• اخر تحديث : 2024-05-03 14:30
news-details
تقارير

وول ستريت جورنال: أصبح الشرق الأوسط الصراف الآلي للعالم


مع تدفق الأموال من طفرة الطاقة، تتمتع السعودية وغيرها من دول الخليج بلحظة على المسرح المالي العالمي ومن المتوقع أن يحظى مؤتمر الشهر المقبل، وهو مشروع يحبذ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن يحظى بحضور جيد.

قبل خمس سنوات، شاهد المسؤولون السعوديون انسحاب موجة من المديرين التنفيذيين الماليين الأميركيين من مؤتمر الاستثمار الحر في الرياض بعد مقتل صحفي معارض مما جعل المملكة مكانًا سامًا لممارسة الأعمال التجارية. ويتوقع مؤتمر "دافوس في الصحراء"  طلبًا كبيرًا هذا العام  إلى درجة أن المدير التنفيذي الواحد يتقاضى 15 ألف دولار.

إن الأنظمة الملكية في الشرق الأوسط المتلهفة إلى النفوذ العالمي تمر بلحظة على المسرح المالي العالمي. فهي تتدفق عليها الأموال النقدية من طفرة الطاقة في الوقت الذي تراجع فيه الممولون الغربيون التقليديون الذين أعاقهم ارتفاع أسعار الفائدة  عن عقد الصفقات والاستثمار الخاص. وأصبحت صناديق الثروة السيادية في المنطقة بمثابة ماكينة الصراف الآلي الرائجة للأسهم الخاصة ورأس المال الاستثماري والصناديق العقارية التي تكافح من أجل جمع الأموال في أماكن أخرى.

  وقد شهدت سوق عمليات الاندماج والاستحواذ الكبيرة زيادة في الاهتمام من المنطقة، وتشمل الصفقات المعلن عنها مؤخرًا قيام صندوق أبوظبي بشراء شركة إدارة الاستثمار "فورتريس" مقابل أكثر من 2 مليار دولار، وشراء صندوق سعودي لوحدة الطيران التابعة للمقرض العالمي ستاندرد تشارترد بقيمة 700 مليون دولار. وسارعت الشركات والصناديق التي يشرف عليها مستشار الأمن القومي في أبوظبي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان إلى شراء بنك ستاندرد تشارترد وبنك لازارد الاستثماري، وأبرموا أيضًا صفقات حديثة لشراء شركة رعاية صحية في المملكة المتحدة بمبلغ 1.2 مليار دولار، والسيطرة جزئيًا على شركة أغذية كولومبية عملاقة تبلغ قيمتها حوالي 6 مليارات دولار.

قال مؤسس شركة جيد أدفايسورز الاستشارية بيتر جادرستين  : "الآن، الجميع يريد الذهاب إلى الشرق الأوسط، إنه مثل حمى الذهب في الولايات المتحدة". ويقول مديرو صناديق التمويل الذين يزورون المنطقة إنهم غالبًا ما ينتظرون أمام منافسيهم في غرف الانتظار في صناديق الثروة السيادية، ويقولون إن مديري وادي السيليكون ونيويورك يتواجدون بشكل شبه دائم في فندق فور سيزونز أبوظبي، كما هو الحال مع الفنادق الكبرى الأخرى. لذا، من المتوقع أن يكون مؤتمر الرياض الشهر المقبل - وهو مشروع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان المفضل ويعرف باسم مبادرة مستقبل الاستثمار - نقطة جذب لصائدي الأموال.

ويواصل بعض الشركات الابتعاد عن المملكة؛ إذ تقول جماعات حقوق الإنسان إن سجلها في معاملة المعارضين الحكوميين لا يزال يمثل مشكلة خطيرة. لكن أصبح التمويل السعودي أكثر طلبًا في العام الماضي عندما بدأت الأموال الأخرى في النفاد، ويشهد على ذلك مؤتمر العام الماضي ؛ فقد جلس رئيس صندوق الاستثمارات العامة ياسر الرميان في حلقة نقاش مع اثنين من أكبر المديرين التنفيذيين لشركات الاستثمار في العالم: ستيفن شوارزمان من بلاكستون وراي داليو مؤسس بريدجووتر أسوشيتس.

تتجلى الهيمنة الجديدة للمنطقة بشكل أوضح بين الصناديق الخاصة، وهو النوع الذي يحبس أموال المستثمرين لسنوات، ومع ندرة الإحصاءات التفصيلية، إلا أن الأرقام في اثنين من أكبر الصناديق السيادية تشير إلى حدوث زيادة، فقد سجلت التزامات "الأوراق المالية الاستثمارية" في  صندوق الاستثمارات العامة السعودي إلى 56 مليار دولار في العام 2022 ارتفاعًا من 33 مليار دولار مقارنة بالعام السابق، وذكرت مبادلة أبوظبي أن التزامات الأسهم تضاعفت إلى 18 مليار دولار في عام 2022. وبحسب قول الرئيس التنفيذي لشركة كارلايل هارفي شوارتز في مؤتمر عُقد في حزيران/ يونيو: "إن المستثمرين في الشرق الأوسط مبادرون للغاية وديناميكيون للغاية".

يقابل هذه الطفرة في الشرق الأوسط تراجع الداعمين التقليديين لصناديق الاستثمار، وتسبب التحول العالمي إلى أسعار الفائدة الأعلى بخسائر في أكبر أجزاء محافظهم الاستثمارية. واستثمر المستثمرون 33 مليار دولار في صناديق رأس المال الاستثماري في الولايات المتحدة في النصف الأول من العام 2023، أي أقل من نصف الـ 74 مليار دولار التي استثمروها في الفترة نفسها من العام 2021، وانخفض جمع الأموال العالمي لكل الصناديق الخاصة بنسبة 10 بالمئة في العام الماضي، وهو انخفاض يتوقع الكثيرون أن يستمر.

إن سبب انفجار التمويل وعقد الصفقات في المنطقة ذو شقين، فقد أعطى ارتفاع أسعار الطاقة لصناديق الثروة المعتمدة على النفط في المنطقة عشرات المليارات من الدولارات من الأموال الإضافية لإنفاقها، وهذا يعني أن انخفاض أسعار النفط قد يؤدي إلى انسحاب دول الخليج بسرعة، كما حدث في طفرات الطاقة التي تحولت إلى كساد في الماضي.

وفي الوقت نفسه، يتنافس الأمير السعودي محمد وكبار المسؤولين في الإمارات  من أجل نفوذ أكبر على المسرح العالمي؛ إذ يضخون أموالاً إضافية إلى صناديق ثرواتهم لعقد الصفقات وتوسيع الصناعة في الداخل.

ويقول مديرو صناديق الاستثمار أن الصناديق الخليجية دفعت نظيراتها الأميركية إلى فتح مكاتب في المنطقة لكسب استثمارات بسهولة أكبر، وقالت بلاك روك إنها ستشكل فريقًا على الأرض في الرياض مخصصًا لتعزيز الاستثمار في مشاريع البنية التحتية في الخليج.

يقول المدير الإداري المقيم في دبي لشركة "نيومارك جروب" ومقرها الولايات المتحدة جوزيف موريس: "هناك وعي بضرورة بناء العلاقات، وذلك لا يحدث بين عشية وضحاها".

وقد كافح  ذراع رأس المال الاستثماري لشركة "تايجر جلوبال" لجمع صندوقه الأخير، وخفض هدفه مرارًا بمليارات الدولارات، لكن مكانًا واحدًا وجد فيه النجاح: السعودية؛ فقد أضاف أحد أقسام صندوق الاستثمارات العامة ـ  سنابل ـ   هذا الربيع اسم تايغر إلى قائمة مديري الصناديق الذين يدعمهم. ومن بين الآخرين المدرجين في القائمة صندوق مؤسسي بيتر ثيل وأندريسن هورويتز.

ويقول إبراهيم عجمي الذي يشرف على استثمارات الشركات الناشئة في صندوق "مبادلة" التابع لحكومة أبوظبي ويستثمر في الشركات والصناديق: "البيئة تمنح صندوق "مبادلة" القدرة على أن يكون "مدروسًا للغاية وانتقائيًا" بشأن من يدعمه، مضيفًا أنه يمكنه التفاوض على شروط تسمح لـ"مبادلة" بشراء حصة في مدير الصندوق نفسه، أو السماح له بالاستثمار إلى جانب آخرين.