• اخر تحديث : 2024-11-22 10:05
news-details
ندوات وحلقات نقاش

حلقة نقاش: العالم بعد اتفاق الشراكة الاستراتيجية الشاملة الإيراني ـ الصيني


بعد سنوات من المفاوضات وقّعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية والصين اتفاق تعاون أُطلق عليه اسم "الشراكة الاستراتيجية الشاملة"، ومدته 25 عامًا، وتغطي "وثيقة برنامج التعاون الشامل" بين إيران والصين مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والدفاعية والزراعية والثقافية والإعلامية والشعبية. ولايزال الاتفاق ـ منذ توقيع مسودته في حزيران العام الماضي ـ محور نقاشات العديد من دوائر التحليل السياسي اليت قدّمت مقاربات عديدة لمختلف جوانب هذا الاتفاق لما له من أبعاد ودلالات وتداعيات.

في هذا السياق نظّمت الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين حلقة نقاش بعنوان: "العالم بعد اتفاق الشراكة الاستراتيجية الشاملة الإيراني ـ الصيني"، وتمحورت حول:

ـ مصالح إيران ودوافعها من الاتفاق

ـ مصالح الصين ودوافعها، وهل يؤشر الاتفاق إلى تحوُّل استراتيجي مُخطط له في السياسة الصينية، أم لا.

ـ طبيعة التداعيات الجيوسياسية الاستراتيجية التي سيرتبها اتفاق التعاون الإيراني الصيني في المنطقة وموازين القوى العالمية

ـ احتمال دخول المنطقة والعالم في مرحلة إعادة بناء المحاور والتحالفات من جديد، واتجاهاتها

ـ أبعاد الاتفاق الاقتصادية، وانعكاساتها على موازين القوى الاقتصادية العالمية..

ـ خلفيات القلق الأميركي والصهيوني من الاتفاقية بين الصين وإيران.

ـ معادلة الصين- إيران رابح رابح، والعلاقات مع الغرب وأميركا رابح خاسر.

 

أولاً: معطيات أولية حول اللقاء:

المشاركون الأساتذة السادة:

1

رئيس الرابطة د. محسن صالح.

2

الكاتب والأكاديمي الإيراني د. عماد آبشناس.

3

الباحث المتخصص في الشؤون الصينية د. نبيل سرور.

4

الخبير في الشؤون الاقتصادية الدولية د. غالب صالح.

5

الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية د.  حكم أمهز.

6

أمينة سر الرابطة د. وفاء حطيط.

 

ثانيًا: وقائع الجلسة:

بعد الترحيب بالسادة المشاركين، أشار رئيس الرابطة د. محسن صالح إلى ان العالم تغيّر خاصة بعد 6 سنوات من العدوان الهمجي السعودي الأميركي على اليمن الذي لم يبق شيئًا، وقال: لكنه أبقى شيئًا واحدًا أن ما من يمني يرفع الراية البيضاء أمام هذا العدوان، وهذه القيم العزيزة والغالية الإسلامية والوجودية، بمعنى ان عزة الانسان وكرامته تساوي استشهاده، فاذا خُيّر بين الاستشهاد وبين العزة والكرامة، فإنه يختار العزة والكرامة، أو الاستشهاد ولا يختار الاستسلام أو الاستتباع للولايات المتحدة، أو غيرها من الأعداء خاصة الكيان الصهيوني الغاصب.

ولفت د. صالح إلى أن الاتفاقية الإيرانية – الصينية تسمح للجمهورية الإسلامية بأن لا تكون خاضعة لما تمليه الولايات المتحدة على دول الغرب، وقال: هناك حديث عن أن الجمهورية الإسلامية كانت تصدر النفط إبّان أقصى أوقات العقوبات والحصار إلى الصين التي كانت تأخذ هذا النفط فعليًا، وهي أول من رفع الصوت عاليًا خاصة قبل اجتماع فيينا، وقالت آن الأوان لضرب العقوبات الأحادية على الجمهورية الإسلامية.

وتناول د. صالح بعض القواسم المشتركة من قبيل الصبر الصيني والثقافة الصينية والصبر والثقافة الإيرانية، وقال: لقد كتب سماحة السيد القائد علي خامنئي كتابًا بعنوان: "إن مع الصبر نصر"، حول الصبر على الصعوبات التي تمر بها بعض الدول، بمعنى انظروا إلى الصين كيف صبرت منذ بدايات القرن العشرين وصولًا إلى العام 1970 -1972 وقت استقلالها وبدأت تعمل بصمت إلى أن طلبت اميركا ودول أخرى من الصين دخول الأمم المتحدة ومن ثم مجلس الامن. فالصبر عامل قوة، وهذه مسألة نفسية، وأخلاقية، وحضارية يمكن أن تقدم المزيد من التمسك بالاستقلال الذاتي والوجودي والقيمي.

لقد عاد الشرق وبقوة من خلال مذكرة التفاهم الإيرانية – الصينية، والحديث عن انضمام روسيا الى هذه المذكرة امر مؤكد نتيجة الإحساس الروسي بأن الإدارات الأميركية المتعاقبة تضغط على روسيا، وها هي تطوقها في أوكرانيا، فما يحصل الآن في أوكرانيا مثير جدًا.  ونحن أمام عالم جديد ومحاور جديدة ونظام عالمي جديد، يجب أن نفكر فيه، وكيف يمكن ان يقوى عالم الاستقلال والعالم الذي كان مسرحًا للناتو والولايات المتحدة تعبث به، من الصين إلى إيران إلى دول منطقة غرب آسيا، وما يحصل في أفغانستان وسوريا دليل على تراجع إمكانيات القدرة عند اميركا والناتو لتشكيل هذه المطرقة على رأس العالم، والولايات المتحدة الآن بدأت تعزل نفسها، وتنسحب، وتجرجر ازيال الخيبة، أما المستقبل فهو للصين وإيران وهذه الدول التي تعتمد على نفسها.

أبرز نقاط مداخلة د. حكم أمهز

أما د. حكم أمهز فقد لخّص في مداخلته أبرز ما تحويه الاتفاقية الإيرانية الصينية. وقال: أركز على المحاور الأساسية.. ما وقع بين إيران والصين هو مذكرة تفاهم غير ملزمة قانونيًا، وهي بمثابة ميثاق شرف يمكن ان يلتزم به الطرفان كليًا أو جزئيًا وفقًا للمصلحة العليا لدى كل منهما. وقد شدد المسؤولون الإيرانيون كثيرًا على نقطة أن الاتفاقية هي خارجة طريق (ظريف وخطيب زاده وغيرهم). ومذكرة التفاهم تختلف عن الاتفاقية والمعاهدة كون الأخيرتين تحتاجان إلى تصديق البرلمان من البلاد الموقعة عليهما؛ فضلًا عن أن مذكرة التفاهم تتميز بأنها قد تتضمن بنودًا سرية أمنية أو غير أمنية، ولهذا السبب لا تُعرض على البرلمان، وليس شرطاً أن تتضمن المذكرة بين إيران والصين مثل هذه البنود.

في النتيجة.. إذا كانت المذكرة غير ملزمة جزئيًا أو كليًا، فهذا يعني أن الدول الموقعة عليها قد ترتأي التراجع عن بعض البنود وفقًا لمقتضيات المصلحة الوطنية العليا الاقتصادية أو السياسية وغيرها.

إذا ربطنا الأمر بالحرب بين الصين وأميركا، فالصين التي عودتنا على السياسات الناعمة في العلاقات الدولية والتغلغل العالمي يمكن أن تذهب مذهب خفض التعامل مع الاتفاقية في حال اقتضى ذلك أي تسوية مع واشنطن. لأنه وأشار د. أمهز إلى حجم التبادلات التجارية بين كل من إيران والصين قائلًا: إذا تحدثنا عن الميزان التجاري بين الصين وأميركا فانه يتجاوز النصف ترليون سنويًا، وأميركا دولة أولى وعظمى في العالم لديها أساليب العقاب والمعاقبة والضغط والعرقلة، بالإضافة إلى فيتو وتحالفات دولية قوية قد تضغط على الصين وتعرقل حركتها الاقتصادية عالميّا.. أما الميزان التجاري بين ايران والصين فبلغ اعلى مستوى له 53 مليار دولار عام 2014 وتراجع نتيجة الضغوط والعقوبات على ايران والتزام الصين بها إلى 14 مليار دولار فقط العام الماضي.. وإيران دولة قوية ولديها امكانياتها ضخمة جدًا وتحالفات سياسية في المنطقة، لكن ليست في مستوى أميركا بالنسبة إلى الصين. وهنا لا بد من القول بأن هدف الصين الاستراتيجي هو السيطرة الاقتصادية عالميًا، لتصبح الأولى على عرش العالم في العام 2030 بحسب الخبراء الاقتصاديين الدوليين وبعض الدراسات المتخصصة تتحدث عن العام 2028 (كما في دراسة صدرت حديثًا عن مركز"cebr" البريطاني للاقتصاد وأبحاث الأعمال.

 وعن الحاجة المتبادلة بين إيران والصين لبعضهما البعض قال د. أمهز: هناك نقاط قوة متبادلة بين إيران والصين، وكلا الطرفين بحاجة اليها وهي تؤدي دورًا هامًا في الحفاظ على تنفيذ مذكرة التفاهم.. فإيران لديها امكانيات نفطة هائلة تحتاج إليها الصين التي تعتبر مصنع العالم. ولكن الصين تدرك في الوقت نفسه وجوب تنوع مصادر الطاقة، حتى لا تكون رهينة دولة واحدة. كذلك فان مقتضيات التبادل الاقتصادي تتطلب من الصين أن تتبادل تجاريًا واقتصاديا مع دول نفطية أخرى مثال (التبادل التجاري بين الصين السعودية العام 2020 وصل الى أكثر من 78 مليار دولار، ووصلت الاستثمارات المباشر للشركات الصينية في السعودية نحو 180 مليون دولار..

بطبيعة الحال استفادت السعودية من الحظر الأميركي على إيران لترفع حجم مبيعاتها النفطية إلى الصين؛ وبالتالي فان هذا الرقم سينخفض متى تم البدء بتطبيق اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين إيران والصين. وتدرك الصين أن إمداداتها من النفط السعودي قد يتوقف في معركة سياسية، أو غير سياسية بين الصين وأميركا كون القرار السعودي في يد أميركا بخلاف إيران صاحبة قرار مستقل، أثبتت التزامها بالمواثيق والاتفاقات والقوانين الدولية في أحلك الظروف. وبالتالي يمكن القول إن افضلية الصين هي التعامل مع ايران كطرف مضمون أكثر من أي طرف أخر. وتدرك الصين أيضّا أن تزاوج الامكانيات والثروات الطبيعية والخبرات الإيرانية الصينية يمكن ان تولد إنجازات هامة لمصلحة الطرفين والعالم.

 وعن مصلحة الصين من الاتفاقية مع الجمهورية الإسلامية قال د. أمهز: ": تشكل مبادرة الحزام والطريق إحدى دعائم تنفيذ الصين للمذكرة، لأن الصين في حاجة ماسة إلى إيران وموقعها الجغرافي في تنفيذها. فالمشروع الصيني الاقتصادي العالمي الجديد يقوم على مبادرة الحزام والطريق التي وافقت عليها 130 دولة، بما يترتب عليها من فوائد لهذا الدول والصين في آن واحد.. فضلًا عن أن موقع إيران الجغرافي في المبادرة حساس وهام جدًا لوجوده في عقدة وسطية مفصلية على المستويين البري والبحري.. فهي تطل بحرًا على الخليج الفارسي ومضيق هرمز وبحر عمان بما يفتح على المحيط الهندي وباب المندب والبحر الأحمر وصولا الى البحر المتوسط.. هذا من ناحية الجنوب؛ أما من ناحية الشمال فعلى بحر قزوين الذي تشاطئه خمس دول كبيرة هي إيران روسيا وأذربيجان وتركمانستان وكازخستان. والموضوع ليس في موقع إيران الإستراتيجي فقط، بل في موقفها الاستراتيجي أيضًا.. أي أن الموقف الإيراني مبدئي معروف وموثوق، فلا تخشى منه الصين في صراعها مع الولايات المتحدة. وبالتالي مبادرة الطريق عبر إيران هي الأضمن للصين. من هنا يمكن القول إن موقع الإيرانيين وموقفهم يعززان حظوظ تنفيذ الاتفاقية هذا في حال افترضنا سوء نية في مكان سياسي ما للصين.

وما خص المواقف الإيرانية من مذكرة التفاهم قال د. أمهز: هناك اجماع في إيران على دعم المذكرة بدءًا من قائد الثورة الذي أشاد فيها مرورا بالرئيس روحاني والحكومة وأخيرا البرلمان الذي عبر عن موقفه منه رئيسه محمد باقر قاليباف.

وذكر نقلًا عن السفير الصيني في طهران أن الصين استجابت لشروط إيرانية لم تستجب لمثلها من قبل مع أي دولة وعددها وفق الآتي:

1ـ تقييد الآماد: بعد إصرار مكتب السيد القائد خامنئي على تحديد المهل الزمنية وتقصير الآماد الطويلة للمشاريع المنفذ من قبل الصين استجبنا للطلب على الرغم من أننا عقدنا اتفاقيات استراتيجية مماثلة من الدرجة الثانية مع دول عديدة بينها اسرائيل وتركيا والبحرين والكويت وربما لاحقًا مع العراق. وباتت المهل الزمنية مقيدة بعشر سنوات، أو أكثر، أو أقل بحسب تكاليف المشاريع المنجزة وفقا لنظام BOT. ملاحظة سعت الشركات الصينية كثيرًا إلى إطالة الآماد بعضها كان يطالب بعشرات السنوات خصوصا في المشاريع الاستراتيجية كسكك الحديد وتأهيل حقول النفط او الغاز وغيرها. يقول السفير الصيني ان شركاتنا لا تقبل بهكذا شرط عادة لأنها تسعى الى أرباح طويلة الأمد وهذا أحد اسباب تأخير التوقيع على الاتفاقية منذ العام 2016.

ورد السفير سبب القبول بالشروط الإيرانية الآنفة الذكر إلى أن حجم المشاريع في إيران ضخم جدًا، ويمكن أن يشغل عددًا كبيرًا من الشركات الصينية لفترة طويلة. ولو كانت المشاريع صغيرة لما قبلت الصين.

2. اشراك الشركات الإيرانية واليد العاملة الإيرانية مع الشركات الصينية المنفذة في تنفيذ المشاريع المستثمرة، مع أنه معروف عن الصينيين أنهم يأتون معهم حتى بالذي يصب الشاي. في المقابل اشترط الصينيون أن تخصص إيران حصة نفطية ثابتة لهم لا تتأثر بالعقوبات او بالأسعار.

3.  تحويل جزيرة قشم الى موقع سياحي نموذجي لم تسمح إيران للصينيين بأي نفوذ على الجزيرة، وهم في المقابل تعهدوا بتحويلها الى جزيرة سياحية نموذجية، تضم مطارًا دوليًا، وتعهدوا أيضا بجلب اعداد كبيرة من السياح الصينيين اليها

4. الوجود العسكري الصيني في إيران   لم تسمح إيران بهذا الوجود في أي حال من الأحوال ولم تسمح باستخدام أي قواعد او منشآت عسكرية، وهذا ما التزمت به الصين.

وعن دوافع إيران لتوقيع مذكرة تفاهم بهذه الضخامة بحسب مصادر مطلعة في الخارجية الإيرانية قال د. أمهز: "قلة الكلفة الأيديولوجية". ماذا يعني ذلك؟، وجد مستشارو السيد القائد أن الصين لا تتبع نوايا أيديولوجية وثقافية في موضوع التنمية الاقتصادية؛ أي أنها لا تسعى إلى تغيير ايديولوجيات البلدان التي ستنفذ فيها المشاريع وثقافاتهم وأفكارهم بخلاف الغربيين اللذين يأتون وهم يركزون على تسويق أيديولوجياتهم ومفاهيم لدى مجتمعات البلدان التي يدخلونها تحت عنوان التنمية الاقتصادية. فعلى سبيل المثال تسويق مفاهيم الحريات وحقوق الانسان والمرأة والمساواة ومنظمات المجتمع المدني واستخدام الحروب الناعمة وغيرها من الأفكار والعقائد المشوهة الاستخدام من قبلهم.. وبالتالي فالوجود الصيني لن يؤثر على ايديولوجيات الثورة والإسلام حتى لو بقيت الصين في إيران عشرين سنة.

 وما خص الموقف الأميركي والصهيوني من الاتفاقية، وأثره على الاتفاق النووي، قال د. أمهز: إن أهم ما يعبر عن الموقف الأميركي والصهيوني من مذكرة التفاهم هو موقف الرئيس الأميركي بايدن الذي عبر عن القلق، مع التزام إدارة بعدم نقاشها.. وموقف رئيس الاستخبارات الصهيوني السابق عاموس يلدين الذي وصفها بالخطرة.  إن أولويات أميركا هي التركيز على الصراع مع الصين وروسيا كونهما "عدوين" لها، واحدة تنافسها على عرش الاقتصاد والثانية على عرش العسكر.. وبالتالي الازمات الإقليمية تأتي في درجة تالية من الأولويات بالنسبة إلى أميركا.. لكن ذلك لا يعني  أنه ستُهمل الصراع الإقليمي لارتباطه بالدولي، وتحديدًا في العلاقات الصينية الروسية الإيرانية؛ فذهاب ايران نحو الصين يخفف من العقوبات والضغوط الاميركية عليها، ويجعلها اقوى على المواجهة، خصوصًا أن أحد بنودها يقضي بالتبادل التجاري بين البلدين بالعملة المحلية ..وأن يصل "النفوذ" الصيني  ايران ، فهذا يعني أن الصين أصبحت على مقربة من القواعد العسكرية في المنطقة؛  لاسيما في الخليج الفارسي حيث العديد من القواعد العسكرية الاميركية، وقادرة على حماية حركتها التجارية في المنطقة ومصدر  تهديد لهذه القواعد عند الاقتضاء

وعن دور مذكرة التفاهم في التحالفات الدولية قال: لا شك أن ما يشد من أزر مذكرة التفاهم الإيرانية الصينية الروابط السياسية والتوجهات المتقاربة بين الطرفين في مواجهة الهيمنة الأميركية عالميًا؛ فضلًا عن حاجة الطرفين الاقتصادية والتكاملية. وعليه فإن الاستهداف الأميركي لدول عديدة يجعلها تتكاتف فيما بينها للمواجهة.. فالصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية وفنزويلا وكوبا وسوريا وغيرها بلاد تعمل على التكتل والتكامل؛ لاسيما أن مواقعها الجغرافية هامة وحساسة، وتضم في الوقت نفسه نحو ملياري انسان.. لذا فإن رسالة الامام الخامنئي إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كانت بهذا الخصوص.. وهي هامة جدًا جدًا..

 

أبرز نقاط مداخلة د. عماد ابشناش

بدوره، انطلق د. عماد ابشناش في مداخلته من القوة الاقتصادية ودورها في المرحلة الراهنة، وقال: لم تعد أميركا هي القوة الأولى، ولم نعد نعتبرها كذلك؛ فاليوم الظروف تغيرت في العالم، في حين أن البعض يعتبر أن الولايات المتحدة هي الأقوى بسبب القدرة العسكرية فقط؛  ولكن الجميع يدرك عمومًا أن القدرة الاقتصادية هي التي تحكم، واليوم الصين لديها فائض مالي يزيد عن 7 آلاف مليار دولار، في حين أن ديون أميركا تزيد عن 25 ألف مليار دولار، منها 5 آلاف مليار دولار سندات خزينة باعتها للصين، وهذا يعكس الفرق بين الوضع الاقتصادي الأميركي والصيني. إن أميركا اليوم تعيش على الغطرسة والقوة وتفرضهما، وتفرض سياسة الدولار، وتحمل ديونها لشعوب العالم، فمنذ أن رفعت أميركا الغطاء عن الدولار في السبعينيات يعني عمليًا حملت ثقل الدولار الأميركي لباقي شعوب العالم؛ فالـ 25 ألف مليار دولار الديون الأميركية اليوم هي مقسمة على كل شخص يحمل الدولار في جيبه، ولا فرق أينما كان في العالم، وقد تذاكت أميركا بهذا الموضوع وهي تستغل الدولار في هذا السياق لغاية الآن؛ فالأميركي لا يستغل الدولار ضد إيران فقط؛ بل ضد كل دولة لا تعمل وفق املاءاته. وهذا أدى الى نوع من الاتجاه بين بعض الدول للتخلص من الدولار، وهذه الفكرة قديمة؛ ولكن اليوم كون الصين أصبحت تملك الاقتصاد الأقوى، حيث كان التفكير أن يكون اليورو العملة المتداولة في العالم بينما اليوم الصين تفرض اليوان الصيني للمجتمع الدولي بانه موجود ويمكنكم التعامل معي باليوان، وعمليًا نرى أن نوعًا من ائتلاف اقتصادي جديد يتبلور، وقد يتحول لاحقًا إلى ائتلاف عسكري، وسياسي وغيره.

ولفت د. آبشناس إلى أن العديد من دول العالم ينضم إلى هذا الائتلاف الجديد، وأنه تم بحث وثيقة التعاون الإيرانية والصينية منذ أكثر من 8 سنين، وتم التطرق لمواضيع مختلفة؛ وقال: هناك وثيقة مشابهة بين إيران وروسيا، والصين وروسيا سيوقعون على وثيقة مشابهة؛ ونرى أنه يوجد توجه عالمي بهذا الإطار، وليس محصورًا بين إيران والصين فقط، وهذا الاتجاه سيرينا ظهور قطب جديد في العالم إلى الوجود عاجلًا أم آجلًا.  وهذه الوثيقة ترسم خطة طريق للتعامل بين إيران والصين، فمصالحهما اليوم المشتركة هي مواجهة الولايات المتحدة، كما رأينا المصالح المشتركة بين إيران وروسيا في سوريا كانت دعم الحكومة الشرعية السورية ومواجهة الإرهابيين.

والوثيقة تتطرق إلى أمور اقتصادية وسياسية وعسكرية وأمنية، البعض منها ممكن الكشف عنه، والبعض الاخر لا ضرورة أن يتم الكشف عنها، وفي المستقبل كل مادة م المواد التي تم بحثها في الوثيقة المشتركة قد تتحول إلى معاهدة او اتفاقية بين البلدين.

وأشار د. آبشناس إلى أن العلاقات الثقافية والاجتماعية بين إيران والصين تعود لأكثر من 3 الاف سنة، يعني أكثر من 10 أضعاف عمر أميركا، ومحور طريق الحرير تاريخيًا كان مدينة بالميرا في سوريا، فكانت كل البضاعة تأتي الى هذه المدينة ومن ثم توزع على أوروبا. وقال: الشرق يعود اليوم شئنا أم أبينا، والتوزان الاستراتيجي في الشرق بدأ يتبلور ويبنى عن جديد، وهنا نتحدث عن دول كل واحدة منها عمليا هي قدرة إقليمية، واقتصادية، وعسكرية، وسياسية في العالم.  وعلى الرغم من العقوبات الأميركية، فقد صدّرت إيران خلال السنوات الأربع الماضية بحدود 180 مليار دولار من البضائع غير النفط، والدول المجاورة مدينة للجمهورية الإسلامية، بينما إيران غير مدينة للدول الأخرى؛ أكثر من ذلك تحمّلت إيران 1500 عقوبة فرضتها أميركا وهي لا تزال صامدة، والأميركي يدرك أنه إذا منع تصدير البنزين الإيراني إلى أفغانستان فإن دباباته وآلياته لن يكون لديها ديزل او بنزين، والأمر نفسه في العراق. وإذا أوقفت إيران اليوم تصدير الماء والتراب إلى الدول العربية في الخليج الفارسي فإنك لن ترى بناية في الامارات تطلع للأعلى.

أبرز نقاط مداخلة د. نبيل سرور

بدأ د. نبيل سرور مداخلته بالإشارة إلى أن مذكرة التفاهم تشكل مدماكًا أساسيًا يمكن الاعتماد عليه كنموذج في المنطقة. وقال: عندما أصبحت الصين قوة عالمية متنت بيتها الداخلي بشكل كبير واستطاعت أن تبني اقتصادًا قويًا، وعلى المستوى السياسي كانت في البداية الانطلاقة الصينية خجولة، وكان هناك حذر صيني من التعاطي مع العالم الخارجي بشكل كبير، ولكن منذ مجيء الرئيس الصيني السابق شي جينبينغ في سياسة الإصلاح والانفتاح ابرم مجموعة من الإصلاحات الداخلية، وأصبحت الصين قوى رائدة على المستوى الدولي. ففي عهد الرئيس الصيني الحالي شي جين بينغ سعت الصين للانفتاح على العالم الخارجي، وشهدنا خيبات صينية تجاه اميركا، بمعنى ان سياسة ترامب أتت بالمزيد من العقوبات على الصين التي أدركت أن التعاطي الايجابي مع اميركا غير مفيد، ولا بد من التوجه إلى دول جديدة في المنطقة.

وتحدث د. سرور عن القواسم المشتركة بين إيران والصين قائلَا: الثقافة الصينية والبعد القومي الصيني ينسجم الى حد كبير مع البعد القومي الذي تمثله الأخلاقية الإيرانية الفارسية، وكل هذا أدى الى توجه صيني منسجم مع فتح علاقات مع إيران؛ إذًا هناك بعد قومي مشجع، وهناك نشاط صيني مضطرد في العالم لا بد من إيجاد أسواق جديدة وكانت إيران أحد اهم الاستهدافات في هذا المجال. وترتكز استراتيجية شي جين بينغ على فتح الأسواق والاعتماد على استثمارات جديدة وتعاطي سياسي جديد، والصين أولت البعد السياسي اهتمامًا كبيرًا، فأصبحت الديبلوماسية أكثر نشاطًا، وهذه إحدى تمظهرات الصين الجديدة ببعدها الجديد.

وعن دوافع البلدين لعقد اتفاقية الشراكة قال د. سرور: إن الصين تستفيد الى حد كبير من الغاز والنفط الإيراني، وهذه الامدادات الإيرانية قد تساعد التكنولوجيا الصينية المتقدمة، والتكنولوجيا الصينية تحتاج الى رافد على مستوى الغاز والنفط؛ فضلًا عن أن مبادرة "الحزام والطريق" الصينية تحتاج الى محطات أساسية، واعتقد ان هناك تفكير صيني جدي بان تكون إيران احدى المحطات الأساسية كنقطة وصل في منطقة اسيا، وكنقطة التقاء على مستوى التجارة الإقليمية في المنطقة أيضًا. واعتقد ان الديبلوماسية الصينية النشطة ممكن ان تستفيد من أكثر من بعد ثقافي واقتصادي في هذا المجال، والصين ممكن ان تستفيد من خلال الامدادات الإيرانية والبعد الثقافي في هذا المجال، ومشروع المعاهدة يشمل الكثير من أوجه التعاون الثقافي والسياحي والتكنولوجي.

العلاقات الدولية حاليا متحولة تسعى الصين الى ان يكون لها حضور دولي من خلال مجموعة من الدول، وهذا يشكل تحالفًا قد يشكل تحولًا استراتيجيًا في سياسة الصين، واعتقد اننا نشهد تحولًا أساسيًا في سياسة الصين الخارجية باتجاه دول جديدة، وبالتالي قد تشكل الصين مع إيران ودول أخرى أقاليم جديدة في المشهد الدولي، وبالتالي تسعى الصين الى بناء شبكة كبيرة من العلاقات الدولية ومن البنى التحتية في منطقة شرق اسيا. خاصة أن الانسان المشرقي ـ وتحديدًا إيران وغيرها من الدول التي تعتبر الولايات المتحدة ذات بعد امبريالي ـ فقد ثقتها بالغرب ككل، وبالتالي اعتقد ان الصين ستكون شريك إيجابيًا ومتعاونًا وفاعلًا في بناء شراكات اقتصادية ومزيد من التعاون في هذا المجال. هذا بالإضافة إلى أن العالم يتغير ويتحول، وهناك دول تأخذ مكانها على مستوى العلاقات الدولية والإقليمية. فنحن فعلًا أمام أفول أميركا، وقد بدأ الكثير من الدول بالبحث عن بدائل سواء على مستوى البدائل الاقتصادية أو المنظمات المالية الدولية، واعتقد أننا أمام مشهد متحول حتى في موضوع تسيد الدولار كعملة اساسية وهنا بدأ الكلام عن بدائل في هذا المجال. في المقابل أصبحت الصين من الدول الأولى في العالم على المستوى الاقتصادي وتبحث عن حلفاء وعن أسواق استثمارية؛ ربما نشهد تحالفًا اقتصاديًا سياسيًا يتمظهر في الاتي من الأيام، وربما تكون روسيا أحد الاضلاع، وربما نشهد دولًا في المنطقة منها سوريا على الرغم من الحصار الجائر وقانون قيصر الذي ضربها، وربما العراق كان من المؤمل ان نرى اتفاقيات ولكن مع الأسف الشديد هناك ضغط في هذا المجال من اجل بدائل تخدم موضوع التطبيع الاتي في المنطقة.

هذا الاتفاق هو تحول استراتيجي في حال اخذ طريقه العملي، وقد نرى استفادة إيرانية كبيرة، واستفادة صينية من المدد الإيراني على مستوى النفط والغاز، واميركا تنظر بقلق كبير وكذلك كثير من دول العالم، ولكن هذه الأمور ستشق طريقها الى حد كبير من اجل فرض واقع اقتصادي وسياسي يتمظهر في الاتي من الأيام.

 

أبرز نقاط مداخلة د. غالب صالح

أما د. غالب صالح فقد بدأ مداخلته انطلاقًا بالإشارة إلى ما تعرضت له شعوب هذه المنطقة من كوارث كبرى نتيجة الهيمنة والصلف، والتدخل والحروب والفوضى التي ولدتها اميركا لتنفيذ مشروعها الشرق الأوسط الكبير الذي استهدف هذه المنطقة لسلب خيراتها، وتفتيت وتدمير شعوبها للهيمنة على الاقتصاد العالمي من خلال السيطرة على النفط والثروات التاريخية والباطنية، والحيلولة ضد وصول الصين أو تنفيذ مشروعها "الطريق الحرير"، وكي لا يكون هناك موطئ قدم لروسيا في هذه المنطقة، كل ذلك لتتفرد أميركا، وتبقى الدولة المسيطرة والمهيمنة على مقدرات الاقتصاد العالمي من خلال الحروب الطائشة التي دمرت الكثير من دول العالم وكياناتها وهجرت شعوبها ونهبت ثرواتها.

وفي ما يتعلق بتأثير الاتفاقية الإيرانية – الصينية على الوضع في سوريا خاصة وعلى المنطقة عامة قال د. صالح:  أولًا على مستوى الدولتين طرفي هذا الاتفاق: سيكون هناك تكامل اقتصادي، والحفاظ على استقلال الدولتين وسيادتهما بعيدًا عن الهيمنة التي نراها في حقبة السيطرة الأميركية السوفياتية على العالم، وهذا التكامل الاقتصادي له نتائج كبرى على مستوى الدولتين، سواء بنقل التكنولوجيا المتقدمة للصين الى الدولة الصاعدة إيران، وكذلك ضخ استثمارات كبيرة في السوق الإيرانية وبالتالي تأمين فرص عمل والتخفيف من البطالة التي نتجت عن الحصار والعقوبات الأميركية الكبرى.  خاصة أن إيران استطاعت بالدبلوماسية الهادئة الصبورة ان تحقق هذا الاتفاق وهو في غاية الاهمية للخروج من هذا الحصار والعقوبات، ولتستطيع ان تفرض وجودها كقوى إقليمية في هذه المنطقة.

كما استطاعت إيران أن ترد الصاع صاعين على التفلت الأميركي من الاتفاق النووي، وعلى تردد الاتحاد الأوروبي في تنفيذ ما اتفق عليه في هذا الاتفاق، وبالتالي اعتقد سيكون خطوة في اتجاه تشجيع الأميركي للعودة الى هذا الاتفاق من جديد، لعل وعسى تستطيع أن تخلق حالة من التوازن بين الاتحاد الأوروبي وإيران في مواجهة الاتفاق بين إيران والصين.

ورأى د. صالح أن هذا الاتفاق على المستوى الاقليمي سيشكل ضربة قوية للمشاريع الأميركية في هذه المنطقة التي تريد من خلالها محاصرة محور المقاومة، وقال: يشكل هذا الاتفاق دعمًا لهذا المحور الذي لن يستطيع أحد تجاوز دوره المؤثر الذي استطاع عرقلة مشروع الأميركي في المنطقة من خلال دحر الإرهاب، وإيقاف انهيار هذه الدول التي ارادت اميركا اسقاطها وتفتيتها وتمزيقها لتمرير هذا المشروع الكبير ومن خلفه المشروع الصهيوني وتصفية قضية فلسطين.

وعلى المستوى السوري، سيشكل هذا الاتفاق رافدًا أساسيًا، ويفتح بوابة عريضة لخروج سوريا من الحصار والعقوبات التي فرضتها اميركا؛ وذلك من خلال التبادل السلعي والتبادل النقدي للعملات المحلية بين هذه الدول المتحالفة، وكذلك تأمين مستلزمات الشعب السوري من كل حاجاته المواد السلعية والمواد الغذائية ليعود الى دورة الحياة من جديد، فلا شك لهذا الاتفاق اثار كبيرة على مستوى المنطقة، ويشكل حاجة عالمية في هذه المرحلة بالذات.

وعن الموقف الأميركي، قال د. صالح: إن اميركا ـ وإن هزم مشروعها ـ لن تقف مكتوفة الايدي، وستسعى إلى خلق حلف آخر، ومحاولة عرقلة هذا الاتفاق، أو نتائجه وتداعياته على المستوى الإقليمي والدولي كي لا يصل إلى نهاياته السعيدة من خلال محاولة السيطرة على الممرات البحرية.  وهذا ما نراه اليوم على ارض الواقع، من هنا تسعى اميركا إلى عقد صفقة مع إيران لعدم تطوير برنامجها الصاروخي، لأن هذا البرنامج سيكون السلاح الذي تستطيع إيران ومحور المقاومة من منع إسرائيل وأميركا من التحكم في الممرات المائية. وأعني باب المندب ومضيق هرمز وقناة السويس، وباقي المضائق التي تسعى أميركا للهيمنة عليها؛ وبالتالي عرقلة أي اتفاقات دولية ومن بينها الاتفاق الإيراني – الصيني لعرقلة تمرير التجارة العالمية من خلال هذه المعابر الهامة والاساسية. ولذلك نرى اليوم هناك محاولة تركيا لفتح قناة أخرى تعبر من البحر الأسود الى البحر المتوسط، ومحاولة إسرائيلية جادة لبحر قناة على البحر الأحمر إلى البحر لابيض المتوسط لتكون بديلًا لقناة السويس؛ فهناك مشاريع في هذه المنطقة بدأت ملامحها تظهر للعيان للقاصي والداني؛ وهي جزء من الصراع الدولي للتحكم بهذه المنطقة التي تعتبر قلب العالم ،لا بل هي نقطة العبور سواء النفطية، البرية او المائية وحتى الفضائية للتواصل بين القارات الثلاث أوروبا واسيا وافريقيا؛ وبالتالي فإنه لهذه الاتفاقية تداعيات كبيرة على مستوى الدولتين والاقليمي والعالمي؛ خاصة إذا استطاع طريق الحرير أن يلتقي مع الطريق الأخر الذي يسمى المشروع الأوراسي في هذه المنطقة لخلق التوازن الدولي؛ وبالتالي لخلق الاستقرار والامن والسلم الدوليين.

وبغير هذه الطريقة لا يمكن على الاطلاق كبح الغطرسة الأميركية، ولا التخفيف من حدة هذه النزاعات والصراعات التي ستبقى اميركا تسعى إلى استيلادها بين الفترة والاخرى لعرقلة أي مشروع يناهض سياساتها، خاصة أن اميركا بعد هذه الحروب بدأت في استخدام أدوات جديدة لان تكلفة قواعدها المنتشرة في انحاء العالم كبيرة جديدة  وهذا ما لا يستطيع الاقتصاد الأميركي تحمله في المرحلة القادمة، فبدأت تخلق صراعات جانبية وتستولد الإرهاب كأداة لتنفيذ سياساتها وعرقلة المشاريع الخيرة، ومنها هذه الاتفاقية الإيرانية – الصينية، ونحن في سوريا متفائلون كثيرا بهذا الاتفاق، ونطمح أن يصل إلى روسيا الاتحادية، وتستفيد كل الدول المستضعفة والمظلومة التي دفعت الثمن غاليًا جراء السياسات الأميركية وأدواتها في هذه المنطقة.

 ولفت إلى أهمية ما سيؤول اليه هذا الاتفاق من توقيع معاهدات في كل القطاعات وكل الجوانب السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية وكذلك التكنولوجية في المرحلة المقبلة، وقال: سنستفيد جميعا كدول معنية في خلق استقرار في هذه المنطقة، ومحور المقاومة له حقوق في مواجهة المشروع الصهيوني في هذه المنطقة، فكلما تمكن هذا المحور من تعزيز وسائل قوته ومنعته ومنها الاقتصادية كلما استطاع أن يقرب أجل تحرير الأرض العربية السورية وما تبقى من ارض لبنان وفلسطين؛ وبالتالي نرى يومًا بعد اليوم أن تداعيات المشاريع الأميركية إلى أفول بعدما كره العالم هذه الحروب، وتمرد الكثير من الدول على السياسات الأميركية، وعاشت شعوب العالم الويلات من جراء سياسات أميركا واعوانها الرعناء، بدأ العالم بالنهوض من جديد ورفع صوته للبحث عن تحالفات، وعن دعم الاتفاقيات التي تصب في خدمة الاستقرار والامن الدوليين، ومواجهة المشاريع الأميركية التي دمرت هذا العالم لعقود طويلة؛ فالعالم يحتاج بشكل عاجل لمزيد من هذه الاتفاقيات التي تخلق حالة من الاستقرار لتعود هذه الشعوب لتتنفس الصعداء من جديد وتعيش حياتها الطبيعية.

نؤكد أن الصين ستكون الرقم واحد في الاقتصاد العالمي لا بل ستكون القطب الأهم للسنوات الخمسين المقبلة، ويؤكد الكثير من المفكرين والدراسات التي صدرت سواء في بريطانيا أو اميركا أن الصين في العام الحالي 2021 تقدمت عن اميركا اقتصاديًا، لا بل يزيد الاقتصاد الصيني أكثر من سدس الاقتصاد الأميركي؛ فالأخير في تراجع واضح، لا بل هناك كساد عالمي نتيجة هذه السياسات، واستطاعت الصين خلال فترة جائحة كورونا ان تتعافى من هذا الركود الذي عاشته خلال عام بسرعة فائقة، وهذا ما لم تستطيع اميركا تجنبه حتى هذه اللحظة. والعالم يتشكل بين محورين أساسيين: محور صاحب حضارات ضاربة في التاريخ كالصين وإيران وبلاد الشام واليمن وروسيا وكلها دول صاحبة تاريخ وحضارات متعاقبة اغنت واثرت العالم في فترات زمنية طويلة، ومحور الدول الحديثة الولادة التي لا يتجاوز عمرها قرون وما دون، قوى تريد الخير للبشرية وقوى لا تزال تسعى بدهاء وخبث لإبقاء هذا العالم عالمًا متصارعًا ومتحاربًا، وتسود فيه شريعة الغاب، ولذلك سينتصر الحق ولو طال الزمان.