• اخر تحديث : 2025-08-25 13:58
news-details
تقارير

"المونيتور": إيران تشدد موقفها في المواجهة النووية


موقع "المونيتور" الأميركي ينشر تقريراً يتناول استعراض إيران لقوتها العسكرية والرسائل السياسية المرافقة له في ظل التوتر مع الغرب. أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:
 
استعرضت إيران قوتها الصاروخية والبحرية هذا الأسبوع في وقت يتصاعد فيه التوتر الدبلوماسي مع القوى الغربية، مؤكدة بذلك استعدادها للصراع ومقاومتها للتسوية في المحادثات النووية المتوقفة منذ فترة طويلة.
 
اختتمت البحرية الإيرانية، يوم الجمعة، مناورات "الاقتدار المستدام 1404" التي استمرت يومين في شمال المحيط الهندي وبحر عُمان. ووفقاً لوكالة تسنيم للأنباء، تضمنت المناورات جيلاً جديداً من صواريخ كروز محلية الصنع.
 
واختبرت البحرية إطلاق مقذوفات دقيقة التوجيه وأطلقت غواصات وطائرات من دون طيار وبطاريات ساحلية، في حين قامت أنظمة الحرب الإلكترونية بمحاكاة القتال ضد الخصوم المتقدمين من الناحية التكنولوجية.
 
بلغت المرحلة الرئيسية ذروتها، عندما أُطلقت ثلاثة أنواع من صواريخ كروز المضادة للسفن "قادر" متوسط ​​المدى، و"قدير" بعيد المدى، و"ناصير" قصير المدى، من سفينة رماية الصواريخ "غناوة" والمدمّرة "سبالان". وقد أصابت الصواريخ الثلاثة أهدافها المحددة، وفقاً لوسائل الإعلام الرسمية.
 
كُشف النقاب عن صاروخ "قادر" لأول مرة عام 2011، ويبلغ مداه 300 كيلومتر، ويتميز بخصائص التهرب من الرادار، وهو مصمم لاستهداف السفن الحربية والمنشآت الساحلية. يتميز صاروخ "قادر" بمدى أطول، مع دقة مذهلة أشاد بها المسؤولون. أما صاروخ "ناصر"، فيوفر خياراً قصير المدى ولكنه سريع الاستجابة. ويعتقد القادة الإيرانيون أنّ هذه الصواريخ الثلاثة تُشكل معاً ترسانة متعددة الطبقات، مصممة لمواجهة القوات البحرية المتفوقة، مثل الأسطول الخامس الأميركي.
 
وقال المتحدث باسم التدريبات، الأدميرال عباس حسني، للتلفزيون الرسمي، إنّ التدريبات تهدف إلى تحسين التخطيط العملياتي والتكامل بين وحدات البحرية السطحية وتحت السطحية والجوية.
 
وبعيداً عن البعد الفني، سعت إيران إلى تأكيد الرسالة السياسية. وقد تركزت الخطابات الأخيرة للقادة على التحذيرات من أنّ التهديدات للأمن البحري ستقابل برد فعل فوري وحاسم، مؤكدين معارضة إيران القوية لما تعتبره "وجوداً غير شرعي" للقوات الأميركية في المياه الإقليمية.
 
استعراض القوة الموازي لحرس الثورة الإيراني
وتزامنت التدريبات البحرية مع مناورة صاروخية غير معلنة أجراها حرس الثورة الإسلامي، حيث جرى إغلاق المجال الجوي الغربي لإيران مؤقتاً في الساعات الأولى من صباح الجمعة.
 
وصف المسؤولون التدريب بأنه اختبارٌ للاستعداد للهجمات الجوية المفاجئة. ورغم قلة التفاصيل، إلا أنه جسّد، كما أبرزت وسائل الإعلام الرسمية، استعداد طهران للرد السريع في حال استفزازها.
 
أعلنت السلطات الإيرانية مؤخراً أنّ وقف إطلاق النار الحالي مع "إسرائيل"، بعد الحرب التي استمرت 12 يوماً في حزيران/يونيو، هش، ولا يمكن استبعاد مرحلة جديدة من الصراع.
 
احتفلت إيران هذا الأسبوع أيضاً بيوم تكنولوجيا الدفاع، حيث عزز كبار القادة رسالتهم شديدة اللهجة. وحذّر قائد حرس الثورة الإيراني، اللواء محمد باكبور، خصومه من أنّ "أي خطأ في التقدير سيؤدي إلى رد فعل مؤلم". وأصدرت وزارة الدفاع بياناً خاصاً بها، متعهدةً بتوجيه "صفعة قاسية" لأي "مغامرة"، وشدد اللواء عبد الرحيم موسوي، رئيس هيئة الأركان العامة، على ضرورة التحديث المستمر للصواريخ والأنظمة الدفاعية الإيرانية.
 
التوترات الدبلوماسية
بينما كانت الصواريخ تحلق في بحر عمان، كان الدبلوماسيون الإيرانيون يتنقلون في بيئة مضطربة وسط محادثات متوقفة بشأن البرنامج النووي للبلاد.
 
وفي مكالمة هاتفية مشتركة يوم الجمعة مع نظرائه البريطاني والفرنسي والألماني، إضافة إلى الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، شكّك وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في شرعية الجهود الأوروبية لتفعيل آلية "العودة السريعة" التي تعيد فرض جميع عقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
 
وبحسب بيان نشرته وزارة الخارجية الإيرانية، رفض عراقجي سلطة الدول الأوروبية الثلاث، محذراً من "عواقب" أي خطوة تتخذها. كما أشار إلى أنّ إيران ستسعى للحصول على دعم "أصدقائها"، روسيا والصين، في مجلس الأمن إذا لزم الأمر.
 
استراتيجية المسار المزدوج
تعكس المناورات العسكرية الإيرانية وسياساتها الدبلوماسية سياسة ذات مسارين: التصعيد العسكري لإظهار الردع والاستعداد ضد الهجمات المحتملة، وفي الوقت نفسه المشاركة دبلوماسياً ولكن وفقاً لشروط طهران.
 
التوقيت مُتعمّد. فبينما تُفكّر واشنطن وحلفاؤها في الخطوات التالية، تهدف طهران إلى إقناعهم بأنّ الضغط لن يُؤدّي إلا إلى التحدّي، لا إلى الامتثال.
 
ومن خلال إبقاء القنوات مفتوحة نسبياً مع الاتحاد الأوروبي والوكالة الدولية للطاقة الذرية والقوى غير الغربية، تأمل إيران أيضاً تجنب العزلة الكاملة. لكن المخاطر تتزايد.
 
إنّ إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة لن تُعيد فرض قيود مُرهِقة فحسب، بل ستُخضع إيران رسمياً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ما يزيد من مخاطر المواجهة المُستقبلية.
 
تُؤكد أحدث استعراضات القوة الإيرانية عزمها على ردع خصومها، وتُشير إلى استعدادها للصراع. ولا يترك الكشف عن صواريخ كروز المُطوّرة، إلى جانب تحذيرات القادة من "صفعة قاسية"، مجالاً واسعاً للغموض حول موقف طهران.
 
ويرى المراقبون المؤيدون للحكومة في البلاد أنّ استراتيجية حافة الهاوية إلى جانب الحوار يمكن أن تحقق أهدافها. ولكن استعراض العضلات العسكرية يتزامن مع مأزق دبلوماسي خطير.
 
وقال عراقجي في مقابلة مع وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية هذا الأسبوع: "في بعض الأحيان تكون الدبلوماسية أكثر تكلفة من الحرب"، مشيراً إلى أن إيران تفضل الحرب على المفاوضات "التي تنتهي بالاستسلام".