة الغربية والسيطرة على الحكم، وبالتالي فالخطاب الإعلامي يقوض الروح المعنوية لدى المواطن في الضفة المحتلة على الرغم من أن البيئة حاضرة لاندلاع ثورة بكل الاشكال في الضفة الغربية.

المسألة الثانية هي التسلح وصعوبة التسلح في الضفة.

التحدي الخارجي ضعف الحواضن الدولية في المجتمع الدولي والإقليم المقاوم، فهناك اشغال للشعوب العربية والإسلامية بقضايا أخرى؛ وبالتالي هذا قد يضعف حالة الحواضن التي قد تشكل داعمًا قويًا للمقاومة الفلسطينية؛ بالإضافة الى قطار التطبيع الذي يشكل أيضًا طعنة في خاصرة الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة. 

د. ميخائيل عوض:

من المهم رصد التحولات التي جرت في الضفة الغربية، خاصة أسلوب العبوات التي دمرت آليات إسرائيلية كانت شبيهة كما قال الاسرائيليين بالتحولات التي جرت في لبنان وتطور اداء المقاومة وحجم الالتفاف حولها بجانب الإدارة وأنواع السلاح، وهذا تحدث عنه الإسرائيليون كثيرًا في أبحاثهم، وقالوا إن حزب الله صار بين أضلعنا وذات السياق الذي جرى عمليًا في غزة. وشكلت معركة سيف القدس 2001 التي فرضتها الانتفاضة شبه الدائمة والمستمرة في القدس، خاصة في رمضان وحي الجراح نقطة تحول نوعي واستراتيجي بأن حرب تحرير فلسطين جارية، وعلى الاغلب عبر جولات. وفي العام 2022 كانت أيضًا جولة مهمة جدًا: جولة وحدة الساحات التي تقدم فيها الجهاد في إدارة المقاومة. ومعركة ثأر الاحرار كانت شأنًا مهمًا كثيرا، فقد انتقلت عجلة المقاومة الى الضفة الغربية، وجنين تشكل قلعة حصينة. وجنين كنقطة ارتكاز توفر بيئات وعناصر لتفعيل المقاومة وتطوير أدائها، والعبوة كانت تحولًا كبيرًا بأن المقاومة تستطيع إما تصنيع، أو أن يصل اليها أنواع من المواد النوعية.

ومع حشد الإسرائيليين لكامل قدرتهم ونخبة قواتهم ومحاولة سحق المقاومة في جنين وخسارة إسرائيل للمعركة والتحولات الجارية في الضفة الغربية في جنين تشبه معركة الكرامة 1968. وإنني أرى في سياق الصراع وتطوراته أن حرب تحرير فلسطين جارية، وستأخذ جولات، وفي كل جولة ستراكم فيها المقاومة انتصارات تؤكد أن الحرب جارية. والآن نرى انهيار المشاريع الاخرى والتحولات الجارية ومعادلات كبيرة للرهان على مشروع المقاومة كخيار بديل للخيارات الأخرى، وهو ما يعزز وجهة نظري التي تقول إننا في الأيام الجارية لحرب تحرير فلسطين.  وموضوع ما ينصب من كمائن ومحاولة استفزاز والتشهير بمحور المقاومة واستدراجه للمواجهة عند كل حدث أو عند كل جولة عنف لا ضرر منها.

هل الحملة التي تستهدف محور المقاومة وتبغي احراجه للزج بقواته بكل حدث هل هي محقة؟ اكيد ليست محقة. إسرائيل يابسة وستوسوس لوحدها ولكني بعمق اتفهم ما الذي يقوم به محور المقاومة وما يستعد له.

السيد نصرالله أبلغنا في لقائنا معه خلال مؤتمر الرابطة أن كل الاستعدادات أصبحت جاهزة وستقع الحرب الكبرى التي أعدينا لها، وهي حرب تحرير فلسطين من البحر الى النهر، ويبدو توفير البيئات لإعلام حزب الله مقدمة لمناورة جبل الريحان التي كانت واضحة انتقال الحزب من الدفاعية الى الهجومية. نحن في الأيام الجارية لحرب تحرير فلسطين من البحر الى النهر تتخذ صفة الجولات، والتحول الذي شهدناه شيء مهم جدًا.

الأستاذ أحمد عبد الرحمن:

 هناك تشابه كبير بين معركة جنين ومعركة مارون الراس، وحتى القوات الإسرائيلية التي كانت في مارون الراس كانت نفسها في جنين. وهذه المعركة لم تكن معركة عادية من حيث الوحدات والحجم والمستوى والاهداف العملياتية وحجم القوات، كانت المعركة كبيرة، ولا يهم عدد القوات ولكن المهم هو نوعيتها. فما أُريد من هذه العملية كان كبيرًا.

حجم القوات والمحاور وما تم في الساعة الأولى حصل في غزة، السيناريو والأسلوب والطريقة نفسها. وهي محاولة لإحداث حالة من الفراغ؛ وكل ذلك كان يشي بأن هناك شيء كبير وأهداف كبيرة يحاول الكيان المؤقت تحقيقها من وراء هذه العملية، في المقابل كانت المقاومة تملك تكتيكًا عسكريًا مميزًا؛ وكل ذلك يضعنا أمام تصنيف مهم للمعركة.

عندما يُستهدف الكيان في الخاصرة الرخوة في المستوطنات في الضفة الغربية على الطرق الالتفافية فاعتقد ان الكيان المؤقت كان ملزمًا بالذهاب الى عملية. وأهدف القيادة الصهيونية الأهم عسكرية، وليس القضاء على كتيبة جنين أو فصائل المقاومة فقط؛ بل قطع ذراع محور المقاومة.

هناك تسليح ممنهج في الضفة الغربية بغض النظر عن الوسائل وهناك دعم مالي مميز خلال العامين الاخيرين وهذا يعرفه الكيان جيدًا ولكنه عاجز عن منعه.

النتائج الصهيونية سياسيًا صفر كبير، ونتنياهو لم ينجح في كسب الرأي العام، أو ايهامه بالانتصار، وبالتالي تتوقف المظاهرات، أو ايهامه بوجود خطر كبير على الكيان وربما يوحدهم كما كان يريد. والأهم من ذلك هو الهدف العسكري الذي هو صفر كبير فالكيان فشل في حسم مسرح العمليات مع أنه كان مسيطرًا تمامًا عليه.

 النتائج السياسية صفر كبير كما النتائج العسكرية صفر كبير مقابل نتائج مهمة للمقاتلين الحفاظ على وحدتهم وقوتهم التسليحية، وعلى خططتهم القتالية، والحفاظ على تماس مباشر مع حاضنتهم الشعبية.

ومع ذلك هناك تحديات كبيرة، أعتقد أن التحدي الأساس هو تعزيز هذه المقاومة وانتشار هذه الكتائب في كل المدن والساحات في الضفة الغربية، لاسيما في الخليل، وتحدي الحفاظ على الوحدة، وتحدي محور المقاومة هو تعزيز وحدة الساحات.

في المجمل الانجاز كبير يمكن البناء عليه، وزيادة وحدتنا الوطنية، وربما تكون هذه المعركة مقدمة لتحرير الضفة، وأن كان هذا يحتاج الى عمل وجهد كبيرين. 

الخط الأحمر موجود لدى محور المقاومة وفصائل المقاومة والمقاومة في غزة، ويعرفون الحد الفاصل وهو حساس جدًا. الخط الأحمر للمقاومة للجهاد الإسلامي في معركة جنين كان دخول قلب المخيم. والخط الأحمر هو قلب المخيم جغرافيًا وليس عدد الشهداء أو نوعيتهم، ولو دخلت القوات الصهيونية من محور الدمج وتجاوزت حارة الحواشين لكانت دخلت قلب المخيم، وباتت مشرفة من الخلف على الستة مداخل، يعني كانت ستضرب المقاتلين من ظهورهم، وكان سيسقط المخيم بكل تأكيد.

الضفة مختلفة نوعًا ما عن تجربة جنوب لبنان وغزة وتحتاج الى إمكانيات وموارد وجهد أكبر، ومسرح العمليات لم يكن في صالح المقاومين؛ فالاحتلال يسيطر على كل شيء، بالإضافة الى وجود السلطة ودورها الاستخباري.  وحتى بعد انتهاء هذه المعركة هناك انتشار لقوات السلطة في بعض المناطق بحجة الحفاظ على الامن، ولكن أي امن!! فالإسرائيلي انسحب، وكان الأولى أن تنتشر عند وجود الإسرائيلي، وأن تتصدى له، ولكان هذا شرف كبير للمقاتل في السلطة، او حتى للرئيس أبو مازن. السلطة دورها مهم ولا أقول تخريبي، ولكنه يؤثر كثيرًا على عمل المقاومة.

إن تآكل قوة الردع الصهيونية أمر واقع وليس نظريات، فذراع البر في الجيش لديه مشكلة كبيرة، وعلى مستوى سلاح الجو هو قوي ومتفوق على الدول العربية وبعض الدول العالمية، ولكن عندما تشتبك القوات على الأرض فسلاح الجو لا يستطيع التدخل لأن هناك هامش للخطأ.

نحن نحتاج الى أكثر من 5 سنوات لتحرير الضفة الغربية والأمور بحاجة الى وقت أكثر ومراكمة قوة ومراكمة خطوات، ووحدة ميدانية، ووحدة على مستوى المحور، ووحدة ساحات تحتاج ربما الى سنوات إضافية.