نفذ حزب الله ما وصفه بأول عمل انتقامي له ضد إسرائيل عقب اغتيال المسؤول الكبير في حركة حماس صالح العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وبحسب موقع "Responsible Statecraft" الأميركي، "أصدر الحزب بيانا أعلن فيه أنه أطلق وابلا من 62 صاروخا على قاعدة مراقبة جوية إسرائيلية تقع في جبل ميرون شمال إسرائيل. وبحسب البيان، فإن الهجوم الصاروخي حقق إصابات مباشرة في ما قال إنه رد أولي على اغتيال العاروري. في غضون ذلك، أكد الجانب الإسرائيلي إطلاق 40 صاروخا باتجاه القاعدة، دون مزيد من التفاصيل حول ما إذا كانت الصواريخ قد حققت هدفها. ولكن وفقا لما ذكرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية ليلة الأحد، فإن الإسرائيليين يقولون الآن إن العملية ألحقت أضرارا جسيمة بمنشأتهم العسكرية. من ناحية أخرى أعلن الجيش الإسرائيلي أنه نفذ عملية واسعة النطاق ضد أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ردا على عملية حزب الله. وبحسب الجيش الإسرائيلي، فقد أصيبت "أصول كبيرة" تابعة للحزب في الهجمات".
وتابع الموقع، "تأتي هذه التطورات بعد أن توعد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بالرد على اغتيال العاروري، والتي كانت أول عملية عسكرية إسرائيلية تستهدف العاصمة اللبنانية منذ حرب عام 2006 مع حزب الله. وقال خلال كلمة متلفزة يوم الجمعة: "لا يمكننا أن نبقى صامتين على مثل هذا الانتهاك الخطير"، مضيفا أن "الرد قادم". وعلى الرغم من التوترات المتصاعدة، إلا أن الوضع لا يزال تحت السيطرة، على الأقل في الوقت الحالي. وأوضح العميد المتقاعد في الجيش إلياس حنا في مقابلة مع الموقع أن "عملية حزب الله هي أكثر من مجرد تصعيد وأقل من حريق"، وأضاف أن "إسرائيل من جانبها تعتمد على الولايات المتحدة في الذخيرة والقوة النارية"، مشددا على أن حزب الله أقوى بعشر مرات من حماس. وتابع قائلاً: "في حالة نشوب حرب شاملة مع حزب الله، ستحتاج إسرائيل إلى الاعتماد بشكل أكبر على الولايات المتحدة التي تعارض مثل هذه الحرب".
وأضاف الموقع، "مع ذلك، أثارت الجولة الأخيرة من التصعيد على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية مخاوف من نشوب صراع شامل. وحذر منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في كلمته للصحفيين في بيروت، من مخاطر تورط لبنان في حريق واسع النطاق، مشدداً على أنه "من الضروري للغاية تجنب جر لبنان إلى صراع إقليمي". كما تضمن جدول أعمال بوريل في بيروت إجراء محادثات مع رئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد. ويعد هذا أول لقاء بين مسؤول غربي كبير وممثل عن حزب الله منذ اندلاع أعمال العنف على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية في 8 تشرين الأول. ويأتي ذلك في الوقت الذي تكثف فيه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن جهودها للتوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل. وينبع دفع واشنطن لإطلاق محادثات حول صفقة محتملة من مخاوفها من اندلاع حرب شاملة على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية".
وبحسب الموقع، "يقود هذه الجهود المستشار الخاص لبايدن للطاقة والبنية التحتية، آموس هوكشتاين. وقام الأخير، الذي توسط بنجاح في اتفاق الحدود البحرية الذي تم التوصل إليه بين لبنان وإسرائيل في عام 2022، بزيارة إسرائيل مؤخرًا لمناقشة الوضع على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية واتفاق حدود برية محتمل. ولم يستبعد نصر الله استعداد حزبه للمشاركة في محادثات ترعاها الولايات المتحدة حول مثل هذا الاتفاق، مشددًا على أن ذلك لا يمكن أن يحدث قبل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة. وقال نصر الله في خطابه إن أي محادثات أو مفاوضات أو حوار لن يتم أو يحقق نتيجة إلا بعد وقف العدوان على غزة".
وتابع الموقع، "بدا أيضاً أن زعيم حزب الله يضع شروطه للتوصل إلى اتفاق محتمل. فهي لم تشمل فقط انسحاب إسرائيل مما يقول لبنان إنها أراضٍ محتلة في قرى مزارع شبعا والغجر، بل تشمل أيضاً إنهاء كل الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية. وأكد: "إننا نقف أمام فرصة تاريخية لتحرير كل شبر من الأراضي اللبنانية ومنع العدو من انتهاك السيادة اللبنانية في البر والجو والبحر". وتعكس تصريحات نصر الله ما يقوله مسؤولون في حزب الله سرا عن عدم معارضة الحزب من حيث المبدأ لفكرة المحادثات أو المفاوضات عبر الحدود. "إن الإعلان عن أنه لن تكون هناك محادثات تتعلق بهذه القضية قبل وقف إطلاق النار في غزة يشير إلى أن حزب الله منفتح من حيث المبدأ على مثل هذه المحادثات"، وفقًا لأحد مسؤولي حزب الله الذي تحدث إلى الموقع شرط عدم الكشف عن هويته".
وكشف الموقع أن "مسؤولين من الحزب الشيعي قد صرحوا في اجتماعات مغلقة مع دبلوماسيين أوروبيين أن الاتفاق البحري الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بين لبنان وإسرائيل يمكن أن يسهل المحادثات حول اتفاقية برية محتملة. والأهم من ذلك، تشير هذه التصريحات إلى أن حزب الله لا يزال مستعدًا للمشاركة في جهود الوساطة التي تقودها الولايات المتحدة على الرغم من الدعم غير المشروط تقريبًا الذي تقدمه إدارة بايدن لإسرائيل في الصراع الحالي في غزة. إن استعداد حزب الله المشروط للانخراط في مثل هذه العملية تحت رعاية الولايات المتحدة، وإحجامه المستمر عن اتخاذ إجراء من شأنه أن يؤدي إلى حرب شاملة، يوفر قوة دافعة قوية لإدارة بايدن للضغط على إسرائيل للموافقة على وقف دائم لإطلاق النار في غزة، لأسباب ليس أقلها هدف واشنطن المعلن المتمثل في منع حدوث تصعيد كبير على الجبهة اللبنانية-الإسرائيلية".
ورأى الموقع أنه "من شأن صراع واسع النطاق على هذه الجبهة أن يقوض المصالح الأميركية في لبنان، الذي يظل أحد أهم دول المنطقة وبوابة الغرب إلى الشرق الأوسط. وعلى الرغم من علاقاتها الوثيقة مع إسرائيل، تواصل واشنطن ممارسة نفوذ كبير في لبنان، ويعد الجيش، وهو المؤسسة الأكثر احتراما في البلاد، أحد أكبر المستفيدين من المساعدات العسكرية الأميركية في العالم كما يسافر ضباط وجنود الجيش بشكل متكرر إلى الولايات المتحدة كجزء من برامجهم التدريبية. وقد عزز نجاح واشنطن في التوسط في صفقة الحدود البحرية دورها كلاعب حاسم في لبنان، خاصة وأن البلاد لا تزال من الناحية الفنية في حالة حرب مع إسرائيل".
وبحسب الموقع، "من ناحية أخرى، فإن فشل الولايات المتحدة في الضغط من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة، يعرضها لخطر حقيقي باندلاع حرب على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية. ويعود هذا إلى حد كبير إلى عقلية "الرجال الحقيقيون يذهبون إلى بيروت" التي يبدو أنها سائدة بين بعض أعضاء النخبة السياسية والعسكرية الإسرائيلية. وكما تبنى المحافظون الجدد في الولايات المتحدة شعار "الرجال الحقيقيون يذهبون إلى طهران" بعد غزو الولايات المتحدة للعراق والإطاحة بنظام صدّام حسين في عام 2003، يبدو أن بعض المسؤولين الإسرائيليين الأكثر تطرفاً يتشوقون لخوض حرب مع حزب الله. وكشفت صحيفة واشنطن بوست أيضًا أن المسؤولين الأميركيين يشعرون بقلق متزايد من احتمال لجوء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى التصعيد على الجبهة اللبنانية لاعتبارات سياسية داخلية. وبغض النظر عن الكيفية التي ستنتهي بها مثل هذه الحرب، فسوف ينظر إليها الكثيرون، وخاصة في كل أنحاء العالم العربي، على أنها مدعومة من واشنطن".
وتابع الموقع، "مع ذلك، وعلى عكس الوضع في عام 2006 عندما هاجم الإسرائيليون العاصمة اللبنانية آخر مرة، عاد العالم إلى عصر تنافس القوى العظمى مع دول مثل الصين وروسيا التي تسعى إلى تعزيز دورها في الشرق الأوسط. وتتحدى كل من بكين وموسكو النفوذ الأميركي في المنطقة، حيث نجحت الأولى في التوسط لاستئناف العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية، بينما تتدخل الأخيرة عسكرياً نيابة عن الرئيس السوري بشار الأسد. إن امتناع الصين وروسيا عن تبني موقف مناهض لحماس في الصراع في غزة يشكل مؤشراً آخر على عزمهما على التنافس مع الولايات المتحدة في المنطقة".
وختم الموقع، "إن الحرب الشاملة على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية لن تؤدي إلا إلى تقويض النفوذ الأميركي في لبنان بطرق لا يمكن إلا أن تفيد الصين وروسيا. ومن المرجح أن يميل كلا البلدين إلى توسيع نفوذهما في لبنان نظراً لأهميته الجيوسياسية. كما ومن المرجح أن يزيد ذلك من النفوذ الهائل الذي تتمتع به إيران، التي تدعم حزب الله، في لبنان".