جاء في مقال نشره المركز التحليلي والخبري "الف"، للكاتب سید أبو الفضل هاشمي، الخبير في الشؤون الأفغانية، عن حكم طالبان والحقائق الموجودة في أفغانستان، أنه لا يوجد في أفغانستان أي حافز للقوی الداخلية وكذلك الإقليمية والعالمية لشن حرب، لذلك فإن أفضل وأهم قضية في أفغانستان الیوم هي العمل علی إرساء السلام والاستقرار والأمن، والاعتراف بالحقوق الدينية والمواطنة وتحكيم السيادة بمشاركة واسعة من ممثلي الشعب الأفغاني. ولقد أثبت مرور أربعة عقود على الأزمة الأفغانية، والتاريخ الحديث خلال المائتين والخمسين عامًا الماضية، أن لا جدوی من قوة السلاح لا للفصائل المحلية الأفغانية ولا للدول الأجنبية، سواء كانت دول الجوار أم قوى عظمى مثل الولايات المتحدة، وبطبیعة الحال، في نهاية المطاف، ستشكل قوة عسكرية ومقاومة ومواجهة محلیة جادة وعالمية في مواجهة الظلم. الترجمة الكاملة للمقال:
فیما قبلنا أن حرکة طالبان كانت وما زالت حقيقة موجودة منذ الماضي وحتى الآن، وجبهة وادي بانشیر بقيادة "أحمد مسعود" أيضًا حقيقة موجودة، علی غرار طالبان؛ وبالتالي نری أنهم جمیعاً أبناء أفغانستان وهذه البقعة وهذه الأرض. فمن جهة لدیهم الحقوق، ومن جهة أخری، لدیهم قلق حیال حاضر ومستقبل شعبهم. لذلك، لا یجوز لواقعتین قائمتین ومواطني دولة واحدة وذات حقوق متساوية، تحت أي من الظروف السائدة في البلاد، أن یقفوا ضد بعضهم البعض ویحاولوا فرض مطالبهم علی الآخر بقوة السلاح.
في حین أنه لا يوجد في أفغانستان أي حافز للقوی الداخلية وكذلك الإقليمية والعالمية لشن حرب، لذلك فإن أفضل وأهم قضية في أفغانستان البوم هي العمل علی إرساء السلام والاستقرار والأمن، والاعتراف بالحقوق الدينية والمواطنة وتحكيم السيادة بمشاركة واسعة من ممثلي الشعب الأفغاني.
ولقد أثبت مرور أربعة عقود علی الأزمة الأفغانية، والتاريخ الحديث خلال المائتين والخمسين عامًا الماضية، أن لا جدوی من قوة السلاح لا للفصائل المحلية الأفغانیة ولا للدول الأجنبية، سواء كانت دول الجوار أم قوى عظمى مثل الولايات المتحدة، وبطبیعة الحال، في نهاية المطاف، ستشكل قوة عسكرية ومقاومة ومواجهة محلیة جادة وعالمیة في مواجهة الظلم.
وفقًا لهذا الرأي، لا یجب وضع هذه المناقشة ضمن إطار إشكالية الصواب والخطأ، ولكن يجب على كل من طالبان وجبهة وادي بانشير، كقوتين مواطنتين، أن يدركوا هذه الحقيقة بأن الاستسلام للحوار والتفاهم هو السبيل المبدئي للخروج من الفوضی والتوتر والأزمات الراهنة والقیام بالعمل سویاً على ایجاد الحلول والتسوية من أجل إحلال السلام والاستقرار وتحكيم السيادة الإسلامیة والوطنية المنشودة.
فیما یؤدي خلاف ذلك، إلی وقوع الحرب والقتلی من کلا الطرفین وتدمير البنية التحتية للبلاد، علی حساب الشعب الأفعاني، مما یؤدي إلی استغلال هذا الوضع، من قبل أعداء داخليین وإقليميین ودوليین، ویضع الشعب الأفعاني ودول المنطقة، أمام سنوات حافلة بالمرارة والمعانات والصعوبات.
تدعي حركة طالبان أنها تمكنت من تحریر أفغانستان والاحتفال بالنصر من خلال هزيمة القوات الأمیرکیة وحلف شمال الأطلسي. لكن الزيارة الخاطفة التي قام بها جنرال باكستاني رفيع المستوى إلى كابول في الآونة الأخيرة، قد تعید إلی الأذهان إعادة احتلال أفغانستان، من قبل جارتها الجنوبية، والکلام الحذر هو أنه إذا حصلت طالبان بالفعل على استقلال أفغانستان، فعليها الحفاظ على المبدأ الرئیسي أي الإستقلال، ليس فقط من خلال مواجهة الاحتلال، بل العمل علی الحفاظ علیه في ساحة مواجهة، الدول التوسعية والهيمنة في المنطقة وجيرانها، وعدم السماح لهم بإنتهاك الاستقلال السياسي للبلاد.
وصل الجنرال "فايز حامد" رئيس جهاز المخابرات العسكرية الباكستانية إلى كابول في زیارة خاطفة حیث فوجئ الكثيرون منها وجاءت الزیارة في ظروف لم يتم الإعلان فيها بعد عن حكومة طالبان الرسمية، وبالتالي من غیر المعروف من الذي وجه الدعوة الی أعلى مسؤول استخباراتي باكستاني لزیاره البلد الذي کان یعاني من فراغ في السلطة. قیل أنه سافر إلى كابول بدعوة من طالبان؛ لكن الحكومة الباكستانية لم تعترف رسميًا بعد بحكم طالبان في أفغانستان. وحسب العرف الدبلوماسي ، لا يمكن تبرير اقامة اتصالات على مستوى زيارة رئيس المخابرات في هذا الشأن.
ومن المتوقع أن یتم اتخاذ أي قرار بشأن المستقبل السياسي لأفغانستان وتشكيل نظام جديد وبنية تحتیة وتشكيل الحكومة المستقبلية، دون تدخل أي نفوذ أو إدارة مباشرة من الدول الأجنبية ووكالات الاستخبارات.
وفي سياق ذلك، فإن حرکة طالبان ومجموعة الأفراد الذین یواجهون هذه الحرکة في وادي بانشير، يجب أن يحلوا الأزمة فیما بینهم سواء بالحرب أم بالسلم، وأن يجدوا، طريقة للتغلب علی الأزمات في البلاد کطرفین للأزمة الأفغانیة.
لكن إذا طلب احد الطرفین في معرکة وادي بانشیر مساعدة المخابرات الأجنبية والمنظمات أو ترك غرفة العمليات الحربية للأجانب، بطبیعة الحال عندئذ فإن هذه الحرب، لم تعد حرباً وطینة فحسب، ولا یمكنها أن تكون موضوعاً داخلیاً بل یمكن أن تفتح الباب لتساهم في إضفاء الشرعية لأحد الأطراف ولا تمنح صبغة الاستقلالیة والحریة، علی حربها ضد طالبان.
علی ضوء هذه الأحداث، يجب على طالبان، إدارة سياستها الخارجية تجاه دول الجوار والمنطقة والقوى العالمية، وأن تأخذ في الاعتبار الحساسيات الشديدة للشعب الأفغاني تجاه استقلال السيادة الوطنية وسلامة ووحدة أراضي البلاد. والأهم من ذلك، -بغض النظر عن أي العلاقات التي كانت تربطها بباكستان في الماضي- تحدید الدور الذي لعبته وكالة الاستخبارات الباكستانية علی صعید تنظيم وقيادة طالبان عسكريًا وسياسيًا.
أفغانستان اليوم، حیث تشهد هزيمة لأقوی قوة محتلة أجنبیة، تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى الحفاظ على استقلالها وسلامة أراضيها. وفي هذا الصدد، يجب على طالبان في تعاملها مع الفصائل والتيارات السياسية والعرقية والدينية أن تتبنى سياسة خارجية مستقلة وفعالة، لا تسمح فی بدایة الطریق وعشیة ولادة نظام سیاسی جدید، للدول الأجنبیة أن تتولی زمام الأمور، بدلاً من الشعب في تعیین مصیرهم وترسیم الآفاق السیاسیة والأمنیة للبلاد.