نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية مقالا بعنوان: هل ستواجه لجنة ماكرون الجديدة كل الفظائع الاستعمارية الفرنسية؟، للكاتبين فيمي نايلاندر وروب ليمكين.
وجاء في المقال إن الرئيس الفرنسي أيمانويل ماكرون، قال لشاب جزائري خلال حملته للانتخابات الفرنسية التي فاز بها عام 2017، إن الاستعمار "جريمة ضد الإنسانية". وكان الرد على الفور رسائل غاضبة امتلأ بها صندوق بريده من مستوطنين فرنسيين سابقين في الجزائر.
بعد أسابيع قليلة، تراجع عن ملاحظاته. واعتذر للمستوطينين قائلا "أنا آسف لأني جرحتكم، وتسبب في الألم. لم أكن أريد الإساءة إليكم".
في العام الماضي، بعد أن أثار مقتل جورج فلويد مظاهرات واسعة النطاق ضد وحشية الشرطة الفرنسية، كلف ماكرون المؤرخ بنيامين ستورا بتجميع تقرير عن استعمار الجزائر والحرب الجزائرية. وسلم ستورا دراسته "فرنسا-الجزائر: عواطف مؤلمة" في يناير/كانون الثاني، وسيتم نشرها في كتاب الشهر المقبل. قال الرئيس إنه يجب أن يكون موضع اهتمام ليس فقط للشباب الذين تربطهم صلات جزائرية، ولكن لأي شخص والداه من مستعمرة فرنسية سابقة.
في التقرير المؤلف من 147 صفحة، يستخدم ستورا مصطلح "جريمة ضد الإنسانية" مرة واحدة فقط، وهذا ببساطة اقتباس من تعليقات ماكرون التي تم التراجع عنها من عام 2017. يستخدم ستورا كلمتي "قمع" و"أعمال عنف"، لكنه لا تستخدم أبدا مصطلح "حرب جريمة". ويوصي (ووافق ماكرون) بإنشاء لجنة "الذاكرة والحقيقة". لكن ذاكرة من؟ وأي حقيقة؟
ويروي الكاتبان في مقالهما أنهما كانا يصوران في دولة النيجر الواقعة في غرب إفريقيا، أخبرنا سلطان "بيرنين كوني" عن جرائم ضد الإنسانية ارتكبت خلال الغزو الفرنسي عام 1899 (موضوع فيلمنا لبي بي سي، أفريكان أبوكاليبس). استولى القائد الفرنسي بول فوليت على بلدة السلطان وقتل ما بين 7000 و15000 من سكان الهوسا. قال لنا السلطان "إنها جريمة لا تزال غير معترف بها وبدون عقاب". لو كان قد ارتكب هذه المذبحة اليوم، لكان قد أُحيل إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
لمدة خمسة أسابيع، تابعنا سلسلة جرائم ارتكبها فوليت عبر النيجر. لم يكن الأمر صعبا. يتتبع الطريق السريع الرئيسي في البلاد نفس مسار فوليت تقريبا. لا أحد يعرف عدد القتلى من الأفارقة على يد فوليت ورجاله أثناء سعيهم للسيطرة على واحدة من آخر أجزاء القارة التي لم يطالب بها أحد، بعد تقسيم أفريقيا بين القوى الأوروبية في مؤتمر برلين في 1884-1885. لكن عددهم بالتأكيد عشرات الآلاف.
في كل بلدة وقرية تقريبا توقفنا عندها، التقينا بالنيجريين، أخبرونا كبارا وصغارا عن اليوم الذي جاء فيه فوليت. تم الحفاظ على هذه القصص من خلال تقليد التاريخ الشفوي أو من خلال الكلام الشفهي. في العديد من الأماكن، أخبرنا سكان النيجر أننا كنا أول من يأتي ويسأل عن تاريخهم.