تحت هذا العنوان كتب فكتور شلهوب تحليلا نشره موقع "العربي الجديد"، يقول فيه: ينظر الأميركيون عموماً إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بكثير من التوجس والنفور وحتى الكراهية، خصوصاً في الكونغرس وأجهزة الاستخبارات. يشمل ذلك الديمقراطيين والجمهوريين ما عدا الرئيس السابق دونالد ترامب وبطانته المقربة. مع ذلك كان مفاجئاً أن يصنّفه الرئيس جو بايدن خلال مقابلة معه أمس، بأنه "قاتل". فمثل هذا الاتهام الخطير غير مسبوق صدوره عن البيت الأبيض ضد سيد الكرملين وبهذا الشكل المكشوف. وغالب الظن أن صاحب خيار الدبلوماسية في التعامل مع الشؤون الخارجية، خرج عن لغة هذا الخيار عندما وقع على ما يبدو في فخ السؤال الصحافي وتسرّع بالجواب وفي لحظة غير مواتية.
جاء توصيف بايدن هذا لنظيره الروسي في سياق الرد على تقرير صدر مؤخرا عن الجهات الاستخباراتية الأميركية، مفاده أن الرئيس بوتين "فوّض" أجهزته المعنية "بنشر معلومات مضللة ومشوِّهة لسمعة بايدن" في انتخابات الرئاسة الأخيرة، "خدمة لترامب" وبغرض "زعزعة ثقة الأميركيين بالانتخابات". مجيء هذه المعلومات على خلفية ما سبق وأكدته هذه الجهات عن "التدخل الروسي في انتخابات 2016 لصالح ترامب "، أدى إلى قنبلة بايدن التي فجّرت أزمة مبكرة مع موسكو ردت عليها هذه الأخيرة باستدعاء سفيرها في واشنطن. ولم تكشف الإدارة حتى الآن عما إذا كانت تنوي الرد على موسكو بالمثل.
الاحتقان الأميركي تجاه الكرملين مزمن في الموضوع الانتخابي. والقناعة في واشنطن قاطعة أن موسكو تدخلت "وما زالت" في الانتخابات. خصوصا بعدما كشف تقرير المحقق الخاص روبرت مولر في مارس 2019، الكثير من بصماتها ولو أنه لم يحسم بجرميتها. والآن يأتي التقرير الأخير ليصب الزيت على نار التدخل وليفاقم الخلافات بين البلدين.
القناعة في واشنطن قاطعة أن موسكو تدخلت "وما زالت" في الانتخابات
وما أثار الاستغراب أن يفجّر الرئيس بايدن قنبلته عشية مؤتمر موسكو حول الوضع في أفغانستان، والذي تشارك فيه الإدارة الأميركية بشخص المبعوث الخاص للملف الافغاني السفير زلماي خليل زاد، الذي وصل إلى هناك مع احتدام المشكلة التي كانت خارج الحسبان. فالمفترض أن تركيز البيت الأبيض محصور في الوقت الراهن في العلاقات مع الصين، والتي تنعقد غدا الخميس وعلى مدى يومين، شبه قمة بشأنها في ولاية آلاسكا الأميركية بين وزيري الخارجية يرافقهما مستشارو الأمن القومي لكلا البلدين.
كما كان الاعتقاد أن الملف الأفغاني لا يقل أهمية بالنسبة للإدارة، وذلك بحكم اقتراب الموعد الحاسم للانسحاب الأميركي الموعود في الأول من مايو/أيار القادم. وقد أعربت الإدارة عن أهمية مؤتمر موسكو وترحيبها بأي دور دولي يساعد وبالذات الروسي، في تسويق تأجيلها المرجح للانسحاب في هذا الموعد. وربما هي امتنعت حتى الآن عن الرد على استدعاء السفير الروسي كي لا يؤدي ذلك إلى تصعيد ينسف احتمالات المؤتمر الذي تحتاج واشنطن إلى أي دعم روسي ‘يجابي من خلاله.
وهنا ثمة تساؤل عما إذا كان بايدن قد فاته الانتباه إلى توقيت تهمته ضد بوتين الذي تؤشر ردة فعله عليها بأنه ينوي "الثأر" قدر المستطاع. فاستدعاء السفير خطوة غير عادية ولا تحصل بخفّة بين موسكو وواشنطن. والرئيس بايدن ليس بحاجة الآن إلى أزمة اضافية ولو أن العلاقات متوترة ومنذ فترة مع موسكو. ولذلك حرص كل من البيت الأبيض ووزارة الخارجية في لقائهما الصحافي أمس، على التذكير بأن الإدارة عازمة على مواصلة التعاون مع موسكو في القضايا المشتركة "التي تخدم المصالح الأميركية". أي التي تتلاقى حولها مصلحة الجانبين. لكن هذا التطور زاد من تعكير مجرى مثل هذا التلاقي.
وتحت العنوان نفسه، كتب سامر إلياس تقريرا يقول فيه: ينطلق اليوم الخميس في موسكو اجتماع تشاوري بشأن أفغانستان بمشاركة الولايات المتحدة والصين وباكستان، وقطر كضيف شرف، وممثلين عن الحكومة الأفغانية (بقيادة رئيس المجلس الأعلى الوطني للمصالحة عبد الله عبد الله) وحركة "طالبان" (بقيادة رئيس المكتب السياسي للحركة في الدوحة الملا عبد الغني برادر) وشخصيات أفغانية أخرى، بغياب لافت للهند الدولة، الداعمة للحكومة الأفغانية والمدعوة إلى مؤتمر آخر من المقرر أن ينظم في إسطنبول في إبريل/ نيسان المقبل. ويأتي ذلك وسط تأكيد مختلف الأطراف أن اجتماع موسكو لن يكون بديلاً عن مسار الدوحة، وقد أعلنت روسيا أن الهدف الرسمي منه هو "تعزيز المفاوضات الأفغانية في الدوحة" و"خفض مستوى العنف".
في موازاة ذلك، كان الوضع مغايراً أمس على الأرض، بعدما أفادت "طالبان"، بأنّ القوات الأميركية قصفت مواقع لها في قندهار، جنوب البلاد، الأمر الذي أدى لمقتل عدد من مقاتليها، معتبرةً ذلك خرقاً لاتفاق الدوحة. في المقابل، تزداد الشكوك في انسحاب الجنود الأميركيين من أفغانستان بحلول الأول من مايو/ أيار المقبل وفق الاتفاق مع "طالبان"، إذ قال الرئيس الأميركي جو بايدن، في مقابلة بثتها قناة "إيه بي سي" الأميركية أمس الأربعاء، إن ذلك "يمكن أن يحدث، لكنه صعب". وأضاف "أنا بصدد اتخاذ قرار لموعد مغادرتهم"، موضحاً أن الإعلان عنه سيكون قريباً بعد التشاور مع حلفاء واشنطن والحكومة الأفغانية.
وعلى الرغم من عدم وجود جدول أعمال واضح، وعدم توقّع حصول اختراق كبير، دخلت موسكو بقوة على خط الحراك الدبلوماسي المتصاعد من أجل إنقاذ اتفاق الدوحة الموقع بين الولايات المتحدة وحركة "طالبان" في فبراير/ شباط من العام الماضي، والذي قضى بانسحاب القوات الأميركية والأجنبية من أفغانستان بحلول بداية مايو/ أيار المقبل، مقابل ضمانات في مجال الأمن والتزام "طالبان" بالتفاوض مع الحكومة في كابول.
وينطلق اجتماع موسكو وسط مخاوف من ازدياد موجة العنف في أفغانستان، تزامناً مع موعد هجمات فصل الربيع التقليدية التي تشنها "طالبان" في كل عام، واحتمال أن تكون الهجمات أكثر دموية، في حال عدم التوصل إلى اتفاق جديد يضمن الاستقرار ويمهد لانسحاب قوات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، بعد نحو عشرين عاماً من الوجود في أفغانستان.
كابولوف: الوثيقة الأميركية جيّدة، لكنها ليست مثالية وتحتاج إلى تطوير مشترك
موسكو ليست بديلاً عن الدوحة
ويوم الجمعة الماضي، قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إنّ المؤتمر مخصص للمساعدة في التسوية بين الأطراف الأفغانية، وسيناقش "سبل الدفع قدماً بمفاوضات الدوحة، والحدّ من مستوى العنف، وإنهاء الصراع المسلح في أفغانستان". وشددت زاخاروفا في إفادة صحافية على أنّ "طالبان يجب أن تكون جزءاً من أي حكومة انتقالية أفغانية". وفي دعم مباشر للخطة الأميركية للسلام التي أعلنت عنها واشنطن في الفترة الأخيرة، قالت زاخاروفا إنّ "تشكيل إدارة مؤقتة وشاملة سيكون حلاً منطقياً لمشكلة دمج طالبان في الحياة السياسية السلمية في أفغانستان"، مشيرة إلى أنّ "تشكيل حكومة ائتلافية مؤقتة أمر يجب أن يقرره الأفغان أنفسهم خلال مفاوضات مصالحة وطنية". ولم تكشف زاخاروفا المزيد حول مدة عمل الاجتماع وعدد الجلسات وكيفية عقدها، لكنها قالت إن وزير الخارجية سيرغي لافروف، سيلقي كلمة ترحيبية بالحضور.
من جانبه، أكد المبعوث الروسي الخاص إلى أفغانستان، زامير كابولوف، في لقاء بثته قناة "الجزيرة" أمس الأربعاء، إنّ "أهم هدف من اجتماع موسكو بشأن أفغانستان هو القيام بمحاولة مع الشركاء في إطار الثلاثية الموسعة الخاصة بأفغانستان، وهي روسيا والولايات المتحدة والصين، وبمشاركة باكستان، لإعطاء دفعة للمفاوضات الأفغانية". وأشار إلى أنّ الثلاثية الموسعة شعرت بأنه "يجب تجميع القوى والتأثير على جميع الأطراف الأفغانية للبدء بالمفاوضات البنّاءة"، مؤكداً أنّ هذه الجهود "ليست لمنافسة أحد"، وأنّ بلاده "تثمّن عالياً دور أصدقائها القطريين في دعم المفاوضات الأفغانية".
بدورها، أكدت الخارجية الأفغانية أول من أمس الثلاثاء، في بيان، أن مؤتمري موسكو وإسطنبول، جزء من مفاوضات الدوحة، ولا يحلّان محلها، بل يأتيان في إطار السعي لتسريع عملية السلام، مؤكدةً أنّ مفاوضات الدوحة "ستأتي أكلها".
تحفظات روسية وأفغانية على خطة واشنطن
وفي تراجع عن تصريحات سابقة أطلقتها زاخاروفا دعمت فيها الوثيقة الأميركية التي عرضت على الأطراف الأفغانية، قال كابولوف إنها "محاولة جيّدة، ولكنها ليست مثالية، وتحتاج إلى تطوير مشترك". وأعاد التأكيد على موقف موسكو المنطلق من أنّ "كل المواضيع المطروحة في الوثيقة، بما فيها شكل الدولة المستقبلية وآلية إدارة الدولة، يجب أن تُقرّ فقط من قبل الأفغان".
موسكو مهتمة بالعلاقة مع "طالبان" لمواجهة توسّع تنظيم "داعش"
ومعلوم أنّ الولايات المتحدة اقترحت خطة سلام تدعو إلى أن تحلّ حكومة مؤقتة محل الحكومة الأفغانية الحالية حتى كتابة دستور جديد وإجراء انتخابات، بينما تراقب لجنة مشتركة وقف إطلاق النار. وتشير خطة السلام الأميركية إلى أنه في ظلّ الإدارة الأفغانية المؤقتة، يمكن إما توسيع برلمان البلاد ليضم أعضاء في "طالبان" أو تعليق أعماله إلى ما بعد إجراء انتخابات.
وعلى الرغم من تلويح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بأنّ بلاده ستنسحب من أفغانستان بحلول بداية مايو/أيار المقبل، ومحاولات المبعوث الأميركي إلى أفغانستان زلماي خليل زاد، إقناع المسؤولين الأفغان بالموافقة على خطة السلام الأميركية، رفض الرئيس الأفغاني أشرف غني التنحي لتشكيل الحكومة الانتقالية. وقال غني مجدداً أول من أمس الثلاثاء، إنه ليس مستعداً لتسليم السلطة لأي شخص لا يتم اختياره عبر الانتخابات، مؤكداً استعداد الحكومة الأفغانية للمشاركة في الانتخابات، إذا ما شاركت فيها حركة "طالبان". وأشار إلى أنّ لدى الحكومة خريطة طريق تقوم على السلام الدائم والعادل والوحدة الوطنية، وما ينصّ عليه الدستور من أنّ الانتخابات هي مرجعية الحكم في البلاد. أما "طالبان"، فقد نفى المتحدث باسم مكتبها السياسي، محمد نعيم، صحة التقارير التي تحدثت عن رفض الحركة الخطة الأميركية للسلام التي تسلمتها قبل أيام، موضحاً أنّ قيادة الحركة ما زالت تراجع الخطة.
حسابات روسية معقدة
في السنوات الأخيرة، استضافت موسكو وفوداً عدة من حركة "طالبان"، ونظمت اجتماعات بين الحركة ووفود مقربة من الحكومة الأفغانية. وعلى الرغم من عدم مراهنة موسكو على حصول اختراق كبير في الاجتماع الحالي، فإنها مرتاحة لمستوى التمثيل البارز، وتسجيل دور لها في جهود إحلال السلام والاستقرار في أفغانستان.
ووطدت موسكو علاقتها مع "طالبان" منذ عام 2015، بعدما كانت ترفض في السابق إشراك الحركة في الحياة السياسية. وكشفت تصريحات المسؤولين الروس عن أنّ موسكو مهتمة بالعلاقة مع "طالبان" لمواجهة توسّع تنظيم "داعش"، ومنع انتقال عناصره إلى بلدان آسيا الوسطى والقوقاز خاصرة روسيا الضعيفة، ومنها إلى المدن الروسية.
ومن المؤكد أنّ موسكو معنيّة بشكل مباشر باستقرار الأوضاع في أفغانستان لمنع تسرّب الإرهابيين، ووقف شحنات المخدرات إلى داخل روسيا. وعلى الرغم من أنّ موسكو لم تمانع في 2001، إسقاط حكومة "طالبان" على يد الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول، وفتحت لاحقاً مطاراتها لتقديم خدمات لوجستية لنقل الأفراد والمعدات من وإلى أفغانستان، لكنها في الوقت ذاته لا تحبذ خروج الطرف الأميركي منتصراً، وهو الأمر الذي عجزت عنه القيادة السوفييتية السابقة، عندما خرجت مهزومة من الحرب الأفغانية عام 1989، ما تسبب في كسر الهيبة السوفييتية. ويرى محللون أنّ تلك الهزيمة أثرت في انهيار الاتحاد السوفييتي لاحقاً في عام 1991.
بنت موسكو علاقات متينة مع "أمراء الحرب" السابقين
ومن أجل ضمان مصالحها الأمنية في أفغانستان، بنت موسكو علاقات متينة مع "أمراء الحرب" السابقين، وممثلي المجموعات الإثنية المختلفة في الشمال، وأخيراً سعت إلى التقرب من حركة "طالبان" التي تسيطر على مساحات واسعة من أراضي أفغانستان. وتؤكد روسيا أنها على علاقة جيّدة مع الحكومة المركزية في كابول، لكن تجارب السنوات الأخيرة تكشف أنّ سياسة موسكو في أفغانستان لا تنطلق فقط من مبدأ توزيع البيض على عدة سلال، ولكن من قناعة راسخة لدى المشرفين على الملف الأفغاني في الخارجية الروسية، بأنّ أفغانستان لا يمكن أن تنعم بحكومة مركزية جامعة في ظلّ الصراعات الإثنية والعقائدية المفتوحة منذ أكثر من 40 عاماً. ويبدو أنّ هذه القناعة تسببت في مشكلات عدة مع حكومة الرئيس أشرف غني الذي تصفه أوساط في موسكو بـ"دمية واشنطن" في كابول، مع رفض موسكو التعامل معه على مبدأ دولة مقابل دولة، فضلاً عن تصريحات المبعوث الروسي إلى أفغانستان زامير كابولوف، المستفزة بخصوص التزام "طالبان" بوقف العنف، واستخدامه أكثر من مرة مصطلح "إدارة كابول أو الإدارة في كابول" بدلاً من الحكومة الأفغانية، ما حدا ببعض السياسيين الأفغان إلى وصفه بـ"محامي طالبان" أو "مبعوث روسيا إلى طالبان".
وعلى الرغم من أنّ الجانب الروسي أبدى سابقاً دعمه للخطة الأميركية للسلام، فإنّ تصريحات كابولوف الأخيرة بأنّ "الوثيقة الأميركية جيّدة، لكنها ليست مثالية وتحتاج إلى تطوير مشترك"، واشتراطه إقرارها من قبل الأفغان أنفسهم، تكشف أنّ هناك شكوكاً روسية في أن تجلب الخطة الاستقرار سريعاً بعد أربعة عقود من الفوضى، خصوصاً في ظلّ عدم إعلان "طالبان" موقفها النهائي، ورفض الرئيس أشرف غني الخطة. ناهيك عن شكوك في إمكانية إتمام بنود الخطة في فترة أقل من شهر ونصف الشهر (موعد انسحاب القوات الأميركية والأجنبية)، بعدما عجزت واشنطن عن فعل ذلك لسنوات طويلة، ما يفسر تغيّر موقف موسكو المنطلق من المحافظة على علاقات مع جميع الأطراف في حال اندلاع الفوضى، وتعطّل عمل الحكومة المركزية.
اجتماع موسكو يسمح لروسيا مستقبلاً بالإشادة بدورها في تحقيق السلام
ومن الواضح أنّ روسيا تدعم دخول "طالبان" في حكومة مؤقتة، بهدف إضعاف حكومة غني، وتأمل في زيادة حصة شركائها الآخرين في أفغانستان، على الرغم من قناعة أوساط في موسكو بأنّ الحكومة المؤقتة لا يمكن أن تشكّل حلاً ناجعاً، وقد تتسبب في زيادة الصراعات على السلطة بين الأطراف المختلفة. فيما تراهن واشنطن على أنّ مشاركة "طالبان"، تعني إشراكها علناً في العملية السياسية، ويبدو أنها وافقت على حضور اجتماع موسكو لحاجتها لمساحة تناور فيها لتحقيق توازن بين مصالح "طالبان" والحكومة الأفغانية، وتأمل في أن تساعد موسكو في تحقيق التوازن. ولكن السؤال يبقى حول قدرة موسكو في التأثير على موقف "طالبان" باتجاه تقريب وجهة النظر مع الحكومة، والدخول في حكومة غني، وإقناع الحركة بعدم انتظار الفرصة المناسبة من أجل القفز إلى السلطة وحيدة، في ظلّ توقعات بتراجع الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد، مع تراجع الدعم الأميركي وعدم القدرة على جمع أكثر من 5 مليارات دولار لتجنب الانهيار.
ومن المؤكد أنّ روسيا لن تتضرر كثيراً في حال فشل الجهود الدبلوماسية الأميركية والقطرية من أجل إحلال السلام في أفغانستان قبل بداية مايو المقبل، نظراً لاعتمادها استراتيجية توزيع المخاطر عبر علاقاتها مع جميع القوى السياسية. لكن اجتماع موسكو يسمح لها مستقبلاً بالإشادة بدورها في تحقيق السلام، والقول إنّ روسيا كانت مساهماً أساسياً في دعم مسار الدوحة، ونجاح مؤتمر اسطنبول في إبريل/ نيسان المقبل، لتكون "راكباً مجانياً" في حال النجاح في ما تبقى من وقت، في صوغ تسوية لأزمة صعبة معقدة ما تزال مفتوحة على احتمالات عدة، منها صراع مفتوح وفوضى شاملة.