• اخر تحديث : 2024-07-01 12:23

ملخص المقال:

كتب حسین افراخته في مقال له صادر عن مرکز تببین للدارسات الاستراتيجية حول تعزيز تواجد الناتو في العراق، معتبرا أن زيادته في بلد ما سيكون له تداعيات أمنية وعسكرية وتداعيات أخرى لذلك البلد وجيرانه، وأنه من الخطأ الاستراتيجي التقليل من مخاطر زيادة تواجد هذه القوات من خلال تبريرها للتدريب واللوجستيات، الأمر الذي من شأنه أن يعرّض أمن العراق وجيرانه للخطر. وبحسب افراخته، فإنه على الحكومة العراقية، إذا كانت تتطلع فعلاً للحد من التوترات وزيادة الاستقرار في بلدها والمنطقة، أن تكون أكثر حساسية تجاه مثل هذه القضايا وتتجنب تبسيط الأمور من شأنها إحداث أزمات بقوة.

ترجمة المقال

يخطط الناتو لزيادة تواجد قواته في العراق، والذي يبدو أنها غطاءً لاستمرار تواجد القوات الأمريكية في العراق ما سيؤدي إلى تحديات في العراق وإيران. في أعقاب الهجوم الصاروخي الأخير على قاعدة عسكرية أمريكية في أربيل، أعلن الأمين العام لحلف الناتو أن المنظمة ستزيد عدد قواتها في العراق من 500 إلى 4000. وأثار الإعلان ردود فعل بين المسؤولين العراقيين من تصريحات لمسؤولين مثل مستشار الأمن القومي والمتحدث باسم القوات المسلحة، حیث وصفوا مهمة الناتو بأنها مجرد تدريب، إلى بعض الشخصيات وأعضاء البرلمان الذين أعربوا عن قلقهم من الزيادة واعتبروها تهديدًا.

إلا أن زيادة تواجد قوات الناتو سيكون لها تداعيات عديدة على العراق والمنطقة، ولاسيما إيران. من هنا، يتناول هذا المقال بعض النقاط في هذا الصدد:

1. إن مجرد حضور أو تعزيز تواجد الناتو في بلد ما سيكون له تداعيات أمنية وعسكرية وتداعيات أخرى لذلك البلد وجيرانه؛ خاصةً إذا كانت تلك الدولة أو جيرانها غير متحالفين مع الناتو. على سبيل المثال، اعتبرت روسيا، بصفتها أحد القوى العالمية، أنّ تطور الناتو عبر حدودها یشکّل التحدي الأكبر بالنسبة لها. في هذا السياق، فإن زيادة تواجد قوات الناتو في العراق بدلاً من انسحاب القوات الأمريكية أو التقليل بشكل كبير من تواجدها، یمثّل تحديًا مماثلًا للعراق إن لم يكن تهديدًا أكثر خطورة من ناحية الحجم دون أدنى شك.

يبدو أنه من الخطأ الاستراتيجي التقليل من مخاطر زيادة تواجد هذه القوات من خلال تبريرها للتدريب واللوجستيات، الأمر الذي من شأنه أن يعرّض أمن العراق وجيرانه للخطر. في هذا الصدد یکفي أن يطّلع المسؤولون العراقيون على تاريخ تواجد الناتو في الدول الأخرى وتداعياته.

2.  إن انسحاب القوات الأمريكية وزيادة قوات الناتو المتزامنة هي في الحقيقة خدعة لإبقاء القوات الأمريكية في العراق. في الوضع الراهن فهم الأمريكيون بوضوح، من خلال تأكید السلطات العراقية على تنفيذ قرار مجلس النواب العراقي وهجمات وضغوط مجموعات المقاومة. في النهاية لا خيار أمامهم سوى الانسحاب من العراق وفي حین أنهم يحاولون استمرار تواجدهم في العراق من خلال هذا التكتيك تحت غطاء الناتو هذه المرة.

3. من المحتمل أن يؤدي تواجد القوات الأمريكية تحت غطاء الناتو إلى حل إحدى المشكلات الأساسية الحالية للأمريكيين. لأن موجة الهجمات المفتوحة من قبل المجموعات المقاومة ضد القوات والمقرات العسكرية والدبلوماسية الأمريكية، والعجز الحقيقي للولايات المتحدة عن منعها، قد أحبطهم إلی درجة أنهم طرحوا موضوع نقل السفارة إلى أربيل بشكل جدي. ولكن بما أنه من غير المحتمل أن تكون مجموعات المقاومة قادرة على العمل ضد قوات الناتو متعددة الجنسيات بسبب عدم إمكانية تبرير ذلك للرأي العام، فإن الناتو سيكون بالتالي ضمانة لتواجد وأنشطة القوات الأمريكية في العراق.

4. عندما يتسنى للقوات الأمريكية التواجد القانوني والآمن في العراق تحت غطاء الناتو، فلماذا لا يغتنم الطرف الآخر الفرصة!

أظهرت التجربة والملاحظات أن الکیان الصهيوني يستخدم دائمًا غطاء المنظمات الدولية والمتعددة الجنسيات بهدف التواجد والنفوذ في البلدان التي لا يُسمح له التواجد فیها قانونيا. وهناك أمثلة عديدة في هذا الشأن حيث هناك تواجد لضباط الكيان بأشكال مختلفة تحت ذرائع مختلفة مثل الأعمال الإنسانية وذلك لتنفيذ مشاريع أمنية وسياسية واقتصادية وغيرها في دول مختلفة. مع هذا التفسير، يمكن القول إن إحدى نتائج زيادة تواجد الناتو في العراق هو إعطاء المجال لتواجد الضباط الإسرائيليين بالقرب من حدود إيران. من الواضح أن الكيان الصهيوني استطاع من إيجاد تواجد قانوني على الحدود الجنوبية لإيران باستكمال مشروع التطبيع.

وفي وقت سابق، وبسبب اتصالاته الواسعة مع الحكومة الأذربيجانية استطاع أن یوفر تواجد لافت في منطقة القوقاز وحدود إيران الشمالية. الآن، بالنظر إلى سياسة الكيان العدوانية ضد طهران في السنوات الأخيرة، فإن احتمال استعداد الصهاينة للتواجد على الحدود الغربية لإيران يبدو أيضًا أمرًا محتملًا ومنطقيًا.

كرر الصهاينة مراراً أنهم لدیهم مشکلة مع بقاء وتعزيز المقاومة في العراق، وذلك بسبب الطبيعة المعادية لحركة المقاومة ضد الکیان الصهيوني، وبالنظر إلی الموقف العدواني للأخير في مواجهة أي حركة مناهضة للکیان في العراق حیث لها تجارب تاريخية عديدة. من ناحية أخرى، فإن أداء بعض فصائل المقاومة في الحرب السورية ووقوفهم قرب حدود الکیان الصهيوني، حیث تبدل إلی تهديد خطير للکیان الصهيوني على طول الحدود، ولم یکن مستبعدًا أن يكون لدى الکیان الصهيوني تواجد ميداني في العراق بدوافع جادة من أجل السيطرة وتوجيه ضربات خطيرة لحركة المقاومة.

الاستنتاج

إن زيادة تواجد الناتو يمكن أن یمهد الطريق لخلق تهديدات جديدة لإيران ومحور المقاومة في العراق، يمكننا منطقياً أن نتوقع أن تدافع إيران، علی رأس المقاومة وتواجه مصدر التهديد الجديد.  وبناءً على ذلك، بزيادة تواجد الناتو، يجب معالجة التهديدات من قبل كبار المسؤولين العراقيين؛ لأن أحد قواعد حسن الجوار هو إلغاء مساحة التهديد من البيئة الأمنية حول الدولة المجاورة. يبدو أنه إذا كانت الحكومة العراقية تتطلع فعلاً للحد من التوترات وزيادة الاستقرار في بلدها والمنطقة، فعليها أن تكون أكثر حساسية تجاه مثل هذه القضايا وتتجنب تبسيط الأمور من شأنها إحداث أزمات بقوة.