ساهمت تركيا أردوغان في الإطاحة بالسلطة في سوريا، ورفدها الغرب والعرب واميركا، والكيان الصهيوني طبعًا في هذه المهمة الاستراتيجية، وحتى روسيا. وسوريا اليوم بين قرار تركي يتحكم بالقرار المستجد في دمشق بما يخدم مصالح العثمانية الجديدة التي يسعى أردوغان إلى تكريسها، وقرار صهيوني يتحكم بالميدان محتلًا أراض جديدة في جنوب سوريا.
يعني، سوريا الآن ضحية حليفين: الكيان الغاصب وتركيا أردوغان يتقاسمان سيادتها وقرارها. وفي الوقت نفسه تشهد تركيا تظاهرات في عدد من المدن عقب الحكم على رئيس بلدية اسطنبول أمام أوغلو مرشح الرئاسة المعارض السياسي الأقوى في مواجهة أردوغان، فيما يواجه داعمو أردوغان من دول الناتو معضلة ضرائب ترامب وعدم الاستقرار الاقتصادي من جهة، والتحول الشعبي نحو اليمين المتطرف من جهة ثانية.
على هذه الخلفية تُطرح مجموعة من التساؤلات:
هل تؤدي مصالح تركيا إلى التصادم مع الكيان الغاصب على أرض سوريا؟، أم أن واشنطن ستضبط إيقاع صراع التنافس التركي – الصهيوني في سوريا؟، أم أن دور أردوغان وحزبه قد انتهى؟.
ما تأثير هذه التطورات على المقاومة في فلسطين ولبنان والمنطقة ككل؟.
هل ينجح الكيان الصهيوني في ظل الدعم الأميركي غير المسبوق تحت عنوان تغيير الشرق الأوسط في تصفية القضية الفلسطينية عبر خطة تشريد الفلسطينيين إلى عدد من الدول بينها سوريا، وفرض وقائع جديدة على سوريا ولبنان للتطبيع؟.
ما هي الخيارات المتاحة لدى المقاومة على ضوء التغيير الجوهري الحاصل من سوريا إلى لبنان، لاسيما أن نتنياهو سوّق ما جرى في لبنان وسوريا ضرب وحدة الجبهات والمسارات؟ .
هذه الأسئلة وغيرها أثارتها حلقة نقاش نظمتها الرابطة الدولية للخبراء والمحللين بعنوان: "تركيا بين الاشتباك الداخلي مع المعارضة وفوضى الشرق الأوسط وتضعضع الناتو ".
أولاً: معطيات أولية حول اللقاء:
الزمان |
نهار الخميس 10\4\2025 |
المكان |
تطبيق Zoom Meeting الالكتروني |
المشاركون |
|
1 |
رئيس الرابطة د. محسن صالح |
2 |
عضو الرابطة د. محمد نور الدين |
3 |
عضو الرابطة د. حسن سيفري |
4 |
عضو الرابطة د. ممدوح سليمان |
5 |
عضو الرابطة د. حسام الدجني |
6 |
أمينة سر الرابطة د. وفاء حطيط |
بداية رحّب رئيس الرّابطة د. محسن صالح بالمشاركين، وقدّم مداخلة حول التطورات؛ ثم تولى إدارة النقاش حول العناوين المطروحة.
مداخلة د. محسن صالح:
في ظل الاوضاع العالمية وسياسات الرئيس الاميركي دونالد ترامب سواء لجهة الرسوم الجمركية، أو المفاوضات مع ايران، واشادته أثناء المؤتمر الصحفي مع رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو برئيس تركيا رجب طيب اردوغان، من الواضح أن هناك تحولات عميقة واستراتيجية في المنطقة، خاصة في ما يتعلق بسياسات كل من تركيا والكيان الصهيوني بالنسبة لسوريا.
سوريا كانت رابطة العقد بين المقاومين في فلسطين والعراق ولبنان، والان تحولت الى ملعب عالمي تقوده تركيا وتتحكم بالمفاصل السياسية والموقف السياسي في المنطقة، فيما احتل الكيان الصهيوني أجزاءًا مهمة، ويعمل على فرض سياساته ما خص التتبيع، أو التقسيم، أو المواقف تجاه القضية الفلسطينية؛ في المقابل لم نسمع الحكم الجديد في سوريا يتحدث عن القضية الفلسطينية، أو ما يعرف تاريخيًا بالصراع العربي - الاسرائيلي، فهل تحول هذا الصراع من عربي - اسرائيلي الى مكان اخر، والجمهورية الاسلامية في قلب هذا الصراع، ويبدو أن تركيا أيضًا دخلت في هذا الصراع، ويجب الالتفات إلى حدود هذا التدخل.
تتقاسم تركيا والكيان الصهيوني سيادة سوريا وقرارها، بالتزامن مع ما يحصل في اسطنبول وتأثيره على امكانية استمرارية التدخل التركي في سوريا، وطبعًا الكيان الصهيوني تلقى ضربة من خلال اشادة ترامب خلال المؤتمر الصحفي مع نتنياهو بتركيا، وذهاب الاميركي الى الحوار مع الجمهورية الاسلامية في ايران الذي خيّب أمل نتنياهو من امكانية أن تستخدم القوة الاميركية في مواجهة كل من ايران وتركيا.
وعليه، الوضع يشوبه الكثير من التداخلات السياسية والاستراتيجية، وليس معلوماً الى اين تذهب الامور. يعني ما حصل في سوريا تحديدًا، وفي لبنان يحتاج الى تحول في منظومة التفكير الاستراتيجي في المنطقة. خاصة أننا نلمس تراجعًا في بعض القضايا، لاسيما بالقضية الفلسطينية، فمواقفنا ليست على مستوى دماء الشهداء والاطفال والشيوخ في غزة والضفة الغربية، والموقف التركي واحد منها.
كلنا يذكر أن خسارة السلطنة العثمانية نتيجة الصراع العربي التركي بدايات القرن العشرين ذهب بالمنطقة وفلسطين، وهو الذي أدى إلى اغتصاب فلسطين، والان هذا الصراع يؤدي بالمزيد من خسارة فلسطين. وآن لنا أن نراجع كيفية التفكير وطرقها في تعاطينا مع القضايا، وعلى التركي أن يفكر لأن "الموس سيصل الى لحيته"، وايران كانت في سوريا من اجل القضية الفلسطينية ومحور المقاومة، مقاومة الوجود الصهيوني في فلسطين والوجود الاميركي في المنطقة، وهل نعد تركيا دولة اسلامية مقاومة ضد اسرائيل واميركا وهي في حلف الناتو، الامر بحاجة الى نقاش فعليًا.
مداخلة الأستاذ حسن سيفري:
خلال الاسبوع والاشهر الماضية الحكومة التركية ركزت على خطة كبيرة وواسعة لإضعاف المعارضة التركية لتكون مرتاحة في المستقبل القريب في ما يتعلق بالسياسات الخارجية التركية، وبدأت فتح الملفات القضائية واستخدام القضاء كوسيلة للضغط على المعارضة وأحزابها، بدأت فتح تحقيقات ضد رؤساء حزب الشعب الجمهوري، ولكن الشعب التركي غير مقتنع بوجود ملفات فساد بشكل جدي، وحتى الان لم يتم فتح أي تحقيق ضد رئيس بلدية انقرة السابق من حزب العدالة والتنمية حيث توجد مئات الملفات ضده بموضوع الفساد، ولكن الشعب مقتنع أن الحكومة تستخدم القضاء للضغط على المعارضة، وهناك نظرية تفيد أن حزب العدالة والتنمية يحاول جعل تركيا في المستقبل من دون انتخابات.
قبل اعتقال امام اوغلو بأيام صرّح أحد المسؤولين الاميركيين أنه تم الاتفاق خلال المحادثات الهاتفية بعدة نقاط ما بين الادارة الاميركية واردوغان بشأن المنطقة، ثم جرى اعتقال امام اوغلو في اسطنبول، ومنذ ايام هناك تركيز في تركيا خاصة من حزب الشعب الجمهوري بأن اعتقال امام اوغلو جاءت بموافقة الادارة الاميركية، وبالتالي هناك قناعة لدى الشعب من وجود تدخل اميركي لمنع المعارضة من أن يكون لها دور في المستقبل القريب، والشعب يرى أن ثمة خطر يهدد ليس إمام اوغلو فقط، بل مستقبل العدالة والديمقراطية من خلال تحركات حزب العدالة والتنمية.
المعارضة ضعيفة جدًا مقارنة بإمكانيات الحزب الحاكم المسيطر على مفاصل الدولة كلها، ولا أعتقد أن يكون للمعارضة في المستقبل القريب إذا انسحبت من الشوارع دور أساسي، خاصة في القرارات الخارجية في تركيا، فالمعارضة لديها مشاكل كبيرة وهناك انقسامات، خاصة حزب الشعب الجمهوري الذي لم نر لديه قراءة عميقة للمنطقة.
كان لتركيا دور بالنسبة لحلف شمال الاطلسي من ليبيا إلى سوريا ومناطق اخرى، لذلك لا اعتقد باحتمال حصول صدام بين تركيا واسرائيل في سوريا. فضلًا عن أن الاقتصاد في شمال سوريا تحت ادارة تركيا، ولذلك سيكون لها الدور في المستقبل القريب والمدى الطويل في هذه المنطقة من أجل مصالح الناتو واميركا واسرائيل الاستراتيجية، والحزب الحاكم يستفيد في التأثير على الداخل.
هناك الكثير من الاحتجاجات والمظاهرات داخل تركيا رفضًا لما يحصل في الساحل السوري، وهناك لقاءات مع مسؤولين في الحكومة ومع محافظ لواء اسكندرون لنقل الدعم المالي ولفتح طريق للناس الذين يريدون الخروج.
مداخلة د. ممدوح سليمان:
استبعد حصول تصادم بين اسرائيل وتركيا على الاراضي السورية، وهناك اتفاق مسبق على ما يجري؛ فقد ضرب الكيان كل مواقع الجيش العربي السوري، وأضعف سوريا عسكريًا، وحتى القواعد التي ضربتها كانت تركيا تقول انها ستبني لها قواعد في سوريا، ولكن تخوف الكيان من المتشددين دينيًا جعله يضرب هذه المواقع وسقط قتلى وجرحى.
أعتقد أن مستقبل سوريا هو التقسيم، فالكيان الإسرائيلي يسيطر على الجنوب وقسد في الشمال وتركيا تسيطر على حلب وادلب، وهناك ما يسمى حماية للساحل السوري من قبل روسيا، لذا الأمور ذاهبة إلى التقسيم، ولا ارى مواجهة بين تركيا واسرائيل على الاراضي السورية، والدولة السورية صرحت بأن لا مشكلة مع الكيان الصهيوني ولن يحصل أي مقاومة من قبلها، بل اقتصرت المقاومة على المقاومة الشعبية من الاهالي في درعا، ولم يصدر اي تصريح من الدولة السورية بإدانة هذا ما قام به العدو الاسرائيلي من توسع في درعا أو في القنيطرة.
مداخلة د. محمد نور الدين:
لولا تركيا لما سقطت سوريا، كان اردوغان يقول دائمًا إننا لم ندخل سوريا الا لنسقط النظام فيها، وحزب العدالة والتنمية لم يكن حزبًا عاديًا، بل مشروع فكري وسياسي حمل نزعتين: الأولى النزعة العثمانية الجديدة، والثانية التركيز على أنه في حال فشل مشروع العثمانية الجديدة يمكن الاكتفاء بالشمال السوري، واعتقد ان اللحظة التي وصلنا اليها بعد اسقاط النظام في سوريا تعكس تحقيق تركيا لكامل هدف الميثاق الملي ومعظم سوريا أصبحت تحت قبضة حزب العدالة والتنمية.
إن اسقاط النظام في سوريا يعني أن سوريا بكاملها تقريبًا اصبحت تحت القبضة التركية، وأصبحت حدود تركيا الجغرافية والسياسية تصل إلى الاردن ولبنان وفلسطين والعراق، وتوجيه تركيا ضربة قاسية للنفوذ الايراني في سوريا ومحور المقاومة على اعتبار أن سوريا كانت واسطة العقد في هذا المحور، والإسلام الشيعي، وخصوم تركيا في المنطقة ككل وفي سوريا ومنهم الاسلام الوهابي والاسلام الازهري، ولمجمل الدور العربي بمعزل عن طبيعة هذا الدور الذي ينسجم مع المخططات الاميركية بشكل عام.
لقد ضاعفت تركيا قوتها في شرق المتوسط كي تكون المنافس واللاعب القوي في الساحل الشرقي للبحر الابيض المتوسط، وبالتالي تحولت تركيا الى لاعب كبير في المنطقة بالإضافة الى اسرائيل، وبالتالي اصبحت حاجة اميركا واوروبا للدور التركي كبيرة، وقد عمل اردوغان على استثمار هذه الحاجة لحسابات اقليمية متعددة، ولحسابات في الداخل من خلال استغلال الدعم الاميركي والاوروبي له كونه اللاعب الاكبر والاكثر تأثيرًا من خلال محاولة توجيه ضربة للمعارضة التركية في الداخل، خاصة امام اوغلو.
نحن أمام وواقع ومرحلة جديدة من تاريخ المنطقة تعكس أن تركيا منتصر كبير في هذه اللحظة وكذلك الامر اسرائيل، وبالتالي نحن أمام منتصرين كبيرين في الداخل السوري هما: المشروع الصهيوني والمشروع العثماني اللذان يتنافسان على نفس المساحة الجغرافية، وبالتالي نحن الان امام كماشة فكها الاول المشروع الصهيوني وفكها الاخر المشروع العثماني، وعلى الرغم من كل التناقضات بينهما الا أنهما لن يتصادما؛ فالعلاقات التركية الاسرائيلية متجذرة منذ العام 1949، وتركيا جزء من الانتصارات الاسرائيلية على العرب على امتداد كل هذه العقود، حتى موقف تركيا من طوفان الاقصى هو أنموذج للدعم التركي للمشروع الصهيوني، والمايسترو الذي يتحكم بالطرفين هو واحد: أي الولايات المتحدة، وبالتالي فما يجري الآن هو رسم حدود للنفوذ في سوريا وحتى للمنطقة بين تركيا واسرائيل برعاية الولايات المتحدة.
ما تبقى من كل سوريا باستثناء شرق الفرات والجنوب هو في قبضة تركيا وهذه القبضة تعني في الوقت عينه انهاء النفوذ والوجود الايراني والمقاوم في سوريا، وبالتالي تركيا هي التي وجهت الضربة القاسمة لمحور المقاومة من خلال اسقاط النظام في سوريا، وبالتالي الدور التركي في سوريا كان يستهدف بشكل مباشر محور المقاومة والنفوذ الإيراني؛ ولهذا السبب حظي بدعم الأميركي والاسرائيلي، وهذا يعني أن سياسة ايران في سوريا وبالتنسيق مع تركيا من خلال اجتماعات استانة كانت نتيجتها صفر كبير لغير صالح ايران، وبالتالي الكلام عن حوار مع تركيا هو كلام من خارج الصحن.
مع الإشارة إلى أن أحد اهداف تركيا الأساسية في المنطقة هو محاربة الاسلام الشيعي والاسلام الوهابي والاسلام الازهري، وهي اليوم لاعب كبير وخطير، والأخطر أنها تتحرك من منطلق عثماني معادي لمحور المقاومة وصديقة لإسرائيل وأميركا، وكونها عضو في الناتو. لذا أقول إن دور تركيا جديد وخطير في المرحلة المقبلة، ويجب أن لا يعامل هذا الواقع من خلال الحوار، لأنه فشل؛ وبالتالي يجب أن يكون العمل على تحريك مراكز قوى في المنطقة وفي الداخل التركي من اجل انهاء نظام العدالة والتنمية بشكل كامل.
عندما تمسك تركيا بسوريا فإنها تحاول أن تهندس المجتمع السوري من جديد ، وتحاول تغيير بناه الديمغرافية والاثنية والمذهبية...، لذلك جاءت المذابح ضد العلويين بأمر تركي، فهي لا تريد كيانًا علويًا على حدودها في جنوب الإسكندرون، ولا تريد كيانًا علويًا يمكن أن يثير عدوى في الداخل التركية تجاه العلويين، ولا تريد كيانًا علويًا يسيطر على الساحل السوري الذي يشكل المنفذ الوحيد البحري لسوريا الكبرى، ولا تريد كيانًا علويًا، لأنها تريد أن تسيطر على الساحل السوري، وترسم المنطقة البحرية كما تريد بين تركيا وسوريا، وقد تحاول أن تمد يدها إلى لبنان، فحدود سوريا مع لبنان أصبحت حدود تركيا مع لبنان.
نحن أمام مرحلة جديدة وصعبة، فقد تغيرت موازين القوة والمعادلات، وسوء التقدير الذي واكب طريقة تعاطينا مع تركيا في الملف السوري واعطاء الاولوية للتهديد الوهابي على حساب التهديد العثماني كان مقتلًا في السياسات الاستراتيجية لإيران ومحور المقاومة في المنطقة، فالتهديد التركي كان الخطر الاكبر، وقد أظهرت الأحداث أن الخطر من تركيا وليس من مكان اخر، ودفعنا غاليًا ثمن خطأ التقدير في الأولويات، وإن شاء لله تكون التقييمات والتقديرات أكثر صوابية في المرحلة المقبلة.
مداخلة د. حسام الدجني:
حتى نجيب عن السؤال حول الصدام التركي الاسرائيلي يجب أن نتساءل: هل إن اسرائيل معنية فعلًا بالصدام؟، وهل إن تركيا معنية بالصدام؟، أعتقد أن كلا الطرفين غير معني بالصدام، قد يكون هناك خط توافق تضبطه المصالح ورؤية كل طرف لما يريده من سوريا، وهذا للأسف حال عالمنا العربي: دائمًا مفعول به ولم يكن يوًما فاعلًا في الحلبة السياسية، سواء في سوريا، أو غيرها.
إن الكيان الإسرائيلي معني بأن يكون له عمق أمني ومنطقة عازلة وأن تكون سوريا غير موحدة، وهذه مسألة أساسية نقرأها لدى اغلب المفكرين الاستراتيجيين والعسكرين في اسرائيل، وسوريا متناحرة أمر مهم لدولة الاحتلال الاسرائيلي على قاعدة أن سوريا ضعيفة وأن الاقليات ستحتاج إسرائيل، وستقوم بخطوط تحالف مع إسرائيل؛ وهذا يمنح اسرائيل قوة جيوسياسية وجيواستراتيجية كبيرة لم تحلم بها اسرائيل.
تركيا تريد من سوريا أن تكون مدخلًا وبوابة لها على المنطقة العربية، خصوصًا الخليج، وتريد أن تكون لها ورقة ضغط على تل ابيب في ما يتعلق بالنفوذ والهيمنة في الكثير من الملفات، وهناك فراغ وجدت تركيا أنها يمكنها أن تملأه، وهناك نظام على انسجام مع النظام التركي، ووحدة سوريا ومواجهة الطائفية مسألة مهمة بالنسبة للأتراك في هذا التوقيت انطلاقًا من أكثر من معيار واعتبار يتناقض مع مصلحة اسرائيل، والادارة الاميركية تلعب دورًا بارزًا في تأجيل الصدام التركي الاسرائيلي اطول فترة ممكنة.
العامل الداخلي التركي قابل للصدام، وهناك تحديات أمام اردوغان وحزب العدالة والتنمية تتمثل في التظاهرات التي خرجت ونتائج الانتخابات البلدية على الرغم من خصوصية الانتخابات البلدية، ولا يمكن أن نأخذها معيارًا، أو مؤشرًا لقياس قوة تركيا وقوة حزب العدالة والتنمية وتراجع شعبيته؛ فهناك تحالفات تقوم على أساس خدمي وليس على أساس سياسي، والاهم من كل ذلك هو الورقة الكردية وهي ورقة بالنسبة لتركيا مهمة جدًا في حال كان هناك سيطرة ونفوذ وهيمنة في ما يتعلق في سوريا.
السؤال الجوهري، هل إن محور المقاومة مع تعزيز المصلحة الاسرائيلية أم المصلحة التركية في سوريا، أم أن يبقى على الحياد وينكفئ على ذاته؟، أعتقد أن وحدة سوريا مسألة بالغة الأهمية للجميع ومحور المقاومة في المقدمة، ويجب أن ينطلق حوار استراتيجي بين الجمهورية الاسلامية الايرانية وكل مكونات محور المقاومة مع الدولة التركية في ما يتعلق بكيفية تحييد اسرائيل من سوريا، لان دخول اسرائيل وتحقيق اطماعها وتطلعاتها ضربة للأمن القومي اللبناني وقوة حزب الله في لبنان وقوة اسرائيل في ما يتعلق بالحيز الجغرافي، لأنها تسيطر على مناطق استراتيجية بالغة الأهمية، وتستغل بعض اخطاء النظام الجديد في سوريا في ما حصل في الساحل السوري، او موضوع الدستور وغيره من القضايا التي لاقت بالتأكيد بعض الرفض من الاقليات.
يجب أن تعمل الجمهورية الاسلامية الايرانية ومحور المقاومة على أن تكون شريكًا في ما يتعلق بوحدة سوريا، فهذا يخدم مصالح الجميع، كما يجب أن تعمل على تقليل الهيمنة التركية بما لا يخدم الامن القومي العربي، ويمكن تحقيق ذلك بالتوافق مع بعض الدول العربية التي تتقاطع مع الهدف نفسه.
نحن في غزة نسأل دائمًا: لماذا لا يصدر موقف من النظام الجديد في سوريا حول ما يجري في الاراضي السورية تحديدًا؟، أليس من الحكمة أن يبقى النظام الجديد في سوريا صامتًا إلى حين بناء قواعد قوية وارساء حكمه بشكل قوي وبناء تحالفات واتفاقيات دفاع مشترك مع تركيا، أو مع إيران، أو مع روسيا، أو مع اي دولة تخدم هذه التوجهات؟، وهذا سؤال من المنطقي أن يبقى مطروحًا على الطاولة، لأن سوريا الآن ضعيفة.