• اخر تحديث : 2024-05-15 19:58
news-details
مقالات مترجمة

"يديعوت أحرونوت": بعد تصريحاته الجدلية.. كوخافي لا يفهم علامَ الجلبة


ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصهيونية أن الكلمة التي أعدّها رئيس الأركان لإطلالته في معهد أبحاث الأمن القومي كان قد كتبها في منتصف الأسبوع الماضي. لم يتشاور مع أحد، لم يُطلع مكتب رئيس الحكومة، وربما ذكر شيئًا على مسامع وزير الأمن في اجتماعهما الثابت في كل يوم خميس. إلا أن غانتس لم يعلّق حتى الآن، ما يعني أنه يقبل بالفرضية أن كلامًا فجًّا من رئيس الأركان عن اتفاق دبلوماسي (المقصود الاتفاق النووي بين أميركا وإيران)، ينضج لدى الحليفة (الولايات المتحدة) – هو أمر معياري.  وفيما يلي نص المقال المترجم:

كوخافي، حتى اللحظة، لا يفهم علامَ الجلبة. من وجهة نظره، أحدٌ ما يطبخ طبخات سياسية  ويستخدم الجيش كتوابل. إنه على قناعة بأن وظيفته وواجبه هما التحذير من التهديد النووي الإيراني الماثل أمام عتبتنا. فهو قد قال هذا الكلام بالضبط في غرفٍ مغلقة، أيضًا على مسامع مسؤولي الجيش الأميركي والبنتاغون. بتقديره، استئناف المحادثات مع الإيرانيين هو خلف الزاوية (أي وشيك)، وإذا عادوا إلى الاتفاق النووي لعام 2015 – حتى لو كانت فيه تحسينات تجميلية – هذا وضع يفرض على "إسرائيل" أن تكون مستعدة لرد عسكري لتدمير القنبلة الإيرانية قبل أن تنشطر.

رئيس الأركان، مثل القيادة الإسرائيلية بأسرها، يرفض التصديق بأن الإدارة الأميركية ستفي بتعهداتها التي أعطاها في حينه الرئيس أوباما ونائبه بايدن، بعدم السماح لإيران بالوصول إلى قدرة نووية عسكرية. كذلك حقيقة ان الأميركيين أنفقوا المليارات في صنع قنابل ضخمة لتدمير منشآت تحت الأرض – فقط من أجل طمأنة "إسرائيل" – لا تُقنع أحدًا هنا.

إلا أن رئيس الأركان يجب أن يكون ساذجًا جدًا كي يصدّق أن كل كلمة تصدر من فمه قبل شهرين من الانتخابات، ستُقابل بكلامٍ مهني صرف. وبالتأكيد إذا كان الموضوع يتصل بمنظومة العلاقات الضبابية، حتى الساعة، مع إدارة بايدن. فكيف إذا كان الأمر يتعلق بموضوعٍ مشحون مثل الاتفاق النووي مع إيران. روبرت مالي، من سيقود محادثات استئناف الاتفاق النووي، بالتأكيد يسأل باستغراب على مسامع فريق الرئيس: أنتم واثقون من أنهم، الإسرائيليون، هم بالفعل شركاء للتشاور؟ لم نبدأ بعد ويرفضون. اسمعوا رئيس أركانهم. على فكرة، مالي، الذي هو ابن يهودي – مصري كان من أصحاب النشرة الفكرية "جان أفريك"، مشبوه من الأيام التي عمل فيها مع كلينتون، بمعاملة باردة مع "إسرائيل".

أيضًا ما يخدش كثيرًا أُذني رئيس الأركان هو "الهجوم المالي" الذي تلقّاه في أعقاب كلمته. إنه يريد، قال المتّهمون، ثلاثة مليارات شيكل زيادة ويستخدم الذريعة الإيرانية. في مطلع العقد، عندما كانت هناك فرصة تنفيذية لمهاجمة منشآت النووي، حصل الجيش على 10 مليارات شيكل كي يستعد. لكن عندما تلقّى الأمر بشحذ القدرة لعملية، انكفأ بزعم أنه لا يستطيع تنفيذ المهمة بثمنٍ معقول. وعليه، ماذا إذا كان هناك ثلاثة مليارات شيكل إضافية؟

وما الذي تغيّر فعلًا في السنوات العشر الأخيرة في ميزان القوى بين "إسرائيل" وإيران؟ الإيرانيون تخندقوا تحت الأرض، بنوا منظومات دفاع جوي أكثر كثافة وهي في استنفارٍ عالٍ. الجيش الإسرائيلي اشترى 24 طائرة شبح F-35 بحيث يمكنه إنزال 62 طنًا من القنابل في الضربة الافتتاحية على منشآت النووي. كما امتُلكت من حينها طائرات غير مأهولة وقدرات بعيدة المدى سرية، لكن لم يحصل تغيير دراماتيكي في ميزان القوى لصالح "إسرائيل". لو كان بإمكان رئيس الأركان أن يبشّر في كلمته – أخيرًا أخيرًا – بشراء طائرات متقدّمة للتزويد بالوقود – التي أقرّته له إدارة ترامب – التي تسمح بتواصل الأنشطة وبقاء مستمر في مدايات طويلة، لكان الإيرانيون أخذوا تهديد الهجوم الإسرائيلي بجدية أكثر بقليل.

على أطراف الأصابع

إنها ليست فقط مسألة خطاب في توقيتٍ غير موفّق عشية انتخابات. صدف أن رئيس الأركان دخل فراغ صمت، ليس فيه سياسة إسرائيلية منسّقة مع الإدارة الأميركية في مسألة النووي الإيراني. غانتس ونتنياهو يديران حوارًا معقولًا في كل ما يتصل بتوصيات الجيش حول مهاجمة أهدافٍ إيرانية في سوريا، لكن الأمر ينتهي هنا. عدا عن هذا، ليس بينهما أي أخذٍ وعطاء في مجالات الأمن القومي. لا ميزانية، لا شراء، لا بناء قوة بشرية، لا تقصير خدمة – لا شيء. يقرّان عمليات وانتهينا. هذه فوضى. لا توجد هنا هرمية. لا غرابة أن يجد رئيس الأركان نفسه يصرّح في موضوع له تداعيات سياسية بعيدة المدى في علاقتنا مع الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة.

في الحقيقة، المؤسسة الأمنية هي المرسى الآمن في العلاقات الإسرائيلية – الأميركية، أيضًا عندما تكون السفينة محمّلة بعواصف خلافات سياسية. لكن هذا المرسى قد يضعُف. في 22 تشرين الأول/أكتوبر وقّع وزير الأمن غانتس ووزير الدفاع الأميركي السابق، مارك إسبر، على وثيقة رسمية تفصّل آلية ضمان التفوق (النوعي العسكري) النسبي لـ"إسرائيل".

الوثيقة كُتبت في أعقاب الموافقة الإسرائيلية على بيع أسلحة متقدمة لدول الخليج والسعودية وكان من المفترض ان تتجاوز (كل) الإدارات. الآن، بعد أن أُفيد أول أمس فجأة ان إدارة بايدن تدرس من جديد صفقة الـ F-35 للإمارات، يجب على "إسرائيل" أن تسير على أطراف الأصابع كيلا تجد نفسها تخسر أجزاء من التعهدات التي مُنحت لها في أعقاب هذه الصفقة. وأكثر من هذا، تجميد الصفقة مع أبو ظبي يضع قوة "اتفاقات أبراهام"، التي وُقّعت مع الإمارات، قيد الاختبار.

يتبين ان الإدارة الأميركية تأتي مع أجندة هدفها "تصحيح الأخطاء" التي ارتكبها ترامب في أنحاء المعمورة. هذا صحيح فيما خص العلاقات مع روسيا، تركيا، السعودية والفلسطينيين. يجب على حكومة "إسرائيل" أن توائم نفسها والحفاظ بكل ثمن على مرسى العلاقات الأمنية.