• اخر تحديث : 2025-06-23 15:59
news-details
مقالات مترجمة

"نيويوركر": استراتيجية ترامب اللااستراتيجية تجاه إيران


مجلة "نيويوركر" الأميركية تنشر مقالاً للكاتب إسحاق شوتينر، يتناول تحليلاً سياسياً لتورّط إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الصراع بين "إسرائيل" وإيران، مركزاً على غياب استراتيجية لما بعد ضربة الولايات المتحدة لمنشأة "فوردو" النووية. أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
 
شنّت "إسرائيل" غارات جوية مكثّفة على إيران، وألحقت أضراراً بمواقع نووية ومنشآت طاقة، واغتالت شخصيات رئيسية في القيادة العسكرية الإيرانية. وزعم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنها محاولة للقضاء على البرنامج النووي، وقد ردّت إيران بقصف "إسرائيل" بالصواريخ البالستية.
 
كان الرئيس دونالد ترامب قد قال منذ أشهر إنّه يرغب في توقيع اتفاق نووي مع إيران، مع أنّه انسحب في 2018 من اتفاق تفاوضت عليه إدارة أوباما، وقدّم دعماً عسكرياً وخطابياً كبيراً للهجوم الإسرائيلي، رغم ما بدا كتردّد في البداية.
 
لتقييم هذا الاحتمال ولدور الولايات المتحدة في الصراع، تحدّثت عبر الهاتف مع آرون ديفيد ميلر، الزميل في "كارنيغي"، الذي عمل في وزارة الخارجية ولعب دوراً في مفاوضات السلام في الشرق الأوسط. ناقشنا سبب قرار ترامب بدعم الحرب، وما يكشفه الصراع الإيراني عن العلاقة الأميركية الإسرائيلية، ولماذا يُساء فهم نهجه في السياسة الخارجية.
 
يقول ميلر: أعتقد أنّ هذا يعكس ما لا يريده ترامب، وهو الصراعات الكبيرة. لكنه لم يحاول تقليل احتمالية التدخل الأميركي، وهذه هي معضلته.
 
وكانت "التايمز" قد ذكرت أنّ الإدارة شعرت بأنها محاصرة، وأنّ نتنياهو كان سيهاجم إيران بغض النظر، فاضطرت للموافقة لأنها لم تتمكّن من إيقافه.
 
خلال الأسابيع الماضية، قام ترامب بأمور لم يفعلها أيّ رئيس جمهوري أو ديمقراطي من قبله. أولاً: فتح حواراً مع "حماس"، وأبرم صفقة مع الحوثيين من دون علم نتنياهو، تضمّنت وقفاً لإطلاق النار طالما أنّ اليمنيين "لا يهاجمون أصولنا البحرية"، ولم يذكر شيئاً عن الهجمات على "إسرائيل".
 
ثانياً، رفع العقوبات عن الرئيس السوري الجديد. واستدعى نتنياهو إلى واشنطن من بودابست، حيث فوجئ بأنّ ترامب بدأ مفاوضات مباشرة مع إيران. ما كان لرئيس أميركي آخر أن يفعل ذلك. لذا يتقلّص مبدأ الضوء الأخضر المطلق لـ "إسرائيل".
 
لم يتأثّر ترامب بالتكاليف أو العواقب السياسية، فلو فعل رئيس ديمقراطي ما فعله ترامب، لكان طالب البعض بعزله. فترامب يمتلك هامشاً أوسع لانتقاد نتنياهو، ويعود هذا إلى اعتقاده سابقاً أنّ نتنياهو يستغلّه. لا يمتلك نفس الالتزام العاطفي تجاه "إسرائيل"، بل يراها وسيلة لتحقيق غاية.
 
ورغم تجاوز ترامب للمسألتين، لم يستطع قول: "أعلم أنّ عليكم القيام بما عليكم، لكنّني لا أستطيع أن أكون بجانبكم. أحتاج إلى مزيد من الوقت". لم يعطِ الضوء الأخضر، لكنه لم يرفض أيضاً.
 
تسرّب الإدارة الأميركية أنها محاصرة وأنّ الإسرائيليين فرضوا الأمر الواقع. ومع أنّ ترامب كان يملك مساحة سياسية لم تكن لدى إدارات سابقة، لم يحسن استخدامها.
 
يدير ترامب حالياً 3 صراعات بوساطة أميركية: روسيا وأوكرانيا، "إسرائيل" و"حماس"، و"إسرائيل" وإيران. وليس لديه استراتيجية فعالة. هو ظرفيّ، وتعامليّ، من دون رؤية لليوم التالي.
 
كان يمكن أن يطلب من نتنياهو التوقف والتفكير في اليوم التالي بعد ضرب "فوردو"، لكن الإيرانيين سيردّون، ولديهم آلاف الصواريخ. هناك احتمال حقيقي أن يضربوا أصولاً أميركية في العراق وسوريا والخليج.
 
ما لم يكن ترامب مستعداً لتغيير النظام، فلن يتمكّن الأميركيون والإسرائيليون من تدمير البرنامج النووي الإيراني. هناك 3 نماذج لتغيير النظام في المنطقة، ولا أيّ منها مناسب لإيران. لذا، حتى لو دمّروا فوردو، فإن البرنامج يمكن إعادة بنائه.
 
ميلر يرى أن ترامب يفتقر إلى استراتيجية واضحة، ويتفاعل مع الأحداث من دون تصور لليوم التالي. والحملة العسكرية تثير سؤالاً: هل يمكن تأخير البرنامج عاماً أو عامين؟ وهل الخطة هي شنّ ضربات كلّ 3 أشهر؟ 
 
أخطأ ترامب في فهم الإيرانيين، كما أخطأ في فهم نتنياهو واستعداده للذهاب إلى المواجهة العسكرية. لقد حاصر نفسه، وارتكب الخطأ نفسه مع زيلنسكي وبوتين.
 
ترامب لم يُحسن فهم الإيرانيين، ولا طريقة نتنياهو في إدارة الصراعات. السردية القائلة إنّ نتنياهو خدعه مبالغ فيها، بل إن ترامب اختار ألا يواجهه، رغم امتلاكه مساحة سياسية واسعة لفعل ذلك.
 
حول الاتفاق النووي الذي أبرمه أوباما، يقول ميلر إنه كان فعالاً رغم عيوبه. نتنياهو لا يؤمن بالمفاوضات مع إيران، بل يهدف إلى إنهاء النظام. لا يريد تعديل السلوك، بل تغييره بالكامل. ولهذا، لن يقبل أيّ اتفاق إلا تحت الإكراه.