استغرب الكثير من المعلقين الأميركيين إقدام الرئيس المنتهي ولايته دونالد ترامب على تغييرات واسعة بين قادة وزارة الدفاع قبل 70 يوما فقط من تنصيب رئيس جديد في العشرين من يناير/كانون الثاني المقبل.
وقد أرجع البعض هذه التغييرات -والتي أطاحت بوزير الدفاع وعدد من كبار المسؤولين بالبنتاغون- إلى عدة أسباب منها حسابات شخصية تتعلق بطبيعة شخصية الرئيس ترامب، في حين رأي آخرون أن الرئيس يريد فريقا يدعم استكمال سياساته خلال الفترة المتبقية له في الحكم.
قائدا أعلى للقوات المسلحة
دستوريا، يستمر الرئيس دونالد ترامب رئيسا وقائدا أعلى للقوات المسلحة حتى منتصف يوم العشرين من يناير/كانون الثاني المقبل حين يتم تنصيب الرئيس الجديد.
وقد تعهد ترامب بإعادة القوات الأميركية من أفغانستان قبل حلول أعياد الميلاد، ومن الممكن أن ينفذ ترامب الانسحاب السريع للقوات الذي تعهد به لعدة أشهر وتردد في تنفيذه بسبب مخاوف من وزير الدفاع مارك إسبر وآخرين.
ودفعت إقالة وزير الدفاع مايك إسبر، واستبدال كريستوفر ميلر الرئيس السابق للمركز الوطني لمكافحة الإرهاب به، لتخوف البعض من انسحاب متسرع من أفغانستان وسوريا، وربما العراق.
ويمكن للرئيس ترامب، خلال الفترة المتبقية له في الحكم، اتخاذ أي قرارات تتعلق بتمركز وانتشار القوات الأميركية في الخارج "بما يزعزع الاستقرار الإقليمي ويحد من سياسات بايدن المستقبلية"، طبقا لدبلوماسي أميركي تحدث للجزيرة نت وطلب عدم ذكر اسمه.
وحذّر الدبلوماسي من انسحاب متسرع من شأنه "أن يتسبب أيضا بسرعة في إراقة الدماء، والمكاسب التي حققتها الجماعات الإرهابية، وفي نهاية المطاف، عودة فوضوية للقوات الأميركية. وهذا من شأنه أن يجعل من المستحيل على بايدن متابعة عملية مراجعة وجود القوات الأميركية في الخارج التي وعد بها.
وتحدثت مصادر عسكرية لموقع أكسيوس (Axios) حول الإقالات التي أجراها ترامب في وزارة الدفاع، وأكدت أنها "تهدف إلى الإسراع في سحب القوات الأميركية من الشرق الأوسط، ولاسيما أفغانستان وسوريا".
من جانبه، رفض السيناتور الجمهوري راند بول الدعوات المشككة فيما يمكن للرئيس اتخاذه من قرارات عقب إقالته عددا من مسؤولي وزارة الدفاع.
وغرد السيناتور الجمهوري عن ولاية كينتاكي "أود أن أذكر هؤلاء الذين يقولون إن سحب القوات قد يسبب خلافات مع الجنرالات والبنتاغون: هناك قائد واحد فقط، هو الرئيس وعندما يأمر القائد الأعلى للقوات المسلحة بالانسحاب من أفغانستان، يكون الجواب الوحيد الصحيح هو: نعم يا سيدي".
واعتبرت قيادات البنتاغون أن من شأن خطوة سحب القوات أن تحرم واشنطن من استمرار الضغط على تنظيم طالبان للالتزام بشروط اتفاق السلام الموقع مع حكومة كابل، كما أنها تحد من قدرة واشنطن على مواصلة محاربة تنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية.
حسابات شخصية
على صعيد آخر، أرجع بعض المعلقين قرارات ترامب إلى تصفيته حسابات شخصية فقط ولا تتعلق بأي سياسات مستقبلية.
وحذر النائب آدم سميث -رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب- من عواقب ما اعتبره "خطوات خطيرة يتخذها الرئيس ترامب في وزارة الدفاع خلال فترة انتقالية رئاسية".
واعتبر سميث أن الشيء الوحيد الذي منع دونالد ترامب من القيام بأشياء من شأنها أن تكون مجنونة تماما في السابق كان "احتمال إعادة انتخابه والضغط السياسي".
وكان إسبر والجنرال مارك كيلي قد اختلفا مع الرئيس ترامب عقب طلبه إرسال قوات الجيش للمساعدة في قمع الاحتجاجات في شوارع واشنطن العاصمة، واعتبر إسبر أن المهمة يجب أن تترك للحرس الوطني المحلي.
وقد تم إقناع ترامب حينها بتأجيل إقالة إسبر من قبل مساعدين ومشرعين تخوفوا من أن مثل هذه الخطوة لن تبدو جيدة جدا في الانتخابات.
بدوره، يرى ديفيد دي روش -المحارب السابق الأستاذ المساعد في مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني الأميركية- أن من الصعوبة تسييس الجيش الأميركي.
وتابع في حديث مع الجزيرة نت "من سوء الحظ أن البعض يسيس الجيش الأميركي ويتصرفون كما لو كان لجيشنا دور سياسي مهم، نحن لسنا في مصر ولا باكستان".
يذكر أن نتائج الانتخابات الرئاسية -والتي لم يعترف ترامب بها بعد- تشير إلى تقدم المرشح الديمقراطي جو بايدن وحصوله على أكثر من 270 صوتا من أصوات المجمع الانتخابي اللازمة للوصول للبيت الابيض.