على مدى نحو ثلاثة عقودٍ، أثبت حزب الله خلالها أنه صانع الإنجازات الإستراتيجية، تحديداً بعد تولي السيد حسن نصرالله الأمانة العامة للحزب في العام 1993، وتجلى ذلك في البداية، بعد إفشال الحزب "لعملية تصفية الحساب" أو "حرب الأيام السبعة" التي شنها العدو الإسرائيلي على لبنان في شهر تموز من العام 1993، وكانت بغرض القضاء على المقاومة، حيث اعتمدت فيها "إسرائيل" في شكلٍ رئيسيٍ على سلاحها الجوي المتفوق.
وعملت خلال هذه الحرب على قطع أوصال الجغرافيا اللبنانية عن بعضها البعض، ففصلت الجنوب عن العاصمة بيروت، وفصلت منطقة البقاع عن الغرب والشمال من خلال حزامٍ ناريٍ كثيفٍ. واستمر هذا العدوان سبعة أيامٍ متواصلةٍ. ولم تتمكن "إسرائيل" من تحقيق أي من أهدافها المذكورة وذلك بسبب صمود المقاومة.
بعدها تم التوصل إلى إتفاق وقف إطلاق نار بعد أسبوع من بداية الحرب، ودخلت الولايات المتحدة الأمريكية على خط المفاوضات في شأن إنجاز هذا الإتفاق، الذي وافقت بموجبه "تل أبيب"على الامتناع عن مهاجمة اهداف مدنية في لبنان في حين تعهد "الحزب"بوقف إطلاق الصواريخ على شمال الأراضي المحتلة، يومها أثبت حزب الله أنه قادر على فرض معادلات الردع الإستراتيجي لحماية لبنان.
وفي العام 1996، عززت المقاومة حضورها ودورها ومعادلة الردع المذكورة أيضاً في آنٍ، بعد نجاحها في فرض تفاهم نيسان 1996،عقب العدوان الإسرائيلي على لبنان الذي عرف "عناقيد الغضب" ، وتم التوصل الى هذا التفاهم آنذاك بمساعٍ أميركيةٍ. وقضى هذا التفاهم بإنهاء الهجمات المتبادلة بين المقاومة والعدو عبر الحدود على أهدافٍ مدنيةٍ، كذلك استخدام القرى المدنية لشن هجماتٍ عسكريةٍ.
الى أن تحقق الإنجاز الأكبر، من خلال تحرير الجزء الأكبر من الأراضي اللبنانية من الإحتلال الإسرائيلي في أيار من العام 2000، تحت ضربات المقاومة. ثم تحرير الأسرى اللبنانيين من المعتقلات الإسرائيلية، في تموز من العام 2006، إثر نجاحها في إختطاف جنود "إسرائيليين"، ثم في إجراء صفقة تبادلهم مع المعتقلين اللبنانيين لدى الإحتلال. في إنتظار كشف مصير عميد الأسرى العرب المقاوم اللبناني يحيى سكاف.
أيضاً وأيضاً تابعت المقاومة تحقيق إنجازاتها الإسراتيجية الكبيرة، يوم أسهمت بقوةٍ بإسقاط "المشروع التكفيري" في المنطقة، حين تصدت للمجموعات الإرهابية التكفيرية المسلحة في سورية، ثم هزيمة هذه المجموعات التي شكلت تهديداً حقيقاً للأمن القومي اللبناني.
ولكن يبقى أمام المقاومة تحقيق إنجاز، لا يقل أهمية عن مسألة مقاومة الإحتلال، بحسب تأكيد أمينها العام، خلال إعلان برنامج حزب الله الإنتخابي في الإنتخابات النيابية في العام 2018، يوم قال: "إن مكافحة الفساد لا تقل قداسة عن مقاومة الإحتلال الصهيوني".
ولكن لم يحقق حتى الساعة أي إنجاز يذكر في مجال مكافحة الفساد، في وقتٍ يرزح فيه الشعب اللبناني تحت ضغوطٍ إقتصاديةٍ ومعيشية غير مسبوقةٍ في تاريخ لبنان الحديث، وشارفت فيه الدولة اللبنانية على الإنهيار التام. كذلك لم يستطع "الحزب" ملء الفراغ الذي خلفه غياب الدولة إنمائياً، خصوصاً عن المناطق النائية، كبعلبك-الهرمل. ومعلوم أن توزيع المازوت المستورد من إيران، أو بعض المواد الغذائية، لا يعتبر مشروع إنماء قائم بذاته، يلبي حاجات الناس وآمالها بالتغيير المنشود. ورغم تلويح الحزب بفتح ملفات الفساد، غير أنه لم يفعلها، لحسابات طائفيةٍ ومذهبية.
وراهناً مع إقتراب الإستحقاق الإنتخابي النيابي المرتقب، هل سيخوض حلف المقاومة في لبنان غمار هذا الإستحاق بالوجوه القديمة المعروفة، وماذا سيقول لجمهوره الذي يئن تحت كاهل الضغوط المعيشية المتعبة، في شأن الوعد الذي قطعه أمامه في شأن مكافحة الفساد قبل الإنتخابات الفائتة؟
هنا تؤكد مصادر عليمة أن لدى قيادة حزب الله توجه لتغيير عدد من النواب، وطرحت بدورها القيادة المذكورة الأمر على الرئيس نبيه بري، الذي أبدى من جهته تمسكه ببعض الوجوه، بداعي تأمين الحصانة لها، ودائماً بحسب المصادر.
وتعقيباً على ما ورد آنفاً، يقلل مرجع مسؤول في فريق المقاومة من أهمية تغيير بعض المرشحين الى الإنتخابات ، مادام أنهم منضوون تحت لواء أحزابهم، ومادام القرار لدى قادة هذه الأحزاب.