تناول موقع "والا نيوز" الصهيوني حرب غزة الأخيرة بين فصائل المقاومة الفلسطينية والإسرائيليين، في مقال تحت عنوان "مرة أخرى خرجنا إلى حرب من دون استراتيجية"، وفيما يلي الترجمة الكاملة للمقال:
حرب غزة الحالية (الأخيرة) تُثبت بصورة لا لبس فيها أن إسرائيل خرجت إليها دون استراتيجية، دون أي تخطيط للمستقبل، دون أي خطة سياسية عما يفعلونه بعد أن تتوقف الطائرات عن إلقاء القنابل على غزة.
في الأيام الأخيرة نسمع عن بحث عن "صورة انتصار" من قبل حركة حماس ومن قبل إسرائيل على حدٍ سواء. ببساطة، هذا لا يُصدّق. إذا أمكن فهم أن صورة الانتصار مهمة للمنظمة الإرهابية المسماة حماس، كي تسوّقها وسط سكان غزة، وربما في أماكن أخرى، إلا أن سعي القيادة الإسرائيلية خلف صورة مشابهة يشكّل استخفافاً رهيباً بمواطني الدولة. قيادة إسرائيل بوغتت عارية وهي تحاول ستر عورتها بـ"صورة الانتصار" تلك التي لا تساوي شيئاً. نفس التقاء مصالح الطرفين في السعي إلى صورة انتصار هو وضعٌ لا يُطاق.
عاينوا التقارير المختلفة التي نُشرت بعد كل جولة حرب في غزة، وليس هي فقط. نفس الصورة المخيفة لقيادة إسرائيلية كفّت ببساطة عن العمل في البُعد الاستراتيجي، لم تفكّر أبداً باليوم التالي للحرب. نعم، ما حصل هو أنهم كانوا أول من أقحموا رؤوسهم إلى استديوهات التلفزة والراديو والشبكات الاجتماعية، كي يوضحوا مدى الضربة الساحقة التي أنزلناها بالعدو. كل أكاذيبهم تكشّفت أسرع من المتوقع، عندما بدأت مرة أخرى جولة إضافية من القتال والرعب.
هذه المرة أيضاً، نحن في نفس الوضع. حكومة إسرائيل من دون أي خطة. هل سمع الجمهور الإسرائيلي أحداً من القادة يشرح ماهية أهداف العملية؟ عدا عن خطابٍ فارغٍ من المضمون، عدا عن دعاية رخيصة، لا شيء. هذا يذكّرني بـ"صورة الانتصار" التي حققتها حماس عندما هُرّب نتنياهو من قبل مرافقيه إلى مكانٍ آمن خلال خطابٍ سياسي في عسقلان. هذه كانت صورة أثبتت توقف بنيامين نتنياهو عن كونه رئيس حكومة، عجزه أمام عربدة عصابات الإرهابيين في غزة.
من المفترض أن يعمل الجيش الإسرائيلي وفق توجيهات المستوى السياسي، الذي يحدد الأهداف والاستراتيجية الكبرى. في الواقع، كله معكوس. المجلس الوزاري المصغر الأمني يفتقد أي أهمية لأن غالبية أعضائه ليس لهم علم فيما يبحثون، رئيس الحكومة قلق من قضاياه الشخصية، وهكذا يصدف أنه في أوقات أشد الأزمات، لا توجد قيادة لإسرائيل.. فظيع.
حارس الأخلاق، كلب حراسة الديمقراطية، ليس الإعلام. أيضاً هذه المرة تجنّد للدفاع مجازفاً عن قيادة الدولة. يكفي سماع الصحفيين وشتى أنواع المحللين، ولو لبضع دقائق، كي نفهم أن الإعلام، بغالبيته الحاسمة، ابتلع مرة أخرى لسانه، ومرة أخرى ارتكب خطيئة الإذعان للرسائل السياسية.
فك الارتباط عن القطاع لم يُنجز فعلاً
من ضلل نفسه بأنه يمكن القضاء على حماس، وتنصيب ملكٍ جديدٍ في غزة، وربما حتى في إسرائيل.. من اعتقد أن كل سكان غزة سينقضّون على قيادتهم، من حلم بأربعين عاماً من الهدوء، خابت وستخيب آمالهم. لأسفي الشديد. غزة ليست مشكلة عسكرية فقط، بل في نظري غلاة متعصبين توجههم أيديولوجية دينية – قومية. مشكلة غزة ستُحلّ حول طاولة المباحثات. لا حاجة للتوصل إلى اتفاق سلام، بل اتخاذ إجراءات فيها ما يقلّص تدخّل إسرائيل في غزة إلى الحد الأدنى.
أعلم أن إسرائيل فكت ارتباطها عن غزة من ناحية الأرض. من نواحٍ أخرى لا. وهنا تكمن مصيبة المصائب: طالما كانت إسرائيل مسؤولة عن اقتصاد غزة، عن تزويد هذه المنتجات أو تلك لها، طالما ستستمر غزة في كونها أكبر سجنٍ في العالم، وهدوء لن يكون. الجميع يعلمون هذا، لكن المتطرفين والمشيحانيين (الخلاصيين) ليسوا مستعدين للتنازل عن أوهامهم والأوامر الواردة من العوالم العليا. طالما لم يحصل هذا، بما في ذلك تجنيد القوى المعتدلة في العالمين العربي والغربي، سنبقى لحسرتي في نفس المكان الذي كنّا فيه قبل الجولة الحالية (الأخيرة) وقبل الجولات التي كانت وستكون.