على هامش اجتماع الهيئة الإدارية للرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين المنعقد بتاريخ نهار الأحد 31\3\2019، ناقش المجتمعون التراجع الأميركي وواقع المنطقة والعالم السياسي ضمن جلستي نقاش منفصلتين.
وقائع جلسة النقاش الأولى:
تحت عنوان "قراءة في الأفول الأميركي"، وتناولها المجتمعون ضمن المحاور الآتية:
أولًاـ شهادات لمسؤولين أميركيين عن واقع السياسات الأميركية ومآزقها في المنطقة:
ثانيًا ـ الاستراتيجية الأميركية الحالية:
عندما فقدت الولايات المتحدة إمكانية تغيير موازين القوى، ونتائج الحرب التي انتصر فيها محور المقاومة، فهي تكتفي في هذه المرحلة بـسياسة التطويق والإشغال، وتشمل:
ثالثًا ـ أهداف أميركا المرحلية في الشرق الأوسط:
رابعًا ـ اتجاهات الجهد الأساسية لدى الإدارة الأميركية:
خامسًا ـ المصالح الأميركية في المنطقة:
سادسًا ـ نقاط القوة لدى العدو الأميركي:
سابعًاـ ثغر الكادر الأميركي:
ثامنًاـ ثغر التحالف المعادي:
تاسعًا ـ وضعية محور المقاومة: نقاط القوة
عاشرًاـ وضعية محور المقاومة: نقاط الضعف
وقد أدار الندوة الدكتور حسن سلمان الذي أشار إلى أن للحروب اهداف وغايات، واميركا ليست دولة ضعيفة، إنما كسرت لها مشاريع من قبيل مشروع الشرق الاوسط الذي أسقطه صمود المقاومة وشعبها في حرب تموز العام 2006، ومشروع التقسيم والفدرلة الذي أرادت الولايات المتحدة الأميركية تنفيذه في كل من العراق وسوريا بما يضمن نفوذها ومصالحها في المنطقة، وحروب "داعش" وأخواتها في المنطقة.
بدوره علق الأستاذ هادي أفقهي قائلًا: إن الوجود العسكري الأميركي في المنطقة والعالم مستمر، والفشل الذي سجلته قوى محور الممانعة والمقاومة هو إحباط المشاريع الأميركية؛ أما الهزيمة فيتجسد في إخراجها من المنطقة بالكامل.
فيما اعتبر الأستاذ ادريس الهاني أن كلام المسؤولين الأميركيين هو مؤشر على مسؤوليات تأخذها السياسات الاميركية؛ وقال: اميركا تفهم امورها، وتختار الشخصية التي تلبي مصالحها؛ والواقع الدولي معقد جدًا، والمقاومة ستبقى في المستقبل...والأهم هو أن نعرف كيف نحول ردود فعلنا الى فعل ايجابي بدل أن يكون سلبيًا.
بدوره أكد د. عباس خاميار ضرورة عدم النظر إلى تفاصيل الجزئيات والقطع بمفردها؛ بل يجب النظر إلى الموضوع بكليته، ونظرة شمولية لطبيعة ما يجري في المنطقة لنقف على حقيقة الصورة المتكاملة. وقال: الأفول الأميركي هذا مرحلي، وهو فشل، وليس هزيمة؛ فأميركا والغرب وضع مشروعًا استراتيجيًا وطويل الامد منذ فترة ما بعد الحربين العالمية الأولى والثانية، ولم يستعجلا تنفيذه، ومشروعها اليوم مكمّل للمشاريع السابقة؛ لذا يجب ان نعطي هذه الصورة المتكاملة ومواجهة المشروع الاميركي بطريقة استراتيجية بعيدة المدى، وعدم النظر إلى تفاصيل الجزئيات والقطع بمفردها؛ بل النظر إلى الموضوع بكليته، ونظرة شمولية لنقف على حقيقة الصورة المتكاملة.
واعتبر د. خاميار أن محور المقاومة في هذه المرحلة استطاع ان يوقف جرافة التقسيم التي تحمل لوحة سايكس بيكو؛ وقال: في هذه الفترة، وعلى من الرغم أن إيران "فوبيا"، والاسلام "فوبيا"، وفلسطين "فوبيا"، إلا أن المساحة التي نملكها في كل العالم هي مساحة فريدة ربما لم نواجهها في كل العالم.
ورأى الأستاذ ادريس الهاني في كلام المسؤولين الأميركيين حول الفشل الأميركي مؤشرًا على مسؤوليات تأخذها السياسات الأميركية؛ وقال: اميركا تفهم أمورها، وتختار الشخصية التي تلبي مصالحها؛ والواقع الدولي معقد جدًا، والمقاومة ستبقى في المستقبل...والأهم هو أن نعرف كيف نحوّل ردود فعلنا إلى فعل ايجابي بدل أن يكون سلبيًا.
أما د. محمود الهاشمي، فقد تساءل: هل نحن نؤمن فعلًا بأن الولايات المتحدة الأميركية تنهار تممًا كما جرى مع الاتحاد السوفياتي؟ وقال: إن القيادات والحكومات في الولايات المتحدة لا تأتي بالصدفة، بل إن الشركات الكبرى هي التي تصنع الرئيس، وهي من يدير التخطيط والتنفيذ" لضمان عدم حدوث أي خلل لأنه إذا حدث خلل في النظام الاقتصادي فهو أول أسباب انهيار الولايات المتحدة؛ فهي دولة رأسمالية.
ولفت إلى عملية اعادة انتاج الولايات المتحدة لأسباب عدة، منها اعادة انتاج اليمين المتطرف؛ وذلك على خلفية أن اميركا بدأت تفقد النوع الأميركي.
من جهته، أكد د. طلال عتريسي أن اعتماد التحليل على شهادات المسؤولين الأميركيين يقوي التحليل، لكن لابد من التدقيق في المصطلحات، والأهم هو ضرورة إضافة "ما هي أولويات المرحلة المقبلة، وكيفية التقليل من نقاط الضعف في جسم قوى الممانعة، وزيادة نقاط القوة.
فيما أكد د. ضرار البستنجي على خطورة الفصل بين ترامب وأميركا، على الرغم من أن الإدارة الأميركية، أو ترامب غير السياسة الخارجية في العالم؛ وقال: اميركا ليست مهزومة بالمعنى الحقيقي، إنما هي تتراجع.
ولفت الأستاذ غالب قنديل من جهته إلى ملاحظة حول نقاط الضعف في محور المقاومة، وقال: هناك نهج دفاعي في التعاطي مع التحديات، ونهجنا لا يزال دفاعيًا، وبالتالي استطعنا أن نوقف الهجمة. لكن لغاية الآن وعلى الرغم من الانتصارات الهائلة والإنجازات ضخمة نرى أن الحرب في سوريا عالقة نتيجة عقدتين كبيرتين هما: عقدة الشرق السوري التي يشكل فيها الاميركي طرفًا مباشرًا، وعقدة ادلب المرتبطة بالموقع التركي والسياسة التركية. وبالتالي هناك حسابات تحكم وضع منطقتنا. كما نرى أن انجازاتنا الدفاعية في اليمن تمنع الحلف المعادي من تطوير أي مبادرات هجومية لكن من دون التمكن من فرض الحل. وفي لبان حققنا ـ أي قوى الممانعة والمقاومةـ من تحقيق ردع دفاعي منعت العدو من تحقيق أهدافه، أو تطوير مبادرات هجومية؛ وبالتالي يصبح السؤال الذي يستلزم التفكير جديًا والبحث للإجابة عنه هو: كيف ننتقل إلى الهجوم بدل الدفاع؟، وما هي المستلزمات؟، وهل هناك أفق لتعديل قواعد تمكّن من الحد من النفاذ الأميركي؟ وهذا مرتبط بعملية إدارة الصراع التي تستلزم كافة في المرحلة المقبلة إلى بناء شراكات اقليمية حقيقية على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية وعلى مختلف المستويات، وبالتالي عدم الاكتفاء بالزيارات والتبادلات التي لم ترق لغاية الآن إلى الشراكة الفعلية.
وقال الأستاذ قنديل: لانزال لغاية اليوم كمحور ممانع ندفع ثمن صيغ المساكنة السياسية في العراق ولبنان. وهذا يملي على محورنا التكيف مع عقوبات تُفرض لاستهداف المقاومة بمختلف مؤسساتها. فهل هناك أفق لتعديل قواعد المساكنة بصورة تحد من قدرة اميركا على محاصرة قوى المقاومة.
أما الأستاذ بركات قار، فقد شدد على أن المهم هو معرفة أهداف كل خطوة تخطوها اميركا؛ وقال: لا تهمنا القرارات التي تصدر من اميركا، بل ما تحمله من أهداف وأبعاد، ومعرفة ما بعد القرارات، وما هو الاتي.
رابعا: وقائع جلسة النقاش الثانية
تحت عنوان: قراءة لواقع المنطقة السياسي
افتتح د. حسن سلمان الجلسة بالإشارة إلى وجود وجهتي نظر تتجاذب الرؤى ما خص واقع المنطقة السياسي، الأولى ترى أن الكيان الصهيوني ومعه الإدارة الأميركية، وخلفهما حلفاؤهما من الدول العربية عاجزون عن شن حرب عسكرية بفعل معادلة الربح والخسارة التي تحكم التفكير العسكري الصهيوني الأميركي من جهة، ومعادلة توازن الردع التي أملتها قوى الممانعة والمقاومة في الميدان.
والقراءة الثانية المعاكسة للأولى تعتقد بان الإدارة الأميركية عندما تتألم فإنها ستبادر إلى الحرب العسكرية.
بعد ذلك تحدث الأستاذ هادي افقهي الذي لفت إلى أن موضوع صفقة القرن يسلك طريقه على قدم وساق على الرغم من اننا نحاول افشاله، وعملية التطبيع تسلك طريقها أيضًا، واللعبة اصبحت علنية سواء في وارسو، أو في مؤتمرات أخرى.
فيما انتقد د. مصطفى اللداوي إيلاء مسألة غزة، وأحيانًا القدس الاهتمام الكبير؛ معتبرًا أنه وهذا امر خاطئ، لأن "قضيتنا ليست غزة، وليست القدس، بل القضية الفلسطينية ككل، لذا يجب ان يكون هناك نوع من التوازن في التعاطي مع القضية الفلسطينية، خاصة أن الاهتمام بالضفة الغربية يقلق الصهاينة كثيرًا، فدعم الضفة والتركيز عليها يهدد المشروع الصهيوني لما لها من أهمية في الفكر الصهيوني السياسي، فضلًا عن خطورة أن الحصار على غزة عربي عامة، ومصري خاصة وليس صهيونيًا.
كما لفت د. اللداوي إلى ضرورة التركيز على مسيرات العودة الفلسطينية، وإيلائها الاهتمام اللازم كونها أحد ألوان المقاومة التي سيمضي عليها الفلسطينيون.
وفي موضوع الانتخابات الصهيونية، فقد استبعد فوز تكتل نتنياهو ككل، لكنه ـ أي نتنياهو ـ عائد إلى الحكم، وهو يطمح لأن يكون ملك اسرائيل كما قال اللداوي؛ مستبعدًا أي حرب في هذه المرحلة في غزة قبل الانتخابات الصهيونية.
وما خص صفقة القرن أشار إلى أنها صفقة غير مكتوبة ومتغيرة يُحدثون فيها تعديلات دائمة لصالح الكيان الصهيوني.؛ واستبعد اللداوي أيضًا تحقق المصالحة الفلسطينية لتناقض المشروعين (المقاومة والتفاوض مع الكيان).
ودعا إلى عدم الانشغال بقرار ترامب اعتبار الجولان تحت السيادة الصهيونية، قائلًا: إن قرار القدس والجولان اتخذا في سنة واحدة عام 1981. فلا داعي للانشغال كثيرا في هذه الشكليات، فأميركا تريد ان تشغلنا بأشياء ليست جوهرية.
أما د. محمود الهاشمي، فقد قرأ في صفقة القرن فيها سلبية تتجلى في أنها ـ أي الصفقة ـ تخطط للتطبيع مع الكيان الصهيوني؛ أما الإيجابية فهي تتمثل في انسحاب اميركا من المنطقة في المستقبل.
فيما تساءل د. طلال عتريسي: ما هو الخطر في المدى المنظور، هل صفقة القرن؟، أم إضعاف إيران؟
فيما أكد د. ضرار البستنجي على ضرورة الالتفات إلى واقع كل دولة من دول المنطقة حينما نناقش الواقع العربي، وإمكانيات المواجهة، وفي السياق اعتبر أن الأردن ساحة مهملة على المستوى الإعلامي على الرغم من أن مهمة كونها مقدّر لها أن تأخذ دور لبنان في المرحلة المقبلة؛ وقال: هناك ضغوط سعودية كبيرة عليه لأكثر من سبب: أنه لم يعد يمتلك الحق الحصري بحمل الرسائل إلى الكيان ، وهناك منافسة سعودية واضحة لجهة الورقة الوحيدة التي يمتلكها، وتتمثل في الوصاية الهاشمية على المقدسات في فلسطين، وهو ما تريد السعودية سلبه إياها.
وأشار البستنجي إلى التغيير الحاصل في الأردن، حيث قال: إن قبضة العشيرة في الأردن بدأت بالتراجع، خاصة مع تراجع ميزات العشيرة؛ لافتًا إلى أن الدولة اليوم لا تمتلك شيئًا بعدما باعت كل شيء نتيجة سياسة الخصخصة؛ ولفت إلى وجود أزمة اقتصادية حقيقية يعيشها الأردن جراء عدم السماح باستخراج الموارد... واليوم المخطط القادم هو اعادة النظر في قانون الخدمة المدنية، فهناك تخمة في المؤسسات الحكومية. والمطلوب أن يتم التخفيف من هذه الحمولة الزائدة بناءً على شروط صندوق النقد الدولي، وشروطه؛ وهذا سيخلق مشاكل كبيرة.
ولفت د. البستنجي إلى أن العمل جارٍ اليوم على قصة النعرات، ولا يوجد في الأردن تاريخيًا مشروع وطني أردني. والكارثة اليوم هو أن كل من يحاول فرض مشروع أردني يفرض النعرة. وفي الوقت نفسه تغيير عقيدة الجيش الأردني بذريعة إعادة هيكلته بقيادة ضابط بريطاني.
أما الأستاذ بركات قار، فقد شدد على ضرورة الوقوف مليًا عند نتائج الانتخابات المحلية في تركيا التي وصفها بالمصيرية والمرتبطة بشكل مباشر بتثبيت الرئاسة في تركيا. وقال: إن تركيا في ازمة خانقة لا يمكن لاردوغان ان يتخطاها بالسياسيات التي ينتهجها. كما أن تركيا عاجزة عن اتخاذ اي قرار بالانسحاب من الحلف الناتو، ولا اميركا مستعدة لطرد اردوغان من حلف الناتو، أو التخلي عنه.
وما خص الواقع السوري التركي، لفت قار إلى أن مسالة ادلب معقدة، والان هناك ضغط كبير لتجنيد كل سوري يحمل السلاح، وان يرجع إلى عفرين وجرابلس بقيادة التركي. وقال: قد تقبل تركيا على حرب أهلية وهناك تسليح لميليشيات كبيرة في البلد. وقال: إن هذا النظام كان يتصور أنه سيقود الاسلام في المنطقة... وبعد شهر العسل الذي عاشه سوريا قبل الحرب، التف ليعيش شهر العسل مع روسيا وإيران، لكنه عسل لن يطول، لأن اميركا لمن تسمح للنظام التركي بذلك.
خامسا: في التوصيات
في نهاية النقاش، اقترح المشاركون عددًا من الأفكار ينبغي أن يتم التركيز عليها في الخطاب الإعلامي، وأبرزها: