• اخر تحديث : 2024-11-22 10:05
news-details
أبحاث

ورقة تحليلية: انسحاب القوات الإريترية والأمهرية: الرؤية الأميركية لحل أزمة منطقة التيغراي


سيخلق انسحاب القوات الإريترية والأمهرية من إقليم التيغراي فراغًا أمنيًّا يتيح لمقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي إعادة تنظيم صفوفهم وتنشيط عملياتهم وهو ما سيدفع بالجيش الفيدرالي إلى إعادة سحب قواته ويدفع أديس أبابا إلى التفاوض مع الجبهة.
جاءت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى البيت الأبيض لتجد قرنًا إفريقيًّا هشًّا وغير مستقر؛ حيث تعاني إثيوبيا من مجموعة من الصراعات الداخلية، ومن أبرزها تداعيات الحرب بإقليم تيغراي، والتصعيد غير المسبوق على الحدود السودانية-الإثيوبية، كما تخيم أجواء الفشل في الوصول إلى تسوية لترتيبات ملف سد النهضة منذرة باندلاع صراع مسلح لن يستثني مصر وإريتريا، في حين يعيش الصومال حالة من التمزق على ضوء الخلافات حول الانتخابات.
لكن التحركات الأميركية تشير إلى أن معالجة الأزمة الإثيوبية تقع على رأس أجندة واشنطن في القرن الإفريقي، ليس فقط لأن انهيار إثيوبيا إن تم فسيكون أكبر انهيار للدولة في التاريخ الحديث، كما ذكر تقرير صادر عن لجنة مكونة من أعضاء الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، ولكن أيضًا لأن الحرب في إثيوبيا وعواقب الحملة العسكرية في منطقة تيغراي شمال البلاد، تحتوي على الديناميات القادرة على تحويل الصراع "في تيغراي إلى أزمة إقليمية كاملة، مع امتداد الاضطرابات إلى إريتريا والسودان المجاوريْن".
وأطلق رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، حملة عسكرية "لإنفاذ القانون" في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 على خلفية الصراع بينه وبين الجبهة الشعبية الحاكمة في إقليم تيغراي الذي أفضى في النهاية إلى عدم اعتراف كل منهما بشرعية الآخر، وأدَّت ضربة عسكرية وجَّهتها الجبهة إلى القيادة العسكرية الشمالية إلى انطلاق العمليات العسكرية وفق الرواية الرسمية.
وكان لكلٍّ من إريتريا والأمهرة أهدافهما الخاصة من تصفية الجبهة الشعبية في تيغراي؛ حيث رفضت الأخيرة الامتثال لقرار المحكمة الدولية بإرجاع منطقة بادمي إلى السيطرة الإريترية عقب حرب 1998-2000 بين الطرفين، وهو ما أدخل البلدين في حالة لا حرب ولا سلم قرابة عقدين من الزمن، كما أنها مثَّلت عائقًا رئيسيًّا أمام طموحات الرئيس الإريتري، أسياس أفورقي في أداء دور محوري في القرن الإفريقي.
وكذلك، فقد مثَّل الاختلاف حول تبعية بعض المناطق، وحول كيفية إدارة الدولة بين المركزية التي يتبناها الأمهرة والفيدرالية الإثنية التي ابتدعتها الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي عاملًا رئيسيًّا في العداوة بينهما، بجانب التنافس التاريخي بين العرقيتين على حكم إثيوبيا.
ولأهمية إثيوبيا كحليف أميركي وكدولة محورية في القرن الإفريقي، مثَّلت أزمة تيغراي شاغلًا إفريقيًّا رئيسيًّا للإدارة الأميركية حتى قبل وصول بايدن إلى البيت الأبيض؛ حيث غرَّد أنتوني بلينكن، على سبيل المثال، في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، معربًا عن "القلق البالغ" إزاء الأزمة الإنسانية والأمن والسلام في المنطقة، ومطالبًا السلطات الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بإنهاء الصراع. وبعده بأيام، غرد جاك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس بايدن، مطالبًا الطرفين المتحاربين بالدخول في حوار برعاية الاتحاد الإفريقي.
أولًا: انسحاب القوات الإريترية والأمهرية واستراتيجية واشنطن لمعالجة الأزمة
عملت إدارة الرئيس جو بايدن على استراتيجية لمعالجة أزمة تيغراي تعتمد على مجموعة من الأدوات، منها العمل مع الشركاء الدوليين ولاسيما الاتحاد الإفريقي، على وقف الحرب ومعالجة آثارها، ونقل المناقشات حول أزمة تيغراي إلى مجلس الأمن الدولي، وممارسة الضغوط الاقتصادية على أديس أبابا، والدعوة إلى تسهيل وصول المساعدات الإغاثية لتخفيف الأزمة الإنسانية الحادة في الإقليم، والدعوة إلى تسوية سياسية وحوار بين أطراف الأزمة في البلاد.
في سياق هذه الاستراتيجية الأميركية تبرز مطالبة إدارة بايدن بانسحاب القوات الإريترية، ثم الأمهرية لاحقًا من إقليم تيغراي من خلال خطاب اعتمد على جملة من الركائز:
1 - المطالبة المكثفة بانسحاب القوات الإريترية والأمهرية.
2- التأكيد على انتهاكات وفظائع شابت العمليات العسكرية في الإقليم، وارتبطت بهذه القوات.
3- المطالبة بالتحقيق في هذه الجرائم وتقديم الجناة إلى العدالة.
ومثَّلت هذه المطالبات المستمرة تحولًا لافتًا عن موقف إدارة الرئيس، دونالد ترامب، التي أثنى وزير خارجيته، مايك بومبيو، على عدم رد أسمرا على هجمات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي الصاروخية عليها، والذي تحول مع طول أمد الحرب إلى مطالبة فاترة بسحب القوات الإريترية من إثيوبيا.
وقد اتضحت هذه الاستراتيجية منذ البيان الأول لوزارة الخارجية حول تيغراي في 28 يناير/كانون الثاني 2021، والذي تضمن المطالبة بانسحاب فوري للقوات الإريترية من تيغراي الإثيوبية، وتورطها في انتهاكات شملت العنف الجنسي وأعمال النهب.
وفي 5 فبراير/شباط 2021، تكررت المطالبة عبر سفارة واشنطن في أسمرا التي أشارت إلى جهات أخرى غير القوات الإريترية مشاركة في الانتهاكات، وفي بيان صادر عن بلينكن، في 27 فبراير/شباط 2021، أورد قوات أمهرة الإقليمية في إطار المطالبة بالانسحاب من تيغراي، وهو ما كرره في اتصال مع آبي أحمد، في 2 مارس/آذار، مع المطالبة بإجراء تحقيقات "مستقلة ودولية وذات مصداقية"، و"محاسبة المسؤولين عنها". 
ثم نقلت واشنطن مطالبتها بإجراء تحقيق دولي إلى جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة الأوضاع في تيغراي، وهو مسعى أفشله الرفض الصيني/الروسي الذي تذرع بأن المسألة شأن داخلي إثيوبي، في حين أثنت السفارة الأميركية في أسمرا على إعلان الهيئة الإثيوبية لحقوق الإنسان أن نتائج تحقيقاتها الأولية تؤكد قيام جنود إريتريين بقتل مدنيين إثيوبيين في أكسوم.
وفي تصعيد جديد، وصف بلينكن أمام الكونغرس، في 10 مارس/آذار 2021، ما يحدث في تيغراي بأنه "تطهير عرقي"، مطالبًا بتحقيق مستقل، وبإجراء عملية مصالحة تمكِّن البلاد من المضي قدمًا سياسيًّا.
استفادت واشنطن في زيادة زخم ضغوطها من صدور تقارير حقوقية وإعلامية حول انتهاكات الأطراف المختلفة لقوانين الحرب، مع تركيز واضح حتى الآن على دور القوات الإريترية، كما عملت على تشكيل جبهة دولية تؤيد مطلبها كما في بيان الاتحاد الأوروبي، في 8 فبراير/شباط 2021، الذي يعلن "انضمامه إلى دعوة الولايات المتحدة لسحب القوات الإريترية"، وتصريح مشابه للأمين العام للأمم المتحدة، في 4 مارس/آذار 2021، ومؤيد لدعوة مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان للتحقيق في جرائم الحرب المحتملة في الإقليم.
هذه الوتيرة النشطة من الضغوط تعبِّر عن إدراك إدارة بايدن لخطورة النزاع في تيغراي على استقرار الأوضاع في إثيوبيا والقرن الإفريقي عمومًا، وهو ما يُعزى إلى تأثير شخصيات خبيرة بالشؤون الإفريقية فيها، كسوزان رايس، مستشارة الرئيس بايدن ذات الصلة الوثيقة بالقرن الإفريقي، وليندا توماس غرينفيلد، التي كانت مساعدة وزير الخارجية للشؤون الإفريقية (2013-2017) ، ومساعد وزير الخارجية للشؤون الإفريقية، روبيرت جوديك، الذي أمضى السنوات (2012-2019) سفيرًا لبلاده في كينيا.
ركزت واشنطن مطالبها على إثيوبيا التي تملك الكثير من وسائل الضغط عليها، بخلاف إريتريا التي تعيش حالة من العزلة الاختيارية عن المجتمع الدولي منذ قرابة عقدين.
وفي هذا الإطار، هدفت الاستراتيجية الأميركية إلى تفكيك التحالف بين أديس أبابا وأسمرا، ومعاقبة ميليشيات الأمهرة، لإضرار الاثنين بالأمن والاستقرار في القرن الإفريقي؛ حيث دفعت الميليشيات إثيوبيا نحو حافة الحرب مع السودان على خلفية نزاع حدودي، كما حرضت أسمرا على الحرب في تيغراي وشاركت فيها.
ثانيًا: تفكيك أزمات إقليمية انطلاقًا من نزاع محلي
في إطار سعي الولايات المتحدة إلى استعادة دورها كلاعب محوري في القرن الإفريقي، ووسط منافسة حادة مع قوى أخرى كروسيا والصين، تتجاوز استراتيجية واشنطن في إثيوبيا العمل على درء تفاقم الكارثة الإنسانية في تيغراي، وتهدئة التوترات الناتجة عن نقمة التيغراويين على وجود القوات الأجنبية في إقليمهم، إلى محاولة تفكيك حزمة من الأزمات المتشابكة، وتبدأ من الدفع نحو مخرج سياسي للأزمة في تيغراي وتمتد إلى الأزمة الحدودية الإثيوبية-السودانية، وتنتهي بمحاولة التأثير في ملف سد النهضة، وذلك كالتالي:
أ- تهيئة البيئة للتحول نحو تسوية سياسية في تيغراي
مَثَّل التدخل الإريتري عاملًا حاسمًا منذ البداية في حسم الحرب لصالح الجيش الفيدرالي، وذكر رئيس الوزراء، آبي أحمد، أن القوات الحكومية التي فقدت توازنها بعد الضربة الأولى من طرف الجبهة الشعبية انسحبت إلى إريتريا حيث تم إعادة تأهيلها للعودة إلى الحرب من جديد، في حين كان الأمهرة قوة حربية ضاربة بجانب الجيش الفيدرالي.
وذكر مسفن حقوص وزير الدفاع الإريتري الأسبق في مقال له أن إريتريا شاركت في الحرب بـ12 فرقة عسكرية بين مشاة وفرق ميكانيكية.
ووفقًا لمصادر إعلامية، فإن الجيش الإريتري يسيطر على زمام الأمور في العديد من مدن تيغراي، في حين ينتشر الأمهرة في جنوب وغرب الإقليم، ويعد وجود الطرفين حيويًّا لضبط السيطرة على الإقليم نتيجة عجز الجيش الفيدرالي عن ذلك منفردًا ابتداء، ثم لإعادته تمركز جنوده على الحدود السودانية بعد اندلاع النزاع هناك.
ولذا، فإن انسحاب القوات الإريترية والأمهرية من الإقليم سيخلق فراغًا أمنيًّا يتيح لمقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي إعادة تنظيم صفوفهم من جديد وتنشيط عملياتهم ضد الجيش الفيدرالي الذي سيضطر إلى إعادة سحب قواته إلى الإقليم، وهذا التغيير سيخلق بيئة جديدة من التوازن بين الطرفين، ستدفع أديس أبابا إلى التفاوض مع الجبهة التي عرضت شروطها لبدء محادثات سلام، منتصف فبراير/شباط 2021، وتضمنت سحب القوات الإريترية من الإقليم.
والوصول إلى تسوية سياسية بين الطرفين سيكون مدخلًا لمصالحة تحول دون تمدد النزاعات داخل إثيوبيا، كما تمنح البلاد فرصة "المضي قدمًا سياسيًّا"، وفق تعبير الوزير، بلينكن.
ب- نزع فتيل الحرب الإثيوبية-السودانية
في غمرة انشغال أديس أبابا بحربها في تيغراي، قام الجيش السوداني، في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، ببسط سيطرته على معظم منطقة الفشقة الحدودية، وهو ما رفضته أديس أبابا واعتبرته توغلًا في أراضيها.
ورغم وصول الطرفين إلى تفاهم، عام 2008، باعتراف إثيوبيا بسودانية الفشقة مقابل سماح السودان للإثيوبيين بالاستمرار في العيش واستثمار أراضي المنطقة، فإن ديناميات متعلقة بالسياسة الداخلية والخارجية للبلدين أدت إلى تحشيد عسكري وتصعيد غير مسبوق على الحدود.
وفي هذا السياق، فإن سحْب الجيش الفيدرالي قواته من الحدود إلى تيغراي سينزع فتيل الحرب بين الطرفين، وبالتالي يمنع الانزلاق إلى حرب إقليمية تقود نحو كارثة إنسانية أكبر، كما أن كبح احتمالات الحرب سيؤدي إلى حماية المرحلة الانتقالية في السودان وإنجاز التحول الديمقراطي الذي أكدت واشنطن أهميته مرارًا.
ج-  محاولة تحقيق انفراجة في ملف سد النهضة
رغم أن مفاوضات سد النهضة اكتنفتها الخلافات بين أطرافها الرئيسية، فإن تأثير الاشتباكات العسكرية السودانية-الإثيوبية وتصاعد الخلاف على تبعية أراضي الفشقة أسهما في الانسداد الأخير الذي تعيشه المفاوضات.
وازداد التباعد بين الموقفين، الإثيوبي والسوداني، في مقابل تقارب مصري-سوداني ملحوظ، حيث تبنَّت الخرطوم موقف القاهرة الداعي إلى التوقيع على اتفاق ملزم قبل الملء الثاني للسد.
وعسكريًّا، شارك الجيش السوداني لأول مرة في مناورات نسر النيل وسيف العرب، كما تم توقيع اتفاق تعاون عسكري بين البلدين.
ودأبت أديس أبابا في المقابل على الحديث عن وجود طرف ثالث وراء التصعيد السوداني-الإثيوبي، في إشارة إلى مصر.
وهذا ما دعا إلى ربط التأزم في قضية السد بالتحشيد العسكري على الحدود، وأن إثارة الخلاف الحدودي بوجهه العسكري الآن تهدف إلى الضغط على أديس أبابا للتوصل إلى تسوية حول ترتيبات سد النهضة تراعي مطالب الخرطوم والقاهرة.
ومن ثمة، فالضغوط الدولية المستمرة على إثيوبيا لسحب القوات الإريترية والأمهرية من تيغراي، مع استمرار التصعيد السوداني/المصري، قد تدفع أديس أبابا إلى الدخول في عملية تفاوضية لمعالجة النزاع الحدودي بما يحفظ ماء وجهها، وهو ما ستستغله الخرطوم والقاهرة في إحراز مكاسب في ملف سد النهضة.
ثالثًا: ردود الفعل الإريترية والإثيوبية
باستثناء تصريح مقتضب لوزير الخارجية الإريتري ينفي مشاركة بلاده في الحرب في أيامها الأولى، لم تعمد أسمرا إلى نفي أو تأكيد مشاركتها، وإن أكدت في المقابل على الخطر المستمر للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي على البلاد.
كما شكَّكت أسمرا في مصداقية التقارير التي نسبت إلى القوات الإريترية ارتكاب جرائم في تيغراي، ووصفتها بالتسييس، كما في تغريدات وزير الإعلام الإريتري، يماني قبري مسقل.
يُعزى الصمت الإريتري عن إعلان المشاركة في الحرب إلى حراجة موقف رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الذي نفى هذه المشاركة ابتداء، كما أن الإعلان عنها يضع أحمد في مأزق مرتبط بوجود قوات أجنبية على الأراضي الإثيوبية دون موافقة برلمانية ما يمثِّل انتهاكًا للسيادة الإثيوبية.
وخيار الانسحاب من تيغراي يبدو مرفوضًا بالنسبة إلى أسمرا لأنه سيتيح المجال لعودة قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي إلى نشاطها؛ ما يعني استهداف إريتريا المحادَّة للإقليم، كما أن النظام الإريتري يرى أن فتح باب التسوية السياسية التي تتضمن عودة الجبهة الشعبية لاعبًا رئيسيًّا يشكِّل خطرًا على وجوده ذاته، نتيجة العداوة العميقة بين الطرفين.
تناقَضَ الموقف الإثيوبي بين تأكيد الحكومة المركزية عدم الاستعانة بقوات أجنبية، وتأكيد المسؤولين الإقليميين في تيغراي وجود القوات الإريترية، وكان من اللافت في بيان للخارجية الإثيوبية اعتبار أديس أبابا المطالبة بانسحاب القوات الأمهرية تدخلًا في شؤون البلاد الداخلية، في حين لزمت الصمت فيما يتعلق بالشق الإريتري.
ومع استمرار حملة الضغوط الدولية، أقرَّ دينا مفتي، المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، لأول مرة بوجود قوات إريترية في بلاده، لكنه أضاف أنها لم تأت بدعوة من حكومته، وهو ما طرح تساؤلات حول تغيرات قد تطول العلاقات الإريترية-الإثيوبية، عززها ترحيب الحكومة الإثيوبية بدعم الخبراء الدوليين وبالتعاون مع أجهزة حقوق الإنسان في تحقيقاتها حول الانتهاكات في تيغراي.
رابعًا: سيناريوهات محتملة
أمام الضغوط الأميركية التي تربط وجود القوات الإريترية والأمهرية بالانتهاكات وتحميل أديس أبابا المسؤولية عن نتائج ذلك مع المطالبة المستمرة بالتحقيق والتلويح بالعقوبات الدولية، يبدو أن رئيس الوزراء الإثيوبي لم يحسم أمره بعد، والخطوات التي اتخذتها بلاده تؤكد ترددها بين مسارين:
1- رفض تحقيق هذه المطالبات، وهو ما يعني تمتينًا للحلف الإريتري/الأمهري مع آبي أحمد، ومواجهة تصعيد أميركي ودولي، واللجوء إلى الصين وروسيا لموازنة ضغوط واشنطن، كما تجلَّى في جلسة مجلس الأمن الأخيرة حول تيغراي.
2ـ الاستجابة لهذه الضغوط وفق تسوية تحمي آبي أحمد من الوقوع تحت طائلة المحاكمات، وهو خيار يتضمن عددًا من العواقب منها عودة العدو الرئيسي لآبي أحمد، وهو الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، كلاعب رئيسي في الساحة السياسية الإثيوبية، وتجنيب اقتصاد إثيوبيا -محور نموذجها التنموي- من العقوبات الاقتصادية المتوقعة والذي يعاني أصلًا بعد الحرب على تيغراي ووباء كورونا. كما ستؤدي الاستجابة إلى تفكيك تحالف أحمد مع الأمهرة وأسمرا مع تحميل الأخيرة العبء الرئيسي في الانتهاكات واحتمال فرض عقوبات عليها وإعادتها إلى سياسة العزلة الدولية ما قبل 2018، وهو ما سيؤدي إلى إعادة تشكيل التحالفات داخل منطقة القرن الإفريقي من جديد.