نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية مقالا لمراسل الشؤون الدولية، بورزو داراغاي، بعنوان "الغرب مغرم بالعقوبات، لكن المشكلة أنها لا تنجح".
ويقول داراغاي إن الأسبوع الماضي شهد إعلان مجلس الأمن الدولي تخفيف العقوبات على أفغانستان، في محاولة للتقليل من وطأة الأزمة الإنسانية في واحدة من أكثر دول العالم فقرا.
ويشير إلى أن قطاعا كبيرا من سكان أفغانستان يعتمد على المعونات الدولية، إذ يوجد نحو 23 مليون أفغاني يعانون نقصا حادا في الغذاء ويقف نحو 9 ملايين أفغاني على حافة المجاعة، وذلك حسب إحصاءات منظمة الصليب الأحمر الدولي.
ويوضح داراغاي أن العقوبات فرضت أساسا لمعاقبة أمراء الحرب والمتشددين، لكن ما حدث هو أن الذي يدفع الثمن هم المدنيون، والشعب الأفغاني بشكل عام، وهو نمط متكرر شهدناه، في كل الدول التي تعرضت للعقوبات.
ويقول الكاتب إن العقوبات بشكل عام أصبحت تؤدي في كل مكان إلى نتائج معاكسة للأهداف التي يريدها الغرب، فالولايات المتحدة وحلفاؤها يبدو أنهم وقعوا في "غرام" هذه الأداة السهلة نسبيا، لتنفيذ سياساتهم الخارجية، بحيث تحدث ضغطا اقتصاديا على الشعوب، فتثور وتعصي الأنظمة الحاكمة.
ويضرب الصحفي أمثلة عديدة بالعقوبات التي فرضت على إيران، وروسيا، والصين، وفنزويلا وكوريا الشمالية. وينقل عن مركز القرن الأمريكي الجديد للدراسات تأكيده أن سياسة فرض العقوبات من جانب الإدارة الأمريكية تزايدت ونمت عبر السنوات الماضية، وكذلك في أوروبا ومن جانب الأمم المتحدة.
ويوضح أن السبب هو سهولة اتخاذ قرار فرض العقوبات مع غياب المخاطر والخسائر التي توجد في وسائل أخرى لتنفيذ السياسات الخارجية، والتي قد تهدد بوقوع حروب، فيبدو السياسي قويا وعنيفا في مواجهة الصين، أو روسيا، أو إيران لكنه فعليا لا يتخذ خطوة تهدد بوقوع حرب مباشرة.
ويؤكد داراغاي أن فشل العقوبات أصبح واضحا بما يكفي لتجنب أي جدل حول نجاعتها كوسيلة للتغيير السياسي، ضاربا المثل بالعقوبات الأمريكية ضد كوبا، التي استمرت أكثر من 60 عاما دون أن تنجح في تحقيق أي شيء، فلم تؤد لتحسن أوضاع حقوق الإنسان في البلاد، ولا تسببت في تغيير النظام الحاكم.
وينقل الصحفي عن روبرت بايب، المختص في شؤون العقوبات الأمريكية، أنه من بين 115 مرة فرضت فيها واشنطن عقوبات اقتصادية خلال القرن الماضي، لم تفلح هذه الوسيلة في تحقيق أهدافها سوى في خمس حالات فقط.
ويضيف أن العقوبات على العكس تدفع بالمجتمع المستهدف إلى مزيد من التمسك بموقفه والتحدي للمجتمع الدولي، كما حدث عندما حاصرت السعودية والإمارات، دولة قطر، التي لم تجد أمامها سوى العمل بجد لتصبح أكثر قدرة وقابلية على الاعتماد على نفسها بشكل أكبر.