• اخر تحديث : 2025-08-13 15:45
news-details
دراسات

احتكار المعرفة والهيمنة الإكاديمية : دراسة تحليلية نقدية لسياسات الإقصاء والتبعية في أنظمة النشر والتصنيف العالمي


تتموضع البنى المؤسسية التعليمية والممارسات الأكاديمية في قلب منظومة الهيمنة الثقافية العالمية، متجاوزة وظيفتها الظاهرة المعلنة المتمثلة في إنتاج المعرفة ونقلها وتطويرها لتؤدي دوراً محورياً في تكريس التفاوتات العالمية وتعميق الفجوات المعرفية بين الشمال والجنوب، مما يُنتج ما يمكن تسميته بـ (العنف الرمزي- Symbolic Violation)* الذي يضفي شرعية على اللامساواة المعرفية تحت غطاء خطابات تبدو محايدة ظاهرياً كـ(الجودة الأكاديمية، التميز البحثي، والمعايير العالمية)، إذ تعمل هذه المنظومة المؤسسية عبر آليات متعددة المستويات، تبدأ من تحديد ما تُعدّ معرفة مشروعة، مروراً بضبط منهجيات إنتاجها، وانتهاءً بتحديد قنوات توزيعها واستهلاكها.
 
 وتتجلى خطورة هذه الآليات في قدرتها على الاختفاء خلف ستار من الحيادية والموضوعية، ما يجعل استمرارية هيمنة الشمال بأبعادها المختلفة على مجتمعات الجنوب العالمي أمراً طبيعياً لا يخضع إلى المساءلة أو النقد؛ لذا فإنَّ فهم ديناميات الهيمنة المعرفية يتطلب تفكيك البُنى المؤسسية التي تعيد إنتاجها، كـ( الجامعات ، مراكز البحث العلمي، المجلات الأكاديمية، ومؤسسات التمويل البحثي)، هذه المؤسسات لا تعكس فقط التفاوتات القائمة، بل تسهم بصورة فعالة في تشكيلها وتعميقها، عبر سياسات التصنيف العالمي، ومعايير النشر الأكاديمي، وشروط الاعتراف بالشهادات العلمية؛ ولعل الأخطر في هذه المنظومة كونها تولِد ما يمكن وصفه بـالاستلاب المعرفي لدى الباحثين والمؤسسات في دول الجنوب، إذ يتبنون طواعية الأطر النظرية ، المنهجية والموضوعية المنتجة في الشمال، متخلين عن السياقات المحلية وخصوصياتها، في سعي لتحقيق عالمية مزعومة تُعزز في واقع الأمر علاقات التبعية واستدامة الهيمنة بأشكالها المتنوعة، في ضوء هذه المعطيات ، تسعى هذه الدراسة إلى تسليط الضوء واستكشاف المنظومات المؤسسية للهيمنة على المعرفة والممارسات الأكاديمية في العصر الرقمي.