• اخر تحديث : 2024-04-26 21:42
news-details
مقالات مترجمة

نتائج وحصیلة النزاع الصیني والامریکي في أفغانستان


قام مركز دراسات "جريان" بدراسة نتائج حصيلة النزاع الصيني الأمريكي ووقوعهما في دوامة أمنية كلاسيكية، من إنعدام الثقة والعداء، حيث أنهم يعتبرون أنفسهم فیها أعداء بعضهم البعض وأنهم في حالة حرب تقريباً في كل القضايا وكل بقعة من المنطقة، وبحسب الإستراتيجية الأمريكية إن مغادرة الولايات المتحدة أفغانستان ومنطقة الشرق الأوسط، سيفتح أمامها مزيداً من الفسحة للحد من توسع الصين الإقتصادي في المناطق الأكثر توتراً في العالم، لا سيما في منطقة جنوب أسيا والهند والمحيط الهادئ. فيما يلي نص الكامل للمقال:

يجب على القادة الصينیین والولايات المتحدة، أن یقرروا هل هم منخرطین بشكل أكثر علناً في محاولتهم من أجل السيطرة على أفغانستان والمناطق المجاورة لها، أو یمنعون من طموحاتهم من أجل تحقيق أهداف لصالح أنفهسم والآخرين. ستساعد الإجابة علی هذا السؤال في ترويج السلام أو الحرب بشكل واسع ليس فقط في منطقة أوراسيا وإنما في المحيط الهادئ والعالم بأسره.

مع تطور اللعبة الكبرى بين الولايات المتحدة والصين في الساحة العالمية، من الضروري تحويل أنظارنا إلى أرضٌ لطالما شهدت تحولات ساخنة بين القوى العظمى والإمبراطوريات المدمرة. كلما تأملنا أكثر في قضیة مأساة  أفغانستان، كلما نظرنا إليها  کمثال للوضع المأساوي  للعالم علی صعید المستقبل.

یبدو أن الإتجاه الحالي لم یوحي بالخیر. واشنطن وبكين يقعان في معضلة أمنية كلاسيكية ودوامة من إحترام الذات وإنعدام الثقة والعداء، حيث يعتبرون أنفسهم فیها أعداء بعضهم البعض وإنهم فی حالة حرب تقريبًا في كل القضایا وبقعة من المنطقة. بحسب رأی الاستراتيجيون الأمريكيون أن مغادرة الولايات المتحدة، أفغانستان ومنطقة الشرق الأوسط سيفتح لها مزيدًا من الفسحة للحد من توسع الصين الإقتصادي في المناطق الأکثر توتراً، في العالم لا سیما في منطقة جنوب آسيا والهند والمحيط الهادئ.

من الواضح أن الإنتهاء من حروب الأمس ضد الجهاديين سيمهد الطريق لاعادة الصراعات في المستقبل مجدداً. في الوقت نفسه، يؤكد المحللون الصينيون أن مصداقية أمیرکا إنعدمت لدرجة أنه لا يمكن لأي تحالف بقیادة الولايات المتحدة الاستفادة من جيرانها الآسيويين، الذين يقدرون استقلالهم وحرية مناورتهم. من هذا المنظار، فإن مجموعة الوعود الفاضیة في العراق وسوريا وأفغانستان تجعل التايوانيين يفقدون ثقتهم  حتی في واشنطن.

يبدو في الظروف المختلفة، التحولات المرتقبة باتت عادیاً بالنسبة لأفغانستان وجيرانها. تمتلك البلاد موارد طبيعية وبشرية نقية يمكنها المساعدة في التعافي والتنمية بعد الحرب في المناطق المحيطة بها. هناك إلى جانب باكستان، تقع أفغانستان عند تقاطع ممران للطاقة المخططة حیث يمكنهما نقل النفط والغاز الطبيعي من إيران إلى الصين من جهة ومن تركمانستان إلى الهند من جهة أخرى. تكلفة عبور هذه الطرق وحدها یمکن أن تغير اقتصاد أفغانستان ومجتمعها خلال جيل واحد. بالإضافة إلى ذلك، هناك دور مستقبلي لأفغانستان كجسر بري يربط تجارة المحيط الهندي بآسيا الوسطى ومن هناك إلى السكك الحديدية والطرق السريعة العابرة للقارات إلى سواحل المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ. في حين تتطابق أعمال كل هذه الشركات مع جهود الصين المستمرة  لبناء طريق الحرير الجديد، المعروف  بإسم مبادرة الحزام والطريق.

يسعى مشروع طريق الحرير الجديد، بتوجيهات مالية وهندسية من الصين، إلى تحويل معظم منطقة دول أوراسيا وأفريقيا إلى سوق واحد ومنسجم ومتكامل. فهذه النظرية تبقی رهینة تطلعات الأفراد، فأما تکون ملهمة أو مرعبة ومخوفة. وكالعادة، تختلف الآراء في واشنطن وبكين حول التداعیات المحتملة لهذه الخطة. يعتقد محللوا الأمن والجغرافيا السياسية أن مبادرة الحزام والطريق تضر بالمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة على المدى الطويل، وکل ما عززت الصین مصداقيتها ونفوذها في باكستان، فإنها تقوض موقف الولايات المتحدة في الشؤون العالمية.

علی هذا الأساس، فإن أي إنجاز ومزایا للصين یعد ضرراً  لمصالح الولايات المتحدة في الأقلیم. بالتالي، إدخال أفغانستان في منطقة طريق الحرير الجديد من الناحیة المادیة والرمزیة سیلحق الضرر بمصالح الولایات المتحدة الأمیریکیة. طبعاً، القادة الصينيون ليسوا في عجلة للتدفق الأموال والموارد البشرية في منطقة حرب نشطة. بینما الصین عززت بالفعل نفوذها في باكستان، إلا أنه لا يزال الآلاف من القوات الخاصة غير قادرين على حماية العمال الصينيين من هجمات الإرهابيين والانفصاليين المحليين. وفي الوقت نفسه، ینظر القادة الأمريكيون والصينيون إلی نقاط قوة وأهداف بعضهم البعض على المستوى العالمي والإقليمي، وبالتالی، طریق الحریر الجدید، سیصبح  اکثر أهمیة في حسابات الجمیع في هذا الصدد.

أن رد فعل  إدارة حكومة بايدن على طموحات الصين غیر واضحة ولا أساس لها. والحکومة الأمریکیة بدلاً من إتخاذ رؤية واسعة للتنمية الاقتصادية، تسعی إلى إنطلاق حملة علاقات عامة لخلق عالم أفضل (أي بأختصار 3BG). من المفترض أن الأعصاء الأساسیین لهذه الحملة یکونوا من قائمة الدول ذات الديمقراطيات الصناعية المتقدمة، الذین وضعوا معايير عالية في مجال حقوق الإنسان ومحاربة الفساد. بالتالي قد شکلت تحالف جديد من الديمقراطيات الليبرالية حیث تدافع عن الحرية والاستقلال في مواجهة العمليات الاستبدادية المدعومة من الصين وروسيا. في حين أن اتحاد الديمقراطيات، بدوره  سیتداخل مع تحالف بحري ناشئ - الحوار الأمني الرباعي الأطراف – حیث ملزم بالحفاظ على المیاه الحرة والمفتوحة في المياه المشتركة للمحيط الهندي وغرب المحيط الهادئ. یبدو النبرة المعادیة لصین واضحة لهذه المبادرات، لكن فريق جو بايدن عن طریق إضافة تايوان إلى المجموعة، قد زاد بطريقة ما، من غضب الصين واستيائها.

قد تعمل واشنطن على تحسين الوضع الدبلوماسي لتايوان، وزيادة مبيعات الأسلحة والعمليات البحرية والجوية حول الجزيرة  والمناطق المتاخمة للمناطق المتنازعة. يشعر بايدن بأنه في الوقت الذي فقد العالم  ثقته  بمظلة الحمایه الأمریکیة، علیه أن يظهر القوة والإرادة الأمريكية. على حكومة بايدن أن تتخلى عن التحدي الذي إختارته وعن موقفها الأيديولوجي والشعارات الفاضیة.

 آخر شیء نحن بحاجه إلیه هي نسخة أمريكية من نوع دبلوماسية الذئب المحارب الصيني. ربما قد یناقشوا الخبراء بأن العالم لا یمیل إلی فراغ السلطة، لكن أكثر ما لا ترغبه العالم اليوم هو المهیمنین المحتملیین الذین يحاولون استغلال السلطة. إذا أصرت الولايات المتحدة على التنافس مع الصين لکسب عنوان المهیمن الخیر، فإن كلا الطرفان سيخسران المعرکة. لیس بإستطاعة أي بلد أن يقدم مجموعة من المنافع العامة - الاقتصادية أو العسكرية - حيث تكتسب الشرعية وموافقة الحكومات المستقلة أو الحركات الجديدة التي تطالب بمجتمع مدني عالمي.