لم تصدق نبوءة فوكوياما يومًا عن نهاية التاريخ كما هي الآن .. وهي تمر بجانب اسرائيل وتصادف في طريقها نبوءة توينبي الذي تنبأ بنهاية اسرائيل إن عاجلًا او آجلًا .. فعلًا إن الامبراطوريات تسقط وحسب من دون مقدمات كما قالت كوندوليزا رايس السمراء يومًا .. فما بالك بإمبراطوريه الاوهام التي تمثلها اسرائيل..؟؟
كيف حول الاسرائيليون قلبي من قلب يشرب ذائب الثلج الى قلب يتلذذ بشراب النار ..ويتمايل مع ألسنة الحرائق .. ويرقص على أصوات صفارات الانذار كما لو أنها سيمفونيات تعزفها السماء .. ويرى مسارات الصواريخ كأنها أوتار غيتار ..؟؟ نعم صارت اسرائيل مصدر سعادتي وموسيقاي، وانا أرى انها تأكل من الطبق نفسه الذي كانت تطبخه كل يوم للشرق منذ عقدين ..
الحقيقة أن الاسرائيليين برعوا في تحويل كل شيء الى قصة خرافية .. ملوكهم صاروا انبياء.. والله صار صديقهم .. وهو وليهم وصفيهم ويوكلهم بعقاراته .. والفرات والنيل صارا أسلاكًا شائكة لحدود لوهمهم .. ولكن هناك شيء واحد لن يعرفوا كيف يحولونه الى قصة تناسبهم .. وهو المستقبل .. القصة التي لن يقدروا على هندستها .. فما رأيناه اليوم هو الفصل الاول في نهاية التاريخ الاسرائيلي .. رغمًا عن كل قوة ..
ولو كانت الخفافيش تحكي لقالت لنا إنها مصابة بالصداع من عواء الاسرائيليين والمستوطنات الاسرائيلية سرًا .. عواء يصدر عن الماكينة الاعلامية على أنه زئير .. وفي الحقيقة هو صقصقة العناكب ..
فالقبضايات الجنرالات الاسرائيليون حائرون في كيفية معالجة هذه المعضلة الصاروخية .. والمعضلة الكفاحية للشعب الفلسطيني الذي يحول السيارات الى دبابات للاقتحام والسكاكين الى سلاح مرعب تخاف منه حتى الدبابات التي تنزف مثل مارد كلما طعنتها سكين ..
والقبضايات الذين كانوا يتمرجلون علينا ويقولون إن الجيش السوري سينهار خلال ايام نراهم يهرولون للاختباء ويتفننون في الانبطاح والقاء انفسهم تحت السيارات المركونة وبين حجارة الرصيف .. وكأنهم مخلوقات زاحفة .. أو قوارض تدخل أي شق أو فوهة ..
ما لا يعترف به الجنرالات وقبضايات نتن ياهو هو أن الرقابة الاسرائيلية تحاول ان تخفي الحقيقة .. وما سمح بنشره ما هو الا 5 في المئة من الحقيقة.. وكان الاخفاء يقصد به ليس معنويات الإسرائيليين، بل معنويات الفلسطينيين.. لأن الفلسطينيين لو علموا أنهم أوجعوا الاسرائيليين بهذا الشكل فإنهم لاشك سيزيدون العيار ..
وتقول التسريبات الموثوقة إن عدد الاسرائيليين القتلى فاق بكثير المئة قتيل، وأن الجرحى بالمئات، وأن المدن الاستيطانية منكوبة فعلًا في ذكرى يوم النكبة العزيز على قلوب الاسرائيليين .. والاقتصاد الاسرائيلي منكوب .. ومستقبل نتن ياهو منكوب، ومستقبل جيش العناكب يشبه مصير جبهة النصرة .. وقد يركب الباصات الخضراء ويرحل الى ادلب تحت رعاية صديقهم اردوغان ..
ووصل الامر بالإسرائيليين أنهم تحولوا الى لعبة فلسطينية مسلية.. ففي مخيم شعفاط وضع الفلسطينيون على المكبرات في المسجد أصوات صفارات الانذار.. وفي الحال تبخر المستوطنون من المنطقة.. وتلاشوا .. ويبدو أن مثل هذه اللعبة الخطرة ستروق للفلسطينيين، وسيقلق منها الجيش الإسرائيلي، لأن تكرار الانذارات الكاذبة سيجعل المستوطنين حائرين في كل مرة الى حد قد يستهترون فيه بالإنذار الحقيقي حيث تكون لهم المصيدة القاتلة .. التي تسقط عليهم ..
بعد قليل لن نحسد الخفافيش التي تسمع الترددات الصوتية التي لا يسمعها البشر لأننا سنسمع صقصقة العناكب .. بل سنسمع عويل المستوطنين يغطي على اصوات الصواريخ وصفارات الانذار.. وقد نسمع اصواتهم من حيث نحن في قاسيون ..
وهذه كما تعلمون عينة بسيطة جدا مما سيراه الاسرائيليون في الحرب المقبلة .. وأظن أن غزة تفضلت على الاسرائيليين وقصت لهم قصة من المستقبل عندما يتمطى حزب الله .. وعندما تتثاءب الصواريخ التي ستستيقظ شمالًا .. والحقيقة ان نتن ياهو كان حكيمًا جدا أنه كان يضرب ويهرب، ويرسل سرًا الى بوتين أنه لا يريد الحرب .. لأنه كان يعرف شيئًا اسمه (نهاية التاريخ) التي تبدأ من دمشق .. شمالًا .. من حيث دوما يبدأ التاريخ حكاياته المجيدة ..
انا لاأزال أمسك منظاري، وأركز على فلسطين، وأتابع بهدوء هذا المنظر البديع .. وأضع رجلًا على رجل .. وأشرب كاس الشاي الذي سخّنته أعصاب جيش اسرائيل التي تحترق ..