يطرح الانتقال السياسي في سورية، بعد سقوط نظام الأسد، العديد من التأويلات والتحديات. وتحاول هذه الدراسة تعريف المحدّدات الظرفية التي تشكّّل الإطار العام لخريطة الانتقال السياسي، خاصةً أن أيّ عملية انتقال ستكون مرتبطة بمحدّدات الحالة الثورية السورية. وفي حين تنشغل غالبية دراسات الانتقال السياسي ونظرياته بالتحوّل الديمقراطي، تفترض الدراسة أنّ الانتقال السياسي في سورية يتطلب معالجة جذرية للإشكاليات التي تميّز العلاقة بين العناصر الثلاثة المكوّنة للمجال السياسي: الدولة والنظام السياسي والمجتمع. وتطرح، بمساعدة بعض الأفكار النظرية للباحث فولفغانغ ميركل، نموذج البناء التفاعلي السياسي المتناسب مع خصوصيات الحالة السورية ومقتضياتها، والذي يدعم إنتاج ثقافة سياسية جمعية بالنظر إلى السياسة مفهومًا وممارسة. وبمعالجة تحليلية نقدية لبعض مفاصل السياسة في ظل نظام الأسد، تستنتج أن الانتقال السياسي يشترط إصلاح النظام السياسي الاجتماعي من خلال إصلاح العلاقة بين الدولة والسلطة والمجتمع لبناء مجال سياسي جديد يقوم على التفاعل المتواصل بينها، ولإنهاء تغريب المؤسسة السياسية عن المجتمع.