• اخر تحديث : 2025-12-08 15:20
news-details
إصدارات الأعضاء

التحولات الاستراتيجية في الملف السوري: قراءة في رسائل ترامب وزيارة باراك إلى دمشق ضمن سياق "تصفير الملفات" قبل نهاية العام


 
 
مقدمة
تشير المعطيات السياسية الواردة من واشنطن والرياض خلال الأسابيع الأخيرة إلى أن التعامل مع الملف السوري لم يعد مجرد خطوات متفرقة، بل أصبح جزءاً من خطة متكاملة تهدف إلى إنهاء الملفات العالقة قبل نهاية العام. هذه الخطة، التي تتقاطع فيها مصالح البيت الأبيض والرياض ودمشق، تسعى إلى إدخال سوريا مرحلة جديدة من الاستقرار السياسي والاقتصادي، بما يفتح الباب أمام إعادة الإعمار والتنمية.
 
أولاً: تصريحات ترامب كإطار استراتيجي
لم تكن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة مجرد تغريدة عابرة، بل مثّلت توجيهاً استراتيجياً واضحاً. فقد شدّد على أهمية أن تحافظ إسرائيل على حوار قوي مع سوريا، مؤكداً على ثلاث نقاط رئيسية:
- رضا واشنطن عن النتائج التي تحققت في سوريا بعد رفع العقوبات.  
- اعتبار إلغاء العقوبات عاملاً أساسياً في نجاح المرحلة الجديدة.  
- إشادته بالرئيس أحمد الشرع ودوره في بناء علاقة طويلة الأمد بين سوريا وإسرائيل.  
 
تزامن هذا الموقف مع اتصال مباشر بين ترامب ونتنياهو، ودعوة الأخير إلى البيت الأبيض، في إشارة إلى أن الملف السوري أصبح جزءاً من "الحزمة الإقليمية" التي تعيد واشنطن ترتيبها مع إسرائيل.
 
ثانياً: القراءة الإسرائيلية للتحول
أظهرت الصحافة الإسرائيلية مزيجاً من الدهشة والقلق إزاء الموقف الأمريكي الجديد. فقد اعتبرت أن واشنطن بدأت تنظر إلى سوريا كشريك محتمل لا كساحة صراع، وهو تحول يفرض على إسرائيل التكيف مع المسار الجديد.  
كما ربطت التحليلات بين تصريحات ترامب وزيارة المبعوث الأمريكي توماس باراك إلى دمشق، التي حملت رسائل استراتيجية تتعلق بترتيبات أمنية وسياسية، وجدول زمني لرفع العقوبات.
 
ثالثاً: البعد الاستراتيجي للتحول الأمريكي
للمرة الأولى منذ عقود، لم تُعرّف واشنطن سوريا باعتبارها "مشكلة أمنية"، بل اعتبرت أن بعض السلوك الإسرائيلي هو ما يهدد الاستقرار. هذا التحول يعكس تغييراً في قواعد اللعبة، حيث أصبحت سوريا الجديدة مشروعاً يجب تثبيته، بينما يُطلب من إسرائيل عدم تعطيله.
 
رابعاً: الملفات السورية قيد التصفير
تشير المعلومات إلى وجود قرار استراتيجي بإنهاء الملفات السورية قبل نهاية ديسمبر، وتشمل:
- ملف قسد: دمج تدريجي مع الدولة السورية وانسحاب أمريكي محسوب.  
- ملف السويداء: فرض سلطة الدولة وإنهاء الفوضى.  
- ملف العقوبات: رفع كامل للعقوبات وإطلاق استثمارات خليجية واسعة.  
- الملف الإسرائيلي: ضبط السلوك الإسرائيلي ومنع أي عمليات واسعة داخل سوريا.  
 
خامساً: البعد الرمزي والسياسي
يهدف هذا المسار إلى إدخال سوريا العام الجديد كدولة موحدة محررة، مع انطلاق مشاريع إعادة الإعمار. وتعمل الرياض على ضمان استقرار سياسي وأمني يتيح تدفق الاستثمارات، بما يعزز دورها كراعٍ إقليمي لمشروع "الشرق الأوسط الجديد".
 
سادساً: المكاسب السورية المتوقعة
في حال نجاح الخطة، ستتمكن سوريا من تحقيق مكاسب استراتيجية، أبرزها:
- تحييد إسرائيل عن الساحة السورية.  
- دمج الجزيرة السورية وإنهاء ازدواجية السلطة.  
- إعادة فرض سلطة الدولة في السويداء.  
- رفع العقوبات وانطلاق مشاريع استثمارية كبرى.  
- التحول إلى لاعب إقليمي فاعل بدلاً من ساحة نفوذ متصارعة.  
 
خاتمة
تؤكد هذه التطورات أن سوريا تمر بمرحلة انتقالية من "الدولة المكسورة" إلى "الدولة الصاعدة"، وهو ما يفسر القلق الإسرائيلي والثقة الأمريكية والدور السعودي المتنامي. إن شهر ديسمبر قد يشكّل فعلاً نقطة تحول تاريخية تُغلق فيها الملفات العالقة، لتبدأ سوريا عاماً جديداً بموقع مختلف في المعادلة الإقليمية.
 
المراجع
- موقع Ynet: "ترامب: مهم أن تحافظ إسرائيل على حوار حقيقي مع سوريا وألّا تعرقل تطورها".  
- موقع Walla News: "هل يوجّه إنذاراً لإسرائيل؟ ترامب: لا تُعطّلوا تطور سوريا".  
- قناة Mako / N12: "ترامب في أول تعليق على الحادثة: على إسرائيل أن تقيم حواراً مع سوريا، ولا يجب أن يحدث شيء يعرقل ازدهارها".  
- صحيفة Jerusalem Post: "ترامب يدفع نحو حوار قوي وحقيقي بين إسرائيل وسوريا".