لا مستجدات على الصعيد الحكومي، ومما لا لبس فيه، أن الرئيس المكلّف سعد الحريري، لا يريد الأفراج عن تأليف حكومة المرتقبة راهناً، أو حتى في المدى المنظور، فهو بين خيارين، كلاهما مرّ، أولاً- لناحية التوازنات الداخلية، ليس في وسع الحريري، تجاوز مكونيّن رئيسيين في عملية التأليف، هما حزب الله والتيار الوطني الحر. ثانياً – لناحية إرتباطات الرئيس المكلّف الخارجية، وهنا بالتأكيد، لن يجرؤ على تشكيل حكومة في غياب الرضا السعودي، وهو غير متوافر حتى الساعة، بحسب رأي مصادر نيابية متعددة معنية بتشكيل الحكومة المنتظرة.
وتؤكد أن جولات الحريري الخارجية، ومحاولات إدخاله وساطات عربية، وخليجية تحديداً، على خط مساعيه لعقد لقاء يجمعه بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لن تفضي الى أي نتيجةٍ حتى الساعة، ما يؤكد ألا ولادة للحكومة في الأفق القريب، ودائماً بحسب المصادر عينها. أمام هذا الأفق الحكومي المسدود، يعلق مرجع سياسي، بالقول : "إن المشكلة الحقيقية، التي تشل البلد راهناً، قائمة في الدستور، الذي لم يحدد مهلةً لمهمة الرئيس المكلف، كي ينجز تأليف حكومته". ويعتبر أن الطريق الأسلم لتفادي هذه المشكلة في الظروف الدقيقة الراهنة، هو الإستمرار في تدوير الزوايا بين أطراف التأليف، علّ أن تبصر الحكومة النور، ثم بعد ذلك، إمكان الذهاب الى خيار ممارسة الضغوط السياسية على الطرف المعطل، لدفع عملية التأليف قدماً، لأن الأوضاع الراهنة تتطلب تضافر جهود الجميع، للبدء بالخروج من هذا النفق المظلم، على حد تعبيره، خصوصاً العمل على وقف الإنهيار المالي والاقتصادي، وبالبدء بعملية النهوض، يختم المرجع.
وفي سياق استمرار المراوحة الحكومية، تعتبر مصادر سياسية مراقبة، أن العوائق الخارجية أمام "التأليف"، ليست سعودية فحسب، بل هي أيضاً أبعد من ذلك.
وتسأل من هي الشخصيات اللبنانية التي استهدفتها العقوبات الأميركية، وحلفاء من؟ "وان يكن بعضهم في الشكل فقط". ولماذا تسربت معلومات عن إمكان معاقبة الحريري أيضاً ؟ وهل يجرؤ على تشكيل حكومة يشارك فيها حزب الله، ولو حتى بطريقةٍ غير مباشرةٍ، بعد صدور العقوبات الأميركية الأخيرة في حق بعض حلفاء الحزب؟ خصوصاً في الوقت الراهن، أي في ذروة صمود إيران ومحور المقاومة في وجه الولايات المتحدة، تحديداً بعد رفض طهران الجلوس الى طاولة المفاوضات لإعادة تفعيل الإتفاق النووي الإيراني، قبل إقدام واشنطن على البدء في رفع العقوبات عن الشعب الإيراني .
بناءّ على ما تقدم، تلفت المصادر عينها، الى أن كل المعطيات الواردة آنفاً، تسهم في تعزيز الرأي" ألا حكومة قريباً". كذلك ترى المصادر أن الهدف الأساسي لإسقاط حكومة الرئيس حسان دياب، هو إبعاد حزب الله عن السلطة التنفيذية، ومحاولة إرباك حليفيه الاساسيين، أي رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر في آن معاً، لإبعادهما عن موقع القرار في السلطة اللبنانية، خصوصاً في ضوء إقتراب إستحقاقات مصيرية، وفي مقدمها : ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي، وعودة النازحين السوريين الى بلادهم، تختم المصادر.
وفي السياق، يؤكد مرجع نيابي أن العائق المباشر أمام التأليف، هو عدم قدرة الحريري على التأليف، من دون حصوله على المباركة السعودية لحكومته المرتقبة، وهي أي المباركة غير متوافرة راهناً، كون لبنان ليس في رأس سلم أولويات ولي العهد السعودي في الوقت الراهن، نظراً لإنشغاله في ملفات أخرى، كإيجاد مخرج لوقف الحرب على اليمن، والخروج الآمن من إعادة فتح ملف مقتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي في قنصلية سعودية في تركيا.
ويلفت الى أن الرئيس المكلف يقول الشيئ، ويفعل نقيضه، فغداة تكليفه بتشكيل الحكومة، أكد لأحد الأطراف المعنيين بهذا الشأن، أنه سيفاجىء بمرونته الرئيس عون، وانه ليس لدى الحريري أي مشكلة على الإطلاق، بأن تكون حقيبتا الداخلية والعدل من حصة رئيس الجمهورية، ثم عاد وتراجع الحريري عن كلامه تحت ضغط رؤساء الحكومات السابقين. والقى مسؤولية تخوفه تخطي الإرادة الملكية السعودية على الرئيس عون وفريقه. ويختم المرجع بالقول : "لقد تحمل رئيس الجمهورية كل هذه الإفتراءات في حقه، كي يجنب لبنان، شرارة الفتنة المذهبية، وقطع الطريق على أي صراع سياسي يأخذ منحىٍ مذهبياً".
وعن الشأن المستجد أخيراً، وهو الدخول الروسي على خط التأليف، خصوصاً بعد دعوته حزب الله الى زيارة موسكو، يؤكد مرجع مسؤول قريب من موقع القرار في الحزب، أن روسيا لها ثقة كبيرة في حزب لله وقراءته للأوضاع في شكل عام، خصوصاً أن لها تجربة تعاون معه في سورية. ولا يستبعد أن يؤدي حزب الله، بعد عودة ممثليه من موسكو، دوراً في تدوير الزويا بين الأطراف المعنيين بعملية تشكيل الحكومة، لتسهيل ولادتها المرتجاة.