• اخر تحديث : 2024-04-25 13:23
news-details
إصدارات الأعضاء

يصادف الثامن عشر من اذار الذكرى السابعة لعودة شبه جزيرة القرم الى روسيا الى حضن الوطن الدافئ، بعد تصويت الأغلبية الساحقة من سكانها في استفتاء شعبي عام لصالح هذه الخطوة في آذار من العام 2014.

هذه اللؤلؤة الغالية على قلوب كل الروس الفرحين جدا بعودتها، أصبحت روسية في القرن العاشر وكانت دائما رأس حربة للوطن الأم وقلعة دفاع متقدمة في البحر الأسود لمواجهة الغزوات المتعددة التي حاولت دائما احتلالها واخضاعها على مدى القرون المتعاقبة. هي بالنسبة لكل مواطن روسي، الأرض المقدسة الغالية التي تعبق برائحة النضال والتضحيات، فكل شبر من بقاعها تعمد بدماء شهدائها، وشهدت حصارا قاسيا لمدة 250 يوما من قبل النازيين الالمان في الحرب العالمية الثانية، ودافع عنها كل أبناء الاتحاد السوفياتي دفاعا مستميتا واستشهد منهم على ارضها 220 الفا.

شبه جزيرة القرم تحتفل اليوم بعودتها الابدية المجللة بأكاليل الغار والنصر الى روسيا. لقد حرمت هذه المنطقة من ابسط مقومات الحياة بعد انفراط عقد الاتحاد السوفياتي، وطيلة 25 عاما بعد هذا الحدث الكبير لم تشهد أي حركة عمرانية او حياتية، فتوقفت المصانع وانهارت المؤسسات الصناعية والخدماتية والسياحية المشهورة في المنطقة حتى الطرقات العامة والرئيسية أصبحت خنادق يصعب المرور عليها، وانقطعت الكهرباء وجفت مياه الصنابير في المنازل واجتاح الصقيع البيوت إثر توقف التدفئة المركزية عنها، اهمال كلي وتام من السلطات الأوكرانية دمر كل شيء على الأرض المشمسة الرائعة.

اليوم وبعد 7 سنوات من العودة الحميدة، عادت الحياة بكل مباهجها الى جزيرة الحلم هذه التي تم على ارضها إقامة مؤتمر يالطا عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية بين الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين والرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل.

لقد تم وصل الجزيرة بالبر الروسي بجسر هو الأطول في أوروبا بطول 19 كم فوق مضيق كيرتش بين بحري آزوف والأسود لمدها بكل ما تحتاج اليه، فكان الجسر جسران واحد للسيارات والشاحنات، واخر لسكة الحديد والقطارات التي امدت القرم بكل ما يحتاجه من مقومات الحياة. كما وصلت الجزيرة بخطوط الكهرباء الروسية القوية، وعادت محطات ضخ المياه العذبة للعمل بكل قوة لتأمين المياه الى كل نقطة حية على الجزيرة، واعيد تشغيل المصانع المتوقفة بعد تحديثها بأفضل الآلات العصرية، كما انكبت إدارات السلطة على ترميم مراكز الاستجمام والسياحة الكثيرة وتمت اعادتها الى العمل لاستقبال ملايين السياح من روسيا ومن خارجها. وجرى إعادة تحديث البنية التحتية وبناء المستشفيات والمدارس والمؤسسات واستثمرت روسيا في الجزيرة أموالا تفوق ما استثمرته أوكرانيا هناك طيلة السنوات الـ 25 التي كانت فيها القرم تحت سلطتها، وعليه فان أسعار الوقود والإنفاقات السنوية على الخدمات العامة البلدية للمواطنين هناك تقل 3 مرات عن تلك التي في أوكرانيا، وان الرواتب في شبه جزيرة القرم حاليا تفوق بمرتين ما هي عليه في أوكرانيا.

تختزن ارض الجزيرة الكثير من المواد الخام وفيها مصانع الإنتاج الكيميائي ومصانع الاليات والمعدات، كما يجري في احواض مصنعيها "موري" و "زاليف" بناء السفن، وعلى أراضي شبه الجزيرة يجري استخراج النفط والغاز وإنتاج ثاني أوكسيد التيتانيوم وتعمل بنشاط مصانع المواد الغذائية وانتاج النبيذ. وقد ارتفع الإنتاج الصناعي في العام 2019 بشكل ملحوظ ووصل الى 13،4 بالمئة. اما الزراعة في شبه الجزيرة فهي تشهد تقدما ملحوظا؛ زراعة القمح والكرمة والخضار والفاكهة ودوار الشمس لتصنيع الزيوت النباتية، كما وتربية الماشية وزراعات الزهور العطرية، وقد بلغ حجم الانتاج الزراعي في شبه الجزيرة اول عام بعد العودة الى الوطن (العام 2015) مليار ونصف مليار دولار تقريبا. وقدر انتاج القمح في الجزيرة في العام 2017 بـ 1،7 مليون طن وهو يزيد عن حاجات السكان المحليين بمرتين. فيما بلغ انتاج بذور دوار الشمس 101 ألف طن، العنب 70 ألف طن و113 ألف طن من ثمار الفاكهة. كما ارتفع بناء الوحدات السكنية في العام 2017 بمعدل 2،9 عن العام السابق وأجريت عملية توسيع مطار سيمفروبل بتكلفة مليار دولار ما اهله لاستقبال حوالي 8 ملايين مسافر.   

في القرم 4 مرافئ بحرية هي يفباتوري، كيرتش، فيدوسيا، ويالطا، عبرها وصل الى الجزيرة 5 ملايين مسافر، مليون سيارة، 42 الف حافلة و217 الف شاحنة.

اما الخاصية التي تتمتع بها شبه جزيرة القرم التي تضم أكثر من 120 اثنية، فهي الاستجمام والخدمات السياحية المتطورة بسبب مناخها المعتدل الرائع على البحر الأسود ووجود الكوادر المؤهلة ومئات دور الاستجمام والفنادق (أكثر من 700). في العام 2018 استقبلت شبه الجزيرة 6,8 سائح بزيادة قدرها 28 بالمئة عن العام الذي سبقه. ومن اهم المعالم السياحية فيها: قلعة فورونتسوف، عش السنونو، قصر بختشي سرايا وقصر القيصر الروسي ليفاديا.  

تصدّر الجزيرة المعادن السوداء ومنتجات صناعة السفن والمنتجات الكيميائية والقمح ومنتجاته، الخضار والفاكهة منتجات الحليب والعصائر. أكبر الشركاء التجاريين للقرم: الهند، الصين، أوكرانيا، بيلاروسيا، تركيا وبنما. بلغت الاستثمارات الأجنبية في الجزيرة في العام 2018 ما يقارب الـ 5 مليار دولار ويعمل في شبه الجزيرة أكثر من 200 فرع مصرف تؤمن الخدمات لأكثر من مليون ونصف مليون شخص من سكانها.

إمكانات شبه الجزيرة الاقتصادية هائلة ويمكن لوطننا لبنان الاستثمار في القطاعات الاقتصادية المختلفة هناك نظرا للتشابه في الوظائف الخدمية بين الطرفين وتحديدا في قطاعات السياحة والفنادق والقطاعات الصناعية الخفيفة والزراعية المختلفة، خاصة وان شبه الجزيرة أعلنت منطقة اقتصادية حرة تعتمد نظاما تسهيليا خاصا للمستثمرين الأجانب وتقدم ظروفا مؤاتيه لعمل رأس المال الأجنبي محميا بقوانين ملائمة، كما ان ارتفاع متوسط الأجور في الجزيرة، والتدفق الكبير للسياح اليها الذي يفوق عددهم عدد سكانها لثلاث مرات، يجعل من هذه الجزيرة الرائعة لؤلؤة ثمينة وجنة للعمل والاستثمار.