• اخر تحديث : 2025-08-13 15:45
news-details
مقالات عربية

إسرائيل في أسوأ أيامها… وإيران للبنان: لستم وحدكم


المعركة لم تُحسم، ولن تُحسم لصالح المعسكر الإسرائيلي مهما طال الزمن أو ارتفع منسوب القتل والدمار. هذا ليس خطاباً تعبوياً ولا تمنيات، بل خلاصة ما يجري أمام أعيننا: إسرائيل عالقة في غزة، تتلقى الضربات يومياً، بينما خطوطها الداخلية تتصدع، وقيادتها السياسية والعسكرية تتناحر في العلن.
 
في قلب تل أبيب، يجلس نتنياهو على مقعد الاتهام. مقيداً بمواعيد إلزامية ثلاث مرات في الأسبوع، بينما جنوده يسقطون في الشجاعية وخانيونس. ووزير حربه يرفض استقبال رئيس الأركان، ويجمّد تعيينات الجيش، ورئيس الأركان يتجاهله ويستمر في قراراته وكأن الحكومة غير موجودة. هذه ليست دولة واثقة من نفسها، بل جهاز منهك يتآكله الشك وانعدام الثقة.
 
أما الميدان، فهو الإهانة اليومية التي لا يستطيع إعلامهم حجبها: قنص ثلاثة جنود هنا، تدمير دبابة ميركافا هناك. عمليات المقاومة ليست استعراضاً، بل خطة استنزاف محسوبة تُفقد الجيش الإسرائيلي زمام المبادرة وتجعله يلهث خلف الوهم.
 
وفي هذه اللحظة، تتحرك طهران. زيارة علي لاريجاني إلى العراق، والزيارة إلى بيروت، ليست زيارات مجاملة ولا سياحة دبلوماسية. إنها إعلان بأن إيران تضع يدها  في قلب المعركة، وتربط جبهات غزة ولبنان واليمن في خيط واحد، عنوانه: "لن نترك الساحة لإسرائيل، ولن نترك لبنان يواجه مصيره وحده".
 
إيران لا تخاطب هنا طائفة أو فئة أو حزباً بعينه، بل كل اللبنانيين، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب. رسالتها أن أمن لبنان جزء من أمن الإقليم، وأن الدفاع عنه سيكون بكل الوسائل المتاحة: السياسية، الاقتصادية، والعسكرية إذا لزم الأمر. فهي تدرك أن أي عدوان شامل على لبنان لن يفرّق بين مسلم ومسيحي، ولا بين منطقة وأخرى، وبالتالي فإن حماية اللبنانيين جميعًا هي واجب استراتيجي ومحوري في حسابات محور المقاومة.
 
لبنان اليوم أمام فرصة وواجب. الفرصة أن المعسكر المعادي لإسرائيل أعاد رسم خطوط الاشتباك بحيث يمنع تل أبيب من المغامرة في الشمال. والواجب أن يدرك اللبنانيون أن الانتصار في غزة يعني تعزيز أمنهم، وأن سقوط غزة – لا قدر الله – يعني أن الجنوب سيكون الهدف التالي، ثم ما بعده.
 
إسرائيل الآن تُصارع ظلها. كل خطوة تخطوها تُفضح داخلياً وخارجياً: انقسام قيادتها، فقدان ثقة جمهورها، تراجع دعم حلفائها الغربيين، وتحوّل كل يوم إضافي في الحرب إلى خسارة سياسية ومعنوية وعسكرية. في النهاية، الهزيمة لن تأتي على شكل أعلام بيضاء، بل على شكل انسحاب مرتبك من غزة، وانكفاء استراتيجي عن الجبهات، واعتراف ضمني بأن مشروع "الحسم" كان كذبة كبيرة.
 
وهنا، على كل من يراهن على زمن طويل لصالح تل أبيب أن يعيد حساباته. الوقت يعمل ضدهم، وضد مشروعهم، وضد وجودهم نفسه… وإيران تقول للبنان: لستم وحدكم، نحن هنا لنحمي وطناً وشعباً بكل مكوّناته.