صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تنشر تقريراً للكاتبة ماجي هابرمان، تتناول فيه قرار المحكمة العليا أول أمس بحق دونالد ترامب وما يعنيه وتوقعات ما بعد القرار. أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:
من المرجح أن يؤدي قرار المحكمة العليا الأميركية بشأن التهم الموجّهة إلى دونالد ترامب إلى تأخير البتّ في قضية اقتحام مبنى الكابيتول في 6 كانون الثاني/يناير إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية. وإذا فاز بها، يتوقع أن تسقط وزارة العدل التهم الموجهة إليه.
إنّ النظام القانوني الذي وجّه إلى دونالد ترامب ضربات موجعة على مدى الأشهر الستة الماضية، منحه أول أمس الاثنين واحدة من أهم الأخبار الجيدة التي تلقاها منذ بدء حملته.
قضت المحكمة العليا الأميركية، التي عززت ترشيحات ترامب أغلبيتها المحافظة يوم أول أمس الاثنين، بأنّ الرئيس السابق محمي جزئياً من الملاحقة القضائية بشأن لائحة الاتهام المرتبطة بجهوده لـ"إحباط انتقال السلطة بعد انتخابات 2020".
وبحسب قرار المحكمة، فإنّ الرؤساء يحق لهم الحصول على حماية كبيرة لأعمالهم الرسمية، أي الحصانة. وكان المراقبون السياسيون والمحاكم يتوقعون صدور مثل هذا القرار منذ أشهر، إلا أنّ ترامب هلَّل للقرار باعتباره انتصاراً.
بالنسبة إلى الرئيس جو بايدن الذي يسعى للفوز بولاية ثانية، لم يكن الحكم مؤاتياً لجهوده في وصف ترامب بأنّه خطير. وسلط فريق بايدن الضوء على الفور على الحكم كدليل إضافي على التهديد الوجودي الذي قال الرئيس الحالي إنّ سلفه وخليفته المحتمل يشكّله على البلاد.
وجاء في بيان منسوب إلى أحد كبار مستشاري حملة بايدن: "حكم اليوم لا يغيّر الحقائق. لنكن واضحين للغاية بشأن ما حدث في 6 يناير: انفجر دونالد ترامب بعد خسارته انتخابات 2020، وشجع الغوغاء على إطاحة نتائج انتخابات حرة ونزيهة. إنّ ترامب يترشح بالفعل للرئاسة كمجرم مدان جلس مكتوف الأيدي فيما هاجم الغوغاء مبنى الكابيتول بعنف، فهو يعتقد أنّه فوق القانون، وهو مستعد لفعل أي شيء من أجل الحصول على السلطة والاحتفاظ بها لنفسه".
أما الجمهوريون، فسرعان ما أشار بعضهم إلى القرار باعتباره مثالاً آخر على الحظ الجيّد.
وعندما واجه ترامب محاكمة عزله بسبب أحداث 6 كانون الثاني/يناير 2021، لم يصوّت الجمهوريون لإدانته في مجلس الشيوخ، لأنهم اعتبروا أنّ نظام العدالة الجنائية هو المكان الأنسب لمحاسبته. ويدعم هؤلاء الجمهوريون أنفسهم الآن ترامب لولاية ثانية، وهي الولاية التي وعد فيها الرئيس السابق باتباع نهج متطرف في السلطة التنفيذية، والتي ستأتي بعدما قدمت المحكمة العليا تعريفاً شاملاً للأعمال الرئاسية الرسمية باعتبارها محصنة من الملاحقة القضائية.
وفي مقابلة مع موقع "فوكس نيوز"، ادعى ترامب أنّه تعرض "لمضايقات" من قبل الديمقراطيين، بما في ذلك الرئيس السابق باراك أوباما وبايدن لسنوات". وقال ترامب: "الآن المحاكم تكلّمت.. والآن، أنا حرّ في القيام بحملة مثل أي شخص آخر. نحن نتقدم في كل استطلاعات الرأي بفارق كبير، وسنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى".
لقد قام ترامب دائماً بحملته الانتخابية كيفما أراد: مزيج من نزهات الغولف خلال النهار وبعض التجمعات شهرياً، ممزوجة بعدد قليل من جلسات المثول أمام المحكمة التي اختار حضورها طوال عام 2023 ومطلع عام 2024. ويبدو أنّه كان يستمتع بها تلك اللحظات وبالضجة الإعلامية التي تلت ذلك، ولكن في نيسان/أبريل، عندما أصبح من شبه المؤكد أنّها المحاكمة الجنائية الوحيدة التي سيواجهها قبل بدء يوم الانتخابات في مانهاتن، تلاشت البهجة تقريباً.
وأُدين ترامب في محاكمة استمرت 6 أسابيع بـ34 تهمة جنائية تتعلق بتزوير سجلات تجارية، والتي قال ممثلو الادعاء إنّه دفعها لإخفاء دفع رشوة لنجمة إباحية خلال حملة عام 2016. ومن المقرر أن يصدر الحكم عليه في تلك القضية في 11 تموز/يوليو، ومن غير المرجح أن يؤدي حكم المحكمة العليا إلى تأخير ذلك. ومع ذلك، في حين يشعر البعض في فريق ترامب بالقلق بشأن هذا الاحتمال، يعتقد عدد قليل من المراقبين أنّ القاضي خوان ميرشان سيجبر ترامب على البقاء إما خلف القضبان وإما تحت الإقامة الجبرية في منزله خلال السباق الرئاسي.
على الصعيد السياسي، حققت الإدانة فوائد لترشح ترامب على المدى القصير. لقد جمع مبلغاً مذهلاً من المال، في حين دعا جمهور واسع من الجمهوريين فجأة إلى محاكمة الديمقراطيين انتقاماً منهم، لكن حقائق الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 كانون الثاني/يناير من قبل حشد من الغوغاء المؤيدين لترامب، وأكاذيبه العامة بشأن الفوز في انتخابات عام 2020 في الأسابيع التي تلت الانتخابات، ليست مفيدة له بالتأكيد مع الناخبين المتأرجحين. ولهذا السبب، شعر حلفاء ترامب بالارتياح، لأنّ الأسئلة الأولية في المناظرة ضد بايدن الأسبوع الماضي لم تكن حول هجوم الكابيتول الذي يواصل ترامب الدفاع عنه، بل حول الاقتصاد.
ومن الممكن أن تعيد المحاكمة المصغرة تركيز الاهتمام على ما حدث في ذلك اليوم في واشنطن، لكن الفريق القانوني لترامب أثبت خبرته في تأخير الأمور، وقد لا يحدث ذلك قبل الانتخابات. وحتى لو حدث ذلك، فإنّ أيّ محاكمة فعلية تتعلق بتصرفات ترامب في محاولة للبقاء في السلطة لا تزال بعيدة المنال. ومع ذلك، فإنّ الأمل في إجراء تلك المحاكمة المصغرة قد يكون أفضل خيار للديمقراطيين الذين يسعون إلى إبقاء سلوك ترامب الذي يقوض الانتخابات في دائرة الضوء.
وقال جي بي بريتزكر، الحاكم الديمقراطي لولاية إلينوي، في بيان: "عندما حاول ترامب إلغاء نتائج الانتخابات التي خسرها عام 2020، لم يكن ذلك تصرفاً رسمياً من جانب الرئيس، بل كان تصرفاً نرجسياً مستبداً يحاول إطاحة ديمقراطيتنا من أجل التشبث بالسلطة، وعليه أن يتحمل المسؤولية عن أفعاله".