• اخر تحديث : 2024-11-23 11:50
news-details
تقارير

ما الجديد في زيارة وزير المخابرات الصهيوني للخرطوم؟


خطت العلاقات السودانية الصهيونية خطوة واسعة بزيارة تاريخية لوفد رسمي صهيوني الخرطوم برئاسة وزير المخابرات، إيلي كوهين، إذ إن هذه الزيارة رغم الهواجس الأمنية مضت أيضا في اتجاه تنفيذي لتشكيل أرضية للتعاون الاقتصادي.

وزار وفد رسمي صهيوني برئاسة وزير المخابرات، إيلي كوهين، السودان للمرة الأولى اول أمس، الاثنين، لبحث المضي قدما في اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول لتطبيع العلاقات.

وقال كوهين في بيان بعد العودة إلى الكيان الصهيوني "لدي ثقة أن هذه الزيارة تضع الأسس للعديد من أوجه التعاون المهمة، التي ستساعد كلا من إسرائيل والسودان، وستدعم كذلك الاستقرار الأمني في المنطقة".

ما الجديد في الزيارة؟

وفق مصدر مطلع في دوائر القصر الرئاسي، فإن الجديد في هذه الزيارة هو أن الوفد الصهيوني، الذي زار الخرطوم لبضع ساعات ليل اول أمس، الاثنين، التقى رئيس مجلس الوزراء، عبد الله حمدوك، رغم أن الملف كما هو سائد في يد المكون العسكري في مجلس السيادة الانتقالي.

ويرجح المصدر للجزيرة نت أن يكون اللقاء بين حمدوك والوفد الصهيوني، تم في القيادة العامة للجيش القريبة من القصر الجمهوري (وسط الخرطوم).

ويذكر أن حمدوك ظل حاضرا في الملف منذ البداية، منبها إلى أنه كان طرفا في مكالمة رباعية في أكتوبر/تشرين الأول، ضمت إلى جانبه الرئيس الأميركي (آنذاك) دونالد ترامب ورئيس الوزراء الصهيوني، بنيامين نتنياهو، ورئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان.

وترفض قوى عروبية ويسارية في الائتلاف الحاكم مسار التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب، وسبق أن صرح حمدوك بأن ملف التطبيع سيكون متروكا للبرلمان، الذي لم يشكل بعد، ليقرر فيه.

وبدأت الحكومة الانتقالية في السودان ملف التطبيع بلقاء مفاجئ لرئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، مع نتنياهو، بعنتيبي الأوغندية في فبراير/شباط 2020.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كشف عضو مجلس السيادة والمتحدث باسم المجلس، محمد الفكي سليمان، أن وفدا إسرائيليا، وصل الخرطوم حينها، قد زار منظومة الصناعات الدفاعية السودانية.

ويقول المصدر ذاته إن الوفد الصهيوني، الذي زار الخرطوم، اول أمس الاثنين، ضم إلى جانب إيلي كوهين مسؤولا في الاستخبارات العسكرية الصهيونية ومسؤولين في مجالات تنفيذية؛ مثل الزراعة والمياه والطيران.

وأوضح أن لقاء الوفد الصهيوني برئيس الوزراء السوداني تناول بالطبع ملفات ذات طابع تنفيذي تتعلق بمجالات اقتصادية وخدمية مثل الطيران والزراعة والمياه والصحة.

ونبه إلى أن وزير المخابرات الصهيوني إضافة لموقعه الأمني، فهو عضو في الكنيست؛ مما يجعل لزيارته الخرطوم أكثر من بعد.

ما هو مستقبل التعاون السياسي والاقتصادي؟

يؤكد رئيس اللجنة التمهيدية لجمعية الصداقة الشعبية السودانية الإسرائيلية، حسين قمر، أن الملفات الأمنية ستظل تسيطر على العلاقات بين الخرطوم وتل أبيب رغم أن زيارة وزير المخابرات الإسرائيلية ذهبت في اتجاهات تعاون اقتصادي.

ويقول قمر للجزيرة نت إن الملف الأمني بين البلدين يتطلب طيه أكثر من عامين؛ لكثرة وتشعب الملفات الأمنية العالقة بين البلدين، موضحا أنه لا يتوقع زيارة وفد سياسي إسرائيلي قبل أشهر من الآن.

وذكر أن من بين الملفات الأمنية استضافة السودان إبان حقبة الرئيس المعزول، عمر البشير، مؤتمرا عالميا، ضم أشخاصا مطلوبين لإسرائيل أقاموا بالسودان، إلى جانب خطط إسرائيل لإعادة نحو 6 آلاف مهاجر سوداني غير نظامي للخرطوم.

وتابع "بعد إحراز تقدم ملموس في الملفات الأمنية، يمكن أن يبدأ تعاون اقتصادي في مجالات تقانات الزراعة وغيرها".

لماذا تركيز إسرائيل على الجانب الأمني؟

يقول اللواء أمين إسماعيل مجذوب، الخبير الإستراتيجي والمحاضر في أكاديمية الأمن العليا، إن مسألة التطبيع اتخذت البعد الأمني؛ مما يدل على أن إسرائيل مهتمة بملفات أمنية تريد تفكيكيها واستيعابها أولا قبل الدخول في التطبيع السياسي والاقتصادي.

ويشير في حديث مع الجزيرة نت إلى أن الوفد الإسرائيلي السابق اهتم بمنظومة الصناعات الدفاعية، حيث زارها لدى زيارته الخرطوم قبل نحو شهرين.

ويضيف مجذوب أن زيارة وزير المخابرات الإسرائيلي، الآن، تدل أيضا على أن إسرائيل لديها اهتمامات بما كان يدور في النظام السابق من دعم للفصائل الفلسطينية، وتحديدا حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وتهريب السلاح. وقال "ربما يوجد تخوف من وجود خلايا تتبع للفصائل الفلسطينية وحزب الله".

هل من علاقة بين زيارة كوهين وزيارة نائب قائد "أفريكوم"؟

نسبة لتسيد الملفات الأمنية، وتزامن زيارة وزير المخابرات الصهيوني مع زيارة السفير "أندرو يونغ"، نائب قائد القيادة العسكرية الأميركية لأفريقيا "أفريكوم " للخرطوم، ربط مراقبون بين الزيارتين.

ووصل يونغ إلى قاعدة الخرطوم الجوية ظهر اول أمس، الاثنين، وينتظر أن يبحث مع مسؤولي الحكومة السودانية سبل تعزيز العلاقات بين السودان والولايات المتحدة الأميركية في مختلف المجالات.

ووفق مجذوب، فإنه برغم تزامن الزيارتين في وقت واحد، وبلا تنسيق في الغالب؛ لكن هناك تسابق نحو السودان من أميركا وإسرائيل لخطب ود السودان، واستغلال ظروفه الصعبة سياسيا واقتصاديا وأمنيا؛ لإيجاد موطئ قدم قبل الآخرين.

وينصح الحكومة السودانية ومفاوضيها بأن لا يعطوا بدون مقابل لتحقيق أحلام وأهداف السودانيين، الذين يحتاجون لكل عون ودعم من أي جهة في العالم.

ما الذي يحرك المصالح الأميركية تجاه السودان؟

يقول مجذوب إن زيارة نائب قائد "أفريكوم" تأتي بعد محو اسم السودان من قائمة الإرهاب، وبدء التطبيع مع أميركا لذا سيكون لواشنطن مصالح واهتمامات مع السودان.

ومن بين هذه المصالح، وفق الخبير، نقل قيادة "أفريكوم" من جيبوتي للسودان، وهو أمر قديم وأحلام وأشواق أميركية؛ لأن السودان بتوسطه القارة الأفريقية، تسهل الحركة منه في كل الاتجاهات، وتعمل كل أجهزة التنصت والالتقاط عبر السودان على كل الدول الأفريقية في كل الاتجاهات.

وأكد أن أميركا مهتمة بالهجرة غير الشرعية، وملفات المناطق الملتهبة المجاورة للسودان؛ كصراع الإثنيات في إثيوبيا والقرن الأفريقي وليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان، والخلافات بين كينيا والصومال.

وأشار إلى أن "من يريد أن يسيطر على أفريقيا معلوماتيا واستخباراتيا لا بد أن يدخل عبر السودان".

هل سيكون السودان ساحة للتنافس بين القوى الكبرى؟

يرى الخبير الإستراتيجي أن ثمة تنافسا بين هذه القوى، فأميركا تريد أن تمنع روسيا من الظفر بقاعدة لوجستية على ساحل البحر الأحمر ببورتسودان، ومنع الصين من منابع النفط في السودان ودولة جنوب السودان.

ونوه إلى أن هذا التنافس يشمل أيضا بريطانيا وفرنسا، قائلا إنه صراع، مسرح عملياته السودان بموارده واحتياطاته الضخمة من اليورانيوم والنفط والمعادن والأراضي الخصبة والمياه.

وكشف أن أميركا تعمل على إقامة علاقات تدريبية، ورفع قدرات الأجهزة الأمنية السودانية، وهو المدخل الصحيح؛ لأن المكون العسكري لديه تأثير كبير على الحياة السياسية والمستقبل المضطرب.

وأضاف أن "أميركا تتحدث عن الديمقراطية، وترفض الأنظمة العسكرية؛ لكنها تتعامل معها عندما تحقق مصالحها ومشاريعها في أي مكان في العالم".

ووفق المصدر المطلع في دوائر القصر الرئاسي، فإن القيادة السودانية تريد من قيادة أفريكوم مسائل تتعلق بتسليح الجيش السوداني.

وأكد أن نقل مقر أفريكوم للسودان ظل مطروحا منذ حقبة الرئيس المعزول، عمر البشير، مضيفا أن الولايات المتحدة ربما تطلب إنشاء قواعد بحرية وجوية؛ لكن هذا يتوقف على المقابل الذي ستقدمه واشنطن للسودان.

وبشأن اتفاق سابق بين الخرطوم وموسكو لإنشاء قاعدة بحرية روسية على سواحل السودان بالبحر الأحمر، يقول المصدر إن الحديث عن تنشيط هذا الاتفاق كان من قبيل المناورة من الخرطوم.