• اخر تحديث : 2024-03-28 03:17
news-details
ندوات وحلقات نقاش

ورشة نقاش سياسي في التراجع الأميركي، وواقع المنطقة السياسي


على هامش اجتماع الهيئة الإدارية للرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين المنعقد بتاريخ نهار الأحد 31\3\2019، ناقش المجتمعون التراجع الأميركي وواقع المنطقة والعالم السياسي ضمن جلستي نقاش منفصلتين.

وقائع جلسة النقاش الأولى:

تحت عنوان "قراءة في الأفول الأميركي"، وتناولها المجتمعون ضمن المحاور الآتية:

أولًاـ شهادات لمسؤولين أميركيين عن واقع السياسات الأميركية ومآزقها في المنطقة:

  • من المحزن جدًا عندما تنفق سبعة تريليونات دولار في الشرق الأوسط أن يتطلب الذهاب إلى هناك كل هذه السرية الهائلة والطائرات حولك، وأعظم المعدات في العالم، وأن تفعل كل شيء كي تدخل سالمًا (دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية).

 

  •  لقد غدت أميركا بعد قرار الانسحاب من سوريا دولة خالية من الاستراتيجية (جايمس ماتيس، وزير الدفاع الأميركي السابق).

 

  • القرارات العسكرية الأميركية في كل من أفغانستان، والعراق وسوريا تهدد بتمديد سجل الفشل الاستراتيجي الذي لم يخترقه نجاح واحد تقريبًا (دانيال دايفيس، محلل في السياسات الخارجية والدفاعية).

 

  • لم نربح الحرب في الشرق الأوسط، ولن نربح فيها. وببساطة فإن المحاولة بإصرار أكبر لا يبدو أنها ستأتي بنتائج مختلفة (أندرو باسفيتش، مؤرخ وكولونيل متقاعد في الجيش الأميركي).

 

  • الظروف الحالية في الشرق الأوسط جعلت الولايات المتحدة في وضعية الانسحاب من المنطقة، بحيث لم تعد تريد، ولم تعد تستطيع لعب دور أساسي فيها (مارتن انديك، مركز بروكينغز للدراسات).

 

  • مع صعود الدول الأخرى السريع، فإن اللحظة الأحادية قد انتهت، والهيمنة الأميركية في السياسة الدولية التي بدأت عام 1945 تنحدر بشكل سريع (تقرير الاتجاهات العالمية 2030، مجلس الأمن القومي الأمريكي، 2012).

 

  • الصدام داخل مجلس التعاون الخليجي مع قطر هو نموذج عن انحدار التأثير الأميركي (جيفري فليتمان، مركز بروكينغز للدراسات).

 

ثانيًا ـ الاستراتيجية الأميركية الحالية:

عندما فقدت الولايات المتحدة إمكانية تغيير موازين القوى، ونتائج الحرب التي انتصر فيها محور المقاومة، فهي تكتفي في هذه المرحلة بـسياسة التطويق والإشغال، وتشمل:

  • ترويج دعاية أثمان الحرب وتداعياتها.

 

  • نشر دعاية محبطة لعمليات إعادة الإعمار.

 

  • التخويف الدائم من عودة الحرب، واستمرار اثارة النعرات والخلافات.

 

  • إثارة الفتن والصراعات والخلافات داخل محور المقاومة وبين مكوناته.

 

  • ترويج دعاية العقوبات الاقتصادية وتأثيرها السياسية والاجتماعي.

 

 

ثالثًا ـ أهداف أميركا المرحلية في الشرق الأوسط:

  • عرقلة إعادة الإعمار: تكثيف الرسائل المتعلقة بصعوبات الإعمار وتكاليفه وفساد المؤسسات.

 

  • إضعاف تلاحم المحور، وبث الرسائل التي تؤدي إلى الفرقة والاختلاف والتنافس السلبي والتشكيك المتبادل.

 

  •  تشويش الهوية والانتماء والعداء والحافز، واستهداف بنية قوى محور المقاومة الثقافية والأخلاقية والهوياتية.

 

  • تثبيت الحاجة إلى استمرار النفوذ الأميركي، والترويج لها ولمخاطر التخلي عنه.

 

  • التشبيك مع وبين حلفاء أميركا، وحل المشكلات التي نشأت داخل التحالف، وبث الأمل في عودة تماسكه.

 

  •  تثبيت وإحكام الحصار الاقتصادي، ونشر ثقافة التبعية الاقتصادية وإحباط الإنتاج المحلي والاعتماد على النفس.

 

رابعًا ـ اتجاهات الجهد الأساسية لدى الإدارة الأميركية:

  • حفظ أو زيادة الحضور العسكري الأميركي في العراق وسوريا.

 

  • العمل على رفع وتيرة الحرب الناعمة ومنظمات المجتمع المدني.

 

  • دعم الحركات السياسية المعادية للمقاومة.

 

  • دعم المجموعات المنحرفة.

 

  • دعم الجماعات الإرهابية، وإنشاء جماعات جديدة.

 

  • العمل على إثارة الخلافات بين قوى المقاومة.

 

  • شن حرب بالوكالة عبر الكيان الصهيوني.

 

  • زيادة الضغوط الاقتصادية على العراق وسوريا واليمن ولبنان وفلسطين.

 

  • محاصرة حضور الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمقاومة في سوريا لإخراجهما منها.

 

  •  تنمية العلاقات العربية مع العراق، وسوريا، واليمن لإضعاف العلاقة بالجمهورية الإسلامية.

 

  • تطبيع العلاقات مع العدو الصهيوني.

 

 

خامسًا ـ المصالح الأميركية في المنطقة:

  • امدادات النفط: تراجعت أهميتها نسبياً بسبب توفر بديل أمريكي في الغاز، وتستمر المخاوف من سيطرة الآخرين عليها.

 

  • وجود الكيان الصهيوني: تراجعت أهميته نتيجة الاهتمام المتزايد بالميدان الشرقي، لكن تستمر المخاوف من قيامة المارد الإسلامي من خلال القضاء عليه.

 

  • الأسواق الرقمية وخدمة الإنترنت، ففي مجال الإنترنت ليس هناك منافس حقيقي، ولا إمكانية للمواجهة.

 

  • سوق التكنولوجيا، فمع التقدم التكنولوجي الصيني يمكن مواجهة النفوذ الأميركي وتقليصه.

 

  • مردود اعتمادية الدولار: مع بدء التعامل الإيراني بالعملات المحلية، بدأ مسار بطيء لتقليص هذا المردود.

 

  • مردود اعتمادية النظام المالي: من المبكر الحديث عن تراجع هذا المردود، خلال السنوات الخمس المقبلة.

 

  • حماية القوات والجنود: تستشعر أميركا الخطر على جنودها في العراق وسوريا.

 

  • حقوق الملكية الفكرية: الصناعات والتجارة التي تعتمد على التوكيل الأميركي تشهد منافسة صينية، تسرق الحقوق الفكرية وتقدم أسعارًا أفضل.

 

  • عائدات فوائد القروض: صندوق النقد الدولي يوفر عوائد هامة لأمريكا وليس له منافس.

 

 

سادسًا ـ نقاط القوة لدى العدو الأميركي:

  • السمعة والقوة الناعمة حول اعتمادية أميركا، وقدرتها، ونفوذها.

 

  • الاتفاقيات الرسمية مع دول المنطقة.

 

  • إدارة النخب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب وتجنيدها.

 

  • النفوذ الرقمي (المعلومات، الإعلام، المخابرات).

 

  • البنوك والنظام المالي وسيطرة الدولار.

 

  •  القدرة المالية على الإنفاق على البرامج ومشاريع النفوذ.

 

  • الشبكة الإعلامية الدولية والإقليمية والمحلية الشاملة لكل أصناف الإعلام.

 

  • الجيش والاستخبارات وقدرة الإرهاب والردع والاستقطاب.

 

  •  المعرفة، والتخطيط، وإدارة المعلومات، والإبداع، وقدرة التنسيق العملياتي.

 

  •  القدرة على نقل الصراع من ميدان إلى ميدان، ومن مجال إلى آخر.

 

 

سابعًاـ ثغر الكادر الأميركي:

  • ضيق أفق العقل الميكانيكي.

 

  •  تناقضات الشخصية المصلحية.

 

  • التنافس والصراعات داخل المؤسسة.

 

  • غربة الأجنبي وعزلته عن البيئة.

 

  • الفشل المتكرر للتوقعات الإستراتيجية .

 

  • ضعف القدرة على التدخل المباشر الواسع والمؤثر.

 

  • الفشل المتكرر وانتصار قوى المقاومة.

 

  • دخول القوى الشرقية بقوة إلى الإقليم، وتراجع أمريكا دوليًا.

 

  •  التفكير بالانسحاب وتبديل الأولويات نحو شرق آسيا.

 

  •  المكروهية المتزايدة من شعوب المنطقة وفقدان المصداقية.

 

  •  ضعف صورة الرئيس الأمريكي وتكاثر مشاكله الداخلية.

 

  • تزايد الصراعات داخل الإدارة الأميركية.

 

  • التقلبات الكثيرة في المواقف والتصريحات.

 

  • الاضطرار للبقاء في المنطقة وحفظ النفوذ والتواجد العسكري.

 

  •  توفر البدائل الاقتصادية والعسكرية الروسية والصينية.

 

 

ثامنًاـ ثغر التحالف المعادي:

  • العلاقات.

 

  • الصراع الإخواني الوهابي وتداعياته الاقتصادية والإعلامية والسياسية.

 

  • البنى الداخلية.

 

  • الضعف البنيوي لدى السعودية والكيان الصهيوني.

 

  • الشخصيات

 

  •  فقدان القيادات الرمزية المؤثرة.

 

  •  التوقعات.

 

  •  خيبات مناهج التحليل المتتالية.

 

 

تاسعًا ـ وضعية محور المقاومة: نقاط القوة

  • الانتصار: إثبات إمكانية الانتصار على العدو في المعارك الكبرى والتاريخية التي دارت في العقود الماضية.

 

  • العمق الثقافي: الرؤية الكونية والأخلاقية والشرعية والإنسانية الثابتة والراسخة التي تشكل موقف المقاومة.

 

  • المرونة: والقدرة على التكيف والمواءمة بين ثبات الموقف والقدرة على المناورة واختراق تحالف العدو.

 

  • روحية الصمود: وتحمل الضغوط الكبرى والشاملة التي يمارسها العدو في كل المجالات والمستويات.

 

  • البذل والتضحية: القدرة على تقديم التضحيات والشهداء، وهي نقطة تفوق أساسية على العدو.

 

  •  الثقة المتبادلة: تنامي الثقة ورسوخ الاعتماد المتبادل بين كل مكونات محور المقاومة بعد التجربة الناجحة.

 

  • نشوء قوى عسكرية جديدة في محور المقاومة (الحشد الشعبي، الدفاع الوطني، أنصار الله).

 

  •  التحالفات الدولية: تقاطع حركة محور المقاومة ككل وحركة مكوناته مع مصالح قوى كبرى ناهضة ومؤثرة.

 

  • التجربة الميدانية المتعددة الجنسيات: تبلور قدرة العمليات المشتركة بين مكونات المحور وإثبات نجاحها.

 

  • وحدة العدو التي تؤدي إلى وحدة الهدف في المواجهة لدى كل مكونات المحور ما يجعله محورًا صلبًا وثابتًا.

 

 

عاشرًاـ وضعية محور المقاومة: نقاط الضعف

  • التنوع، بمعنى الاختلاف الثقافي والفكري والاجتماعي بين مكونات المحور.

 

  • التنافس: وجود بعض مجالات التنافس السياسي والاقتصادي والإعلامي.

 

  • تفاوت الظروف: واختلاف ظروف الحرب وطبيعتها ومجالها ومستواها من دولة إلى أخرى في المحور.

 

  • ضعف الإمكانيات: نتيجة الاستنزاف المالي للحرب وكذلك العقوبات الاقتصادية والمالية والحصار.

 

  • عدم وجود قيادة موحدة بشكل كامل: قيادة المحور توافقية وليست جهة واحدة حاسمة في كل التفاصيل.

 

  • صورة الإسلام بعد داعش: تأثر صورة الإسلام لدى شرائح داخل دول المحور ما يؤثر على العلاقات في المحور.

 

  • الحصار الاقتصادي: تراكم المشكلات المالية والإجتماعية والإقتصادية، وكذلك تأثر المجهود العسكري.

 

  • قلة عدد قوى المحور: وسط العالم الإسلامي قلة من الدول والقوى والفئات الشعبية تشكل محور المقاومة.

 

  •  اختلاف المصالح مع روسيا: رغم تقاطع المصالح فإن النفوذ الروسي لا يدعم مشروع وأهداف المحور.

 

  • التجنيد الفكري والتأثير الناعم على النخب والكوادر: تأثير الدعاية والمعرفة الغربية في الكادر الإعلامي.

 

  • الضعف المعلوماتي: في مقابل العدو الذي يمتلك تفوقاً معلوماتياً يسند عملياته الإعلامية والحرب النفسية.

 

  •  ضعف التنسيق العملياتي في المجال الإعلامي: الحاجة لتطوير وتفعيل التنسيق لزيادة الزخم والتأثير.

 

  • ضعف القدرات الفنية والإبداعية: وحاجتها إلى التأطير والتطوير والتوجيه والدعم.

 

وقد أدار الندوة الدكتور حسن سلمان الذي أشار إلى أن للحروب اهداف وغايات، واميركا ليست دولة ضعيفة، إنما كسرت لها مشاريع من قبيل مشروع الشرق الاوسط الذي أسقطه صمود المقاومة وشعبها في حرب تموز العام 2006، ومشروع التقسيم والفدرلة الذي أرادت الولايات المتحدة الأميركية تنفيذه في كل من العراق وسوريا بما يضمن نفوذها ومصالحها في المنطقة، وحروب "داعش" وأخواتها في المنطقة.


 

بدوره علق الأستاذ هادي أفقهي قائلًا: إن الوجود العسكري الأميركي في المنطقة والعالم مستمر، والفشل الذي سجلته قوى محور الممانعة والمقاومة هو إحباط المشاريع الأميركية؛ أما الهزيمة فيتجسد في إخراجها من المنطقة بالكامل.

فيما اعتبر الأستاذ ادريس الهاني أن كلام المسؤولين الأميركيين هو مؤشر على مسؤوليات تأخذها السياسات الاميركية؛ وقال: اميركا تفهم امورها، وتختار الشخصية التي تلبي مصالحها؛ والواقع الدولي معقد جدًا، والمقاومة ستبقى في المستقبل...والأهم هو أن نعرف كيف نحول ردود فعلنا الى فعل ايجابي بدل أن يكون سلبيًا.

بدوره أكد د. عباس خاميار ضرورة عدم النظر إلى تفاصيل الجزئيات والقطع بمفردها؛ بل يجب النظر إلى الموضوع بكليته، ونظرة شمولية لطبيعة ما يجري في المنطقة لنقف على حقيقة الصورة المتكاملة. وقال: الأفول الأميركي هذا مرحلي، وهو فشل، وليس هزيمة؛ فأميركا والغرب وضع مشروعًا استراتيجيًا وطويل الامد منذ فترة ما بعد الحربين العالمية الأولى والثانية، ولم يستعجلا تنفيذه، ومشروعها اليوم مكمّل للمشاريع السابقة؛ لذا يجب ان نعطي هذه الصورة المتكاملة ومواجهة المشروع الاميركي بطريقة استراتيجية بعيدة المدى، وعدم النظر إلى تفاصيل الجزئيات والقطع بمفردها؛ بل النظر إلى الموضوع بكليته، ونظرة شمولية لنقف على حقيقة الصورة المتكاملة.

واعتبر د. خاميار أن محور المقاومة في هذه المرحلة استطاع ان يوقف جرافة التقسيم التي تحمل لوحة سايكس بيكو؛ وقال: في هذه الفترة، وعلى من الرغم أن إيران "فوبيا"، والاسلام "فوبيا"، وفلسطين "فوبيا"، إلا أن المساحة التي نملكها في كل العالم هي مساحة فريدة ربما لم نواجهها في كل العالم.

ورأى الأستاذ ادريس الهاني في كلام المسؤولين الأميركيين حول الفشل الأميركي مؤشرًا على مسؤوليات تأخذها السياسات الأميركية؛ وقال: اميركا تفهم أمورها، وتختار الشخصية التي تلبي مصالحها؛ والواقع الدولي معقد جدًا، والمقاومة ستبقى في المستقبل...والأهم هو أن نعرف كيف نحوّل ردود فعلنا إلى فعل ايجابي بدل أن يكون سلبيًا.

أما د. محمود الهاشمي، فقد تساءل: هل نحن نؤمن فعلًا بأن الولايات المتحدة الأميركية تنهار تممًا كما جرى مع الاتحاد السوفياتي؟ وقال: إن القيادات والحكومات في الولايات المتحدة لا تأتي بالصدفة، بل إن الشركات الكبرى هي التي تصنع الرئيس، وهي من يدير التخطيط والتنفيذ" لضمان عدم حدوث أي خلل لأنه إذا حدث خلل في النظام الاقتصادي فهو أول أسباب انهيار الولايات المتحدة؛ فهي دولة رأسمالية.

ولفت إلى عملية اعادة انتاج الولايات المتحدة لأسباب عدة، منها اعادة انتاج اليمين المتطرف؛ وذلك على خلفية أن اميركا بدأت تفقد النوع الأميركي.

من جهته، أكد د. طلال عتريسي أن اعتماد التحليل على شهادات المسؤولين الأميركيين يقوي التحليل، لكن لابد من التدقيق في المصطلحات، والأهم هو ضرورة إضافة "ما هي أولويات المرحلة المقبلة، وكيفية التقليل من نقاط الضعف في جسم قوى الممانعة، وزيادة نقاط القوة.

فيما أكد د. ضرار البستنجي على خطورة الفصل بين ترامب وأميركا، على الرغم من أن الإدارة الأميركية، أو ترامب غير السياسة الخارجية في العالم؛ وقال: اميركا ليست مهزومة بالمعنى الحقيقي، إنما هي تتراجع.

ولفت الأستاذ غالب قنديل من جهته إلى ملاحظة حول نقاط الضعف في محور المقاومة، وقال: هناك نهج دفاعي في التعاطي مع التحديات، ونهجنا لا يزال دفاعيًا، وبالتالي استطعنا أن نوقف الهجمة. لكن لغاية الآن وعلى الرغم من الانتصارات الهائلة والإنجازات ضخمة نرى أن الحرب في سوريا عالقة نتيجة عقدتين كبيرتين هما: عقدة الشرق السوري التي يشكل فيها الاميركي طرفًا مباشرًا، وعقدة ادلب المرتبطة بالموقع التركي والسياسة التركية. وبالتالي هناك حسابات تحكم وضع منطقتنا. كما نرى أن انجازاتنا الدفاعية في اليمن تمنع الحلف المعادي من تطوير أي مبادرات هجومية لكن من دون التمكن من فرض الحل. وفي لبان حققنا ـ أي قوى الممانعة والمقاومةـ من تحقيق ردع دفاعي منعت العدو من تحقيق أهدافه، أو تطوير مبادرات هجومية؛ وبالتالي يصبح السؤال الذي يستلزم التفكير جديًا والبحث للإجابة عنه هو: كيف ننتقل إلى الهجوم بدل الدفاع؟، وما هي المستلزمات؟، وهل هناك أفق لتعديل قواعد تمكّن من الحد من النفاذ الأميركي؟ وهذا مرتبط بعملية إدارة الصراع التي تستلزم كافة في المرحلة المقبلة إلى بناء شراكات اقليمية حقيقية على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية وعلى مختلف المستويات، وبالتالي عدم الاكتفاء بالزيارات والتبادلات التي لم ترق لغاية الآن إلى الشراكة الفعلية.

وقال الأستاذ قنديل: لانزال لغاية اليوم كمحور ممانع ندفع ثمن صيغ المساكنة السياسية في العراق ولبنان. وهذا يملي على محورنا التكيف مع عقوبات تُفرض لاستهداف المقاومة بمختلف مؤسساتها. فهل هناك أفق لتعديل قواعد المساكنة بصورة تحد من قدرة اميركا على محاصرة قوى المقاومة.

أما الأستاذ بركات قار، فقد شدد على أن المهم هو معرفة أهداف كل خطوة تخطوها اميركا؛ وقال: لا تهمنا القرارات التي تصدر من اميركا، بل ما تحمله من أهداف وأبعاد، ومعرفة ما بعد القرارات، وما هو الاتي.

 

رابعا: وقائع جلسة النقاش الثانية

تحت عنوان: قراءة لواقع المنطقة السياسي

 

افتتح د. حسن سلمان الجلسة بالإشارة إلى وجود وجهتي نظر تتجاذب الرؤى ما خص واقع المنطقة السياسي، الأولى ترى أن الكيان الصهيوني ومعه الإدارة الأميركية، وخلفهما حلفاؤهما من الدول العربية عاجزون عن شن حرب عسكرية بفعل معادلة الربح والخسارة التي تحكم التفكير العسكري الصهيوني الأميركي من جهة، ومعادلة توازن الردع التي أملتها قوى الممانعة والمقاومة في الميدان.

والقراءة الثانية المعاكسة للأولى تعتقد بان الإدارة الأميركية عندما تتألم فإنها ستبادر إلى الحرب العسكرية.

بعد ذلك تحدث الأستاذ هادي افقهي الذي لفت إلى أن موضوع صفقة القرن يسلك طريقه على قدم وساق على الرغم من اننا نحاول افشاله، وعملية التطبيع تسلك طريقها أيضًا، واللعبة اصبحت علنية سواء في وارسو، أو في مؤتمرات أخرى.

فيما انتقد د. مصطفى اللداوي إيلاء مسألة غزة، وأحيانًا القدس الاهتمام الكبير؛ معتبرًا أنه وهذا امر خاطئ، لأن "قضيتنا ليست غزة، وليست القدس، بل القضية الفلسطينية ككل، لذا يجب ان يكون هناك نوع من التوازن في التعاطي مع القضية الفلسطينية، خاصة أن الاهتمام بالضفة الغربية يقلق الصهاينة كثيرًا، فدعم الضفة والتركيز عليها يهدد المشروع الصهيوني لما لها من أهمية في الفكر الصهيوني السياسي، فضلًا عن خطورة أن الحصار على غزة عربي عامة، ومصري خاصة وليس صهيونيًا.

كما لفت د. اللداوي إلى ضرورة التركيز على مسيرات العودة الفلسطينية، وإيلائها الاهتمام اللازم كونها أحد ألوان المقاومة التي سيمضي عليها الفلسطينيون.

وفي موضوع الانتخابات الصهيونية، فقد استبعد فوز تكتل نتنياهو ككل، لكنه ـ أي نتنياهو ـ عائد إلى الحكم، وهو يطمح لأن يكون ملك اسرائيل كما قال اللداوي؛ مستبعدًا أي حرب في هذه المرحلة في غزة قبل الانتخابات الصهيونية.

وما خص صفقة القرن أشار إلى أنها صفقة غير مكتوبة ومتغيرة يُحدثون فيها تعديلات دائمة لصالح الكيان الصهيوني.؛ واستبعد اللداوي أيضًا تحقق المصالحة الفلسطينية لتناقض المشروعين (المقاومة والتفاوض مع الكيان).

ودعا إلى عدم الانشغال بقرار ترامب اعتبار الجولان تحت السيادة الصهيونية، قائلًا: إن قرار القدس والجولان اتخذا في سنة واحدة عام 1981. فلا داعي للانشغال كثيرا في هذه الشكليات، فأميركا تريد ان تشغلنا بأشياء ليست جوهرية.

أما د. محمود الهاشمي، فقد قرأ في صفقة القرن فيها سلبية تتجلى في أنها ـ أي الصفقة ـ تخطط للتطبيع مع الكيان الصهيوني؛ أما الإيجابية فهي تتمثل في انسحاب اميركا من المنطقة في المستقبل.

فيما تساءل د. طلال عتريسي: ما هو الخطر في المدى المنظور، هل صفقة القرن؟، أم إضعاف إيران؟

فيما أكد د. ضرار البستنجي على ضرورة الالتفات إلى واقع كل دولة من دول المنطقة حينما نناقش الواقع العربي، وإمكانيات المواجهة، وفي السياق اعتبر أن الأردن ساحة مهملة على المستوى الإعلامي على الرغم من أن مهمة كونها مقدّر لها أن تأخذ دور لبنان في المرحلة المقبلة؛ وقال: هناك ضغوط سعودية كبيرة عليه لأكثر من سبب: أنه لم يعد يمتلك الحق الحصري بحمل الرسائل إلى الكيان ، وهناك منافسة سعودية واضحة لجهة الورقة الوحيدة التي يمتلكها، وتتمثل في الوصاية الهاشمية على المقدسات في فلسطين، وهو ما تريد السعودية سلبه إياها.

وأشار البستنجي إلى التغيير الحاصل في الأردن، حيث قال: إن قبضة العشيرة في الأردن بدأت بالتراجع، خاصة مع تراجع ميزات العشيرة؛ لافتًا إلى أن الدولة اليوم لا تمتلك شيئًا بعدما باعت كل شيء نتيجة سياسة الخصخصة؛ ولفت إلى وجود أزمة اقتصادية حقيقية يعيشها الأردن جراء عدم السماح باستخراج الموارد... واليوم المخطط القادم هو اعادة النظر في قانون الخدمة المدنية، فهناك تخمة في المؤسسات الحكومية. والمطلوب أن يتم التخفيف من هذه الحمولة الزائدة بناءً على شروط صندوق النقد الدولي، وشروطه؛ وهذا سيخلق مشاكل كبيرة.

ولفت د. البستنجي إلى أن العمل جارٍ اليوم على قصة النعرات، ولا يوجد في الأردن تاريخيًا مشروع وطني أردني. والكارثة اليوم هو أن كل من يحاول فرض مشروع أردني يفرض النعرة. وفي الوقت نفسه تغيير عقيدة الجيش الأردني بذريعة إعادة هيكلته بقيادة ضابط بريطاني.

أما الأستاذ بركات قار، فقد شدد على ضرورة الوقوف مليًا عند نتائج الانتخابات المحلية في تركيا التي وصفها بالمصيرية والمرتبطة بشكل مباشر بتثبيت الرئاسة في تركيا. وقال: إن تركيا في ازمة خانقة لا يمكن لاردوغان ان يتخطاها بالسياسيات التي ينتهجها. كما أن تركيا عاجزة عن اتخاذ اي قرار بالانسحاب من الحلف الناتو، ولا اميركا مستعدة لطرد اردوغان من حلف الناتو، أو التخلي عنه.

وما خص الواقع السوري التركي، لفت قار إلى أن مسالة ادلب معقدة، والان هناك ضغط كبير لتجنيد كل سوري يحمل السلاح، وان يرجع إلى عفرين وجرابلس بقيادة التركي. وقال: قد تقبل تركيا على حرب أهلية وهناك تسليح لميليشيات كبيرة في البلد. وقال: إن هذا النظام كان يتصور أنه سيقود الاسلام في المنطقة... وبعد شهر العسل الذي عاشه سوريا قبل الحرب، التف ليعيش شهر العسل مع روسيا وإيران، لكنه عسل لن يطول، لأن اميركا لمن تسمح للنظام التركي بذلك.

خامسا: في التوصيات

في نهاية النقاش، اقترح المشاركون عددًا من الأفكار ينبغي أن يتم التركيز عليها في الخطاب الإعلامي، وأبرزها:

  • تنظيم الخطاب الموجّه للرأي العام ما خص قضايا المنطقة، بعيدًا عن التضليل الإعلامي.

 

  • استحضار القضايا المتعلقة بالمنطقة بما يفند مواقف العدو، وذلك من خلال الزج بكم من المعلومات المدققة والصحيحة عن الجولان وخلفيات القرار الأميركي، وصفقة القرن، والتغييرات التي تشهدها دول المنطقة كتركيا والأردن، وحتى السعودية وغيرهم بما يساعد الرأي العام على تكوين رأي مبني على معلومات وليس العاطفة.

 

  •  ضرورة تعرية الشخصيات الموالية لمحور أميركا ومن معه التي تطل عبر الإعلام، وتضخ مواقف ومعلومات مغايرة لحقيقة الواقع، وذلك في سياق الحرب الناعمة.

 

  •  ضرورة الالتفات إلى طبيعة المصطلحات السياسية المتداولة من الجهة المعادية، وتلك التي يستعملها محللو وخبراء المحور الممانع