كتب الموقع الإلکتروني للمجلس الاستراتیجي للعلاقات الخارجية الإیرانیة مقالا عن تحدیات حرکة طالبان علی صعید حفظ السلطة ورأی أن عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان آثار قلق الولايات المتحدة والناتو والشعب الأفغاني، لكن هل تستطيع طالبان الاحتفاظ بالسلطة؟ تعتمد الإجابة على هذا السؤال على كيفية تعامل طالبان مع قوات المعارضة المسلحة على الأراضي الأفغانية، وکذلك المشاكل الاقتصادية وطبيعة علاقاتها مع الدول الأخرى والجهات الأجنبية. ومما جاء في المقال:
مواجهة المعارضين المسلحین
كتبت "واندا فالباب براون" في مذكرة صادرة عن معهد "بروكينغز الأمريكي "إن أهم تهديد یواجه طالبان إنما يأتي من داخل المجموعة نفسها".
في هذا السياق، وبسبب الانقسامات الايديولوجية وتضارب المصالح بين الجماعات الموجودة داخل حرکة طالبان، فإن موضوع انسجام حركة طالبان أصبح أکثر تعقیدًا من الماضي، وإن کثیر من قادة طالبان الأکثر شباباً وعلی المستویات الوسطی، هم اکثر تطرفًا وتعصبًا، مقارنة بجیل القادة القدیم، والمستوى المحلي لحرکة طالبان.
في الوقت نفسه، علی قادة طالبان، أن یعملوا قدر الإمکان علی إرضاء القادة العسکرین في فروعهم المختلفة اقتصادیاً وإعطائهم قدراً من السلطة، فيما يؤدي خلاف ذلک إلی زیادة الشرخ الداخلي في صفوف حرکة طالبان.
إضافة إلى ذلك، تواجه طالبان تحديات خطيرة علی مستوی مواجهة الجماعات المتطرفة مثل "داعش خراسان" النشطة في أفغانستان، الذین یسعون إلی تصعيد مستوی الخلافات بين السنة والشيعة في أفغانستان، الأمر الذي من شأنه أن يشكل تحديًا لإيران وحرکة طالبان.
تحدیات حکم طالبان في أفغانستان
منذ أن کان لحرکة طالبان دوراً هامشیاً، تمكنت الأخیرة من تنفیذ بعض المتطلبات العامة، بما في ذلک الحفاظ على النظام والأمن أو جباية الضرائب، سواء أكانت قانونية أم غير قانونية. ومع ذلك، فإن حرکة طالبان كحكومة، ليست لديها خبرة قليلة علی صعید توفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء أو المياه فحسب، بل تواجه أيضًا مشاكل معقدة مثل تحديد السياسات الاقتصادية لأفغانستان أو التعامل مع موضوع الجفاف في البلاد. بالإضافة إلى ذلك، فإن حرکة طالبان فیما ارادت اتباع نهج المتطرف، ستفرض علیها العقوبات من قبل العديد من الجهات الفاعلة الدولية مما یؤدي إلی بروز تحدیات جدیدة، للعديد من الشركات الدولية في أفغانستان.
الاقتصاد
في الوقت الحاضر، لقد خسرت طالبان مليارات الدولارات من المساعدات من المؤسسات الدولية، بما في ذلك صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وكذلك دول العالم مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية، وتم الحظر علی أرصدة البنك المركزي الأفغاني في الولايات المتحدة. في حین انه لیس بإمکان طالبان الاستفادة من التجارة غیر المشروعة مثل تجارة المخدرات، لأن حالة التجارة العالمیة للمخدرات وصلت إلی الذروة وحالة الاكتفاء، مع الإشارة إلی تعهد طالبان للشعب الأفغاني والمجتمع الدولي بجعل أفغانستان خالية من المخدرات.
إضافة إلى ذلك، يواجه الشعب الأفغاني أزمات أخرى، کتفشي جائحة كورونا والجفاف العام في البلاد. هذا في الوقت الذي 90٪ من الشعب الأفغاني یعانون الفقر و30٪ منهم یواجهون انعدام الأمن الغذائي. في مثل هذا الوضع، فإن إعلان طالبان عن حظر زراعة المخدرات وتجارتها يمكن أن يقلل بشكل كبير من عائداتها، مما یشکل تحديًا خطيرًا لها. بالإضافة إلى ذلك، تواجه طالبان أیضا طیفاً من العاطلين عن العمل ويتعين علیها خلق فرص عمل لهذه الفئات، الأمر الذي بات من الصعب تحقیقه، بما في ذلک، خلق فرص عمل للجيش الأفغاني المتجزء والبالغ قوامه 300 ألف جندي.
في السياق ذلك، هناك احتمالية لفرض عقوبات غربية مستقبلية، ضد طالبان، من شأنه أن یضعف أسس وقواعد الحكومة الطالبانیة. وفي هذا الصدد يعتقد بعض المحللين الغربيين أنه یتعین علی الغرب ممارسة خطوات أکثر صرامة ضد طالبان علی صعید حکم هذه الجماعة علی أفغانستان، وتقدیم بعض التنازلات الاقتصادية الجزئية لهم، مقابل تعهد طالبان بالتزاماتها عملیاً، الموضوع الذي سيخلق تحديًا كبيرًا لحكومة طالبان مرة آخره.
بالمحصلة تشير هذه القضايا إلى ان طالبان ستواجه العدید من المشاکل بشکل أوسع، في الوقت الحاضر، مما تضعه عملیاً في مواجهة الکثیر من المشاكل والعقبات علی صعيد الحكم علی أفغانستان. طبعا، لا تعني هذه التحديات المختلفة أن الغرب يمكنه بسهولة من خلال العقوبات، الإطاحة بنظام طالبان أو إجباره على الالتزام بالتعددية السياسية وحقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق المرأة.