• اخر تحديث : 2024-11-22 10:05
news-details
مقالات عربية

سبعة أسباب تَكشِف النّوايا الحقيقيّة وراء انعِقاد قمّة بغداد؟


سبعة أسباب تَكشِف النّوايا الحقيقيّة وراء انعِقاد قمّة بغداد؟ لماذا كان عبد اللهيان نجمها الأبرز وداعش هي الحاضِر الغائب؟ وهل كان الخوف من تِكرار السيناريو الافغاني في العِراق البند غير المُعلَن على جدول أعمالها؟ وما هي المُفاجأة المُتوقّعة للقمّة القادمة إذا انعقدت؟

اختتمت قمّة "الجِوار" العِراقي التي انعقدت في اليومين الماضيين أعمالها في بغداد بالتّركيز على قضايا عامّة أبرزها وقف التدخّلات الخارجيّة والحرص على أمن واستِقرار العِراق، والاتّفاق على التَّوحُّد في مُواجهة الإرهاب وأخطاره على دول المنطقة، ولا نُبالغ إذا قُلنا إنّ الدّولة المُضيفة، كانت الأقل استِفادةً من هذه القمّة التي قد تَخلِق مشاكل أكثر ممّا يُمكن أن تتوصّل إليه من حُلول بالنّسبة إلى العِراق الذي اختير بعنايةٍ لاستِضافتها.

نشرح أكثر ونقول إنّ عُنوان هذه القمّة الأبرز، وهو قمّة "دول جِوار العِراق"، لم ينطبق على وقائعها، واختِيار المدعوّين للمُشاركة فيها، تمامًا مِثل سابقتها منظومة "الشّام الجديد" التي كانت تمهيدًا لها، أيّ استِبعاد سورية، وهي الدّولة الأقرب للعِراق جُغرافيًّا، وتاريخيًّا، واجتماعيًّا، الأمر الذي يُشَكِّل علامةَ فَشَلٍ واضحة المعالم للنّوايا الكامنة خلفهما، والأهداف التي يُريد أصحابها تحقيقها.

هُناك عدّة نُقاط رئيسيّة تَكشِف التّناقضات التي يُمكِن رصدها من خِلال مُتابعة وقائع هذه القمّة، وقراءة ما بين سُطور أجنداتها السياسيّة، ومعايير اختِيار الدّول المُشاركة:

أوّلًا: عدم وجود أيّ عُلاقة بين هذه القمّة وجامعة الدّول العربيّة، وتغييب الأخيرة بالكامِل عن حُضورها والمُشاركة فيها رُغم أنّ بعض الشّعارات المُتداولة على ألسنة الدّاعيين لها، يقول إنّ الهدف من انعِقادها هو التّأكيد على الهُويّة العربيّة للعِراق، في مُواجهة النّفوذ الإيراني المُتصاعِد على أرضه.

 ثانيًا: جميع الدّول العربيّة المُشاركة في هذه القمّة، وتحديدًا مِصر ودول الخليج، تنتمي إلى ما يُسمّى بمحور الاعتِدال العربي، والوقوف سياسيًّا في الخندق الأمريكي، الأمر الذي يعني الوقوف في المُعَسكر المُقابل لمحور المُقاومة، ومُشاركة وزير الخارجيّة الإيراني السيّد أمير عبد اللهيان كان لذَرّ الرّماد في العُيون، ووفقًا لمقولة "مُجْبَرٌ أخاك لا بطل".

  ثالثًا: مُشاركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أعمال هذه القمّة، بل تولّي رئاستها الفِعليّة، ودُون أن تكون بلاده من الدّول المُجاورة للعِراق، وتَبعُد عنه حواليّ خمسة آلاف كيلومِتر، أكّدت اللّون السّياسي الغربي الفاقع لهذه القمّة، ونَجزِم بأنّ ماكرون واجهة لأمريكا، ولحِلف الناتو ومُمَثِّل للجانبين دُون إعلان، ولكن هذه الحيلة لا تَنطَلِي حتّى على الأغبياء.

رابعًا: السّيناريو الأفغاني الذي نرى فُصوله حاليًّا تَنعكِس على شكل هَزيمةٍ كُبرى لأمريكا، وإجبارها بالقُوّة على سحب قوّاتها من أفغانستان، مُرَشَّحٌ للانتِقال، والتّطبيق الحَرفي على أرضِ العِراق، خاصَّةً أنّ حُكومته تتهرّب من تنفيذ قرار برلماني بطَردِ جميع القوّات الأمريكيّة، وتفكيك قواعدها، وجاء حُلفاء أمريكا إلى بغداد للتّضامن معها وطمأنتها بأنّ هذا السّيناريو الافغاني لن يتَكَرَّر، ويُطيح بها بالتّالي، مثلما حصل مع حُكومة نظيرتها الأفغانيّة، وهذا تَضامُنٌ بلا قيمة، ولا يُمكن ترجمته عمليًّا، وإخفاء الحقيقة الأبرز وهي تخلّي أمريكا عن حُلفائها دُونَ تَرَدُّد تقليصًا لخسائرها.

خامسًا: الهمّ العِراقي كان في ذيل اهتِمامات المُشاركين في هذه القمّة التي تحوّلت إلى منصّة لتأكيد المُصالحات العربيّة، وخاصَّةً بين قطر من ناحية، وكُل من مِصر والإمارات من ناحيةٍ أُخرى، وتجديد فُرَص الحِوار السّعودي الإيراني، ويبدو أنّ الغرض الرّئيسي من هذه القمّة هو توفير هذا المهرجان السّياسي لتحقيق هذه اللّقاءات المُباشرة بين الزّعماء العرب المُتخاصمين على أرضٍ مُحايدة.

  سادسًا: صحيح أنّ إيران أرسلت وزير خارجيّتها السيّد عبد اللهيان لتمثيلها في هذه القمّة، وليس رئيس الجمهوريّة إبراهيم رئيسي، تقليلًا لأهميّتها، ومعرفة مُسبَقة بأهدافها الحقيقيّة، ولكنّ السيّد عبد اللهيان سرق الأضواء من مُعظَم القادة مرّتين، الأُولى عندما خرق البروتوكول ووقف في الصّف الأمامي إلى جانب الرّؤوساء، واضِعًا نفسه بالقُوَّة في مُستواهم، والثّانية عندما انتَقد تغييب سورية وعدم دعوتها لحُضور القمّة، وهي جارٌ أصيلٌ للعِراق، ومُغادرته فور انتهائها إلى دِمشق مُباشرةً في خَطوةٍ مَحسوبةٍ بذَكاءٍ شديد.

سابعًا: كانت "الدولة الإسلاميّة" (داعش) هي الحاضِر الغائب في هذه القمّة، حيث انصبّت جميع الكلمات والتّصريحات للمُشاركين حول أبرز أخطارها، وحتميّة التَّوحُّد لمُواجهتها، ممّا يعني أنّ كُلّ الادّعاءات الأمريكيّة حول القضاء عليها كاذبة وهدفها التّضليل والابتِزاز.

تغييب سورية عن هذه القمّة، وهي التي وقفت دائمًا إلى جانب العِراق، وخاضت حربًا شَرِسَةً لهزيمة الاحتِلال الأمريكي لأراضيه، ودفعت، وتدفع، ثمنًا باهظًا لهذا الموقف المُشَرِّف، عارٌ على هذه القمّة والدّاعين لها، والمُشاركين فيها جميعًا دُونَ استِثناء، ونقولها للمرّة الألف إنّه لا يُشَرِّف سورية أن تُشارك فيها، وتجلس جنبًا إلى جنب مع مُشاركين ومُمَوِّلين للمُؤامرة التي استهدفت تفتيتها وزعزعة أمنها واستِقرارها، وإبعادها من الجامعة العربيّة.

يتصالحون مع بعضهم البعض، ويُقَدِّمون كُلّ أشكال الاعتِذار، ويتَسوّلون كُل أنواع الحِوار مع إيران، ويرفضون المُصالحة والاعتِذار لسورية على جرائمهم بحقّها؟ أيّ عرب هؤلاء؟

الغائب الأبرز عن هذه القمّة هي دولة الاحتِلال الإسرائيلي، ولولا الحاجة الماسّة القاهِرة لوجود إيران، وهي ومحورها، القُوّة الصّاعدة هذه الأيّام لتَجَنُّب شرّها، لكان نفتالي بينيت رئيس وزرائها أبرز الحاضرين بين اصدقائه واحبائه، فمُعظم الدّول العربيّة الحاضرة مُطَبِّعةٌ مع حُكومته، ولا نَستبعِد أن يتم تصحيح هذا الخطأ في القمّة القادمة لهذه المَنظومة.. واللُه أعلم.