بعد قيام ثورات الربيع العربي وإستبدال بعض قادة الأنظمة الكهول وفشل وتحطم المشروع في سوريا والعراق ولبنان، ومحاولة مخططي الفوضى الخلاقة الدخول من قناة ثانية نحو إعادة تشكيل المنطقة عبر صفقة القرن وعملية التطبيع الجديدة بقيادة بن سلمان ـ بن راشد، وما نراه من تخبط وفشل كل عمليات الإلتفاف بدأنا نرى بروز قمة جبل الفشل في أحداث الأردن الأخيرة والكشف عن محاولة الإنقلاب المدعومة من بن سلمان وبن زايد.
فما حصل في الأردن كان يراد منه معاقبة للملك الأردني على عدم قدرته في تنفيذ عمق مشروع صفقة القرن وعدم قبوله بتحمل توطين مئات آلاف الفلسطينين المفترض ترحيلهم من الضفة الغربية إلى شرق الأردن، الذي كان من المفترض ضمن المشروع أن يتم تقسيمهم بين الأردن ومشروع الدويلة الذي خطط له مستشار الأمن القومي الإسرائيلي الجنرال جيورا ايلاند الذي يقضي بتأسيس دويلة فلسطينية بمساحة 750 كلم مربع تتنازل عنها مصر في سيناء لإستيعاب وتفريغ قطاع غزة، فاصطدم المشروع بالرفض المصري نتيجة عدم القدرة المصرية بتحمل هذا النوع من المشاريع لأنه يطلب أولا تغذيته بما لا يقل عن 1% من مياه النيل وما يضاف إليه من عبء أمني وإقتصادي خاصة إذا تنصلت الدول الداعمة لهذا المشروع من إلتزاماتها بدعم هذه الدويلة إذا قامت بعشرات مليارات الدولارات، إضافة إلى أن إنشاء مثل هذه الدويلة الفلسطينية في سيناء لها إرتباط بمشروع نيوم على ضفتي خليج العقبة ستؤمن لمحمد بن سلمان يد عاملة رخيصة في مشروعه، ولذلك بما أن عدم القدرة المصرية في التنفيذ والرفض الشعبي المصري لمثل هذه الخطوة شكلت حائط صد أمام هذا الجزء من صفقة القرن تحول النظر إلى الأردن بإعتباره الحلقة الأضعف في عدم القدرة على المناورة في موضوع توطين الفلسطينين وجعلها الوطن البديل، ومن ثم نقل من يريد منهم إلى صحراء الأنبار العراقية في المخطط اللاحق عندما تنشىء دولة وسط العراق، وكما فشل مشروع دويلة سيناء الفلسطينية بسبب عدم القدرة المصرية على استيعاب مئات الآلاف من الفلسطينيين، فإن نفس الأمر حصل في الأردن فالملك الأردني ليس عنده قدرة على إحتمال نقل مئات الآلاف من الفلسطينين الى الأردن بسبب الهواجس الأمنية والإقتصادية والرفض الشعبي، وبسبب هذا الواقع إنتهى الحلم السعودي الإماراتي الإسرائيلي بإمكانية تحقق مثل هذا المخطط، فكان أن بدأ العقاب الخليجي لمصر بتمويل مشروع سد النهضة في أثيوبيا وتهديد الأمن المائي المصري، وتخطيط لإنقلاب في الأردن يغير رأس نظامه ويأتي بملك تابع وخاضع بشكل مطلق لإبن سلمان وابن زايد ينفذ مخططهم في الأردن ويهدي "إسرائيل" ما تحلم به منذ قيامها بتهجير ما تبقى من فلسطيني الضفة إلى الوطن البديل في الأردن.
وبما أن الإنقلاب فشل في الأردن فإن الملك الأردني لن يسكت على محاولة إسقاطه من قبل من كان يعتبرهم حلفاء له في المنطقة، فالأردن يمتلك أوراق يستطيع أن يلعبها بوجه السعودي منها مثلا سحب قواته من البحرين والتي كانت رأس حربة قوات درع الجزيرة في وجه الحراك الشعبي البحراني، ثم الانسحاب من ما سمي التحالف الإسلامي في الحرب على اليمن، ومن ثم إقفال الحدود الأردنية بوجه الحركات الوهابية القاعدية التي تعتبر الأردن نقطة تجمع وتدريب ودعم لوجيستي وعبور إلى الساحتين العراقية والسورية. ويبقى السؤال هنا هل سيلعب الملك الاردني هذه الأوراق بوجه الذين خططوا لخلعه ويحاول الإنتقام؟؟ أم سيتدخل مجددا من يجمع الخصوم المتحالفة على عداوة مشتركة؟؟؟