ذكرت صحيفة "ذا هيل" الأميركية في تقرير لها أنه "لم يعد بوسعنا الآن أن نرى كيف تعثرت أوروبا، نصف نائمة، في الحرب العالمية الأولى إلا بفضل الإدراك المتأخر. ففي ذلك الوقت، لم يكن بوسع أحد أن يتنبأ كيف يمكن ان يؤدي صراع إقليمي محلي إلى إشعال شرارة ما كان آنذاك الصراع الأكثر تدميراً في تاريخ البشرية. والآن، بعد مرور ما يزيد قليلا عن قرن من الزمان، فإن الولايات المتحدة هي التي تسير نائمة نحو حرب عالمية شاملة، مع استمرار مخاطر اندلاع حرب إقليمية تتحول إلى حرب أوسع نطاقا في الارتفاع بشكل كبير. وبعبارة أخرى، بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على غزو حماس لإسرائيل، يقف العالم على شفا حرب عالمية أخرى".
وتابعت الصحيفة، "إذا أردنا تجنب مثل هذا السيناريو الكارثي، يجب على الولايات المتحدة ألا تكون واضحة الرؤية بشأن المخاطر المتزايدة فحسب، بل أيضًا من هم أعداؤها وما هي نواياهم، وقبل كل شيء، يجب أن تكون حازمة في تصميمها على منع الصراع بين إسرائيل وحماس من الانتشار إلى أبعد مما هو عليه بالفعل. بعد اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، أوضح الرئيس الأميركي جو بايدن أن لديه أولويتين: إبقاء القتال محصوراً في غزة، وردع إيران عن استغلال الفوضى، إما عن طريق مهاجمة إسرائيل مباشرة أو إطلاق العنان لوكلائها من حزب الله والحوثيين لمهاجمة أهداف إسرائيلية أو أميركية. ولتحقيق أهدافه، أمر بايدن بإرسال مجموعتين هجوميتين من حاملات الطائرات إلى المنطقة وأصدر تحذيرًا شديد اللهجة لإيران وحزب الله بعدم التدخل".
وأضافت الصحيفة، "لسوء الحظ، فشلت جهود بايدن على الجبهتين، خاصة مع انتشار القتال من غزة إلى البحر الأحمر واليمن والعراق وسوريا، ومع تعرض القوات الأميركية للهجوم في البلدين الأخيرين. علاوة على ذلك، من الواضح أن إيران لا تردع، ولا تشعر إلا بالقليل من الضغوط لكبح جماح وكلائها. نفذ حزب الله هجمات صاروخية شبه يومية ضد إسرائيل، وشعر أمينه العام حسن نصرالله بالقدر الكافي من الجرأة لتهديد الولايات المتحدة، قائلاً في حرب إقليمية إن "المصالح والجنود الأميركيين سيكونون الضحية"، مؤكداً أن "السفن والقوات الجوية الأميركية ستدفع ثمناً باهظاً".
وبحسب الصحيفة، "استهدف وكيل إيراني آخر، الحوثيون في اليمن، السفن البحرية الأميركية وحلفائها، إلى جانب سفن الشحن التجارية، مما أدى فعلياً إلى إغلاق البحر الأحمر، الذي تعتمد عليه 10% إلى 15% من التجارة العالمية. لقد أدى فشل بايدن في ردع إيران الآن إلى تورط أميركي مباشر، وبشكل متزايد، وإلى خطر توسيع الحرب في الشرق الأوسط. ومع تنفيذ الطائرات والسفن الأميركية الآن مئات الغارات الجوية في كل أنحاء اليمن، فإن أي حادث يمكن أن يكون الشرارة التي تشعل حربًا عالمية، ما قد يدفع إيران وربما حليفتها الروسية إلى دخول الصراع بشكل مباشر. لكي نكون واضحين تمامًا، هذا لا يعني أن بايدن يجب أن يهاجم إيران بشكل استباقي لردع النظام. ومع ذلك، فهذا يعني أن هناك غيابًا واضحًا لفهم مخاطر حرب موسعة، فضلاً عن غياب استراتيجية لتجنبها".
وتابعت الصحيفة، "سوف تستمر المخاطر في الارتفاع طالما أن إيران تشعر أن لديها الحرية لزرع الفوضى حتى دون وجود تهديد حقيقي يتمثل في رد فعل أميركي ساحق. ومن الجدير بالذكر أيضًا أن شبه تخلي بايدن عن إسرائيل يساهم بالتأكيد بأن الولايات المتحدة لن تدافع عن الدولة اليهودية لفترة أطول، ففي حين قدم بايدن في البداية دعمًا كاملاً للجهود العسكرية الإسرائيلية ضد حماس، بدأت الإدارة في تغيير لهجتها، على الأرجح ردًا على الضغوط التي يتعرض لها الرئيس الأميركي من الجناح اليساري في حزبه. سواء لأسباب سياسية أو بسبب رغبة بايدن التي تبدو غير محدودة في التوصل إلى اتفاق دبلوماسي مع إيران، فقد فشلت الإدارة في محاسبة طهران، مما أدى إلى السيناريو الخطير الذي نواجهه الآن".
وختمت الصحيفة، "في نهاية المطاف فإن الخوف من الصدام المباشر مع الولايات المتحدة هو الشيء الوحيد الذي قد يرغم إيران على التنحي، وبالتالي يقلل من مخاطر تصاعد الحرب الحالية بين إسرائيل وحماس إلى حرب أوسع نطاقاً تجتاح العالم أجمع".