• اخر تحديث : 2024-11-22 10:05
news-details
تقارير

"واشنطن بوست": هل يمكن لبايدن أن يساعد فعلاً اليمن؟


كتب إيشان ثارور تقريراً في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية تناول فيها السياسة المتوقعة للرئيس الأميركي جو بايدن  تجاه اليمن.

وقال إن دولة واحدة في الشرق الأوسط، أي اليمن، قد ظهرت بشكل بارز بالفعل في تنصل الرئيس بايدن من إرث سلفه، دونالد ترامب. ففي الأسبوع الماضي، أعلنت الإدارة الجديدة ما يرقى إلى تصحيح كبير - وإن كان رمزياً - في سياسة الولايات المتحدة تجاه اليمن. وأعلن بايدن يوم الخميس عن انتهاء الدعم الأميركي للعمليات الهجومية في للتحالف الذي تقوده السعودية هناك، بما في ذلك وقف عدد من مبيعات الأسلحة الأميركية للرياض. وفي اليوم التالي، أخطرت وزارة الخارجية الأميركية الكونغرس رسمياً بأنها ستزيل المتمردين "الحوثيين" )أنصار الله( في اليمن من قائمتها للمنظمات الإرهابية الأجنبية، مما يقلب قراراً اتخذته إدارة ترامب قبل أيام فقط من تنصيب بايدن.

وأضاف الكاتب أنه على الرغم من أكثر من نصف عقد من المعارك البرية القاسية والقصف الجوي والمدفعي للتحالف السعودي على اليمن، لا يزال الحوثيون يسيطرون على الجزء الأكبر من الأراضي التي يعيش فيها سكان اليمن. وأشار إلى أن الحملة التي تقودها السعودية مسؤولة عن مقتل الآلاف من المدنيين وزيادة بؤس أوضاع البلاد التي يطاردها الجوع والمرض والكارثة الإنسانية المتواصلة.

ورفض الرئيس السابق دونالد ترامب دعوات في واشنطن بقطع الدعم عن السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتين تقودان الحرب التي جعها جزءاً من أجندته الإقليمية. وتعكس تحركات بايدن رغبة إدارته في تحرير الولايات المتحدة من هذا التورط.

لكن مسؤولي بايدن أكدوا أيضاً أنهم ما زالوا ملتزمين بحماية الأراضي السعودية، التي تتعرض بشكل دوري لصواريخ الحوثيين. وأدانوا ما وصفه أحد مسؤولي وزارة الخارجية في بيان للصحافيين بأنه "سلوك مزدرٍ" للحوثيين، بما في ذلك قائمة انتهاكات حقوق الإنسان والهجمات على المدنيين.

وقال المسؤول الأميركي عن رفع "أنصار الله - الحوثيين" عن اللائحة الأميركية للإرههاب: "إن عملنا هذا يرجع بالكامل إلى العواقب الإنسانية لهذا التصنيف في اللحظة الأخيرة من الإدارة السابقة، والذي أوضحت الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية منذ ذلك الحين أنه سيسرّع أسوأ أزمة إنسانية في العالم".

وتأمل الوكالات الإنسانية أن يكون التحوّل في التركيز الأميركي نعمة لليمنيين العاديين. وقالت آبي ماكسمان، رئيسة منظمة "أوكسفام" الأميركية: "منذ نحو ست سنوات، أجّجت الولايات المتحدة الصراع في اليمن الذي تسبّب في أكبر أزمة إنسانية في العالم وترك ملايين اليمنيين في خطر المجاعة. إن السياسة الأميركية تجاه اليمن أعطت الأولوية بشكل خاطئ لتقوية التحالفات مع القوى الخليجية على رفاهية وحقوق المجتمعات الأكثر ضعفاً في اليمن".

وقال الكاتب إن تلك المجتمعات في اليمن قد عانت من الانهيار الاقتصادي والسياسي في بلادهم وما تلاه من نقص في الغذاء والأدوية والسلع الأساسية. إذ تعتمد غالبية سكان البلاد الآن على الوكالات الدولية للمساعدة الغذائية. وقُتل أكثر من ربع مليون يمني منذ عام 2014، عندما سيطر الحوثيون على معظم البلاد وأعقب ذلك التدخل بقيادة السعودية؛ وتوفي الغالبية من اليمنيين لأسباب غير مباشرة مثل سوء التغذية والمرض.

ويخشى بعض المحللين من أن بايدن يبدد نفوذه النادر على "الحوثيين" من خلال إزالة تصنيفهم كإرهابيين. ويرى آخرون في القائمة الأولية عملاً "تخريبياً" نفذته إدارة ترامب وخطوة من شأنها تقويض عمليات الإغاثة الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بحسب الكاتب.

وقال محمد عبدي، مدير اليمن في المجلس النرويجي للاجئين، في رسالة بالبريد الإلكتروني للصحيفة: "لدى إدارة بايدن فرصة تاريخية لتغيير دور الولايات المتحدة في اليمن، من سمسار أسلحة في ظل الإدارة السابقة، إلى صانع سلام"، مضيفاً أن بايدن "لديه الآن فرصة لتعبئة العالم للدفع من أجل وقف فوري لإطلاق النار على الصعيد الوطني" و"الضغط على أطراف النزاع للعودة إلى طاولة المفاوضات".

وقال الكاتب إنه في حين أن وقف الدعم للسعوديين يبعث برسالة سياسية، فقد يعني ذلك أقل من الناحية العملية. فالولايات المتحدة في أوج دعمها، قد تضمن دعمها تقديم مساعدة لوجستية استخباراتية بالإضافة إلى مبيعات أسلحة بمليارات الدولارات للتحالف الذي تقوده السعودية، بالإضافة إلى التزويد بالوقود جواً للطائرات السعودية، الذي جعل من الممكن لها شن ضربات أعمق في الأراضي اليمنية، كما كتب أوليفييه نوكس في "واشنطن بوست". وقد أوقفت واشنطن التزويد بالوقود في أواخر عام 2018.

وأشار الصحافيان في الصحيفة نفسها سابقاً، سودارسان راغافان وميسي رايان، إلى أنه بالنسبة إلى بايدن، يأتي الآن "الجزء الصعب" من تحقيق سلام حقيقي في اليمن. ففي واشنطن، رأت كل من إدارتي ترامب وأوباما الصراع من منظور التنافس السعودي الإيراني الأوسع، حيث دعمت الرياض حكومة يمنية ضعيفة ودعمت إيران للحوثيين.

وقال الكاتب: كان هذا دائماً إطاراً تبسيطياً للغاية: فالحوثيون أكثر استقلالية عن إيران من بعض وكلاء طهران في العراق ولبنان. في غضون ذلك، وجدت السعودية والإمارات نفسيهما متحمستين وتكافحان لكبح جماح مجموعة من الفصائل المتنافسة المتناحرة. وقد مزقت حروب النفوذ والعداوات السياسية المحلية الدولة اليمنية، في حين لا توجد جهة فاعلة إقليمية رئيسية واحدة لديها القدرة على إنهاء القتال والبدء في عملية المصالحة.

وهناك دلائل على وجود نوافذ جديدة إذ وصل مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، الأحد، إلى إيران لعقد اجتماعات استمرت يومين في إطار مساعيه للتوصل إلى وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد. لكن الحقائق على الأرض قد لا تكون في صالحه أو لصالح بايدن.

وأشارت أنيل شلاين، من "معهد كوينسي لفن الحكم المسؤول" إن من المرجح أن يكون الجانب الأكثر صعوبة هو إقناع الحوثيين بقبول تسوية سياسية إذ يشعر الحوثيون أن لهم اليد العليا في الحرب ولديهم أسباب قليلة لوقف القتال الآن".

وكتب راغافان ورايان أن "السؤال الرئيسي هو ما إذا كانت الأطراف المتحاربة في اليمن ستقبل التحول الحاد في السياسة الأميركية وتنظر إلى واشنطن كوسيط دبلوماسي محايد وجدير بالثقة. فقد تسببت القنابل التي بيعت للسعودية وحلفائها في مقتل وإصابة آلاف اليمنيين، بحسب جماعات حقوقية وشهود عيان. وفي المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، يُنظر إلى الولايات المتحدة على أنها المحرّض الرئيسي على الحرب. في صنعاء والحديدة ومدن أخرى، غُطيت الجدران بكتابات على الجدران تصوّر القنابل والطائرات المقاتلة الأميركية وهي تقتل اليمنيين، من بين صور أخرى غير مألوفة".