إن الأنظمة السياسية في كل دول العالم تتغير بأحد طريقين، أما عن طريق الثورات والإنقلابات في الأنظمة الدكتاتورية، وعن طريق الإنتخابات في الأنظمة الديمقراطية، وفي العراق، وبما أن النظام فيه ديمقراطي، وان كان مشوها، فأن الإنتخابات تبقى هي الوسيلة المتاحة لتغيير هذا النظام، أو تصحيح مساره، ولذلك نجد أن المرجعية الدينية في كل عملية إنتخابية ومن شعورها بالمسؤولية الشرعية والأخلاقية والأبوية تقدم النصح والإرشاد للمواطن الناخب من أجل أن يساهم في صوته بعملية التغيير المنشودة نحو الأفضل.
وفي ضوء ذلك نجد أن المرجعية قد واكبت العملية الإنتخابية مبكرا هذه المرة، فدعت أن يكون قانون الإنتخابات عادلا منصفا بعيدا عن المصالح الخاصة لبعض الكتل والأحزاب السياسية، فضلا عن أن تراعى النزاهة والشفافية في مختلف مراحل إجراء العملية الإنتخابية، من أجل وصول أشخاص للسلطة التشريعية قادرين على القيام بعملهم من حيث التشريع والرقابة، ولا سيما محاسبة الفاسدين بشكل جدي دون تردد أو خوف، كما ينبغي أن يكونوا قادرين على الحفاظ على السيادة الوطنية وعدم المساس بوحدة العراق.
ولا بد من القول أن المرجعية تنطلق من فكرة أن الانتخابات المبكرة ليست هدفا بحد ذاتها، وإنما هي وسيلة سلمية للخروج من المأزق الذي يعاني منه العراق، نتيجة الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية والخدمية، التي يعاني منها البلد، وهي رغم ذلك لا تقف الى جانب مرشح معين أو كتلة معينة، كما أنها لا تقف ضدا لأي منهم، بالرغم من أنها بالتأكيد لديها تحفظات عديدة على بعض الكتل السياسية، وربما خطوط حمراء لا تعلن عنها حفاظا على العملية الديمقراطية من جهة، وترك الخيار للناخب العراقي الذي أكدت عليه أن يكون واعيا من جهة أخرى.
أن المشكلة الرئيسية التي يعاني منها العراق هي إنخفاض مستوى الوعي الثقافي لدى الناخب، وعدم معرفته بالقيمة الحقيقية لصوته، ولذلك هو أما أن يتنازل عنه من خلال مقاطعة الانتخابات، أو يبيعه أحيانا بثمن بخس، كما أن بعض وسائل الاعلام، وحتى بعض المثقفين والاكاديميين والمحللين السياسيين للأسف يشجعون على عزوف الناخبين، من خلال إيصال رسائل وإشارات سلبية بأن نتائج الإنتخابات محسومة سلفا، وهذا ودون ادنى شك يصيب الناخب باليأس ويدفعه الى العزوف ومقاطعة الإنتخابات، لذا ينبغي لنا كمختصين أن يكون خطابنا واعيا مرشدا ومشجعا للمواطن الناخب للإدلاء بصوته بكل أمانة، وبعيدا عن أي ضغوط أو مغريات.